Sunday, March 30, 2014

الاجتماع والوحدة ونبذ التفرق والتشتت

الاجتماع والوحدة ونبذ التفرق والتشتت:
(ياأيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون ولتكن منكم أمة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم) [سورة آل عمران:100 ــ 105].
الآيات ترشد إلى عدة نقاط وهي:
- تقدير الأعداء لمكانة الجماعة والاجتماع، والوحدة والاتحاد، ولهذا يعملون على تقويضها لدى المسلمين، ويسعون في سبيل ذلك سعياً حثيثاً.
- أن من وسائل الأعداء الخبيئة والخبيثة في حرب المسلمين؛ ضرب وحدتهم وتفتيت جماعتهم، وذلك ببعث نوازع الفرقة بينهم؛ من اختلافات دينية أوطائفية أومذهبية أوعرقية أوقومية أوتاريخية أوغيرها.
- أن الفرقة من دعاوى الجاهلية ومن الكفر، فعبَّر عن الترابط بالإيمان، وعن الاختلاف بالكفر، وفي الحديث: التارك لدينه المفارق للجماعة.
- الحذر الحذر من تحقيق مقاصد الأعداء في تفريق كلمة المسلمين، فيتم ذلك بأيدٍ مسلمة، كما قالوا في حكمتهم: الشجرة إنما يقطعها أحد أغصانها، فنكون كالذين يُخربون بيوتهم بأيديهم، وينوبون عن أعدائهم في مهمتهم!
- أن الاعتصام والاجتماع منّة من الله تعالى على عباده تتحق بطاعته وطاعة رسوله والاستمساك بحبله المتين، وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
- النهي عن التشبه بالأمم السابقة في التفرق والاختلاف، وهذا الأمر كثر الحديث عنه في القرآن الكريم.
- اختلاف الأجناس والألوان والأوطان واللغات والطبقات والثقافات ليس بالضرورة عامل تفريق وتنازع بقدر ما هو عامل تعارف وتكامل وتكافل وإثراء.
 فالله لم ينهنا عن الانتساب لقبائلنا وأوطاننا ونحو ذلك.
 وإنما نهانا عن التعصب لها، وأن تكون هي معيار الصواب والخطأ، وأساس الولاء والبراء، وأساس ذلك الإيمان والعمل الصالح: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) [سورة الحجرات: 13].
- من أبشع أنواع الافتراق، الافتراق بعد معرفة الحق، وهذه علامة الهوى، ودلالة العجب، وشارة البطر: أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم. وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم غاب بشخصه فهو موجود بهديه وسنته.
- التنازع يُشغل الأمة بنفسها عن مهمتها الرسالية في الدعوة إلى الخير، (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير..).
وقال تعالى: (وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين) [سورة الأنفال: 46]. هذه الآية تأتي ضمن عوامل النصر الحقيقية: من الثبات وذكر الله وطاعة الله ورسوله وتجنب الشقاق والنزاع والصبر، والحذر من البطر والرياء.
فواضح جدا أن التنازع هو أحد أسباب الهزيمة الرئيسة، كما أن تجنبه من أسباب النصر الرئيسة.
 ولا يتنازع الناس إلا بسبب تعدد القيادات، وبسبب الهوى، حينما يجعل كل واحد من نفسه قائداً وموجهاً ولا يقبل من غيره ذلك، ثم يركبه الهوى في تحسين ذاته ونفسه، فيرى من نفسه الحق المطلق، أما مجرد اختلاف أوجه النظر في المسألة الواحدة فليس من أسباب التنازع، لو تجرد صاحب النظر عن الهوى والإعجاب بالنفس.
فإذا وقع التنازع بسبب الهوى والعُجب تغيرت النفوس، وخُدش صفاء الأخوة، فكان الانتصار للنفس لا للحق والصواب، وللذات لا للجماعة والأمة، فتذهب القوى بتشتيتها، وتضعف بتمزيقها، فلو وقعت الهزيمة لم يكن أمراً عجباً (قل هو من عند أنفسكم) [سورة آل عمران: 165].
بل العجب أن يكون النصر مع وجود هذا التنازع، أو غيره من عوامل الهزيمة.
ولنا في غزوة أحد عبر وعبر..

