Sunday, January 17, 2016

النموذج النبوي في الإدارة بناء المسجد والمؤآخاة و إصدار(الوثيقة) الدستور و تشكيل الجهاز الإداري (الكتاب)



النموذج النبوي في الإدارة بناء المسجد والمؤآخاة و إصدار(الوثيقة) الدستور و تشكيل الجهاز الإداري (الكتاب):
 لقد مهّد النبي محمد عليه الصلاة والسلام بهجرته إلى المدينة المنورة الطريق لإقامه وبناء الدولة الاسلامية بشكل فعلي والبدء بتنفيذ الخطوات الرئيسية لإقامتها.
وبما أن الدول لا تقوم ولا تبنى الا بشروط واضحة ومحددة ، فقد أدرك النبي محمد عليه الصلاة والسلام أن إقامتها في مكة أمر مستحيل ،لذا كان لابد من البحث عن مكان آمن ، فاختار له الله سبحانه وتعالى الهجرة إلى طيبة الطيبة المدينة المنورة التي كانت تسمى يثرب لتكون نقطة البدء في انتشار الإسلام وإقامه كيانه العزيز .
إن الأسلوب والطريقة التي استخدمها النبي محمد عليه الصلاة والسلام في بناء الدولة تدل على القيادة الادارية الناجحة الذكية.
 فقد استخدم النبي محمد عليه الصلاة والسلام أسلوبا مبنيا على التسلسل المنطقي والتدرج في البناء ليحظى بالقبول والدعم ولا يكون محل استهجان واستغراب ونفور.
و الخطوات العملية التي قام بها النبي محمد عليه الصلاة والسلام كبناء المسجد والموآخاة وإعلان الدستور وغيرها... هي  تنفيذ لمخطط إداري عظيم مبني على أسس ووظائف الإدارة كلها من تخطيط وتنظيم وتوظيف وتنسيق ...
وقد تجلت وظهرت هذة الوظائف في كافه مراحل بناء الدولة وسنرى ذلك بوضوح من خلال استعراضنا لما قام به النبي محمد عليه الصلاة والسلام من إجراءات وخطوات .
الخطوة الأولى :بناء المسجد :
أدرك النبي محمد عليه الصلاة والسلام أهميه بناء المؤسسات السياسية والادارية والاجتماعية والمالية وغيرها ،وقد أدرك النبي محمد عليه الصلاة والسلام بثاقب بصيرته أهمية المسجد كمكان للعبادة أولا لترسيخ وتقوية جذور هذا الدين الجديد في نفوس الناس و ثانيا جامعة للعلوم المختلفة ينهلون منها معارفهم وعلومهم عن دينهم ولغتهم ويستمعون فيه لمحاضرات معلمهم وأستاذهم الأول النبي محمد عليه الصلاة والسلام.
إضافة إلى استخدامه كمقر ومركز لحكومته وبرلمانا للتشاور في شؤون المسلمين العامة،إضافة إلى استخدامه كمقر لقيادة الجيش الإسلامي تعقد فيه ألوية الجهاد وترسل منه البعوث والجيوش ، وكذلك كان داراً للقضاء ونزلا لاستقبال الوفود والرسل القادمين إلى رسول الله النبي محمد عليه الصلاة والسلام .
لقد كان المسجد خطوة هامة من خطوات بناء المجتمع الجديد ينصهر فيها جميع المؤمنين في بوتقة الإسلام  لا فرق بينهم إلا بالتقوى.
لقد لعب المسجد دورا سياسيا وإداريا ودينيا كبيرا يدل على أهمية رسالته ودورها في بناء الأمة،وهذا ما تحتاج إليه أمتنا في حاضرها وهو تفعيل دور المسجد كجامعة ومدرسة وأداة للنهوض بالأمة من كبوتها .
الخطوة الثانية :المؤاخاة :
إن التآلف الاجتماعي ضرورة لا غنى عنها لإقامة المجتمعات الخالية من الأحقاد والأضغان والتناحر والفرقة ،ولا يكون ذلك إلا بصهر أعضاء المجتمع كلهم في بوتقة فكرية واحدة وتلاقيهم على هدف واحد وغاية سامية مشتركة، وهذا ما أدركه النبي محمد عليه الصلاة والسلام كأساس لبناء المجتمع الجديد. 
