Monday, December 22, 2014

وسائل الحفاظ على المال العام من التعدي عليه بالاختلاس و غيره من جرائم المال العام

وسائل الحفاظ على المال العام من التعدي عليه بالاختلاس و غيره من جرائم المال العام:

لما كان المال قوام الحياة  وعماد الاقتصاد و مصدر من مصادر قوة الأمة و الأفراد, فقد اعتنى الإسلام بحفظة, ولم يقتصر دلك على إنماءه و استبقاءه بل كان الأمر الأهم هو حفظه قبل تحصيله, بمعنى الاعتناء بمشروعية تملكه و اكتسابه؛ فاكتساب المال بطريق مشروع يعني عدم الاعتداء على حقوق الآخرين في تملكة, و العكس بالعكس, و من ثم انقسمت وسائل الحفاظ على المال إلى قسمين:

أولا : وسائل الحفاظ على المال العام إيجادا وتحصيلا :

1- الحث على السعي لكسب الرزق وتحصيل المعاش:

لقد اعتبر الإسلام السعي لكسب المال -إذا توفرت النية الصالحة وكان بطرق مباحة- ضربا من ضروب العبادة وطريقا للتقرب إلى الله قال تعالى : "هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ".
وقال تعالى : "فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ".

2ـ رفع الإسلام منزلة العمل وأعلى من أقدار العمال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أكل أحد طعاما قط خيرا من عمل يده وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده "  .
- وقرر حق العمل لكل إنسان وجعل من واجب الدولة توفير العمل لمن لا يجده.

- كما قرر كرامة العامل وأوجب الوفاء بحقوقه المادية والمعنوية ، يقول صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه :" ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا ولم يوفه حقه ".

 - وقرر أن أجر العامل يجب أن يفي بحاجياته .
قال -صلى الله عليه وسلم-:"من ولى لنا عملا ولم يكن له زوجة فليتخذ زوجة ومن لم يكن له خادم فليتخذ خادما أو ليس له مسكن فليتخذ مسكنا أو دابة فليتخذ دابة فمن أصاب سوى ذلك فهو غال أو سارق"وهذا ما يطلق عليه حاليا "بمبدأ تحديد الحد الأدنى للأجور" .

3ـ إباحة المعاملات العادلة التي لا ظلم فيها ولا اعتداء على حقوق الآخرين:

ومن أجل ذلك أقر الإسلام أنواعا من العقود كانت موجودة بعد أن نقاها مما كانت تحمله من الظلم ، وذلك كالبيع والإجارة والرهن والشركة وغيرها ، وفتح المجال أمام ما تكشف عنه التجارب الاجتماعية من عقود شريطة أن لا تنطوي على الظلم أو الإجحاف بطرف من الأطراف أو تكون من أكل أموال الناس بالباطل.

ثانيا : وسائل المحافظة على المال بقاء واستمرارا :

1ـ ضبط التصرف في المال بحدود المصلحة العامة:

وقد حرم اكتساب المال بالوسائل غير المشروعة والتي تضر بالآخرين ، ومنها الربا لما له من آثار تخل بالتوازن الاجتماعي ، قال تعالى :(وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا), وقال : (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ).

2ـ تحريم الاعتداء على مال الغير:

بالسرقة أو السطو أو التحايل وشرع العقوبة على ذلك قال تعالى(السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا).

وأوجب الضمان على من أتلف مال غيره قال صلى الله عليه وسلم : " كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ".

3ـ منع إنفاق المال في الوجوه غير المشروعة:

بل حث على إنفاقه في سبل الخير؛ وذلك مبني على قاعدة من أهم قواعد النظام الاقتصادي الإسلامي وهي" أن المال مال الله وأن الفرد مستخلف فيه ووكيل عليه" , قال الله تعالى: (وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) ،(وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ).

ومن ثم كان على صاحب المال أن يتصرف في ماله في حدود ما رسمه له الشرع، فلا يجوز أن يفتن بالمال فيطغى بسببه لأن ذلك عامل فساد ودمار قال-تعالى :(وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا).

 ولا يجوز له أن يبذر في غير طائل قال- تعالى -( إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ).

4ـ سن التشريعات الكفيلة بحفظ أموال القصر:

كالذين لا يحسنون التصرف في أموالهم،كاليتامى والصغار و السفهاء و المجانين؛ و من ثم فقد شرع تنصيب الوصي عليه قال- تعالى-:(وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ).

 وقال -سبحانه-:(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ).
ومن ذلك الحَجر على البالغ إذا كان سيئ التصرف في ماله قال-عز وجل-:(وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا).