والله أعلم.

Saturday, March 29, 2014

قم فأنذر: وقفة تدبر وتأمل

(قم فأنذر) /المدثر:2/

(قم) أمر بالنهوض من السبات، والصعود للأعالي من وهاد الانحطاط، والترفع عن الدنايا إلى معالي الأمور.
(قم) تحتاج لهمة ترتفع بها من مستنقعات الرذيلة، وتستنهض بها نفسك من ظلمات الخطيئة، وتتزود بها وقودا للنجاح في الأمور الدنيوية والأخروية.
(قم) تتطلب منك النظر البصير الصحيح لما يجري في نفسك فتنزع عنها سيئات الأخلاق، وأوساخ الخطيئات، وتتطلب منك النظر لما حولك لترى الأخطاء فتتجنبها وتصلحها بـ(فأنذر)

(أنذر)
دعوة لرفض الفساد الخلقي والفساد الفكري والفساد السياسي والاجتماعي.
دعوة لتحرير الإنسان من أغلال الأخلاق المنحطة، ومن قيود الظلم الضيقة، ومن تقاليد المجتمع الظالمة.
أنذر الآخرين بالإيمان الصحيح وادعوهم لله تعالى وتقرب لهم بقدوة حسنة تحبب لهم دعوتك وتيسر لهم النهوض مما هم فيه.
أنذر القلب بأن تعلقه مع غير الله لا يفيد، وانذر النفس بأن استرسالها في الشهوات لا ينفع، وأنذر العقل بأن إلحاده لا يستمر.
أنذر نفسك بوجود الله وكمال قدرته وعلمه.
وأنذر أهلك بالسير على الطريق المستقيم.
وأنذر مجتمعك بالالتفاف حول معين القرآن الكريم.

(قم فأنذر)
فيها الشجاعة في قول الحق ، والوقوف بوجه الظلم.
فيها مجابهة المستبد والمنحرف ملك رئيسعالم سوء
بين (قم) و(أنذر) (فاء) وهي تدل على توالي العمل وتتابع الفعل، فلا راحة ولا ضياع وقت،فالأمر جد لا هزل فيه، والأمر صعب يحتاج لجهد، والأمر يعترضه عقبات تحتاج لإرادة وثبات لمواجهتها .

(قم فأنذر)
استجماع للقوة في محاربة العقائد الباطلة، والعادات الظالمة، والانقيادات للقادة المستبدة
(قم فأنذر)
وقوف بوجه الزعماء من ملوك ورؤساء ظالمين،سلبوا حريات الآخرين،وأودعوا المصلحين في ظلام السجون، وحاربوا الداعين للحق باتهامهم بالتخوين والإرهاب، وقاموا أمر الله بإتباعهم للنزوات والشهوات والمصالح الشخصية.

(قم فأنذر) من دون خوف،من دون رهبة، من دون تلكؤ، من دون تباطؤ، من دون تمهل.

(قم فأنذر)
بقوة وشجاعة، بحكمة وتعقل، برحمة وعطف، بحنان ورفق، بمسؤولية واعتدال.

حينما تشعر بالآلام تصيبك ، وبالأوجاع تدهمك فتذكر (قم فأنذر)
حينما تركن للراحة وتستسلم لليأس فتأمل في (قم فأنذر)

حينما تشعر بجنود الباطل وأعوان الظالم تتبعك وتهاجمك فقف أمامهم بمعاني(قم فأنذر).

Thursday, March 27, 2014

(يا أيها المدثر) وقفة تأملية



(يا أيها المدثر) /المدثر:1/
نداء من الله الكريم للرسول الرحيم، نداء لبث الرحمة ونشر العلم ونثر المعرفة.
نداء لترك الأوثان الحجرية، والأوثان البشرية، والأوثان الفكرية.
نداء للسير في طريق الحق، والمشي في درب الصراط .
نداء تتصل فيه الأرض بالسماء، ويلتف حوله أخيار الأرض، ويطوف به المصطفين للدعوة ولنشر الخير.

