Thursday, September 4, 2014

المعاهدات في الإسلام حضارة ورقي وتقدم



المعاهدات في الإسلام حضارة ورقي وتقدم:
لا ينبغي على الإنسان أن يطلق أحكامه جزافا دون وعي أو فهم أو علم أو معرفة.
وكثير من الكارهين للإسلام يحكمون عليه أنه دين العبادات فقط ويحصرونه في العبادات الحركية واللفظية والقلبية، وهذا جهل واضح،لأن الإسلام دين الدنيا والآخرة، دين العقل والقلب والأعضاء،دين المعاملة والعبادة.
والذين يصفون الإسلام بأنه لا شأن له في السياسة أو الدولة أو الدستور أو التشريع هم أناس إما جاهلون بحقيقة الإسلام أو متعصبون عالمون لكنهم يخفون الحقائق.
وكما اهتم الإسلام بالعبادة والعلاقة مع الله تعالى،فإنه اهتم بالمعاملة والعلاقة بين الناس بعضهم ببعض،كذلك اهتم بعلاقة الدول بعضهم ببعض.
وقد انطلق الإسلام في تشريعاته وأحكامه بلغة الحكمة والمعاملة الحسنة والرأي الصائب.
ونجد أن الإسلام اهتم بالمعاهدات والعقود والمواثيق وبيَّنها وأوضحها.

- تحديد مفاهيم المعاهدة، والميثاق، والعهد، والعقد:
المعاهدة، والميثاق، والعهد، والعقد في أصل اللغة العربية، بمعنى واحدٍ مترادف، وهو كل ارتباطٍ بين طرفين على أمرٍ معين، وأما عند فقهائنا؛ فإنَّ المعاهدة هي: عقد العهد بين فريقين على شروط يلتمسونها.
 والعهد في الشريعة الإسلامية له معنى أوسع من كلمة عهد في القانون الدولي الوضعي؛ إذ هو أساسًا اتفاق الإرادتين -بصرف النظر عن الشكل، أو الإجراء- والعهد في فقهنا هو: ما يتفق رجلان، أو فريقان من الناس على التزامه بينهما لمصلحتهما المشتركة؛ فإن أكداه، ووثقاه بما يقتضي زيادة العناية بحفظه، والوفاء به سمي: ميثاقًا، وإن أكداه باليمين خاصة سمي يمينًا.
والعرف السائد اليوم يوحي إلينا بأن نميز العهد عن العقد بإضفاء سمة الإجلال، والسمو، والتعظيم للعهد، وتخصيصه بالعقد الموثق، بقصد الوفاء به بنحو المؤكد، سواء تم توثيقه بالكتابة، أو باليمين، أو بغيرها من وسائل التوثيق؛ فكل اتفاق هو عقد، وليس كل عقد عهد، وسمي عقد الزواج في القرآن الكريم: {مِيثَاقًا غَلِيظا} [الأحزاب: 7].
وكذلك يملي علينا العرف الدولي القائم تمييز العهد عن المعاهدة؛ فإن العهد أوسع معنًى من المعاهدة؛ فكل معاهدة هي عهد، وليس كل عهدٍ معاهدة.
 والعهد : هو كل اتفاق بين طرفين التزماه لمصلحة مشتركة، أو هو العقد الموثق بالكتابة، أو اليمين، أو بأي ضمان آخر يمنح طرفيه الثقة بتنفيذه، والوفاء بشروطه، وهو يشمل ما قد يكون بين شخصين مثل عهد الأمان الصادر من المسلم للحربي الذي يطلب الأمان، كما يشمل ما قد يحدث بين جماعة، وفرد مثل حماية القبيلة، أو شيخها الذي يمثلها لمن يستجير بها ويستغيث بنجدتها وتأييدها، وقد يكون بين جماعتين، أو دولتين كعهود الصلح المؤقت -أي: الهدنة- والصلح الدائم، أو المؤبد -أي: عقد الذمة.
أما المعاهدة؛ فهي محصورة الآن بين دولتين، لا بين الأفراد، والجماعات، وموضوعها محصور في حكم علاقة دولية معينة ذات طابع قانوني -أي: أنها ذات معنى معين خاص ضيق من حيث الطرفان، والموضوع.
حينئذٍ يمكن تعريف المعاهدة -في الاصطلاح الفقهي الإسلامي الحالي- بأنها: اتفاق صادر بين دار الإسلام، أو دولة إسلامية مع دولة أخرى، أو جماعة معينة غير مسلمة بتنظيم علاقة قانونية ذات طابع دولي -فيما بينهما.
أما المسائل الجزئية الجانبية ذات الأهمية المحدودة؛ فلا تنظمها المعاهدة؛ حتى يكون لها طابع العنصر الدولي المهم.
ومن أمثلة ذلك: أمر الإمام الحاكم بإنهاء الحرب مع مدينة معينة، أو شعبٍ مجاور، ومثل اتفاقية تبادل الأسرى، ونحو ذلك.
أما الاتفاقيات الدولية في معاملة الأسرى، وقواعد الحرب، وأحوال مشروعية القتال، أو استخدام القوة فلها صفة المعاهدة بالمعنى الشائع الآن بين الدول.