وعن قتادة في قوله- سبحانه-:(وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاما):"أمر الله بهذا المال أن يخزن فيحسن خزانته ولا يملكه المرأة السفيهة والغلام السفيه".

5ـ تنظيم التعامل المالي على أساس التراضي والعدل:

ومن ثم قرر الإسلام أن العقود لا تمضي على المتعاقدين إلا إذا كانت عن تراض وعدل ولذلك حرم القمار قال- تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ).
 قال -صلى الله عليه و سلم-:"إنما البيع عن تراض".

6ـ الدعوة إلى تنمية المال واستثماره حتى يؤدي وظيفته الاجتماعية:

وبناء على ذلك حرم الإسلام حبس الأموال عن التداول وحارب ظاهرة الكنز قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ).

فإذا كان حبس المال الحلال المباح من قبل صاحبه يستوجب هدا العقاب الأليم , فكيف بأحد أموال الناس التي لهم فيها حقوق مشروعة و و اجبة ثم حبسها على نفسه بغير حق.

ثالثا: حفظه بفرض عقوبات على إهداره:

وإذا كان الله سبحانه قد شرع أمورا تحفظ المال إيجادا وتحصيلا، وبقاء واستمرارا، فإنه حرَّم الاعتداء على مال الغير بأي نوع من العدوان، وجعله من ظلمات يوم القيامة، ووضع له عقوبات دنيوية بالحد أو التعزير بما يتناسب مع حجم الاعتداء وأهميته، كما حرَّم علينا الاعتداء على الممتلكات العامة التي ليس لها مالك معين، فهي ملك للجميع ولكلّ فيها قدرٌ ما يجب احترامه، والظلم فيه ظلم للغير وللنفس أيضا، والله لا يحب الظالمين، وقد قال-تعالى- في الغنائم التي هي مِلكُ للعامة )وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ).

وفي الصحيحين عن أبي حميد الساعدي -رضي الله عنه-قال: استعمل النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- رجلا من الأَزدِ - يقال له: ابن اللُّتْبِيَّة-على الصدقة ، فلما قَدِم قال : هذا لكم، وهذا أُهدِيَ إليَّ، قال: فقام رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ، فَحَمِدَ الله وأثنى عليه، ثم قال: "أما بعدُ، فإِني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله؛ فيأتي فيقول : هذا لكم، وهذا هدَّيةٌ أُهديت لي، أفلا جلس في بيت أبيه، وأُمه، حتى تأتيَه هَدِيَّتُهُ إن كان صادقا ؟ واللهِ لا يأخذ أَحدٌ منكم شيئا بغير حَقِّه إِلا لَقيَ الله يحمله يوم القيامة، فلا أعرِفَنَّ أحدا منكم لَقيَ الله يَحْمل بعيرا له رُغَاءٌ، أَو بقرة لها خُوارٌ، أو شاة تَيْعَرُ، ثم رفع يديه حتى رُئِيَ بياضُ إِبطَيْهِ، يقول: اللهم هل بلغت؟".

وحذَّر من مجيء هذه الأموال المختلسة شاهد إدانة عليه يوم القيامة يحملها على ظهره ولا مجير له يدافع عنه، كما بيَّن أن من ولي على عمل وأخذ أجره كان ما يأخذه بعد ذلك غلولا.

وبهذه التشريعات كلها حفظ الإسلام المال وصانه عن الفساد حتى يؤدي دوره كقيمة لا غنى عنها في حفظ نظام الحياة الإنسانية، وتحقيق أهدافها الحضارية والإنسانية، شأنه في ذلك شأن كل المصالح السابقة التي تمثل أساس الوجود الإنساني وقوام الحياة الإنسانية ومركز الحضارة البشرية، والتي بدون مراعاتها وحفظ نظامها يخرب العالم وتستحيل الحياة الإنسانية ويقف عطاؤها واستثمارها في هذا الوجود.

قال الشاعر:
شريعة الله للاصلاح عنوان** وكل شيء سوى الإسلام خسران
لما تركنا الهدى حلت بنا محن*** وهاج للظلم والإفساد طوفان
لا تبعثوها لنا رجعية فترى*** باسم الحضارة والتاريخ أوثان
لا حامرابي ولا خوفو يعيد لنا*** مجدا بناه لنا بالعز قرآن
تاريخنا من رسول الله مبدؤه*** وما عداه فلا عز ولا شان
محمد أنقذ الدنيا بدعوته*** ومن هداه لنا روح وريحان
لولاه ظل أبو جهل يضللنا***وتستبيح الدما عبس وذبيان
لا خير في العيش إن كانت مواطننا*** نهبا بأيدي الأعادي أينما كانوا
لا خير في العيش إن كانت حضارتنا*** في كل يوم لها تنهد أركان
لا خير في العيش إن كانت عقيدتنا*** أضحى يزاحمها كفر وعصيان
لا خير في العيش إن كانت مبادؤنا*** جادت علينا بها للكفر أذهان
ها قد تداعى علينا الكفر أجمعه***كما تداعى على الأغنام ذؤبان
والمسلمون جماعات مفرقة *** في كل ناحية ملك وسلطان
مثل السوائم قد سارت بغير هدى ***تقودها للمهاوي السود رعيان
في كل أفق على الإسلام دائرة
*** ينهد من هولها رضوى وثهلان