(يا) تصل كلمة الله بقلب الرسول وعقله لينشرها بين أصحابه ويبلغها للعالمين .

(أيها) منادى للرفع من شأنه والتسامي به عن رجال الأرض المنغمسين في مصالح الدنيا التي لا تساوي جناح بعوضة، والارتفاع به إلى (قاب قوسين أو أدنى)

(المدثر) الذي تدثر لجلال سماعه لكلمات الله، وأحس بجبروت الله، ولامس رحمة الله، التي بعثت به حالة نزعت عنه آثار الدنيا ليتصل بحقائق الآخرة، وأخذت به من وهم هذه الحياة ليرى حقيقة الحياة الآخرة.

(يا أيها المدثر)
اتصال ما بعده انفصال، تقوية لروابط الإيمان، وشد لحبل الإسلام.
ارتقاء من مستنقعات الأخلاق الوضيعة لأعالي الأخلاق الرفيعة
سمو بالروح من ملصقات التراب للارتقاء بعالم الحقيقة والكمال.

(يا أيها المدثر)
تنبيه لأولي الألباب بأن جند الحق تتغلب على جند الباطل.
إشارة لأولي الأبصار أن نور العلم متغلب على ظلام الجهل.
إيماء لأولي العلم أنه بدون العبادة والتعلق بالله لا معنى للعلوم والمعارف.
لفتة لقوم يعقلون بأن الله يختار من عباده لنصرة الحق ونشر الإسلام وأنه لا نصرة للباطل مهما ظهر فلا بد أن يزول.

(يا أيها المدثر)  
بلاغ للعالم أن يلتذ بكلام الله ويستعذب آيات الله ويتفكر بالقرآن ويتدبره.
بيان للعالم أن العلم بلا تقوى ولا رحمة ولا حكمة سلاح خطير يقتل ويفتك وينشر الضرر والأذى  

(يا أيها المدثر)
إضاءة للمسلم بأن لا يمل من ذكر الله وقراءة كلامه، وأن يواظب على تدبر آيات الله، حتى يشعر بعظمة الله وبجلال الله وبجبروت الله وبرحمة الله.

(يا أيها المدثر)
فتح صفحة في حياة المسلم ليتصل بربه بعبادته وبحسن معاملة أهله وبطيب معاملته لمجتمعه، وبتحمل المسؤولية، والوقوف مع المصلحين ضد المفسدين، ومعاونة المظلومين.

Friday, March 21, 2014

(الحمد لله) وقفة إيمانية وحقيقة واقعية



(الحمد لله) وقفة إيمانية وحقيقة واقعية :
إن نعم الله التي تغمر الإنسان كل وقته وكل عمره وكل أموره كثيرة وكثيرة جدا، والعاقل من يعترف بذلك فيحمد الله ويشكره، والحمد والشكر آكد على المسلم لأنه يعرف به جيدا ويعلم أن كل ما في الوجود فبفضل الله وكل ما يصيب المسلم فمن الله.
فيقول : الحمد لله ،لأنه عرف أن رحمة الله سارية في سائر العوالم.
 ولقد علمتَ أن كل من أنعم عليه بنعمة يشكر مسديها، فالولد يشكر أبويه على التربية، والضعيف الذليل يشكر القادر الشجاع الذي أنقذه من الذلة، والمتعلم يشكر العالم الذي أسبغ عليه نعمة المعلم.
إن الأمم كالأفراد؛ فإننا نرى كل أمة تمجد وتمدح وتحمد رجالها الذين أفادوها ورقوا صناعتها وتجارتها وثروتها في التاريخ والمجامع، وكذلك شجعانها الأبطال وأبطالها الأقوياء، وكذلك أنبيائها وحكمائها وعلمائها الذين نوروها بنعمة العلم والدين.
فهذه نعم واصلة من المحسنين والشجعان والعلماء إلى الأمم فاستحقوا بذلك الشكر على أفعالهم وأعمالهم وما قدموه.
والشكر يكون:
 بالقلب
 ثم بالجوارح، وأهمها اللسان،
فينطق بالحمد: وهو الثناء بالجميل لأجل النعمة الواصلة بالاختيار من المنعمين.
يجيش في نفس القارئ تلك الرحمات العامة، فيشكر مسديها بقلبه وجوارحه.
وهذه الرحمات قسمان:
1-رحمات واصلة على أيدي الناس: كالوالدين والشجعان والعلماء والأنبياء والمحسنين،
 2-ورحمات واصلة من غيرهم: كإشراق الشمس ونعمة السجاب وجريان الماء وعجائب النبات وجمال الطبيعة وبهاء النجوم، وهذه النعم والرحمات بقسميها ليس لها مصدر إلا الله تعالى.
ولا شك أن الحمد والشكر والثناء إنما يكون للمحسن الحقيقي وهو الله سبحانه وتعالى، صاحب الفضل والجود والكرم.
فإذا مدحنا الوالدين وحمدنا الشجعان وشكرنا العلماء وأثنينا على الأنبياء ، فالحمد والمدح والشكر والثناء لله تعالى لأنه مولي هذه النعم ومعطي هذا الجود.
 ومن تمعن في مخلوقات الله وتدبيره يعظم في قلب المسلم حب الله ويزداد إيمانه ويتملك عليه قلبه وروحه ونفسه.
فالحمد لله أولا وآخرا.
والله أعلم.