 أهمية المعاهدات، والمواثيق، ومشروعيتهما في الإسلام:
المعاهدات، والمواثيق تضفي على أعمال الأمم، والشعوب، والدول، والأفراد عنصر الثقة، والاطمئنان، وتعمل على تخفيف حدة التوتر في العالم، وتكفل إلى حدٍ بعيد تنفيذ الشروط، والبنود، وتحقيق المصلحة في وقت محدد يعود على الطرفين بالخير، والهدوء، والراحة، وبالمعاهدة يحل السلم محل الحرب، والأمن محل القلق، والخوف، والحب والصفاء بدل الكراهية، وينعم الناس بنعمة الحرية التي لا قيود عليها؛ فيتفرغون لشئون المعيشة، وإنعاش الزراعية، وتنمية التجارة، وفتح الأسواق أمام الصادرات والواردات، وتبادل المنتجات وتقدم الصناعة وتطورها، وتوجيهها وجهة خير الإنسان وصالحه ونفعه؛ فتكون أداة تفاهم وود وتقدمٍ وحضارة ورفاهية وسعادة.
لذا عظم الإنسان العهود ورغب فيها وشرعها وآثر فض المنازعات الجماعية عن طريقها، وتحقيق الأغراض والغايات الإنسانية النبيلة بواسطتها، بل إنَّ نشر الدعوة الإسلامية في أرجاء المعمورة لا يتم إلا في ظلها، وفي ربوع الأمن والسلام المتحقق به.

وما أكثر النصوص الشرعية الدالة على مبدأ مشروعية معاهدات مع الأعداء في السلم، والحرب في إطار من الشروط المتفق عليها بالتراضي، والاختيار، من تلك النصوص قوله تعالى: {بَرَاءَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 1] وقوله تعالى: {إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 7] وقوله تعالى: {إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} [النساء: 90] وقوله تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [الأنفال: 61] وقوله تعالى: {وَإِنْ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمْ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} [الأنفال: 72] وقوله تعالى: {إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 4].
كل ذلك يدل على قدسية المعاهدات، وضرورة الوفاء بها، وجاءت السنة النبوية القولية، والفعلية مؤكدة هذه المعاني.
 ففي الصلح المؤقت -الهدنة أو الموادعة- روى أبو داود في سننه، عن رجل من جهينة: «أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لعلكم تقاتلون قومًا ستظهرون عليهم فيتقونكم بأموالهم دون أنفسهم وذراريهم فيصالحونكم على صلحٍ فلا تصيبوا منهم فوق ذلك فإنه لا يصلح لكم»، وقال -صلى الله عليه وسلم- قبيل صلح الحديبية: «والذي نفسي بيده لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها».

وفي الصلح المؤبد، أو المطلق -ونقصد به عقد الذمة- يقول صلى الله عليه  وسلم: «ألا من ظلم معاهدًا، أو انتقصه، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفسٍ؛ فأنا حجيجه يوم القيامة»، وقال صلى الله عليه وسلم: «من أذى ذميًّا فأنا خصمه، ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة».

وفي عقد الأمان الفردي من المسلم، أو الجماعي من فئة، أو من قائد، أو إمام حاكم قال صلى الله عليه وسلم: «أيما رجلٍ من أقصاكم أو أدناكم، من أحراركم أو عبيدكم أعطى رجلًا منهم أمانًا، أو أشار إليه بيده فأقبل بإشارته؛ فله الأمان؛ حتى يسمع كلام الله، فإن قبل؛ فإخوانكم في الدين، وإن أبى؛ فردوه إلى مأمنه، واستعينوا بالله».

أرشدت هذه النصوص في العهد النبوي إلى أن المعاهدات مشروعة في الإسلام، بل إنها في منهجه وسيلة فعالة متعينة لضمان السلم، ودعم الأمن، وتوفير حقوق الإنسان، وكفالة الحريات التي جاء الإسلام بضمانها واحترامها.