والله أعلم.

المصادر:

- الطبري, أبو جعفر, محمد بن جرير، جامع البيان في تأويل القرآن.1422هـ-2001م. ت: عبد المحسن التركي.(القاهرة: دار هجر, ط1).
- شحاتة, حسين حسين. الفساد الاقتصادي والإصلاح الإسلامي. نسخة نصية بصيغة word, موقع دار المشورة www.darelmashora.com  /بإشراف د/حسين شحاتة.
- السلمي, عياض بن نامي. شرح مقاصد الشريعة.
- الخادمي, نور الدين بن مختار. الاجتهاد المقاصدي ضوابطه ومجالاته.. ( قطر: وزارة الأوقاف و الشئون الإسلامية, إصدارات كتاب الأمة,ط1, 1419هـ - 1998م).

Friday, December 5, 2014

كفالة الإسلام للمرأة حق التفكير والاعتقاد والحقوق الاجتماعية و الاقتصادية والقانونية

كفالة الإسلام للمرأة حق التفكير والاعتقاد والحقوق الاجتماعية و الاقتصادية والقانونية:

- حق التفكير والاعتقاد:

الخطاب الشرعي لم يميز بين المرأة والرجل في  حق التفكير ،إذ وردت صيغة يا أيها الذين آمنوا 91 مرة في القرآن ، ووردت كذلك صيغة يا أيها الناس 18 مرة .
وفي القرآن الكريم والسنة النبوية أيضا دعوة لكل الناس للتأمل في الوجود والكائنات والاستدلال على وجود الخالق سبحانه قال تعالى: {قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ } سورة يونس ، الآية 101 .

والمرأة كالرجل كذلك في حرية الاعتقاد وليس لأحد إجبارها على اختيار دينها قال تعالى: { لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ .. } سورة البقرة ، من الآية 256 .

فلكمال الإسلام  وقبول الفطرة له لا يحتاج إلى الإكراه عليه ؛ لأن الإكراه إنما يقع على ما تنفر عنه القلوب ويتنافى مع الحقيقة والحق ، أو لما تخفى براهينه وآياته ، وإلا فمن جاءه هذا الدين و رده ولم يقبله فإنه لعناده فإنه قد تبين الرشد من الغي فلم يبق لأحد عذر ولا حجة إذا رده ولم يقبله.

وحرية الاعتقاد هذه في ظل توضيح البشارة بما للمؤمن عند ربه ، والنذارة بعاقبة الكفر ؛ فالله لا يرضى لعباده الكفر، وسيعاقب عليه ( وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً) (الكهف : 29).

فقد كانت المرأة في الجاهلية تسلم وربما بقيت كل أسرتها على الشرك كفاطمة بنت الخطاب التي أسلمت قبل أخيها عمر رضي الله عنهما بل كانت سببا في إسلامه, وأم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط التي أسلمت وبقي أهلها مشركين ، كما أباح الله تعالى للمسلم الزواج من الكتابية ولم يلزمها بتغيير دينها قال تعالى: { الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } سورة المائدة ، الآية 5.

ـ ضمان الإسلام للمرأة كابنة أو زوجة أو أم حقوقها الاجتماعية :  
لم يميز الإسلام بين الولد والبنت على مستوى الحقوق.

فكفل للفتاة نفس ما كفل للفتى وأوجب على الآباء النفقة على الأبناء والحرص على تربيتهم وتعليمهم العلم النافع وتأديبهم على محاسن الأخلاق.

بل جعل الإسلام للبنات على الأبناء الذكور مزيد فضل عندما وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من تولى رعايتهن بالجنة فقال صلى الله عليه وسلم: " من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن وأطعمهن وسقاهن وكساهن من جدته كن له حجابا من النار يوم القيامة " .

كما كرم الإسلام المرأة عندما خيرها في قبول الزوج أو رفضه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" الأيم أحق بنفسها من وليها . والبكر تستأذن في نفسها . وإذنها صماتها ؟ قال : نعم ".
وكرمهن بأن فرض لهن من الحقوق مثل ما عليهن  {..وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ..} سورة البقرة ، من الآية 228 .