Thursday, March 20, 2014

صور ظلم المرأة

صور ظلم المرأة
تُظلم حين تُستخدم سلعةً رخيصة للدعاية والإعلان.
 وتُظلم المرأة حين تُزجُّ في عمل لا يتلاءم مع أنوثتها. أو يُزجُّ بها في مجتمع الرجال.
 تُظلم المرأة حين تُضرب بغير حق, أو تعضل لأدنى سبب, أو يتحرش بها جنسياً, أو تغتصب, أو تستغل في التجارة الجسدية, أو بحرمانها من الحياة الزوجية السعيدة.
 تُظلم المرأة حين يسلب حياؤها ويُعتدى على قيمها ويستهان بروحها وأشراقها. وتخدع بزينة عابرة, وأشكال وأصباغ زائلة.
وتُظلم المرأة حين يُقَصِّر الولي أو المجتمع في تربيتها.
 وتُظلم المرأة حين تعرض للأمراض المختلفة كالزهري والسيلان والإيدز. ونحوها.

ظلمت المرأة حين يتأخر زواجها فتعنس,
 أو تمنع من الحمل والولد فتفلس,
 أو تزوج بغير إذنها وبمن لا ترغب.
 تُظلم المرأة حين يُسخط منها حين تولد, أو تُلعن وتسب حين تكبر.
 تُظلم المرأة حين يغالى في مهرها فيتجاوزها الُخطَّاب إلى غيرها؛ أو تلزم بزوج لا ترغبه, وقد تجبر على زوج فاسد الدين أو سيئ الخلق.
 تُظلم المطلقة في ولدها,حين لا يسمح لها برؤيته وبحقها معه
وقد تُظلم المرأة من أقرب الناس لها.
 تُظلم المرأة بضرتها حين لا يعدل بينهما,
وتُظلم المرأة بإفشاء سرها لاسيما في أمر الفراش و"إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها"(رواه مسلم.
تُظلم المرأة حين يعتدى على مالها بغير حق أو يعتدى على حجابها وحيائها باسم التحضر.
وهناك  صور أخرى لظلم المرأة حين تقصر في طاعة الله, وترتكب المحرمات. وتضيع الأوقات وتسفل في همتها. وتكون الأزياء والموضة غاية مرادها.
تُظلم المرأة حين تختزل حقوقها في قيادة. أو يٌزجُّ بها في خلطةٍ بائسة، أو تجد نفسها في كومة من الفضائيات الساقطة. أو تجر لمواقع عنكبوتية مشبوهة.
تُظلم المرأة حين تهمش رسالتها الخالدة وتُصرف عبوديتها عن الخالق الحق إلى عبادة الأهواء والشهوات, وكم هو وأدٌ للمرأة حين يوحى لها أن نماذج القدوة ساقطاتُ الفكر, عاشقات الشهوة والشهرة.