 فعمد النبي محمد عليه الصلاة والسلام لأسلوب التآخي بين جميع أفراد المجتمع من قادمين جدد(مهاجرين )وبين أصحاب الأرض (الأنصار ) حيث أمرهم النبي محمد عليه الصلاة والسلام بذلك فقال :" تآخوا في الله أخوين " .
لقد كان لنظام التآخي فوائد جمة ساهمت في بناء وتقويه أركان الدولة الجديدة ،حيث يرى كثير من الباحثين والمؤرخين أن هذا النظام انطوى على فوائد اقتصادية وسياسية وروحية وفكرية ودينية ، إضافة إلى فائدته الاجتماعية العظيمة ،حيث شكل هذا النظام تعويضا للمهاجرين عما فقدوه من أموال ومساكن وأزواج.
وخوفا من أن تبقى في النفوس غصة من جراء ذلك فقد اقتسموا هم وأخوتهم من الأنصار الأملاك والأموال بل حتى الزوجات،وفي ذلك أيضا إيثار وتعالي على للذات وتسامي على كل الروابط إلا رابطه العقيدة التي ألفت بين الأبيض والأسود وبين العربي والعجمي فكانت هي أساس الترابط ولاشيء غيرها .
الخطوة الثالثة :إصدار(الوثيقة) الدستور :
الوثيقة (الدستور): سماها بعض المفكرين والمؤرخين (الدستور الأول) حيث لا يمكن أن تتصور دولة بلا دستور.
هذه الوثيقة نظرة ثاقبة وخطوة عظيمة لتحديد معالم النظام السياسي الجديد، هذا الدستور نظم العلاقة بين المسلمين بعضهم ببعض وكذلك علاقتهم مع غيرهم مثل اليهود.
أعطت هذه الوثيقة الرسول النبي محمد عليه الصلاة والسلام مكانة متميزة كزعيم سياسي ومرجع لكل من في المدينة.  
وبالرغم من وجود (الدستور) إلا أن الرسول  النبي محمد عليه الصلاة والسلام كان لا يستأثر برأيه لوحده حيث كان يشاور أصحابه في معظم الأمور امتثالا لقولة تعالى: "وأمرهم شورى بينهم ". 
وكذلك نظمت (الوثيقة)أمور القضاء والسلطة القضائية وكيفية حل الخلافات والمنازعات وذلك طاعة للرسول النبي محمد عليه الصلاة والسلام وامتثالا لأمر الله بطاعة رسوله وأولي الأمر.
أما أهم البنود الادارية والسياسية التي احتوتها هذة الوثيقة فهي:
1.إن المسلمين من أهل يثرب ومن قريش كل من لحق بهم أمة واحدة .
2.إن المؤمنين بعضهم موالي بعض من دون الناس .
3.إن المؤمنين كلهم يد على من بغى ولو كان ولد احدهم .
4.أنه من تبعنا من اليهود له النصرة والأسوة غير مظلومين ولا متناصر عليهم.
5.لا ينبغي لمشرك أن يجير مالا او نفسا لقريش ولا يحول دونه على مؤمن .
6.إن أي خلاف مرده إلى الله ورسوله .
هذا وقد اشتملت الوثيقة(الدستور ) أيضا على بعض البنود التي تنظم أمور الأسرى والقصاص والديه وحفظ الجوار وكيفيه التعامل مع المظلومين وعقد الصلح .... وغير ذلك من الأمور الإدارية والتنظيمية والسياسية والتي تدل على سعة أفق النبي النبي محمد عليه الصلاة والسلام واهتمامه ببناء المجتمع المنظم الذي تحكمه إدارة ناجحة كفؤة.
