Monday, February 16, 2015

أمر القرآن بإعمال العقل،ودعوة إلى التفكر والتدبر في الآيات الكونية والتنزيلية والمعنوية

أمر القرآن بإعمال العقل،ودعوة إلى التفكر والتدبر في الآيات الكونية والتنزيلية والمعنوية:
مِنْ أسخف الاتهامات التي اتهم بها القرآن والإسلام أنه يدعو لمحاربة العقل والعلم، وأن العلم والقرآن متعارضان متضادان، وأنه يقيم بينه وبين العقل والعلم سدا كبيرا وحواجز كثيرة.
وهذا القول من أسخف الأقوال وأدناها منزلة، لأن كل الدلائل القرآنية والأدلة الإسلامية تتجه لصوب واحد ونقطة محددة وهي احترام العلم والعلماء واحترام العقل والدعوة للتعقل واستخدام العقل والفكر والفهم في مناحي الحياة وزوايا المعيشة.
والذي حدث أن أعداء الإسلام وكارهي الشريعة الإسلامية من علماء الغرب اتهموا الإسلام بهذه التهمة سواء عن عمد وقصد أو عن جهل، فأخذ هذه التهمة مفكري العرب ومثقفيهم وأذنابهم ممن يَدَّعُون العلم والفهم والفكر والأدب والشعر، فنشروه وأذاعوا به.
فأينما تجد أحداً يقول أن الإسلام والقرآن يحارب العلم والعقل واستخدامه، فاعلم أن قولَه خاطئ واتهامَه باطل وكلامَه ساقط لا أساس له من الصحة، إنما أساسه هو التعصب الأعمى والحقد الواضح لدين الإسلام والكره الظاهر للشريعة الإسلامية والبغض البيّن للقرآن الكريم.
والناظر والمتفحص والمطلع والقارئ للقرآن الكريم يرى اهتمام القرآن الكريم والإسلام بالعلم وإعمال العقل والفكر في آيات الله المسطورة في القرآن أو في الكون.

ولمّا كان العقل هو مناط التكليف, إذ لا تكليف بدون عقل  ففي الحديث الشريف:"رفع القلم عن ثلاثة: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنِ الصَّبِىِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ".

و أمر المولى الكريم في كتابه الكريم بإعمال العقل, وعدم تقييده في النظر والتفكر, والاستنتاج والتدبر, وإيجاد الفروق بين الأشياء, وأمر القرآن هذا لغاية صون العقل عن التبعية والخرافية, ولفته إلى دين الحق, وشريعة الهدى, وما سيجني من وراء تلك التكاليف الإلهية, وكيف يصل المكلف إلى الراحة والسعادة المنشودتين وهو لا يعرف ماذا جنى من وراء ما كلف به.

من هنا نجد دلالات القرآن وإشاراته, صدَّاحة بالدعوة إلى إعمال العقل, وتسخيره في خدمة الأهداف والغايات التي وجد لأجلها الإنسان وقامت عليها الحياة, وعليها يسير نظام الكون المتناسق المرتب الدقيق الدَّال على عظمة خالقه, وبديع صنعه سبحانه.

أمر القرآن بإعمال العقل:
بالنظر إلى آيات القرآن ودلالاته يجد المتأمل الدعوة إلى إعمال العقل في المجالات المختلفة:
في مجال النظر والتفكر, والاستفهام والسؤال, والاستنتاج والاستنباط, والحوار والنقاش, وإثبات الحقائق وإبرازها, والإخبار عن القصص للتفكر والتدبر فيها, والدعوة إلى النظر في الآيات المعنوية والحسية ومدى نفعها للخلق وقدر فائدتها والمحصول منها.
 ولعل أمر القرآن في ذلك يتضح في ما سيأتي من النقاط والآيات:

أولاً: دعوة القرآن لإعمال العقل في الآيات الكونية:
إن الآيات الكونية مجال كبير من مجالات إعمال العقل بالتفكر والتدبر فيما أودعه الله من أسرار في هذا الكون البديع المتقن.
 ولهذا نجد دعوة القرآن الواضحة الصريحة في ذلك حيث يقول الله تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ), وهذا الموضع على وجه الإجمال, وفي موضع آخر يفصل الله تعالى في ذكر الآيات التي هي مجال للتعقل حيث يقول تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ).
قال البغوي في تفسيره:"(لآيَاتٍ لأولِي الألْبَابِ)ذوي العقول".
ويذكر الشهيد سيد قطب كلاماً جميلاً حول هذه الآية حيث يقول: " إن هذا الكون بذاته كتاب مفتوح، يحمل بذاته دلائل الإيمان وآياته; ويشي وراءه من يد تدبره بحكمة; ويوحي بأن وراء هذه الحياة الدنيا آخرة وحساباً وجزاء إنما يدرك هذه الدلائل ويقرأ هذه الآيات ويرى هذه الحكمة، ويسمع هذه الإيحاءات (أولو الألباب) من الناس ".