وإن من أعظم ظلم المرأة أن يُلبس عليها الحق بالباطل ويستبدل الحسن بالقبيح, ويصور لها الحياة والعفة بالرجعية والتطرف على حين يصور لها السفور والاختلاط بالمدنية والانفتاح والتحضر؟
وكم تُظلم المرأة حين يقال لها أن من العيب أن يكفلها أبوها، أو ينفق عليها زوجها, ويلقى في روعها أن (القوامة) القرآنية ضعف وتبعية, وأن عليها أن تكد وتكدح لتتخلص من نفقة الآخرين وقوامتهم.

نعم لقد أصبح العامل الاقتصادي كلّ شيء في ذهن أدعياء تحرير المرأة ,
ولذا تراهم يطالبون لها بأي عمل ويقحمونها في كل ميدان،
 فتظل المسكينة تلهث متناسية أعباءها الأخرى وواجباتها الأسرية المقدسة فلا هي أمٌّ حانية ولا مربيةٌ ناجحة.
حتى إذا ذبلت الزهرة والتفتت الكادحة في - العمل بلا حدود - إلى المحصلة النهائية وجدت نفسها في العراء فلا هي أفلحت في التربية وبناء الأسرة ولا هي خلَّفت جاهاً يذكر وحشمة تشكر, وعادت تندب حظها كما ندبت نساء الغرب والشرق قبلها.
والله أعلم