وأوجب للمرأة الحق في المهر والنفقة في حدود طاقة الزوج ويسره, ومعاشرتها بالمعروف, والصبر عليها إن ظهر منها ما يسوؤه قال تعالى: { .. وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً } سورة النساء ، الآية 19.
 وأيضا من مظاهر حقوقها : حقوقها عند زوجها ، فلقد قال صلى الله عليه وسلم في أحاديث منها : قوله صلى الله عليه وسلم:" استوصوا بالنساء خيراً ".
وقال صلى الله عليه وسلم:" اللهم إني أُحرج حق الضعيفين : اليتيم ، والمرأة " .
 وقال صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن حق المرأة على الزوج ؟ قال : "أن يطعمها إذا طعم ، ويكسوها إذا اكتسى ، ولا يضرب الوجه ، ولا يقبح ولا يهجر إلا في البيت ".
 وقال صلى الله عليه وسلم:" خياركم خياركم لنسائهم ".
 وقال صلى الله عليه وسلم:" لقد طاف بآل محمد نساء كثير كلهن تشكو زوجها من الضرب !! وأيم الله لا تجدون أولئك خياركم " .
 وقال صلى الله عليه وسلم:" من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل " .

أما الأم المسلمة فهي ريحانة البيت وسيدته التي جعل الله تعالى الجنة تحت قدميها وألزم الأبناء ببرها والإحسان إليها وطاعتها والدعاء لها والنفقة عليها عند الحاجة. قال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً ..} سورة الأحقاف ، من الآية 15، وعن أبي هريرة قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال : (أمك ) . قال : ثم من ؟ قال : ( ثم أمك ) . قال : ثم من ؟ قال : ( ثم أمك ) . قال : ثم من ؟ قال : ( ثم أبوك )..

ـ اهتم الإسلام كذلك بضمان حقوق المرأة الاقتصادية والقانونية:
 فجعل لها ذمة مالية مستقلة فأباح لها اكتساب المال بالطرق المشروعة وحرية التصرف فيه كهبة أو في أمور البيع والشراء ، ومباشرة عقود البيع والشراء والرهن والإجارة والوقف وغيرها ، ولم يلزمها بالنفقة على نفسها أو أبنائها. قال تعالى: {.. لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ .. } سورة النساء ، من الآية 32.

وجعل للمرأة الأهلية الكاملة فلها الحق في إقامة الدعاوى القانونية ويقبل القاضي شهادتها في المنازعات القانونية لقول الله تعالى: {...وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ ... } سورة البقرة ، من الآية 282 .

وكذلك لها الحق في الميراث بما قسم الله:{ لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً }سورة النساء ، الآية 7، وقال تعالى : { يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ ..} سورة النساء ، من الآية 11 ؛ ذلك لأن الرجل مطلوب منه النفقة وتحمل الأعباء والقيام بالتكاليف وهذا سر قوامته ، ولها حق في نصف مهرها إذا طلقت بعد العقد وقبل الدخول ، ولها حق المهر كاملاً حال الزواج . { وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً } سورة النساء ، من الآية 4.

 ومن مظاهر حقوق المرأة في الإسلام: تحريم قتلهن في الحروب و الأطفال والشيوخ .

ومن الرحمة بها مؤاكلتها ومعاشرتها حال حيضها ونفاسها ، لا كما عليه الشأن عند أقوام في الجاهلية وعند اليهود وغيرهم .  
قالت عائشة رضي الله عنها : كنت أشرب من الإناء وأنا حائض ، ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع فيًّ !! . وكان يتكئ في حجرها وهي حائض رضي الله عنها ويقرأ القرآن.

أما حقها في الجهاد والهجرة والإجارة .. فلقد هاجر الصحابيات كما هاجر الصحابة رضي الله عنهم جميعاً . {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا ...} سورة الممتحنة ، من الآية 10.

أما الجهاد : فلهن صور يعز على بعض الرجال الإتيان ببعضها .
مثل أم عطية الأنصارية رضي الله عنها غزت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات تكون في خيمهم وتصنع طعامهم وتداوي جرحاهم .
 وكذا أم سليم بنت ملحان كانت حاملاً يوم حنين ومعها خنجر بيدها فيقول لها النبي صلى الله عليه وسلم :"أم سليم ؟ "وتجيب : بنعم بأبي أنت وأمي يا رسول الله أقتل الذين ينهزمون عنك !! فإنهم لذلك أهل ! ويسألها زوجها أبو طلحة عن الخنجر الذي معها فتقول : اتخذته إن دنا مني أحد من المشركين بقرت بطنه .
وقل مثل ذلك في حق صفية بنت عبد المطلب يوم الأحزاب وأم عمارة وكعيبة الأسلمية وخولة بنت الأزور ونسيبة المازنية !!