  الوفاء بالعهد:
لم تكن المعاهدات في الإسلام مجرد قصاصة ورق -كما هو الشأن عند الدول غير الإسلامية المعاصرة- ولا وسيلة لخداع العدو، ولا وسيلة لتنفيذ أهداف خاصة معينة، ولا شعارًا لفرض القوي سلطانه على الضعيف أو المغلوب، ولا من أجل تقرير سلمٍ ظالم غير قائمٍ على الحق والعدل؛ حتى إذا قوي الضعيف نبذها، وقاتل للتحلل من قيودها، والتخلص من نير القوي. وهي أيضًا كانت صورة لقوة الأقوياء، وليست إجراءً لتنظيم السلم، والعدل.
إنما كانت المعاهدات في الإسلام مصونة عن أي غدر، أو خداعٍ، أو قهرٍ، أو تأمين مصلحة مادية رخيصة، أو فتح منافذ، أو أسواقٍ لتصريف السلع، والمنتجات، وفائض الزراعة، أو المواد الممتلكة.

إن القرآن الكريم لا ينظر إلى المعاهدات -التي يسوغ إبرامها- تلك النظرة المصلحية، وإنما أمر بالوفاء بالعهد وفاءً مطلقًا -من غير قيدٍ- بضعفٍ أو قوة؛ وذلك لإقامة سلمٍ ثابت على أقوى الدعائم والأصول، والتزم المسلمون بالوفاء بالعهود شرعًا إليها عادلًا؛ لحماية الأغراض السامية، التي تهدف لها الدعوة الإٍسلامية، أو للتوصل إلى سلمٍ وطيدٍ لا ينطوي على أي عدوانٍ مبيتٍ، ولا يجوز نقضها ما دامت قائمة، كما لا يجوز نقضها ما دامت قائمة، كما لا يجوز الإخلال بشروطها، أو بنودها -ما لم ينقضها العدو؛ تنفيذًا لأمر الله المطلق للآيات القرآنية العديدة، مثل قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1]، وقوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [النحل: 91] وقوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} [الإسراء: 34] وقوله: {فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ} [التوبة: 4] {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ} [التوبة: 7].
الوفاء بالعهد ملازم لصفة الإيمان، ودستور أساسي معظم لا ينقض، ونقض العهد شأن المنافقين، لا المؤمنين، قال تعالى واصفًا للمؤمنين: {الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنقُضُونَ الْمِيثَاقَ} [الرعد: 20] ويقول تعالى: {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا} [البقرة: 177].

ولا يجوز للمسلمين أن ينصروا إخوانهم المسلمين في بلد غير إسلامي عدا المعاهدين لنا من الكفار، وتضافرت الوصايا النبوية باحترام العهود، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له»، وقال: «لكل غادر لواء يوم القيامة يرفع له بقدر غدرته، ألا لا غادر أعظم غدرًا من أمير عامة»، وجعل الغدر، والخيانة، والإخلال بالعهد من صفات النفاق، وخصائص المنافقين قال صلى الله عليه وسلم: «أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا من إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر».
وقد أكد الرسول -صلى الله عليه وسلم- احترام الأحلاف العربية الإنسانية المعقودة في الجاهلية، فقال -في حلف الفضول الإنساني الذي حضره وهو شاب لنصرة المظلوم -: «لقد شاهدت -في دار عبد الله بن جدعان- حلفًا ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو أُدعى به في الإسلام لأجبت».
وقال صلى الله عليه وسلم -مؤكدًا ضرورة الوفاء بأحلاف الجاهلية الخيرة: «أوفوا بحلف الجاهلية فإنه لا يزيده الإسلام إلا شدة، ولا تحدثوا حلفًا في الإسلام»،
أي أن الإسلام يقر المعاهدة على نصرة الحق والخير -أيًا كان مصدره- ويمنع التحالف على الفتن، والقتال القبلي، والعدوان الهمجي.

  أنواع المعاهدات أو العقود:
المعاهدات بحسب مدتها؛ إما مؤقتة -كالأمان والهدنة- أو مطلقة دائمة كعقد الذمة.
والمعاهدات بحسب غرضها، أو هدفها: إما ذات صفة دينية، أو سياسية داخلية، أو خارجية، أو تجارية، وهي بهذا الهدف تشمل ما يأتي:
أولًا: عهود الإيمان، أو المبايعة على الإسلام أو الجهاد.
ثانيًا: المعاهدات السياسية.
ثالثًا: المعاهدات التجارية.