الخطوة الرابعة:تشكيل الجهاز الإداري (الكّتاب):  
لقد عين الرسول النبي محمد عليه الصلاة والسلام من يرعى شؤون الأمة ويقوم بإدارتها وهذا ما يسمى (بالتنظيم الإداري) الذي سمي سابقا (بالكتابة) وهي مرحلة متقدمة في بناء الدولة. وبذلك وضع الرسول النبي محمد عليه الصلاة والسلام الأسس الأولى لبناء الدولة الإسلامية الجديدة ،ونظَّم علاقات الناس فيما بينهم وجعل منهم أمة واحدة عقيدتها واحدة دينها واحد دستورها القرآن الكريم تطيع أوامر قائدها المنبثقة من وحي إلهي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ،لا ينطق عن الهوى لأنه وحي من عند الله.
وبذلك يكون الرسول النبي محمد عليه الصلاة والسلام قد أنشأ دولة الحضارة العربية الإسلامية وهو شيء لم يناله العرب من قبل. 
ولكن يجب أن لا يغيب عن بالنا بأن القائد وما يتمتع به من صفات هو علامة الدولة وميزتها الرئيسية، والدولة الجديدة برئاسة القائد العظيم محمد النبي محمد عليه الصلاة والسلام كانت سمتها الإشراق والعظمة نظراً لما يتمتع به قائدها من صفات لم يتمتع بها أحد قبله ولا بعده.
ومن الأشياء التي كان لها كبير الأثر في صنع الدولة الإسلامية - وهي جزء مما كان يتمتع به محمد النبي محمد عليه الصلاة والسلام - هو الحق الذي ساد في أرجاءها والعدل والمساواة واحترام حقوق الناس والابتعاد عن التعصب والغلو والتطرف وغيرها الكثير،من الصفات والمعاني التي اتسمت بها الدولة الإسلامية والفكر السياسي الإسلامي الأول وهي أيضا جزء مما نادى به الإسلام كأسس قوية لبناء أي دولة أو نظام سياسي.
المصادر والمراجع:
- محمد سليم العوا ، في النظام السياسي للدولة الاسلاميه ، المكتب المصري الحديث ، ط3 ،1979.
- توفيق سلطان اليوزبكي، دراسات في النظم العربية والإسلامية ،جامعه الموصل ،1988.
- فوزي كمال ادهم ، الإدارة الاسلاميه ، دار النفائس ، 2001.
- انظر: نص الوثيقة في: د. نزار عبد اللطيف الحديثي، محاضرات في التاريخ العربي، بغداد، 1979، ص97-101.
- عبد السلام أبو قحف ،أساسيات التنظيم والإدارة ، دار الجامعه الجديدة ، الإسكندرية ،2003.
- عبد المعطي محمد عساف،  مبادئ الاداره ،المفاهيم والاتجاهات ألحديثه، مكتبة المحتسب ، عمان ، 1994.
-زهاء الدين عبيدات ،القيادة والإدارة التربوية في الإسلام ، دار البيارق ، عمان ، 2001.
- أساسيات في القيادة والإدارة النموذج الإسلامي في القيادة والإدارة هايل عبد المولى طشطوش،دار الكندي،الطبعة الأولى 2008.

Tuesday, January 12, 2016

المبادئ العامة في التنظيم الإداري الإسلامي



المبادئ العامة في التنظيم الإداري الإسلامي:
ان الاجتهاد رحمة للأمة وبيان لقيمتها وأهميتها كأمة متجددة متطورة؛ تجاري تطور الزمان واختلاف العصور والأيام ،إن الاجتهاد هو مصدر الأحكام التي لم يرد فيها نص في كتاب أو سنة، وهو المنقذ للأمة مما قد يشكل عليها من مسائل وقضايا مستجدة وحديثة لم تكن في زمن الإسلام الأول .
والإسلام هو دين الإدارة والسياسة والحكم والاقتصاد والاجتماع والفلسفة فهو دين شامل ليس فيه نقص أو قصور ولكنه يحتاج إلى براعة التحليل والتصدي من قبل علماء الأمة ومفكريها للبحث والدراسة واستخلاص عظمة الإسلام من خلال النصوص الكريمة التي احتوت على كلِّ المفاهيم والمعاني المتطورة للنظم الإدارية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية وغيرها .
 إن خلفاء وحكام المسلمين قد طبقوا في ولاياتهم وأحكامهم ما وسعهم من المبادئ والأساليب الادارية التي كانت تفرضها الظروف ومستجدات الأيام وتغير المواقف والأزمان .