ومن الآيات الدالة على أن الآيات الكونية مجال لعمل عقل الإنسان قوله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مَاء فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ).
 وقوله تعالى:(وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ).
 وقوله تعالى: (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ).
وغيرها من الآيات الدالة على أن الكون وما فيه من الآيات العظيمة دعا القرآن لإعمال العقل فيها والتي تمثل خصائص التصور الإسلامي عن العقل وعلاقته بالفطرة والكون.

 يقول الشهيد سيد قطب: "وهذه الحقيقة تمثل أحد مقومات التصور الإسلامي عن هذا  الكون والصلة الوثيقة بينه وبين فطرة  الإنسان والتفاهم الداخلي الوثيق بين فطرة الكون وفطرة الإنسان; ودلالة هذا الكون بذاته على خالقه من جهة; وعلى الناموس الذي يصرّفه وما يصاحبه من غاية وحكمة و  قصد من جهة أخرى".

ثانياً: الدعوة لإعمال العقل في الجوانب المعنوية:
ولم تقتصر الدعوة في القرآن لإعمال العقل على الجوانب المادية فقط, بل تجاوزت إلى الجوانب المعنوية, حتى يشعر الإعمال بمدى التكريم والتشريف الذي حظي به من خلال آيات الله تعالى المبثوثة في نفسه وكيانه.
ونجد ذلك واضحاً جلياً في آيات الزواج والعلاقة بين الزوجين التي اعتبرها القرآن آية من آيات الله, حيث يقول تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).

إن هذه الآية العظيمة لو تفكر العقل فيها اهتدى إلى عظمة الله وقدرته.
 قال البغوي: "(إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) في عظمة الله وقدرته".
 ومن الآيات الدّالة على إعمال العقل في الجوانب المعنوية للإنسان ما يحدث للإنسان أثناء منامه, يقول تعالى: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ), فنوم الإنسان هو الموتة الصغرى, والنوم هو الموتة الكبرى.

ومن الآيات الباعثة على التفكر وفسح المجال فيه في المعنويات, ما ضربه الله تعالى من الأمثلة في القرآن الدّالة على حكمة يريدها الله من الخلق .
ومنها قوله تعالى: (إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).

ثالثاً: الدعوة لإعمال العقل في الجوانب التنـزيلية:
كما أن الآيات الكونية المادية, والمعنوية المبثوثة في النفوس والخلائق, تعد مجالاً لإعمال العقل بالتدبر فيها, فكذلك الآيات التنـزيلية تعد مجالاً آخر للتفكر والتدبر وميداناً لإعمال العقل, ومن ذلك قوله تعالى(وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ).

 ومن ذلك دعوة القرآن إلى التفكر في الآيات والدلائل التي تدل الخلق إلى الخير والهدى الذي أنزل الله من أجله الكتب, وأرسل من أجله الرسل, يقول سبحانه: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ).

ومن الآيات التنـزيلية ما ضربه الله لنا في قصة المنفق المرائي الذي احترقت جنته, يقول تعالى: (فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ).

 قال الإمام البقاعي: (لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ): "أي ليكون حالكم حال من يرجى أن يحمل نفسه على الفكر ، ومن يكون كذلك ينتفع بفكره".
وبالجملة دعوة القرآن إلى أخذ العبر والعظات من أمثال القرآن, فإنها ليست من باب التسلية والترويح فحسب, بل من أجل أخذ العبرة والعظة الهادفة إلى إقناع العقل بما فيه المصلحة والنفع, قال تعالى: (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ).

رابعاً: دعوة القرآن للتفكر المخلص مثنى وفرادى:
يقول العلامة يوسف القرضاوي: "من أروع الآيات التي حثت على التفكر قوله سبحانه وتعالى في سورة سبأ من القرآن المكي: (قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ).

هذه الخصلة الواحدة المطلوبة مكونه من خطوتين: أولى وثانية.
الخطوة الأولى: أن يقوموا لله مثنى وفرادى, والقومة تعني: النهوض والعزيمة. والخطوة الثانية: أن يتفكروا, أي يعمِلُوا عقولهم ولا يجمدوها".
وفي هذا الأمر من الدلائل والحكم ما لا يمكن تجاوزه, فإن القومة لله تعالى ينبغي أن تكون خالصة لوجهة سبحانه, بعيدة عن كل المؤثرات الخارجية, والأفكار الدخيلة, والمشاعر والعواطف, والضغوطات.