  أنواع المعاهدات في الفقه الإسلامي:
يمكن تقسيم المعاهدات إلى قسمين: معاهدات سياسية، ومعاهدات اقتصادية.
- أولًا: المعاهدات السياسية:
وأنواع المعاهدات السياسية أربعة، وهي:
النوع الأول: المعاهدة بقصد التعايش السلمي بين المسلمين، وغيرهم في بلدٍ واحد.
النوع الثاني: عهود الأمان.
النوع الثالث: معاهدات السلم الخارجية، أو ما نطلق عليه: الصلح، أو الهدنة.
النوع الرابع: معاهدات الصلح الدائم، أو ما نطلق عليه: عقد الذمة.
والكلام على هذه الأنواع فيما يلي:
- النوع الأول: معاهدة التعايش السلمي، وهذه المعاهدة هي التي تتم بين المسلمين، وغيرهم على أساسٍ آخر غير عقد الذمة لصيانة السلم، والأمن الداخلي -في دار الإسلام- دون التزام دفع عوض مالي للمسلمين.
ومضمون هذه المعاهدة هو: تأمين غير المسلمين على أنفسهم، وأموالهم، وعقد تحالف، وتناصر، وتعاون متبادل بين المسلمين، وغيرهم في دار الإسلام، دون تحديد بمدة.
 من أمثلة ذلك: أن النبي -صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة- كان أول عملٍ سياسيٍّ عمله هو: أنه عاهد القبائل التي سكنت ما بين المدينة، وساحل البحر الأحمر، وغير ذلك من قبائل.
وما كاد يستقر النبي -صلى الله عليه وسلم- في المدينة؛ حتى عقد صلحًا دائمًا آخر مع طوائف المدينة، وفق فيه بين الأوس، والخزرج على أساس حسن الجوار، ومع اليهود أيضًا؛ فأقرهم فيه على دينهم، وعلى أموالهم، فكانت هذه المعاهدة أولَ معاهدة سياسية -بالمعنى الصحيح- بين المسلمين وقبائل المدينة، وبين اليهود -بفرقهم المختلفة- حرم فيها الاعتداء بين أطراف المعاهدة، والتزموا بالتعاون والتضامن لدرء العدوان الخارجي، وعقدوا بما يشبه التحالف الدفاعي المشترك بين شعبين، وأوجبوا على أنفسهم المساهمة في الإنفاق المشترك في سبيل الدفاع، ونحو ذلك؛ مما ينظم صلات المسلمين مع بعضهم، وصلاتهم بغيرهم كأمم، أو شعوبٍ متجاورة، وذلك يعد نموذجًا طيبًا للمبادئ الرائعة في تنظيم حالة السلم، والأمن الدوليين.
ونلاحظ على هذه المعاهدة شيوع روح الحذر فيها من اليهود الماكرين، وتقرير دعائم السلم الواجب، والاعتراف بالحرية الدينية، وإعلان مبدأ وحدة المسلمين، وتضامنهم، ومساواتهم في الدماء والأموال والحقوق، واستقلال كلٍ من المسلمين، واليهود مع بقاء حسن الجوار.
وتقرر هذه المعاهدة مبدأ مناصرة اليهود حالة الاعتداء عليهم، وأنَّ الاعتداء على فئة مسلمة؛ اعتداء على كل الأمة الإسلامية، وأنه لا يحل مناصرة المجرم، وأن حل النزاع يكون بالاحتكام إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وأن كلًّا من اليهود، والمسلمين أمة مستقلة، يربطهم تحالف عسكري؛ لصد عدوان غيرهم، وأن هناك حرية دينية لكلٍّ من المسلمين، واليهود، وأن أي خلافٍ يحل بالوسائط السلمية، وبالتناصح والتشاور لا بالحرب، ونصت المعاهدة صراحة على مبدأ نصرة المظلوم، ونصرة الجار، وأن المناصرة في حربٍ تكون مشروعة، وأن قريشًا عدو الطرفين المتحالفين، وأن الطرفين ملزمان بإجابة الدعوة إلى أي صلح فيه صون السلام وتحقيق الأمان، وأن مدة المعاهدة باقية على الدوام ما لم ينقضها اليهود، وأن المدينة بلد مفتوح، وحرم آمن، ولكلٍ من الطرفين حرية البقاء، والانتقال.

- النوع الثاني من المعاهدات الأساسية: عقود الأمان:

المعاهدات السياسية؛ إما دائمة، أو مؤقتة، ويحدد ذلك طرفا المعاهدة، وليس موضوعه؛ فالمعاهدة المؤقتة بمدة معلومة، إن كانت مع عددٍ غير محصورٍ؛ فهو عقود الأمان، وإن كانت مع عددٍ غير محصورٍ لغاية محددة؛ فهي الهدنة.