Tuesday, March 18, 2014

وقفة عند الفروق الشرعية بين المرأة وبين الرجل

وقفة عند الفروق الشرعية بين المرأة وبين الرجل:
إن التغاضي عن الفروق بين الأشياء يؤدي إلى خلل في الحكم وأخطاء في النتائج وانحراف في صحة المراد.
ويقع بهذا التغاضي الكثير ممن بحثوا في شأن المرأة والرجل، وأخذوا يُرغُون ويُزبِدُون في أمور أرادوا بها طمسَ الفطرة ومحو الفوارق الطبيعية بين المرأة والرجل ؛فسقطوا في ظلام من النتائج السقيمة ،وتساقطت حججهم كتساقط أوراق الخريف.
إن العقل يعي ويعرف أن الفوارق ومعرفتها ضرورية في كل شيء في النظر في السموات والأرض وفي فوارق الحيوانات بعضهم عن بعض وفي كافة العلوم والمعارف حتى الفروق في اللغة مادة ضرورية للفهم.
والأولى أن يعي الباحث أو الباحثة في شأن المرأة الفوارق بين المرأة والرجل حتى يكون على بينة من أمره ووضوح في رؤيته.
ومثل الفوارق الطبيعية الفوارق الشرعية إذ أن الفروق الشرعية مرتبطة بالفروق الطبيعية ومتعانقة معها الشرعية إلا من الفروق الطبيعية بين الرجل والمرأة،ولم تأت الفروق الطبيعية إلا من الفروق الطبيعية.    
إن الفروق الشرعية بين المرأة وبين الرجل من هذا الباب الذي استطاع منه أعداء الله سبحانه وتعالى أن يرموا سهامهم ويشككوا المسلم بإسلامه .
ويظن المسلم أن الإسلام يظلم المرأة من خلال هذه الفروق.
 علماً أن الأمر مبني على العدالة وعلى مراعاة الحال وليس انتقاصا من المرأة أو انتهاكها .
 فعلى سبيل المثال في قضية الميراث ، قال الله سبحانه وتعالى (( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ اثنين ))  .
 ورب سائل يسأل لماذا لا يكون حظ الأنثى كحظ الذكر ؟
لماذا لا تكون المساواة ؟
فيكون جواب العلماء:
 أن المرأة في الإسلام مكفولة عند الأب ،
 مكفولة عند الزوج ،
 مكفولة عند الأخ لا تنفق من مالها وان كانت موسرة ، درهماً واحداً .
 فعلى سبيل المثال ، أخ وأخت  ورثا ثلاثة ألاف دينار ، للأخ ألفان والأخت ألف.
 الأخ شرعا مكلف بالإنفاق على أخته حتى تتزوج وهي لا تنفق من ميراثها درهما واحدا وهو مكلف بالإنفاق على أسرته وعلى ولده وان لم تكن له أسره فعلية أن يسعى في زواج نفسه بالمال الذي يدفعه مقابل الأثاث الذي يشتريه فإذا الأعباء الاقتصادية التي تترتب على الرجل هي أعظم بكثير من الأعباء الاقتصادية التي تطالب بها المرأة .
أما في قضية الطلاق ، ولماذا لا يكون الطلاق بيد المرأة ؟ ولماذا يكون الطلاق في الإسلام بيد الرجل ؟
رد العلماء على هذا من الناحية المادية والناحية الجبلية ((الفطرة)) :
فمن الناحية الاقتصادية والمادية:
 الرجل يعلم انه أذا أطلق لفظ الطلاق فيترتب عليه من الأعباء الاقتصادية الكثير الكثير فهو مطالب إن يدفع مؤخر المهر ويدفع النفقة من مأكل ومشرب ومسكن للزوجة خلال العدة ، وان يدفع النفقة للأولاد حتى يكبروا ، وان ينفق على نفسه ، وان ينفق إذا أراد زواجا من مهر وما إلى ذلك .
 بناء عليه إن الأعباء الاقتصادية الكثيرة تجعل الرجل يفكر ألف مره قبل أن يطلق لفظ الطلاق وإذا أطلقه فإنما يطلقه لشعوره إن الحياة أصبحت جحيما لا يطاق وعند ذلك يتحمل ما يتحمل لفظ هذه الشراكة في الحياة وهي الزواج .
أما من ناحية  الفطرة :
اقتضت حكمة الله تعالى أن تكون المرأة مرهفة الحس شديدة الانفعال سريعة التأثر الأمر الذي يتناسب مع مهمتها في تلبية حاجة الطفل التي لا تحتاج إلى تفكير ، تلبية كاملة ، وهذا من صفات كمالها أنها سريعة التأثر فلو  أوكل الإسلام لفظ الطلاق للمرأة فسرعان ما تطلقه المرأة سريعا في لحظة سوء تفاهم أو كدر في العيش أو حصول أي أمر أخر ذلك لان المرأة معفاة من الأعباء الاقتصادية ولأن الأمر يتناسب وعاطفتها الجياشة .
واقعيا يوجد آلاف الشواهد اليومية بمجرد أن تشعر المرأة بضيق تطلب من الرجل تطليقها ، فكيف لو كان لفظ الطلاق معلقا بها لهدمت أسر لا عد لها ولا حصر. 

أما في قضية الشهادة قال الله سبحانه وتعالى (( واستشهدوا شهيدين من رجالكم فأن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل احد أهما فتذكر أحداهما الأخرى )) .
ورب سائل يسال ، لماذا يكون هذا ؟ لماذا تكون شهادة الرجل الواحد تعدل شهادة امرأتين ؟
رد العلماء فقالوا:
 الشهادة إما تكون خاصة بالنساء وإما إن تكون في الحدود .
مثلا إذا كانت خاصة بالنساء لإثبات الرضاعة ، لإثبات الثيوبه أو البكارة ، لإثبات العيوب الجنسية ، وهذا أمر معلق بالنساء ، شهادة المرأة الواحدة فيه تكفيه .
على سبيل المثال: رجل تزوج امرأة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقالت لها امرأة إني أرضعتكما معا عندها ذهبوا إلى النبي عليه الصلاة والسلام وذكروا له الأمر فقال (( كيف وقد قيل )) رواه البخاري ومسلم .
 أي لابد من الفرقة بينه وبين المرأة الذي تزوجها بشهادة امرأة واحدة .
 أما فيما يتعلق بالحدود ولطبيعة المرأة كونها شديدة الانفعال والتأثر والغلبة للجانب العاطفي فيها ، فإذا رأت جريمة قتل مثلا ، فإنها تغمض عينيها وقد تهرب أو قد يغمى عليها ، ولاستكمال جانب التحقيق في المسالة احتاج الإسلام إلى أن تكون أخرى بجانبها تذكرها ما خفي عليها عند حصول الجريمة وصدق الله العظيم (( أن تضل أحداهما فتذكر أحداهما الأخرى )).
 فالأمر فيه عدالة وفية مراعاة للحال وفيه استكمال لجانب التحقيق وليس فيه امتهانا ولا انتقاصا كما يقول أعداء الله والإسلام .
 بناء على ما سبق:
 ينبغي على المرأة المسلمة في واقعنا المعاصر أن تدرك ما يخطط لها .
 فقد علم أعداء الإسلام أن قضية المرأة هي قضية الأسرة والمجتمع وبإفساد المرأة إفساد للأسرة والمجتمع .

