Wednesday, October 16, 2013

اهدنا: نظرة علمية ونفحة إيمانية

(اهدنا) نظرة علمية ونفحة إيمانية:
من رحمة الله بالخلق أنه هدى كل مخلوق لعمله، واودع فيه رحمة لأطفاله، وألهمه العمل بما يناسب حاله، والفعل بما يمائل وضعه.(كل شيء عنده بقدر)
وهداية الله للمخلوقات أدلتها كثيرة متنوعة، وهي موجودة فينا وحولنا من مخلوقات أوجدها الله .
وهذه نظرة على طرق الهداية التي وضعها الله للمخلوقات لكي نعتبر ونتعظ ونفكر بأن العالم أوجده الله تعالى، وأن هذا الكون بما فيه أدلة تشير لله تعالى وتقول بأن الله ربها وخالقها.
فلم هذا العناد من العلمانيين وأعداء الإسلام بإنكارهم لوحود الله ولمحاربتهم لشرع الله، ولم هذه الكراهية ليحكم الاسلام بشرعه السمح في بلادنا الإسلامية؟!!
نسأل الله السلامة وأن يتفكروا بهدوء وروية ولا يحكموا بتسرع وتعجل ويتعصب وتزمت.
حيوان يسمى الأكسيوكوب:
حيوان يعيش منفردا في فصل الربيع ومتى باض مات حالان فمن رحمة الله وجميل صنعه ورأفتته بالخلق أن ألهم هذا الحيوان أن يبني بيتا قبل أن يبيض على منوال ما كانت تفعله عاد من اتخاذ البيوت بالحفر، ولكن هذا في الخشب، وأولئك في صخر، فيعمد إلى قطعة من الخشب فيحرفها حفرة مستطيلة، ثم يجلب طلع الأزهار وبعض الأوراق السكرية ويحشو بها ذلك المكان، والحكمة من ذلك أن تحصل الأولاد على قوتها، ثم يصنع سردابا آخر فوقه وهكذا يفعل عدة أدوار حتى يحصل الصغار على طعامهم وقوتهم .
فانظر كيف شملة الرحمة ما خلق وما لم يخلق، فإن ذلك الطعام المخزون رحمة ألهمها الله لذلك الحيوان لولده الذي سيخلق.
النحل والنمل والعنكبوت:
إنها مخلوقات جدير بالمسلم الاطلاع على خلقهم وتدبير الله لهم وإلهامهم ما يكون سببا لحياتهم ونموا.
والناظر إليهم يعلم هداية الله لهم في عمرهم وحياتهم ويرى رحمة الله فيهم.
أما النحل:
جعل الله للنحل سبلا مذللة، فإنه متى فتح زهرة اول النهار ليمص رحيقها المختوم ويرجع به إلى الخلية فيضعه فيهان يلهم ألا يفتح زهرة في ذلك اليوم إلا ما كان من جنس ونوع وصنف تلك الزهرة لرحمة النحل ورحمة الناس.
أما رحمة النحل فإنه لا يعوزه أن يحتال ويجهد في فتح زهرات أُخريات من نوع آخر، فيطول عناؤه ويزداد تعبه وجهده.
وأما رحمة الناس: فإن ما يعلق برجلي النحلة من حبوب طلع الذكور من النبات، إذا وصل إلى زهرة أنثى علق بها من ذلك الطلع بعضه فأثمر ذلك النبات لحصول الالقاح بهذه الرحمة العجيبة.
فسبحان الله على حسن تدبيره وجميل صنعه.
وأما النمل:
فمن عجيب هداية الله له ورحمته:
 أن الله خلق له حشره تسمى(افس) يحاربها النمل ويغلبها، ومتى غلبها أخذ يستولدها ويربيها ويسمنها في أكل ورق الورد، ومتى أكلت وشبعت أقبل النمل عليها وامتصّ منها مادة حلوة، فكأن هذه الحشرة بقرة للنمل تشرب لبنها.
وأما العنكبوت:
ان الله ألهمها النسج البديع بهندسة فاقت هندسة الإنسان، وعلل ذلك العلماء بقولهم: إن هندسته إلهية، وهندسة الإنسان بتعليم البشر، فلذلك يغلط الإنسان ولا يغلط العنكبوت.
ولما كان بيت العنكبوت أضعف بيت ألهمها الله أن تبحث عن صمغ وغراء من أماكنها وأشجارها وتمضغها فتصبح في لعابها مادة فيها فتلطخ بها خيوطها التي نسجتها فتكسبها لزوجة، فلذلك لا تمزقها الرياح إذا فاجأتها، وتلتقط الذباب والفراشات وغيرها إذا وقعت بها.
فسبحان الله على هذا التدبير والالهام .
ألا يدل ما سبق ذكره على وجود الله وعلى أن القرآن الكريم كلامه الذي ما حرف ولا بدل ولا غير، وأن رسول الله  عليه الصلاة والسلام رسوله حقا وصدقا، وأن شرعه الاسلام موافق ومطابق وصالح لكل زمان ومكان.
فالذي هدى هذه المخلوقات وألهمها العمل والتدبير، أيعجز عن تدبير أمور البشر في شرعه الحكيم .