والأمان هو عقد يفيد ترك القتل، والقتال مع الحربيين، وهذا الأمان ينقسم إلى قسمين: أمان خاص، وأمان عام، فالأمان الخاص هو ما يكون للواحد، أو لعددٍ قليل محصور كعشرة فما دون -يعني: كعشرة فأقل- وأفضل تسميته عهدًا، لا معاهدة؛ فقد أصبحت المعاهدات في وقتنا هي المعقودة ما بين الدول، أو المنظمات الدولية، وهذا الأمان الخاص يصح من كل مسلم مكلف مختارٍ لقوله صلى الله عليه وسلم: «ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلمًا؛ فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «المسلمون تتكافأ دماؤهم، وهم يد على من سواهم، ويسعى بذمتهم أدناهم».

وأما الأمان العام هو ما يكون لجماعة كثيرة غير محدودة كأهل ولاية، ولا يعقده إلا الإمام؛ لأنه من المصالح العامة التي لا يستطيع تقديرها غير أولي الأمر.

ونظام الأمان يتسع لكل أنواع الحماية والرعاية المعروفة حديثًا لشخصٍ أجنبي وماله في بلاد الإسلام، أو لعقد الصلات السلمية وغيرها.
 وكانت فكرة الأمان من الأسس المهمة لتدعيم السلام؛ فمثلًا: كان إعطاء الأمان لوفود المسيحية في الحروب الصليبية -نتيجة التسامح الإسلامي- كان يعتبر كأساس للمعاملات الدولية، والأصل في مشروعية الأمان قول الله -تبارك وتعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} [التوبة: 6].
قال ابن كثير -في تفسير الآية: والغرض أن من قدم من دار الحرب في أداء رسالة، أو تجارة، أو طلب صلح، أو مهادنة، أو نحو ذلك من الأسباب، وطلب من الإمام، أو نائبه أمانًا؛ يعطى له ما دام مترددًا في دار الإسلام؛ حتى يرجع إلى داره ومأمنه.
وقد كان المشركون يطلبون لقاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأجل الكلام في الصلح، وغيره من مصالح دنياهم.

- تأمين الرسل، والسفراء في الإٍسلام:
لقد كفل الإسلام للرسل، والسفراء مختلف أنواع الحماية والرعاية والحصانة والتكريم؛ حتى وإن أرسلوا للمسلمين؛ ليتمكنوا من أداء مهمتهم، ويحققوا الخير والسلام للعالم، وذلك بنص القرآن الكريم في آية التوبة السابق ذكرها: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} وأيضًا ثبت ذلك بالسنة القولية، والعملية؛ فالنبي -صلى الله عليه وسلم- لم يقتل رسل مسيلمة الكذاب، وقال: «لو كنت قاتلًا رسولًا؛ لقتلتكم».
قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه: «فمضت السنة -أي: جرت السنة- أنَّ الرسل لا تقتل».
 وقد رد النبي -صلى الله عليه وسلم- مبعوث قريش إليه، بالرغم من إعلان إسلامه بمجرد رؤية الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقال: «إني لا أخيس بالعهد -يعنى: لا أنقض العقد- ولا أخيس البرود -يعني: الرسل- ولكن ارجع إليهم، فإن كان في قلبك الذي فيه الآن فارجع».
وأجمع الفقهاء على مشروعية الأمان، وحماية الرسل والسفراء، وأجازوا للمبعوث السياسي أن يدخل بلاد المسلمين بدون حاجة إلى عقد أمان ولم يجيزوا الغدر برسل العدو وسفرائه؛ حتى ولو قتل الأعداء رهائن المسلمين الموجودين عندهم؛ فلا تقتل رسلهم؛ لقول بعض الصحابة: وفاء بعهد من غير غدر خير من غدر بغدر.