المبادئ العامة في التنظيم الإداري الإسلامي:
1.المساواة :
لقد أقر الإسلام هذا المبدأ ومنع التمييز بين الناس على أساس العرق أو الجنس أو اللون ،إنما جعل مقياس المفاضلة بينهم هو التقوى ،قال الله الوهاب :" ان أكرمكم عند الله أتقاكم " الحجرات 13.
ويكفي أن نعلم ان رسول الله قد قال في حق سلمان الفارسي :" سلمان منا ال البيت " لندلل على أن الإسلام ليس فيه أسود ولا أبيض ولا عربي ولا أعجمي؛ فالناس فيه سواسية، وهذا المبدأ يجعل الأفراد في الدولة مرتاحوا البال مطمئنين على أن حقوقهم محفوظة وأن الجزاء والعطاء بمقدار البذل والعمل ،عندها تسير الأمور الادارية وفق منهجية سليمة يثاب فيها المحسن ويعاقب فيها المسيء .
2.العدل :
إن المدرسة الادارية في الإسلام قامت على أساس من العدالة والإنصاف، وقد تم تطبيق ذلك نظريا وعمليا ، والشواهد على ذلك لا تعد ولا تحصى ، وذلك تطبيقا لأمر الله ورسوله، حيث قال الله المبدئ :" وإذا حمكتم بين الناس ان تحكموا بالعدل " النساء 58،وقال نبيه الكريم:" ان المقسطين عند الله  على منابر من نور والذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا " .
بل إن مخالفه هذا المبدأ في الإسلام يترتب عليها الجزاء والعذاب من الله حيث يقول الله المعيد :" وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون " الشعراء 227.
هذا وقد أدركت المدارس الحديثة في الادارة  أهمية العدل وبدأت تعتبره جزء من مبادئها كما هو الحال في مدرسه (فاويل ) العلمية في الإدارة ، وكذلك السلوكيون الذين اهتموا به وطبقوه على العاملين في الإداره لأهميتها.
3.الشورى :
لا يستطيع أحد أن ينكر دور الشورى وأهميتها في استخلاص الرأي الامثل والأفضل والاصوب من بين الآراء الكثيرة والمختلفة ، وهي بلا شك سبب رئيسي من أسباب نجاح القادة والمدراء.
وقد أدركت الأجهزة الحديثة أهمية الشورى والاستشارة فوضعت وصممت أجهزة مختصة ودوائر مستقلة مهمتها فقط تقديم المشورة والرأي .
وقد سبقت الإدارة الاسلامية الإدارة الحديثة في هذا أمر بالقول والعمل،حيث أمر الله سبحانه وتعالى بالشورى حيث قال:" وشاورهم في الأمر "آل عمران 159،وطلب أن يكون أمر الناس شورى بينهم فقال:" وأمرهم شورى بينهم " ،وقال النبي محمد عليه الصلاة والسلام:" ما خاب من استخار ولا ندم من استشار ولا عال من اقتصد " .
وهذا يدلنا على أهميه التشارك في الرأي لأنه لا ينتج إلا خيرا.
وأما من الناحية العملية فقد شاور النبي محمد عليه الصلاة والسلام أصحابه في أموره وغزواته، والمطلع على سيرة النبي محمد عليه الصلاة والسلام يعرف ذلك.
و حفلت السنة الفعلية بما يثبت أن الرسول الله شاور أصحابه في عدة أمور وفي جملة المواقف ، ونجد الكثير من الأمثلة على ذلك في كتب التاريخ والتفسير والحديث وقد عبر عن ذلك أبو هريرة بقوله (( لم يكن أحد أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم )) فكان يستشيرهم في الحرب وفي السلم بل وفي خاصة أمره فقد روى عنه في حادثة الإفك قوله عليه السلام : (( أشيروا علي يا معشر المسلمين في قوم أبنوا أهلي ورموهم )) ..