فعلى من يرغب الكلام عن المرأة في الإسلام أن يعرف الفوارق الشرعية المأخوذة من الفوارق الطبيعية بين الرجل والمرأة، الإسلام دين الفطرة لا يمكن ان يتعارض مع مقتضيات طبيعة المرأة،والإسلام دين الرحمة والعطف واللطف والحكمة، لا يتعارض مع العقل ولا العلم.
وتصرف بعض المسلمين وتعاملهم مع المرأة بما يخالف الشريعة وروح الإسلام فهذا الفعل واللوم يقع على الشخص ولا علاقة بالإسلام به، ويقع على العلماء في تقصيرهم عن أداء التعليم والبلاغ للآخرين.
ويقع على الشخص المخالف لأمر الله وسنة رسوله وهدي القرآن الكريم وسيرة نبيه الكريم إما أن يتشدد العالم والمسلم لدرجة تضييق الخناق وهذا لا يجوز، وإما أن يتسيب ويُلقي الحبل على الغارب وهذا لا يجوز، وخير الأمور اتباع الصراط المستقيم.   
والله الموفق.
والله أعلم.

Sunday, March 16, 2014

إنسانية المرأة في الإسلام وتمتعها بالحقوق والكرامة


إنسانية المرأة في الإسلام وتمتعها بالحقوق والكرامة:
الإسلام دين عظيم، أعرض عن مَن لم يفهمه، أو ذاك الذي يعرفه حقا لكن بالحقد والكراهية ناصبه العداء، أو هذا المخدوع بالغرب وبهرجته وبظاهرية الغرب المزين وهو في الحقيقة يعاني من أمراض اجتماعية فتاكة وأسقام مجتمعية قاتلة وآلام كبيرة وعميقة لا يشعر بها هو أو المفتون به لتكبر الأول وضعف وتخاذل الثاني.
الإسلام من منطلق الفطرة البشرية متوافق مع النفوس متآخ مع الأرواح متعانق مع العلم والمعرفة والمنطق والعقل.
ومن هنا فإن الإسلام أعطى للمرأة إنسانيتها ورفع من شانها ووقف معها مدافعا عنها، مشرعا لها ما يحميها وما يكون درعا لها من عوادي الزمن ومن شهوات الرجال المفسدين ومن أفكار طفولية المغرضين.
ولو أن الذي ينقد الإسلام بتعامله مع المرأة نقده على منهج الإنصاف ودرب الحق وقبول الحقيقة لزال عنه غشاوة الوهم المعشعش في عقله الذي أصابه صدأ الشبهات العقيمة الدليل التي لا وزن لها في ميزان الصواب والقسطاس.

وهنا سؤال يتعلق بالمرأة في الإسلام وهو:   
ما هو حال المرأة في الإسلام وما الذي صنع الإسلام لها ؟
ينبغي على كل امرأة مسلمة وعلى كل مسلم أن يعلم انه لم ولن تعرف المرأة كرامتها إلا في الإسلام فقد  أعاد الإسلام لها إنسانيتها وأعاد لها كرامتها في مواضع كثيرة :
أولاً :- في وحدة الأصل والمنشأ :
قال الله سبحانه وتعالى (( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ))
وكما قال سبحانه وتعالى (( ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحده وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء )).
ثانياً:- وحدة في العمل ووحدة في الجزاء:
 (( فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض ))
كما أعطاها الإسلام الأهلية في التصرف والتملك إذ قال تعالى (( للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن )).
لاكما يفعل مَن لا دين له إذ يفرض على زوجته التي تعمل أن تعطيه راتبها لأنه أذن لها بالعمل، وهذا الأمر ليس له في الإسلام نصيب.