ولقد أجارت نسوة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فقبل إجارتها وأمانها.
وهذا من الحقوق السياسة التي تمتعت بها المرأة المسلمة.

ومن تكريم الإسلام للمرأة : أن أنزل سورة في القرآن باسمها ، وجعل الجنة تحت قدميها إن كانت أماً وأوصى بها إحساناً ثلاثاً والأب مرة واحدة ، وبين أن موتها في نفاسها شهادة ، ولها الحق في طرح الرأي والمشورة .
 فقد استشار الحبيب صلى الله عليه وسلم خديجة فأشارت عليه :" والله لا يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق " .
 وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بمشورة أم سلمة في صلح الحديبية فكان رأيها البركة والنور .

والله أعلم
المصادر:
- تكريم المرأة في الإسلام ،  عبدالله بن علي الغامدي.
-حقوق المرأة في الإسلام ، مريم أماوي.
- عمل المرأة في الميزان ، محمد البار.
- دائرة المعارف ، فريد وجدي  .
- درس من التاريخ للإنسان المعاصر،مارك توينبي.
-سير أعلام النبلاء للذهبي.
- المرأة تعليمها وعملها في الشريعة الإسلامية، علي الأنصاري.
- الإسلام وقضايا المرأة المعاصرة، البهي الخولي.

Thursday, December 4, 2014

الإسلام و حق المرأة في الحياة والكرامة الإنسانية والمساواة

الإسلام و حق المرأة في الحياة والكرامة الإنسانية والمساواة:
عن أمّ سلمة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله، إنَّ الله يذكر الرجال في كلّ شيء ولا يذكرنا، فأنزل الله عزَّ وجل: {إِنَّ المُسْلِمِينَ وَالمُسْلِمَات وَالمُؤْمِنِينَ والمُؤمِنَات}.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (إنما النساء شقائق الرجال). 
عندما اعتبرت اليهودية المحرفة المرأة سبباً في إغواء آدم عليه السلام وطرده من الجنة. واعتبرت إحدى المجامع المسيحية المرأة إنسانا بروح شريرة .
فإن الإسلام كرَّم المرأة وأعلى شأنها ورفع قدرها وأعطاها حقوقها.

حكم الله تعالى على عرب الجاهلية بالجهالة والضلال لأنهم رفضوا وجود المرأة في الحياة{وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59)}[النحل: 58، 59].

كما جعل الله المرأة والرجل سواء في أصل التكريم الرباني في الوجود والإنعام قال تعالى: { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً } سورة الإسراء ، الآية 70 .
 وأكد الله تعالى كذلك اشتراكهم في أصل الإنسانية قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }سورة النساء ، الآية 16.

فيكون ابتدءا من واجب كل امرأة مسلمة أن لا تشعر بأنها كائن ناقص أو عديم النفع لأنها مكرمة من قبل الله الذي شرع لها ما يناسب تكوينها الخلقي والنفسي كالرجل الذي شرع له الله ما يناسب تكوينه الخلقي والنفسي .
والمرأة في الإسلام مساوية للرجل في الأجر على الأعمال الصالحة : {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }سورة النحل ، الآية 97، وقال سبحانه: {وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } سورة التوبة، الآية 72 .
وقال صلى الله عليه وسلم مبيناً عظم أجر المؤمنة إن هي قامت بحق زوجها :" إذا صلت المرأة خمسها ، وصامت شهرها ، وحصنت فرجها ، وأطاعت بعلها ؛ دخلت من أي أبواب الجنة شاءت". وإن أبواب وسبل دخول المرأة المؤمنة الجنة لهي أيسر وأقرب بكثير من الرجل .

وكذلك المرأة في الإسلام مساوية للرجل في إقامة الحدود عليها كما على الرجل حال السرقة والزنى والقذف وشرب الخمر ونحو ذلك قال عليه الصلاة والسلام: " وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ".

وكذلك المرأة في الإسلام مساوية للرجل في الموالاة والتناصر .. قال سبحانه وتعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } سورة التوبة، الآية 71.

وكذلك المرأة في الإسلام مساوية للرجل في التعلم، فقد خصص رسول الله عليه الصلاة والسلام للنساء يوما يعلمهنَّ أمور دينهن...