- النوع الثالث من أنواع المعاهدات السياسية هو: معاهدات السلام الخارجية:
أو ما يطلق عليه معاهدات الصلح، أو الهدنة: الصلح المؤقت، أو الهدنة، أو الموادعة طريق من طرق إنهاء الحرب، وإقرار السلم بين المسلمين، وغيرهم، أو بين دار الإسلام، ودار الحرب، وهو مشروع لقوله تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [الأنفال: 61].
وقد عقد النبي -صلى الله عليه وسلم- صلحًا مشهورًا في عهد النبوة يصلح أساسًا لعقود الصلح،هو: صلح الحديبية.
وأجمع العلماء على مشروعية المهادنة، والصلح المؤقت هو مصالحة أهل الحرب على ترك القتال -مدة معينة، بعوضٍ أو غيره، سواء كان فيهم من يقر على دينه، أم لم يقر، دون أن يكونوا تحت حكم الإسلام- أو هو صلح بين زعيمين في زمن معلومٍ بشروط مخصوصة.
والذي يعقد الهدنة هو الإمام، أو نائبه الذي يفوض إليه العقد، ولو تفويضًا عامًا، كولي الإقليم مثلًا؛ لأنَّ الهدنة تحتاج إلى سعة نظر، وتقديرٍ للمصالح العامة، وتدبيرٍ للقضايا الحربية، وما يترتب عليها من نتائج بعيدة المدى أو الأثر، ولا يتأتى ذلك لغير الإمام من آحاد الناس.
فإن تولى عقد الهدنة شخص عادي، دون تفويضٍ من الإمام؛ عد ذلك افتئاتًا على الإمام أو نائبه، ولم يصح العقد عند جمهور الفقهاء.

- كيف تم صلح الحديبية؟ وما أسبابه؟
أراد المسلمون بقيادة النبي -صلى الله عليه وسلم- أداء العمرة في البيت الحرام في آخر السنة السادسة من الهجرة؛ فصدهم المشركون عن الطواف بالبيت، ورضوا بعقد صلحٍ معهم، فيه شروط مجحفة بالمسلمين إيثارًا للسلام على الحرب، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها»، وكان من شروط الصلح: أن من جاء منكم -أي: من المسلمين- لا نرده عليكم، ومن جاءكم منا رددتموه إلينا؛ فقال الصحابة: «يا رسول الله أتكتب هذا؟ قال نعم، إنه من ذهب منا إليهم فأبعده الله، ومن جاء منهم سيجعل الله له فرجًا ومخرجًا».

وكان لعمر -رضي الله عنه- معارضةٌ للصلح، ومناقشة الكثير من شروطه؛ حتى إنه أنكر على الرسول -صلى الله عليه وسلم- الصلح قائلًا: «يا رسول الله ألست برسول الله؟ قال: بلى، قال: أو لسنا بالمسلمين؟ قال بلى، قال: أو ليسوا بالمشركين؟ قال: بلى، قال: أنا عبد الله ورسوله لن أخالف، أمره، ولن يضيعني».

وقد التزم المسلمون بتنفيذ بنود المعاهدة تمامًا؛ حتى إن أبا جندل بن سهيل بن عمر جاء مسلمًا إلى المسلمين؛ فطلب سهيل بن عمر رده إلى مكة؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنا لم نقض الكتاب بعد»، ثم رده النبي -صلى الله عليه وسلم- إليهم.
واعترض الفاروق عمر على ذلك قال: «ألست نبي الله حقًّا؟ قال: بلى، قال عمر: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى، قال عمر: فعلام نعط الدنية في ديننا إذن؟!».