ومن ثم تأتي القومة للتفكير, مثنى وفرادى, ليفكر كل واحد مع نفسه بمعزل عن تأثير الآخرين, وفي هذا تمام الحرية الفكرية, وإطلاق العقل نحو التفكير البناء الموصل إلى الهدى والرشاد.

خامساً الدعوة لإعمال العقل في التذكر:
يعد التذكر إحدى عمليات العقل العليا كما يذكر ذلك العلماء.
والفرق بين التفكر والتذكر:
أن التفكر يعمل لتحصيل معرفة جديدة.
 والتذكر يعمل لجلب معرفة قديمة, ذهل عنها أو غشيتها الغفلة والنسيان.
 وكما أن القرآن دعا إلى إعمال العقل في التفكر, وأكد على ذلك, فإنه دعا إلى التذكر وأكد على ذلك, ويتضح ذلك جلياً من خلال الآيات التي تحدثت عن التذكر, ومنها قوله تعالى: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ).

 وذلك لأن القلوب تغفل, والإنسان بطبيعته ينسى, ومنها قوله تعالى: ( فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ), وقوله تعالى: (تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ), وقوله تعالى في تثبيت فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم: (وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ).

وقوله تعالى في التفريق بين أهل العلم وغيرهم: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ).
والكثير من الآيات التي دعت بصيغها وأساليبها المختلفة إلى إعمال العقل, وأثبتت له الدور في العمل والعطاء بوظائفه المختلفة.

والسبب في كثرة الأدلة وتظافرها هو اختلاف عقول الناس.

وسبب تكثير الأدلة أن عقول الناس متفاوتة، فجعل سبحانه وتعالى العالم وهو الممكنات الموجودة وهي جملة ما سواه الدالة على وجوده وفعله بالاختيار على قسمين:
قسم من شأنه أن يدرك بالحواس الظاهرة ويسمى في عرف أهل الشرع الشهادة والخلق والملك.
 وقسم لا يدرك بالحواس الظاهرة ويسمى الغيب والأمر والملكوت.
 فالأول يدركه عامة الناس والثاني يدركه أولو الألباب الذين عقولهم خالصة عن الوهم والوساوس.

 وإن الله سبحانه وتعالى بكمال عنايته ورأفته ورحمته جعل العالم بقسميه محتوياً على جمل وتفاصيل من وجوه متعددة وطرق متكثرة تعجز القوى البشرية عن ضبطها يستدل بها على وحدانيته بعضها أوضح من بعض ليشترك الكل في المعرفة، فيحصل لكل بقدر ما هيئ له، اللهم إلا أن يكون من طبع على قلبه، فذلك هو الشقي والعياذ بالله.

قال الشاعر:
ويا محبّون فعل الخير لا تَدَعَوا ** قرآن خالقكم دعماً وإكثارا
فنحن أحوج للقرآن في زمنٍ ** نرى أباطيله تزدادُ إبهارا
ترمي وسائله فينا قذائفها ** ناراً وسيلاً من التضليل موّارا
حتى الثوابت ألقى المرجفون على ** حصونها الشمِّ أشواكاً وأحجارا
فكم نرى قلماً في كفّ صاحبه ** غدا بأفكاره السوداءِ منّشارا
تشكوا صحائفنا من جوقة سخرت ** بالدين لم ترعى للقرآن مقدارا
هم يسرقون البساتين التي غُرست ** بالحق والصدق والإيمان أشجارا
ولو تغافل عنهم كُل ذي رشدٍ ** لهدّموا بفوؤس الغدر أسوارا
فينا الينابيع من قرآن خالقنا ** وسنة المصطفى علماً وأفكارا
قد يفتح اللص ثقباً في الجدارا فإنّ ** لم يُردع اللص هدّ الركن والدّارا

والله أعلم.
المراجع:
- معالم التنزيل, البغوي, أبو محمد الحسين بن مسعود,  تحقيق: محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش, (دار طيبة للنشر والتوزيع, الطبعة الرابعة, 1417هـ - 1997م).
- في ظلال القرآن, سيد قطب, (القاهرة: دار الشروق, الطبعة العاشرة).
- العقل والعلم في القرآن الكريم, القرضاوي.
-العقل ودوره في البناء المعرفي من منظور القرآن الكريم، نشوان بن عبده خالد قائد.
- نظم الدرر في تناسب الآيات والسور, برهان الدين أبي الحسن البقاعي,تحقيق: عبدالرزاق غالب المهدي, (بيروت: دار الكتب العلمية,1995م.

No comments :

Post a Comment