وقد استشار الرسول عليه السلام أصحابه في ثلاثة مواقف بغزوة بدر : الأول قبل أن تبدأ المعركة والثاني أثناءها والثالث بعد انتهائها – فلم يصدر إليهم المر بالحرب دون مشاورتهم ولو فعل لوجد منهم الطاعة والإذعان التامين ولكنه استشارهم قبل الإقدام على القتال.
وقد استشار المهاجرين فقام أبو بكر الصديق فقال فأحسن ثم قام عمر فقال فأحسن ولم يفته استشارة الأنصار أيضاً ، لأنهم كانوا قد تعاهدوا معه على الدفاع عنه وحمايته في المدينة فحسب ولذلك حرص على ألا يورطهم في حرب قد لا يريدونها ولذلك فعندما طلب الرأي قال سعد بن معاذ سيد الأوس بل سيد الأنصار ( وكان فيهم كالصديق في المهاجرين ) : كأنك تريدنا والله يا رسول الله ثم أعلن تأييد الأنصار ومبايعتهم على القتال .
وعند المعركة وعلى أرضها برزت صورة أخرى للشورى إذ تقدم المنذر بن الحباب يعرض مشورته على الرسول عليه السلام فيما يتعلق باختيار المكان المناسب للنزول فيه وقد أقره الرسول على مشورته وعمل المسلمون برأيه .
وبعد انتصار المسلمين في بدر وحصولهم على الأنفال والأسرى من الكفار احتاجوا إلى المشورة مرة ثالثة : وقد استشار الرسول عليه السلام أبا بكر وعمر فأشار أبو بكر بقبول الفداء من الأسرى ووافق ذلك رأى الرسول عليه السلام أيضاً وخالفهما فيه عمر "، أما علي بن أبي طالب فلم يعلن رأيه في هذا الأمر مع أنه أحد الثلاثة المستشارين ولعله آثر التريث حين رأى هذا الخلاف . وقد نزل بعد ذلك الوحي بعدم أخذ الفداء .
4.الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
إن سيادة السلوكيات المستقيمة والصحيحة في المجتمع وانتفاء الأخلاقيات السيئة هو أساس قيام الدولة بواجبها خير قيام وهو من أهم أسس نجاح الإدارة ،لأنه يدفع بالجميع إلى المراقبة الذاتية والخوف من الله ، و إنجاز الأعمال والواجبات بأمانة ،وإخلاص وتكون نتيجته الوقاية من الانحراف لا بل اجتثاثه من جذوره .
وقد أمر الله سبحانه بتطبيق هذا المبدأ في كتابه العزيز ، حيث قال الله الودود :" كنتم خير أمه أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله "  آل عمران 110 ،وهو خطاب موجه للأمة  كلها لتقوم بواجبها في النصح والتناصح ومنع قيام المنكر وترسيخ المعروف وبنائه .
المصادر والمراجع:
-فوزي كمال ادهم ، الإدارة الاسلاميه ، دار النفائس ، 2001 .
-حزام بن ماطر المطيري ،الإدارة الاسلاميه المنهج والممارسة ،مكتبه الرشد ،الرياض ،2004.
-محمد سليم العوا ، في النظام السياسي للدولة الاسلاميه ، المكتب المصري الحديث ، ط3 ،1979.
-نزار عبد اللطيف الحديثي ، محاضرات في التاريخ العربي،بغداد 1979.
-المجلة الثقافية ،العدد 70،أيار 2007 ،الجامعة الاردنيه ،عمان .
-زهاء الدين عبيدات ،القيادة والإدارة التربوية في الإسلام ، دار البيارق ، عمان ، 2001.
-علي محمد منصور ، مبادئ الإدارة (الأسس والمفاهيم )، مجموعه النيل العربية ، القاهرة، 1999.
-أحمد عبد ربه بصبوص ، فن القيادة في الإسلام ، مكتبة المنار،  الزرقاء الأردن ، 1989 .
-محمد عبد الفتاح ياغي ، الأخلاقيات في الإدارة ، عمان ، 1995.
-توفيق سلطان اليوزبكي، دراسات في النظم العربية والإسلامية ،جامعه الموصل ،1988.