رد النبي أيضًا رجلًا آخر من قريشٍ جاء مسلمًا؛ فأرسلوا في طلبه رجلين تنفيذًا للعهد، واتفاق الفقهاء على أن عاقد الذمة هو ولي الأمر: الإمام، أو نائبه، هذا أمر لا بد منه؛ لأنَّها من المصالح العامة التي تحتاج إلى نظرٍ واجتهاد.
وذلك لا يتأتى لغير الإمام الذي يقدر مصلحة المسلمين العامة، وأما الصلح الخارجي؛ فيجوز عند جماعة من الفقهاء القائلين: بأنَّ الأصل في العلاقات الدولية بين المسلمين وغيرهم: السلم لا الحرب، أي أنه يجوز عقد صلح دائمٍ مع غير المسلمين في ديارهم، لا في ديارنا التي اغتصبوها، أو احتلوها، على نحوٍ يوفر السلم والأمن والتعايش الودي، ويكفل نشر الدعوة الإسلامية بطريقٍ سلميٍ، قائم على أساس المنطق والحجة والبرهان، أو الحكمة والموعظة بتعبير القرآن الكريم.
وكذلك لا مانع شرعًا من عقد معاهدات بغرض حسن الجوار، والصداقة، والتعاون، وتبادل التجارة، أو لأي غرض من أغراض التعاقد الدولي لإقرار السلم، وتثبيت دعائمه، وتبادل المنافع؛ لئلا يكون بعد العهد احتمال اعتداءٍ إلا في حالةِ نقض العهد؛ لذلك نجد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد صالح قريش، وأبرم معهم صلح الحديبية، وهو نموذج واضح لمعاهدات الصلح الخارجية.
- النوع الرابع من المعاهدات السياسية: المعاهدات الدائمة، أو ما يطلق عليه: الصلح الدائم، أو عقد الذمة:
يترتب على المعاهدة الدائمة إنهاء الحرب بصفة دائمة بين المسلمين، وغيرهم، أو بين دار الإسلام، ودار الحرب، ويتم ذلك بأحد طريقين: داخلي، وخارجي، أما الداخلي؛ فهو عقد الذمة، وأما الخارجي؛ فهو معاهدة السلام الدائمة.
وعهد الذمة، أو عقد الذمة هو التزام تقرير غير المسلمين في ديارنا، وحمايتهم من أي عدوان، والدفاع عنهم في مقابل ضريبة بسيطة هي الجزية، بشرط التزام أحكام الإسلام، والاستلام من جهتهم؛ فيصبح الذميون مقيمين في دار الإسلام، ويكونون مواطنين مثل باقي المسلمين، ما داموا لم ينقضوا العهد ويعكروا الصفو.
وأمثلة الصلح الدائم من السنة النبوية كثيرة منها صلحه -صلى الله عليه وسلم- مع أهل نجران.
- المعاهدات في عهد الراشدين:
استمرت الحروب في عهد الصحابة بين المسلمين، ودولتي الروم، والفرس؛ فلم تعد المعاهدات لتنظيم السلم، أو المناصرة، أو التعاون، وإنما كانت إما لعقد الهدنة، أو لعقد الذمة بعد تخيير الأعداء -قبل بدء الحرب- بين أمور ثلاث: إما الإسلام، أو صلح الذمة، أو القتال.
 ونكتفي هنا بذكر مثالين بمعاهدتين عقدتا في عصر الراشدين:
أول معاهدة: كتاب عمر بن العاص لأهل مصر الذين اختاروا البقاء على المسيحية، جاء فيه: (أعطاهم الأمان على أنفسهم، وملتهم، وأموالهم، وكنائسهم، وصلبهم، وبرهم، وبحرهم، لا يدخل عليهم شيء من ذلك، ولا ينتقص، ومن دخل في صلحهم من الروم؛ فلهم مثل ما لهم، وعليه ما عليهم، هذا لمن أراد المقام في سلطاننا، وأما من أبى واختار الذهاب مع الروم؛ فهو آمن؛ حتى يبلغ مأمنه).
والمعاهدة الثانية: وهو صلح عمر مع أهل إيلياء -أي: القدس- وهو صلح مشهور، وله أهميته الكبرى في التاريخ الإسلامي، جاء فيه: (هذا ما أعطى عبد الله أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان؛ أعطاهم أمانًا لأنفسهم وأموالهم، ولكنائسهم وصلبانهم؛ أنه لا تسكن كنائسهم، ولا تهدم، ولا ينتقص منها، ولا من حيزها، ولا من صليبهم، ولا من شيء من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم، ولا يضار أحد منهم، ولا يسكن إيلياء معهم أحد من اليهود).
والواقع أن هذه المعاهد تعد مثلًا رائعًا من أمثلة الحفاظ على غير المسلمين؛ حتى أنه لم يرض عمر بأداء الصلاة في كنيسة القيامة؛ خشية أن يقتدي به المسلمون، ويقولون: هنا صلى عمر؛ فتصبح الصلاة في داخل الكنيسة حقًّا، وقد يؤدي ذلك إلى الاستيلاء على الكنيسة، وفيها أيضًا: أقر حرية التدين، والتنقل، وأيضًا تكليفهم بأداء الجزية القليلة المقدار.
- ثانيًا: المعاهدات الاقتصادية:
وهي التي تتم مع غير المسلمين بقصد نشر الإسلام، وتبليغ دعوة الله، أو لإنهاء الحرب، أو من أجل السلم والأمان بقصد دخول دار الإسلام للزيارة أو لسماع كلام الله أو للتفاوض أو للتجارة، ونحو ذلك من مهمات الأجانب.
ويجوز شرعًا عقد المعاهدات التجارية، وتنظيم المبادلات الخارجية مع غير المسلمين تأييدًا للأصل العام في علاقة المسلمين بغيرهم، وإقرارًا لمبدأ حرية التجارة، وتوفيرًا للموارد الضرورية التي يحتاج إليها المسلمون في شئون الحياة المعاشية، وعملًا بالسنة النبوية التقريرية؛ إذ أقر النبي -صلى الله عليه وسلم- حلف المطيبين بين البطون القرشية بعد موت قصي بن كلاب الذي كان يهيئ الطعام للحجاج مما تقدمه له قريش، وكان موضوع الحلف هو توزيع الخدمات للحجاج على كل قبيلة من سقاية، ورفادة، ولواء، وندوة.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما كان من حلف في الجاهلية فإن الإسلام لم يزده إلا شدة»،
يعني: يريد المعاقدة على الخير، وتأمين موارد الحجيج، ونصرة الحق.
 وكانت هناك معاهدات تجارية متعددة بين العرب، والأوربيين منها معاهدة سنة 913 هـ بين أمير بادس في المغرب، وبين أهالي البندقية التي تسمح للبنادقة بالنزول في بادس، والاتجار مع أهلها، وتؤمنهم على أنفسهم، وأموالهم، وتسامحت السلطات الإسلامية كثيرًا مع التجار.