و عن أسماء بنت يزيد الأنصارية أنها رأت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بين أصحابه فقالت: بأبي أنت وأمين إني وافدةٌ من النساء إليك، واعلم نفسي لك الفداء، أما إنه ما من امرأةٍ كائنة في شرق ولا غربٍ سمعت بمخرجي هذا أو لم تسمع إلا وهي على مثل رأيي؛ إنَّ الله بعثك بالحق إلى الرجال والنساء، فآمنّا بك وبإلهك الذي أرسلك، وإنَّا معشر النساء محصوراتٌ مقصورات، قواعد بيوتكم، ومقضى شهواتكم، وحاملات أولادكم، وإنكم معاشر الرجال فُضِّلتم علينا بالجمعة والجماعات، وعيادة المرضى، وشهود الجنائز، والحجّ بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله، وإنّ الرجل منكم إذا أخرج حاجّاً أو معتمراً ومرابطاً حفظنا لكم أموالكم، وغزلنا لكم أثواباً، وربّينا لكم أولادكم، فما نشارككم في الأجر يا رسول الله؟ فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بوجهه كلّه ثمّ قال: "هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مسألتها في أمر دينها من هذه؟" فقالوا: يا رسول الله ما ظننّا أنَّ امرأة تهتدي إلى مثل هذا، فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إليها ثمّ قال لها: "انصرفي أيتها المرأة واعلمي من خلفك من النساء أنَّ حُسن تبَعُّل إحداكنَّ لزوجها وطلبها مرضاته، واتباعها موافقته، تعدل ذلك كلّه". فأدبرت المرأة وهي تهلّل وتكبّر استبشاراً.

وكذلك المرأة في الإسلام مساوية للرجل في الاستشارة،كما كان النبي  عليه الصلاة والسلام يستشير أم سلمة أم المؤمنين، وأما حديث(شاوروهن وخالفوهن) فهو كلام موضوع ومكذوب عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وكذلك المرأة في الإسلام مساوية للرجل في التعليم والتدريس.
كال السيدة عائشة يأتيها كبار الصحابة ليسألوها عن الفقه والحديث والسيرة ويستفتونها فتفتيهم.
وكانت السيدة نفيسة فقد كان لها حلقة علم في الفقه والأدب والحديث والتاريخ وغيرها من العلوم وقد كان يحضرها كبار الشعراء والأدباء والفقهاء منهم الإمام الشافعي.
وتروي زينب ابنة أخيها يحيى المتوج قائلة:  كانت عمتي تحفَظ القرآن وتفسِّره.

وكذلك المرأة في الإسلام مساوية للرجل في العمل كالغزل والنسج والخرز والخياطة إلى جانب أعمالها بشؤون بيتها، وتعلّمها أمور دينها.
عن عائشة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "علِّمُوهُنَّ الغَزْلَ وَسُورَةَ النُّور".
وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال جاءت امرأة ببردة، قال سهل هل تدري ما البُردة؟ قال: نعم، هي الشّملة منسوجٌ في حاشيتها، قالت: يا رسول الله، إني نسجت هذه بيدي أكسوكها، فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكذلك المرأة في الإسلام مساوية للرجل في التجارة،كما كانت السيدة خديجة بنت خويلد أم المؤمنين.

وكذلك المرأة في الإسلام مساوية للرجل في التطبيب، عن الشفاء بنت عبد الله قالت: دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا عند حفصة فقال صلى الله عليه وسلم: "ألا تُعَلِّمينَ هذه رُقْيَةَ النّمْلَةِ كما عَلَّمْتِيها الكِتَابة؟"

وكذلك المرأة في الإسلام مساوية للرجل في الدعوة إلى الله، فقد كانت أمّ شريك غزية بنت جابر بن حكيم الدوسية بعد أن أسلمت وهي بمكة، تدخل على نساء قريش سرَّاً فتدعوهنَّ وترغّبهنَّ في الإسلام، حتى ظهر أمرها لأهل مكة فاضطهدوها وعذّبوها. 

إذن شاركت المرأة في كل المجالات وكانت تعتبر هذه المشاركة من صميم واجبها.
 ففي ميدان الإيمان كانت خديجة رضي الله عنها أول من دخل في الإسلام.
 و في ميدان الجهاد كانت سمية أول من استشهد في سبيل الله.
وفي الهجرة إلى الحبشة هاجرت المرأة وصبرت.
 وفي بيعة العقبة بايعت المرأة .
وشاركت في هجرة النبي صلى الله عليه وسلم شاركت المرأة في شخص أسماء التي قامت بدور هام في هذا الحدث التاريخي مع كونها متزوجة وحامل.
وهاجرت بعدها إلى المدينة مع المهاجرات حتى وضعت في مشارف المدينة (قباء). وهاجرت أم سلمه بعد أن تفنن أهلها في حبسها والتضييق عليها والتفريق بينها وبين زوجها وولدها.
وهذه نسيبة تدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحد بينما انهزم كثير من الرجال وأم سليم في حنين ثابتة قرب النبي صلى الله عليه وسلم وقد فر الرجال".

