Wednesday, October 16, 2013

بئس هذا الناس

بئس هذا الناس:
قال ابن المعتز:
و ما خفنا من الناسِ  ***وهَل في النّاسِ إنسانُ؟
قال بلزاك:
إنهم يعرفون أنهم أكثر مما ينبغي،وأنه لا بدّ أن يفترس بعضُهم بعضاً شأن العناكب في عاء واحد.
هذه النفس الإنسانية غريبة النوازع والبَدَوَات والأطوار.
ومن مفارقاتها أن الكاتب المبدع  لا يكون في أحسن حالاته إلا إذا ساءت نفسه وتكدرت وحزنت واشتعلت بنار روحه ووقْد ضميره ووو...
وبعض الناس تود لو تعاملها بنعلك لولا خشية أن توسخ نعالك فتتوقف.
قال سفيان الثوري لعطاء الخفاف: يا عطاء: احذر الناس، وأنا فاحذرني.
ومضى على بعض النصحاء زمن يقولون: ربُّوا أبناءكم على الخير والطُّهر، واليوم أصبحوا يرددوا مع القائلين: ستُقنع الغنم بالمذهب النباتيّ، لكن الذئاب لها رأي آخر.
ألا فلتربّوا أبناءكم على كثير من الشرّ، لا ليكونوا أشراراً، لكن حتى يتّقوا من الناس شرَّ الناس.
على وفق قول الشاعر : ومَن لا يَظْلِمِ الناس لا يُظَلَمِ.
كان بعضهم ينصح ويقول: أحسنْ إلى الناس قدر ما تستطيع، وأما اليوم فينصحون:
أقللْ من إحسانك إلى الناس،فإذا أنت أحسنتَ إلى الواحد منهم فلا تُشعرَه بذلك،لأنه سيجعل من إحسانك إليه ذريعةً للإساءة إليك.
قال رجل لآخر: فلانٌ يسيء القول فيك، فقال له: عجيب، مع أني لم أحسن إليه.
وفي المثل: اتقِ شرَّ مَن أحسنتَ إليه.
أَحْسَنْتُمْ فَبَغوا جهلاً وما اعترفوا*** لكم ومَن كفر النُّعمى فقد كفرا
وقال أبو العتاهية:
وَرُبَّ سِلمٍ سَيَعودُ حَربا ... وَرُبَّ إِحسانٍ يَعودُ ذَنبا
وقد كان أحد أخوالي يحسن للناس من أقرباء وأهل وأصدقاء، فلا يلقى منهم سوى النكران وسوء الأقوال والأفعال ، فكان يقابلهم بالصفح والغفران،
وقال لي:
أتبع ما قاله رسول الله فيما ما معناه: اعف عمن ظلمك وصل من قطعك وسامح من أساء إليك.
هذه طبيعة الإنسان في الأغلب نكران الإحسان لمن يُحسن إليه، وذلك بسبب اعتراء النقص على الذي أُحْسِن إليه، وشعوره بالدونية ، يوجد هذا الخلق المتمثل بنكران الإحسان ومقابلته بسوء القول والفعل.
وقلة من الناس من تقابل الإحسان بالإحسان ( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان).
كَثُرَ الخئونُ وقَلّتِ الإِخوان ** فالقومُ لا حُسنٌ ولا إحسانُ
ياليت شعري أين كنتُ من الدُّنى ** والناسُ ناسٌ ، والزمانُ زمانُ
وقال البحتري يصف محسنا:
يَتوخى الإحسانَ قولاً وفعلاً***و يُطيعُ الإلهَ بسطاً وقبضا
إلا أن الأغلب هم بعكس ذلك.
في تساعيّة نقدية لماهر فريد يقول فيها:كتب رسكن ذات مرة ما معناه:
في طريقي إلى المتحف البريطاني كلّ صباح ، أجد وجوه الناس في الشارع تزداد فسادا يوما بعد يوم.
قال ابن المعتز:
يرى في وجههِ الجهمِ  ***لهم جحدٌ وكفرانُ
فهَلاّ كانَ إمساكٌ ***إذا لم يكُ إحسانُ
يلومونهمُ ظلماً *** فهَلاّ مِثْلَهمْ كانُوا

2 comments :