وكانت التجارة من أسباب نشر الإسلام في شرق أسيا وإفريقيا، لكن مع وضع بعض القيود على المبادلات التجارية لمنع إخراج الأسلحة، ووسائل الحرب من بلاد المسلمين، وحذر شراء واستيراد الخمور والخنازير، وسائر المنكرات، سواء من مسلم، أو غير مسلم، وما عدا ذلك يجوز تبادلهم؛ حتى في أثناء الحرب؛ كالأطعمة، وسائر الأقوات، والثياب، والأقمشة، والمواد الخام غير المعدنية، والمواد الكيماوية، والمنتجات الزراعية، والصناعية -غير الحربية- إلى آخره.

ومن خلال ما سبق نجد أن الإسلام أولى المعاهدات بكافة أنواعها وأشكالها اهتماما كبيرا، وطبقها وعمل بها، وهذا يدل على أن الإسلام دين الفرد والأسرة والمجتمع والدولة، والذين يحصرون الإسلام في العبادات والأذكار إنْ هم إلا أناس لم يذوقوا العلم الحقيقي ولم يفهموا المعرفة الصحيحة فغاصوا في مستنقع التعصب والرؤية الأحادية واتغمسوا في تيار الحقد تارة والحسد تارة أخرى ،ورتعوا في خراب الاتهامات والشائعات.

والله أعلم.
قال الشاعر:
شريعة الله للاصلاح عنوان ** وكل شيء سوى الإسلام خسران
لما تركنا الهدى حلت بنا محن ** وهاج للظلم والإفساد طوفان
لا تبعثوها لنا رجعية فترى ** باسم الحضارة والتاريخ أوثان
لا حامرابي ولا خوفو يعيد لنا ** مجدا بناه لنا بالعز قرآن
تاريخنا من رسول الله مبدؤه ** وما عداه فلا عز ولا شان
محمد أنقذ الدنيا بدعوته ** ومن هداه لنا روح وريحان
لولاه ظل أبو جهل يضللنا ** وتستبيح الدما عبس وذبيان
لا خير في العيش إن كانت مواطننا ** نهبا بأيدي الأعادي أينما كانوا
لا خير في العيش إن كانت حضارتنا ** في كل يوم لها تنهد أركان
لا خير في العيش إن كانت عقيدتنا ** أضحى يزاحمها كفر وعصيان

المصادر:
-محمد القاضي، عبد الله محمد محمد القاضي، السياسة الشرعية مصدر للتقنين للدكتور ، طبعة 410 - 1989 دار الكتب الجامعية الحديثة بطنطا.
-القرضاوي، الدكتور يوسف القرضاوي السياسة الشرعية الطبعة الأولى 1419هـ - 1989م مكتبة وهبة بمصر.
-عبد الرحمن تاج،السياسة الشرعية والفقه الإسلامي، الطبعة الأولى 1373هـ - 1953م دار التأليف.
-الصاوي، د. محمود الصاوي، نظام الدولة في الفقه الإسلامي ، الطبعة الأولى، دار الهداية مصر.
-الجوزي، ابن القيم الجوزي، إعلام الموقعين عن رب العالمين، ، دار الحديث، القاهرة.
-المعاهدات في الإسلام بحث في مادة السياسة الشرعيةإعداد/ أحمد حسني
-الشاطبي، أبو إسحاق الشاطبي، الموافقات في أصول الشريعة ، ط 2001- دار الكتب العلمية، بيروت.
-د. حسين حامد، المدخل لدراسة الفقه الإسلامي، الناشر: مكتبة المتنبي.
-د. حسن مرعي، مراعاة مقاصد الشريعة بحث منشور في مجلة كلية الشريعة بالقاهرة العدد 14 عام 1997.
-البدخشي، شرح البدخشي، ط. دار الكتب العلمية، بيروت.
-الترمذي، سنن الترمذي الطبعة الأولى 1419 هـ -1999 م الناشر دار الحديث القاهرة، باب ما جاء في النصيحة.

No comments :

Post a Comment