وكل ذلك كان بضوابط شرعية غير مخالفة للشريعة الإسلامية ومتوافقة مع الفطرة الإنسانية البشرية، من غير أن تُقصِر في أعمال بيتها ورعاية أولادها وأسرتها.

إن قضية المساواة في الإسلام تطرح من خلال ميزان العدل بين الرجل والمرأة الذين خلقهما الله بخصائص مميزة لكل منهما؛حتى يكمل أحدهما دور الآخر فتسير الحياة بتوازن بديع ؟!
كتب الدكتور (الكسيس كيريل) الحائز على جائزة نوبل للعلم- وهو يبين الفارق العضوي بين الرجل والمرأة- يقول: " إن الأمور التي تفرق بين الرجل والمرأة لا تتحدد في الأشكال الخاصة بأعضائها الجنسية والرحم والحمل ، وهي لا تتحدد أيضا في اختلاف طرق تعليمهما ؛ بل إن هذه الفوارق هي ذات طبيعة أساسية ؛ من اختلاف الأنسجة في جسم كليهما ؛ كما أن (المرأة) تختلف عن (الرجل) كليا في المادة الكيماوية التي تفرز من مبيض الرحم داخل جسمها. والذين ينادون بمساواة الجنس اللطيف بالرجل يجهلون هذه الفوارق الأساسية ، فيدعون أنه لابد أن يكون لهما نوع واحد من التعليم والمسئوليات والوظائف. ولكن المرأة في الواقع تختلف عن الرجل كل الاختلاف ؛ فكل خلية من جسمها تحمل طابعا أنثويا ، وهكذا تكون أعضاؤها المختلفة بل وأكثر من ذلك هذه هي حال نظامها العصبي.
إن قوانين وظائف الأعضاء محدودة ومنضبطة كقوانين الفلك ، حيث لا يملك إحداث أدنى تغيير فيهما بمجرد الأمنيات البشرية ، وعلينا أن نسلم بها كما هي ، دون أن نسعى إلى ما هو غير طبيعي ، وعلى النساء أن يقمن بتنمية مواهبهن بناء على طبيعتهن الفطرية ، وأن يبتعدن عن تقليد الرجال"انتهى كلامه.
مؤرخ مشهور اسمه : توينبي يقول تحت عنوان [درس من التاريخ للإنسان المعاصر]: " لقد فشلت جميع جهودنا لحل مشكلاتنا بوسائل مادية بحتة، وأصبحت مشروعاتنا الجزئية موضع سخرية!!.
إننا ندّعي أننا خطونا عدة خطوات كبيرة في استخدام الآلات وتوفير الأيدي العاملة، ولكن إحدى النتائج الغريبة لهذا التقدم: تحميل المرأة فوق طاقتها من العمل. وهذا ما لم نشهده من قبل، فالزوجات في أمريكا لا يستطعن أن ينصرفن إلى أعمال البيت كما يجب.
إن امرأة اليوم لها عملان: العمل الأول من حيث هي عاملة في الإدارات والمصانع، والعمل الثاني عملها في منزلها ، وقد كانت المرأة الإنجليزية تقوم بهذا العمل الثنائي، فلم تر الخير من وراء عملها المرهق، إذ أثبت التاريخ أن عصور الانحطاط هي تلك العصور التي تركت فيها المرأة البيت". انتهى كلامه.
يقول سامويل سمايلس - وهو من أركان النهضة الإنجليزية : " إن النظام الذي يقضي بتشغيل المرأة في المعامل، مهما نشأ عنه من الثروة، فإن نتيجته هادمة لبناء الحياة المنزلية، لأنه يهاجم هيكل المنزل، ويقوض أركان الأسرة، ويمزق الروابط الاجتماعية، و يسلب الزوجة من زوجها، والأولاد من أقاربهم، وصار بنوع خاص لا نتيجة لـه إلا تسفيل أخلاق المرأة، إذ وظيفة المرأة الحقيقية، هي القيام بالواجبات المنزلية، مثل ترتيب مسكنها، وتربية أولادها، والاقتصاد في وسائل معيشتها، مع القيام باحتياجاتهم البيتية..
ولكن المعامل تسلخها من كل هذه الواجبات، بحيث أصبحت المنازل غير المنازل، وأضحت الأولاد تشب على عدم تربية، وتلقى في زوايا الإهمال، وانطفأت المحبة الزوجية، وخرجت المرأة عن كونها الزوجة الظريفة، والمحبة اللطيفة، وصارت زميلة الرجل في العمل والمشاق، وصارت معرض للتأثيرات التي تمحو غالباً التواضع الفكري، والتودد الزوجي، والأخلاق التي عليها مدار حفظ الفضيلة ".انتهى كلامه.
أضف إلى ذلك ما تجره هذه المساواة من انحطاط أخلاقي ، تقول  لين فارلي – التي أصدرت كتابا بعنوان (الابتزاز الجنسي) ، والذي قالت عنه مجلة النيويورك تايمز : لقد حطم هذا الكتاب جدار الصمت ، وفتح الباب على مصراعيه للانتباه لهذه المشكلة ، ومحاولة حلها .    
ومما قالته المؤلفة : " إن الاعتداءات الجنسية بأشكالها المختلفة منتشرة انتشاراً ذريعاً في الولايات المتحدة وأوربا وهي القاعدة ، وليست الاستثناء بالنسبة للمرأة العاملة في أي نوع من الأعمال تمارسه مع الرجل " .
إن قاصمة الظهر للمرأة بل للمجتمعات المسلمة أن تقوم الخطط التنموية في مجتمعاتنا المسلمة على أساس تحويل المرأة نسخة مكررة للرجل في ميادين البناء والتنمية .
إن من واجب العقلاء في أمتنا المسلمة أن يخططوا لمستقبل مجتمعاتهم على أساس المفهوم الشامل للحياة في ديننا العظيم ، خطط تراعي حق الجميع في الحياة السعيدة ، خطط لا تتأثر بما يسعى إليه الآخرون من إشغالنا بمعارك مصطنعة هدفها القضاء على هذه الأمة في ميدان تحرير المرأة على حساب مصادرة حق الآخرين في الحياة .خطط تنظر إلى الأمة بأنها الأحق في قيادة البشرية التائهة إلى بر الأمان .