 من الجدير بالذكر أن الإسلام رعى المرأة في أحوالها الثلاثة بنتا وزوجة وأما :

أما كونها بنتا:
 فقد سماها رب العزة هبة وعطاء منه سبحانه وقدمها في الذكر رعاية لأمرها وصدق الله العظيم (( يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور)) .
والجهلة من المسلمين في واقعنا يفعل فعل الجاهلية في تذمره وألمه إذا ولدت له أنثى؛ أو انه يهدد زوجته إذا ولدت له بنتا فهي طالق؛ ونسي هذا الإنسان أن الفعل هو فعل الله سبحانه وتعالى وليس فعل المرأة نفسها ، فليس للمرأة أي ذنب في هذا الأمر وفي هذا العطاء الذي يمنحه رب العزة سبحانه وتعالى .
 ثم ينبغي أن نعلم أن رعاية البنت باب إلى الجنة قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم (( من رزقه الله أنثى ، فلم يؤذها ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها دخل بها الجنة ))  رواه أحمد وأبو داود .
كما قال عليه الصلاة والسلام:
(( من عال جاريتين حتى تبلغا كنت إنا وهو كهاتين في الجنة وجمع بين السبابة والوسطى )) رواة الترمذي ومسلم .

ثم المساواة في العطية إذ أوصى النبي علية الصلاة والسلام (( ساووا بين أولادكم في العطية ولو كنت مفضلا أحد لفضلت بين النساء )) رواة الطبراني .
 كما رعى الإسلام أمر المرأة وهي زوجة ولم يحرم إرادتها في الموافقة أو عدم الموافقة على النكاح:
 يقول النبي عليه الصلاة والسلام:" لا تنكح أي تتزوج الأيم أي الثيب حتى تُسْتَأْمَر أي يطلب أذنها ولا تزوج البكر حتى تُسْتَأْذَن قالوا يا رسول الله كيف إذنها ؟ قال أن تسكت".

 كما بين الرسول صلى الله عليه وسلم إذا أعلنت البنت رفضها فالعقد باطل، على سبيل المثال جاءت إلى النبي علية الصلاة والسلام امرأة تقول (( يا رسول الله أن أبي يريد أن يزوجني من ابن أخيه ليدفع بي خسيسة - فهو أدنى منها حالا ومكانا -فجعل النبي علية الصلاة والسلام الأمر إليها فقالت: أجزت ما فعل أبي ولكن أردت أن تعلم النساء أن ليس للإباء من الأمر شيء".رواه أحمد وأبو داود.

 وقد أوصى الإسلام برعاية الزوجة (( أكمل المؤمنين أحسنهم خلقا ، وخياركم خياركم لنسائهم )) رواة الترمذي .
 وأما أن كانت المرأة أماً فحقها مقدم على حق الوالد بناءاً على قوله صلى الله علية وسلم (( أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك)).
 بل جعل الإسلام الجنة عند قدم المرأة الصالحة أو الأم الصالحة ، ((جاء رجل إلى النبي عليه الصلاة والسلام يسأله عن عمل يدخله الجنة ، قال ألك أم ؟ قال نعم ، قال إلزمها فإن الجنة عند قدمها تكتب لمن ذل لأمة وبر بها )) رواه الطبراني .

ما أعظم الإسلام وما أكبره وما أجله من دين .
وما أعظم محمدا وما أرأفه وما أرحمه من رسول ونبي.

لنرى عاداتنا وتقاليدنا ومعاملتنا مع المرأة فما وافق ما سبق قوله وذكره نقبله وأما ما خالف ذلك من عادات وتقاليد ورؤى وأفكار وتعامل فلنرمه جانبا ونتبع الحق ونسير على هدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.