Monday, January 11, 2016

مبادئ الإدارة في السنة النبوية المطهرة



مبادئ الإدارة في السنة النبوية المطهرة :
السنة النبوية هي المصدر الثاني من مصادر التشريع في الإسلام ،حيث  جاءت مفصلة وموضحة لكثير من الأمور التي تحدث عنها القرآن الكريم بشكل عمومي.
والإدارة الإسلامية  لها نصيب عظيم في السنة المطهرة تفصيلا وتوضيحا ويكفي أن نعلم أن الإداري الأول والقائد الأول في الإسلام هو النبي محمد عليه الصلاة والسلام خير البشر وأفضلهم على الإطلاق الذي علمه ربه فأحسن تعليمه .
وجاءت السنة النبوية المطهرة بالكثير من المبادئ والأسس الادارية والأساليب القيادية التي تطمح لها الإدارة الحديثة وتسعى للوصول إليها ، ويمكن ان نتلمس منها المبادئ التالية :
1.الشعور بالمسؤولية وأهميتها :
حددت السنة النبوية مسؤولية القائد والمدير وبينت أهميه هذة المسؤولية وقيمتها الدنيوية والأخروية وبأنها مناط الحساب والسؤال من قبل الله عز وجل، وقال النبي محمد عليه الصلاة والسلام: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ".
لذا فان الرئيس ومما كان نوع رئاسته ،سواء رئيس الدولة او رئاسة الرجل لأهل بيته أو مسؤولية المرآة على أسرتها او مسؤولية العبد في مال سيده أو مسؤولية الخادم في بيت خادمه، كلها مسؤوليات توجب الشعور بأهميتها وإخلاص فيها .
2.الإخلاص في العمل وإتقانه :
من مبادئ الإدارة الحديثة :الدقة والإتقان والإخلاص في العمل من أجل تحقيق أفضل الأرباح  وأعظم الإنجازات بأقل التكاليف والخسائر ، وهذا المبدأ هو خلق إداري إسلامي أمر به الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم ، حيث قال النبي محمد عليه الصلاة والسلام :" من غش فليس منا " ،فالغش أمر من الأمور المرفوضة المكروهة المنبوذة في الإسلام لأنه يفسد العمل ويخرب العلاقات الانسانيه والانتاجيه معا.
و قال النبي محمد عليه الصلاة والسلام:" ان الله يحب اذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه" وقال:" ان الله يحب من العامل إذا عمل أن يحسن " رواه البيهقي ،ورواه ابو يعلى والعسكري.
والإخلاص أيضا في تولي مسؤوليه الأفراد أمر حضت عليه السنة المطهرة وحذرت من التفريط فيه ، قال النبي محمد عليه الصلاة والسلام:" أيما رجل استعمل على عشرة أنفس علم أن في العشرة أفضل ممن استعمل ،فقد غش الله وغش رسوله وغش جماعه المسلمين " رواة أبو داوود الترمذي والحاكم وأحمد بروايات مختلفة .
3.الامانة:
الأمانة خلق عظيم وتطبيقه في مجال الإدارة أعظم لأن الشخص الأمين الصادق هو عون للمؤسسة أو المنظمة وهو رافد من روافد العمل الإداري الناجح ، ويدخل في نفس الرئيس الطمأنينة من ناحية مرؤوسه الأمين ، وفي هذا الإطار يقول النبي محمد عليه الصلاة والسلام:" اعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فإنه يراك " رواه مسلم.
فمن علم أن الله يراقبه أصلح عمله وأتقنه .
4.الكفآة :
الكفآة من أهم مبادئ الإدارة الحديثة حيث تسعى النظم الادارية المعاصرة إلى البحث عن الرجل المناسب ليوضع في المكان المناسب من خلال توافر شروط معينه وصفات خاصة فيه تساعدة وتساعد إدارته على النجاح في العمل وتحقيق أفضل معدلات التفوق والتطور الإداري.
والإسلام لم يغفل عن مبدأ الكفاءة بل انه سبق الانظمة الادارية الحديث إليه حيث كان النبي محمد عليه الصلاة والسلام يستخدم ويستعمل القوي الأمين الشجاع الذي يخاف الله ويتقه ،العادل ،الصادق صاحب الاستقامة ، المتمتع بالخلق القويم وسعه العلم والجدارة والنزاهة ، ولم يكن يولي أحدا إلا بعد استيثاقه من توافر هذة الصفات فيه .