إن مشاركة المرأة إن لزمت فمن خلال مراعاة  أن الأصل قرارها في بيتها لا خروجها إلى العمل ، وأنها مسلمة لها خصوصيتها.
فخديجة رضي الله عنها تاجرت وهي في منزلها بتوكيلها من تثق به ، فلم تعطل دورها في منزلها ،وكانت نعم المعين للنبي صلى الله عليه وسلم في القيام بأعباء الرسالة الخاتمة .
 وخالة جابر رضي الله عنهما أذن لها النبي صلى الله عليه وسلم بالخروج لمزرعتها فعملت في نخلها لسد حاجتها وللتصدق منه ، فكان ذلك في حدود ملكيتها ؟!

لماذا لا توفر للمرأة فرص عمل وهي في منزلها ؟ وغير ذلك مما عند الغرب نفسه في هذا التوجه والذي وصلت نسبة العاملين فيه عن بعد إلى 15%.
وأن يراعى في مكان العمل خصوصية المرأة كإنسانة لها خصائصها الفسيولوجية والنفسية ، ولها دورها الاجتماعي المهم فتراعى في اختيار نوع العمل ، و في مكان العمل بعيدًا عن الرجال والاختلاط بهم ، وفي ساعات العمل بما يحقق قدرتها على أداء حق أسرتها عليها .
كما أنه من اللازم أن يُهتم بتطوير المرأة إيمانيًا ، وعلميًا ، ونفسيًا ، وصحيًا ، ومهاريًا ، واجتماعيًا ، لتتعايش مع معطيات التقنية المعاصرة بما يحقق لها الرفاهية والسعادة ،ولتكون في مستوى التحدي الذي تعيشه الأمة اليوم ، وذلك وفق برامج وخطط تعد من خلال المنظور الشامل للحياة وبتعاون بين علماء الشريعة والمتخصصين في المعارف الإنسانية المختلفة.
والله أعلم.
المصادر:
-حقوق المرأة في الإسلام ، مريم أماوي.
- الإسلام يتحدى ، وحيد الدين خان .
- الابتزاز الجنسي، لين فارلي.
- عمل المرأة في الميزان ، محمد البار.
- دائرة المعارف ، فريد وجدي  .
- درس من التاريخ للإنسان المعاصر،مارك توينبي.
-سير أعلام النبلاء للذهبي.
- المرأة تعليمها وعملها في الشريعة الإسلامية، علي الأنصاري.
- الإسلام وقضايا المرأة المعاصرة، البهي الخولي.