Sunday, December 1, 2013

التعبير في القرآن الكريم بلفظين مختلفين في موضعين


التعبير في القرآن الكريم بلفظين مختلفين في موضعين:
القرآن الكريم، كتاب الله المنُزَل على رسول الله  محمد عليه الصلاة والسلام، مبشرا ومنذرا، داعيا وهاديا.
ويحتوي على العلوم العديدة المتنوعة، سواء المتعلقة بالتشريع والأحكام والقوانين، أو المتعلقة بالإنسان من النفس أو الروح أو خلقه ، أم المتعلقة بالأرض والسماء والخلق والخلائق، فهو كتاب غزير العلم كثير الفائدة.
حثَّنا وحضَّنا  الله على تدبره فقال( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مُدَّكر)
وهو دعوة للمسلم في أن يقرأ القرآن بروية وهدوء، ويستخرج كنوزه وجواهره المتنوعة الفريدة، مما يزيد في القلب الإيمان، ويقوي العزيمة على الثبات على طاعة الله، وينهض بالمؤمن إلى العلا والعزو والرفعة، كما أنه يزيد في العقل الفكر النيّر والصفاء الجميل
ولو طالعنا آيات القرآن لوجدنا ذلك .
ومثال ذلك:
 في قوله عز وجل( فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا)
وقوله ( فانبجست منه اثنتا عشرة عينا)
يقال انبجس الماء أي انفجر، لكن الانبجاس يستعمل أكثر فيما يخرج من شيء ضيق.
أما الانفجار فيستعمل فيما يخرج من شيء واسع أو ضيق.
فاستعمل القرآن اللفظين حيث ضاق المخرج ليلائمه.
فالانبجاس أولا ثم الانفجار.
والانفجار أبلغ.
أما قوله تعالى: ( وفجرنا الأرض عيونا)
فإن المخرج واسع فقال فجرنا، ولم يقل بجسنا، لأن الأرض واسعة، بعكس الحجر فإنه ضيق.
وقد أتى بالانفجار في سورة البقرة لأنه استجابة لاستسقاء موسى عليه الصلاة والسلام (وإذ استسقى موسى لقومه).
وأتى بالانبجاس في سورة الأعراف لأنه استجابة لطلب بني اسرائيل اساسقاء موسى لهم (..وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه قومه) ولذا أمرهم بالأكل فقط.
فلما استسقى موسى  في سورة القرة أتى بالانفجار  تعظيما لموسى وتكريما له.
ولما طلب بنواسرائي من موسى أن يستسقي لهم في سورة الأعراف أتى بالانبجاس.

وفي قوله تعالى (آتيناه رحمة من عندنا، وعلمناه من لدنا علما)
نلاحظ أنه قال في الرحمة (من عندنا) وفي العلم قال( من لدنا)، فهل هناك فرق بين (عند) و(لدن)؟!
المعروف أن (عند) بمعنى(لدن)، لكن (لدن) لا تقال إلا في حالة ملك الشخص وبحضرته.
فتقول: المال لدن فلان ، بمعنى حاضر عنده الآن.
أما قولك: المال عند فلان، فهو مالك لماله سواء كان حاضرا أم غائبا.
ولذا قال الله (وعلمناه من لدنا علما) أي من العلم الخاص بنا، وهو علم الغيب.
فــ (عند) أعم من (لدن)، و(لدن) أخص وأبلغ من (عند).
و(لدن) تدل أيضا على الابتداء فتقول: أقمت عنده من لدن طلوع الشمس إلى غروبها.
أي من بداية طلوع الشمس إلى غروبها، فأوضحت بداية ونهاية الفعل.
 والله أعلم
إن الواجب على المسلم الذي آمن بالقرآن الكريم، أن يدافع عنه، وأن يقرأه بخشوع وخضوع، وفكر وعلم وعرفة، وتأمل وتدبر، فإن في ذلك الفائدة الكبرى، والنتيجة المرجوة، ومع هذا وذاك ، على المسلم أن يُطبِق ما جاء في القرآن من أوامر فيعمل بها، ومن نواهي فيبتعد عنه، ومن وصايا فيفعلها، ومن أحكام وتشريع فيطبقها.
بهذا يسمو المسلم وتعلوة الأمة ، ويطهر المجتمع.
ومنذ هجر المسلمون القرآن ذُلُّوا وأصبحوا في الحضيض، وفي آخر أواخر الأمم، لا يُؤبه بهم، وليسوا إلأا مستهلكين لغيرهم فيما ينتجون، وأصبحوا مضرب المثل في الذل والتكالب على تقبيل حذاء الأعداء رغبة وخوفا.
إن في القرآن الكريم عونا وفيه مجدنا وفيه علونا وفيه ارتفاعنا وتقدمنا وتحضرنا.
أما هجرنا له فلم نستفد من ذلك سوى الضياع والتيه.
مالي أراكم تهجـرون تلاوتـي***بل تهجرون إقامتـي ومكانـي
أوَ ما علمتم كم أعانـي وحـدة***من بعدكـم يـا أمـة القـرآن
جلدي يغطيه التراب وصفحتـي***تشكو التصاقا طـال بالأزمـان
ضج الكلام بحزنه في صفحتـي***والحرف يشكو من أذى النسيان
والآي يشكو أن تباعد وصلكـم****وبدت عليه لواعـج التحنـان
لو تعلمون فوائدي وعظائمـي***لحبوتمُ نحوي مـن الإذعـان
إني إذا ضـاق الفـؤاد بهمـه***أَكُنُ الطبيب وأُنس كل معانـي
فتلاوتـي روح وريحـان بهـا***تسمو القلوب بعـزة الرحمـن
وتلاوتي تدع الفـؤاد مطمئنـا***رحب البسيطة ثابـت الأركـان
والحرف ينزل من سلاسة لفظه****بردا سلاما في الفـؤاد العانـي
يمحو الكآبة والأسـى بجمالـه***ويعيد رشـد التائـه الحيـران
يعطيك من أمل الحيـاة تفـاؤلا***ويمـد قلبـك طاقـة وتفانـي
ويريح نفسك من عناء همومها*****لتعش حيـاة النـور والإيمـان
فتسابقوا وتنافسوا في حفظـه****تلقى المنى في رحمـة وجنـان
تغشاكموا حلل السكينة رحمـة****بل تنعمـون بقربـة الرحمـن
والختم صلوا على النبي وآلـه***خير البريـة منقـذ الإنسـان 
المصدر:
- الدر المصون 1/237
- كشف المعاني ص98
- المفردات للراغب الأصفهاني ص 37 و ص449
- مفردات لغوية في القرآن الكريم لصالح العايد .
- البرهان 4/290

No comments :

Post a Comment