فقد جعل وزيريه أبي بكر وعمر، وكان القائد في غزوة بدر وأحد حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، وقبل هجرته بعث مصعب بن عمير ليكون سفيره إلى المدينة وأطلعهم على الاسلام وأسلم الكثير من أهل المدينة، وفي غزوة الأحزاب جعل رئيس حرس الخندق علي بن أبي طالب، وكلذلك أعطاه الراية يو خيبر ، وغير ذلك من الأمور التي كان يوليها النبي محمد عليه الصلاة والسلام للأكفاء.
5. القيادة الشورية :
طبَّق النبي النبي محمد عليه الصلاة والسلام الأسلوب الاستشاري في قيادة الدولة ،حيث كان يشاور أصحابه من أهل الرأي والحكمة وأصحاب العقل والعلم ويأخذ برأيهم في كثير من الأمور ، فقد شاور النبي محمد عليه الصلاة والسلام أصحابه بأسرى بدر وأخذ برأي أبي بكر بافتداء الأسرى وكذلك استجاب لرأي الأكثرية من الصحابة في الخروج يوم أحد ، وأخذ النبي محمد عليه الصلاة والسلام برأي سعد بن معاذ وسعد بن عبادة عندما أشاروا عليه بعدم مصالحه رؤوسا غطفان،والأمثلة كثيرة من سيرته العطرة عليه أفضل الصلاة وأتم التسيلم.
وتشير الدراسات الادارية الحديثة الى  أن أفضل أنواع الإدارة والقيادة هو الإدارة الشورية التي كان يطبقها النبي محمد عليه الصلاة والسلام.
6.تقسيم العمل :
إن تقسيم العمل وتخصيص الواجبات وتحديد المسؤوليات هو عمل إداري ناضج متطور لأنه بغير ذلك تدب الفوضى في أوصال الجهاز الإداري فعندها لا يعود أحد يعرف واجبه ومسؤولياته مما ينعكس سلبا على الأداء والإنتاج ، ورسولنا الكريم النبي محمد عليه الصلاة والسلام كان يخصص الواجبات ويقسم العمل على أصحابه ليقوم كل واحد منهم بواجبه خير قيام.
 ومن أمثلة ذلك هو كُتَّاب الوحي الذين كان عددهم حوالي (42) كاتبا ، وكان كل واحد منهم له عمل مختلف عن الآخر يؤديه ويقوم به .  
7.العدالة بين المرؤوسين:
العدالة بين المرؤوسين من أسس الإسلام العظيمة ومن مبادئه القويمة وهو مبدأ هام من مبادئ الإدارة ،حيث ان العدالة بين المرؤوسين تحقق نتائج مذهلة في الأداء حيث ترتفع معنويات العاملين ويقبلون على العمل بمحبة وشغف ويشعرون أن حقوقهم محفوظة وبأن هناك من يرعاها ويصونها لهم، وبأن المجتهد سوف ينال نصيبه وإن حق لن يضيع ، قال النبي محمد عليه الصلاة والسلام:"من ولي من أمر المسلمين شيئا فأمَّر عليهم أحدا محاباة فعليه لعنه الله ، ولا يقبل منه صرفا ولا عدلا حتى يدخله جهنم " أخرجه الحاكم وصححه .
8.الاهتمام بالمرؤوسين : 
اهتم الرسول النبي محمد عليه الصلاة والسلام بحاجات عماله ومرؤوسيه وقادته الروحية والنفسية والجسدية والمادية ،وذلك لكي يعطي ويبذل أقصى ما عنده من طاقة ولتكون نفسه مرتاحة مطمئنة على أهله وماله وولده حيث يقول النبي محمد عليه الصلاة والسلام:"من ولي لنا عملا وليس له منزل فليتخذ منزلا أو ليس له زوجة فليتزوج أو ليس له دابة فليتخذ دابة" ومعنى الحديث: أن من ولي لنا عملا ولم يكن عنده منزل نعطيه منزلا، وإن لم يكن متزوجا نساعده على الزواج وتكاليفه، والذي ليس عنده دابة وهي وسيلة النقل آنذاك، فإنا نعطيه دابة ونساعده على شراء أحدها، وفي هذا اعتمام بالمرؤوسين وحاجاتهم ليكونوا مكتفين ذاتيا، حتى لا ينجرفوا بالانحراف عن أخلاقيات وواجبات عملهم.