سبحان الله كيف لعقول تدعي أنها على العلم تسير وبالمعرفة تنقاد كيف أنها بعد معرفة كل هذا تظل محاربة لشرع الله مستهزئة به.
ونختم بحكمتين من الأدب الكبير لابن المقفع:
حكمتان:
إذا هممت بخيرٍ فبادر هواكَ، لا يغلبك، وإذا هممتَ بشرٍ فسوف هواك لعلك تظفرُ. فإن ما مضى من الأيامِ والساعاتِ على ذلك هو الغنمُ.
لا يمنعنك صغرُ شأن امرئ من اجتناء ما رأيتَ من رأيه صواباً والاصطفاء لما رأيتَ من أخلاقه كريماً، فإنّ اللؤلؤة الفائقة لا تهانُ لهوانِ غائصها الذي استخرجها.
العلم زين لصاحبه:
من أبوابِ التوفقِ والتوفيقِ في التعلمِ أن يكون وجه الرجلِ ا لذي يتوجهُ فيه من العلمِ والأدب فيما يوافقُ طاعةً ويكونَ له عندهُ محملٌ وقبولٌ. فلا يذهبُ عناؤهُ في غير غناءٍ، ولا تفنى أيامهُ في غير دركٍ، ولا يستفرغُ نصيبهُ فيما لا يسنجعُ فيه، ولا يكون كرجلٍ أرادَ أن يعمر أرضاً تهمةً فغرسها جوزاً ولوزاً، وأرضاً جلساً فغرسها نخلاً وموزاً.
العلم زينٌ لصاحبهِ في الرخاء، ومنجاةٌ لهُ في الشدة.
بالأدب تعمرُ القلوبُ، وبالعلمِ تستحكمُ الأحلامُ.
العقل الذاتي:
العقل الذاتي غير الصنيعِ، كالأرضِ الطيبةٍ غير الخرابِ.
قال الحكم بن قنبر:
العلم زين وتشريف لصاحبه ** فاطلب هديت فنون العلم والأدبا
لا خير فيمن له أصل بلا أدب ** حتى يكون على ما نابه حدبا
صاحب العلم معروف به أبدا ** نعم الخليط إذا ما صاحب صحبا
وقال الإلْبِيرِيُّ:
إِذَا مَا لَمْ يُفِدْكَ الْعِلْمُ خَيْراً ... فَخَيْرٌ مِنْهُ أَنْ لَوْ قَدْ جَهِلْتَا
وَإِنْ أَلْقَاكَ فَهْمُكَ فِي مَهَاوٍ ... فَلَيْتَكَ ثُمَّ لَيْتَكَ مَا فَهِمْتَا
سَتَجْنِي مِنْ ثِمَارِ الْعَجْزِ جَهْلاً ... وَتَصْغُرُ فِي الْعُيُونِ إِذَا كَبِرْتَا
وَتُفْقَدُ إِنْ جَهِلْتَ وَأَنْتَ بَاقٍ ... وَتُوجَدُ إِنْ عَلِمْتَ وَلَوْ فُقِدْتَا
وَتَذْكُرُ قَوْلَتِي لَكَ بَعْدَ حِينٍ ... إِذَا حقّاً بِهَا يَوْماً عَمِلْتَا
وَإِنْ أَهْمَلْتَهَا وَنَبَذْتَ نُصْحاً ... وَمِلتَ إِلَى حُطَامٍ قَدْ جَمَعْتَا
فَسَوْفَ تَعَضُّ مِنْ نَدَمٍ عَلَيْهَا ... وَمَا تُغْنِي النَّدَامَةُ إِنْ نَدِمْتَا

المصادر:
-الأدب الكبير والصغير لابن المقفع.
-الأمالي في لغة العرب للقالي البغدادي.
-موسوعة الحيوانات .
-قصائد من عيون الشعر.

No comments :

Post a Comment