وقال أيضا :" من كان لنا عاملا ولم يكن له مسكن فليتخذ مسكنا " رواه أبو داوود .
وهذا ما تسعى إليه النظم الادارية الحديثة من حيث توفير المسكن المناسب للموظفين وإعطاء الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي والرعاية الاسرية والاجتماعية لهم ولعائلاتهم .
ونرى ان الإسلام قد سبق هذه النظم بمئات السنين في تحقيق وتطبيق أغلى أمنيات الفرد في مجال الإدارة والأعمال.
9.طاعة الرئيس واحترامه :
لأن فيها دوام للعمل  واستمرار للعطاء والإنتاج ،فالإسلام لم ينظر إلى الصور والأشكال بل نظر إلى العقل والفكر والقلب ومحتواهما ،وأمر بطاعة الأمير والمدير والرئيس والقائد مهما كان لونه أو شكله ما دام يطيع الله ويخافه،قال النبي محمد عليه الصلاة والسلام:" اسمعوا وأطيعوا ولو أُمِّر عليكم عبد حبشي رأسه كزبيبه" . وهذه الطاعة تنتهي عندما يأمرك رئيسك بأمر فيه معصية الله فلا يجوز طاعته، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، كالغش وتقبل الرشوة والتلاعب بالرواتب والميزانية والصادرات والواردات، و غيير ذلك.
إن ما سبق ذكره من مبادئ الإدارة في القرآن الكريم والسنة المطهرة هو فيض من غيض وقليل من كثير يصعب على المرء الاحاطه به لأنها كلمات الله التي وسعت كل شيء وكلمات رسوله الكريم التي جاءت مفصلة لكل نواحي الحياة الانسانية.
إن الإدارة الاسلامية هي إدارة عصرية متطورة ذات نظرة مستقبلية ثاقبة،لأن الإدارة الحديثة تسعى جاهدة لتطبيق ما نجحت بتطبيقه الإدارة  الاسلامية على يد القائد الإداري الأول النبي محمد عليه الصلاة والسلام الذي كان يتلقى التوجيهات من لدن رب العالمين الذي أحاط بكل شيء علما ،فكيف يعتريها النقص أو التقصير.
ان مبادئ الإدارة الاسلامية هي عبارة عن دساتير ونظم إدارية دائمة متجددة لا غنى للإدارة العصرية عن الاسترشاد  والاهتداء بها  مهما تطورت وتحدثت.

 المصادر والمراجع:
-فوزي كمال ادهم ، الإدارة الاسلاميه ، دار النفائس ، 2001 .
-حزام بن ماطر المطيري ،الإدارة الاسلاميه المنهج والممارسة ،مكتبه الرشد ،الرياض ،2004.
-محمد سليم العوا ، في النظام السياسي للدولة الاسلاميه ، المكتب المصري الحديث ، ط3 ،1979.
-نزار عبد اللطيف الحديثي ، محاضرات في التاريخ العربي،بغداد 1979.
-المجلة الثقافية ،العدد 70،أيار 2007 ،الجامعة الاردنيه ،عمان .
-زهاء الدين عبيدات ،القيادة والإدارة التربوية في الإسلام ، دار البيارق ، عمان ، 2001.
-علي محمد منصور ، مبادئ الإدارة (الأسس والمفاهيم )، مجموعه النيل العربية ، القاهرة، 1999.
-أحمد عبد ربه بصبوص ، فن القيادة في الإسلام ، مكتبة المنار،  الزرقاء الأردن ، 1989 .
-محمد عبد الفتاح ياغي ، الأخلاقيات في الإدارة ، عمان ، 1995.
-توفيق سلطان اليوزبكي، دراسات في النظم العربية والإسلامية ،جامعه الموصل ،1988.