(الفتية
والفتيان) صيغتا جمع لمفرد وبينهما فروق:
أرأيتم إن
أتتكم رسالة من الملك أو الأمير أو الرئيس، ماذا أنتم فاعلون؟
ستقرؤون
الرسالة بتأمل وتمعن وتدبر،وتفهمون مقاصد الكلمات وتعرفون مرامي الجمل والعبارات،
وتعلمون مرامي الرسالة وما ترمي إليه.
وستبالغون
بالمحافظة عليها والتفاخر بها أمام الآخرين، وستعاودوا قراءتها مرارا وتكرارا،هذا
بالنسبة من مخلوق أرسل إليكم رسالة، فماذا تفعلون لو أن رب العالمين وخالق الأكوان
وخالق الملوك والرؤساء والأمراء أرسل إليكم رسالة اسمها القرآن الكريم؟!
إننا مقصرون في
قراءة رسالة رب العالمين، ولا مبالون بها وغير مهتمين.
إنا نعرض عن
القرآن الكريم ونتجه بمبالغة كبيرة وزائدة عن اللزوم نحو روايات وقصص، نحو كتب شعر
وأدب مترجم ونمضي الوقت في اللعب واللهو هنا وهناك بملهيات مختلفة متنوعة لا تعود
على الإسلام بخير ولا تقيم حقا ولا تنصر مظلوما.
إن هذا الهجران
والإعراض أوصلنا إلى ما نحن عليه من تأخر في إعمال العقل لاكتشاف ما في الآيات
القرآنية من جواهر وعقد دررية من الفوائد والفرائد، وتأخرنا في إعمال العقل
لاكتشاف أسرار السماء والأرض وما في الكون من مخلوقات وأحياء.
إن اللامبالاة
في معاملة كتاب رب الأرض والسموات وإغفال ما فيه من فوائد للأحياء وللحياة، للناس
وللأسر والمجتمعات، أوصل المسلمون إلى إقفال أبواب الإبداع والاختراع في اكتشاف
الجديد النافع، فأصبحنا أمة مستهلكة لا منتجة، أمة متلقية لا مرسلة، أمة مستعبدة
فكريا وثقافيا وإنتاجيا.
و القرآن
الكريم فيه الهدى من الضلالة وتبيان من العمى واستقالة من العثرة ونور من الظلمة
وضياء من الأجداث وعصمة من الهلكة ورشد من الغواية وبيان من الفتن وبلاغ من الدنيا
إلى الآخرة وفيه كمال دينكم.
وهذا القرآن هو النور
المبين والحبل المتين والعروة الوثقى والدرجة العليا والشفاء الأشفى والفضيلة
الكبرى والسعادة العظمى من استضاء به نوره الله ومن عقد به أموره عصمه الله ومن
تمسك به أنقذه الله، ومن لم يفارق أحكامه رفعه الله ومن استشفى به شفاه الله ومن
أثره على ما سواه هداه الله ومن طلب الهدى في غيره أضله الله ومن جعله شعاره
ودثاره أسعده الله ومن جعله إمامه الذي يقتدي به ومعوله الذي ينتهي إليه أداه الله
إلى جنات النعيم والعيش السليم.
ولنطلع معاً على معاني(الفتية
والفتيان) وما فيهما من فروق:
الفتية والفتيان: صيغتا
جمع لمفرد واحد هو(فتى).
لكن بين الجمعين فرق
الفتية: الشباب المؤمنون
كلمة " فتية " وردت
مرتين في سورة الكهف.. وأُطلِقَتْ على أهل الكهف، الشباب المؤمنين الصالحين،الذين
اعتزلوا قومهم الكفار.. وذهبوا إلى الكهف ليحافظوا على إيمانهم ودينهم.
قال تعالى: ( إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة ).
وقال تعالى: (نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى).
قال تعالى: ( إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة ).
وقال تعالى: (نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى).
وقد استخدمتْ سورة الكهف المفرد "فتى " في
سياق المدح ..
وعبّرت به عن الشاب المؤمن" يوشع بن نون ".
قال تعالى: ( وإذ قال موسى لفتاه لآ أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين ).
وعبّرت به عن الشاب المؤمن" يوشع بن نون ".
قال تعالى: ( وإذ قال موسى لفتاه لآ أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين ).
الفتيان: الخدم:
أما كلمة " فتيان" فقد وردت مرة واحدة في سورة يوسف.
وأُطلقت على الخدم الذين يعملون عند (يوسف) ـ عليه السلام ـ
( وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم).
وقد استخدمَتْ سورة يوسف تصريفات
الفتوة.. بمعنى "العبودية":
فيوسف ـ عليه السلام ـ فتى لامرأة العزيز.. أي: عبد لها وخادم في بيتها
(وقال نسوة في المدينة امرأت العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حباً )
ودخل السجن مع يوسف " فتيانِ " خادمان عبدان للملك: (ودخل معه السجن فتيانِ).
فيوسف ـ عليه السلام ـ فتى لامرأة العزيز.. أي: عبد لها وخادم في بيتها
(وقال نسوة في المدينة امرأت العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حباً )
ودخل السجن مع يوسف " فتيانِ " خادمان عبدان للملك: (ودخل معه السجن فتيانِ).
نخلص من هذا إلى القول :
الفتوة المؤمنة الصالحة وردت في سورة الكهف مدحاً لصاحبها (فتية).
والفتوة التي تقوم على الرِّقِّ والعبودية.. وردت في سورة يوسف (فتيان).
قال الشاعر:
ألا إنه التنزيل والذكر والهدى *** فأكرم بتاليه وأعظم
له الأجرا
ففيه من الإعجاز ما الفكر عاجزٌ *** وفيه من الإيجاز ما حير الفكرا
تحدَّى به الأقوام فالكل مفحَم *** وأي بليغ ما تغنى به فخرا ؟
تحداهم أن ينهجوا مثل نهجه *** ومن أين للفحَّام أن يصنع الدرا ؟
فإما عجزتم أن تجيئوا بمثله *** فهاتوا لنا في مثل آياته عشرا
فما هو بالشعر البليغ نظامه *** ولا السحر فالألباب في فهمه حيرى
وقد فتق الألباب حسن بيانه *** ولطف معانيه كما شرح الصدرا
ففيه من الإعجاز ما الفكر عاجزٌ *** وفيه من الإيجاز ما حير الفكرا
تحدَّى به الأقوام فالكل مفحَم *** وأي بليغ ما تغنى به فخرا ؟
تحداهم أن ينهجوا مثل نهجه *** ومن أين للفحَّام أن يصنع الدرا ؟
فإما عجزتم أن تجيئوا بمثله *** فهاتوا لنا في مثل آياته عشرا
فما هو بالشعر البليغ نظامه *** ولا السحر فالألباب في فهمه حيرى
وقد فتق الألباب حسن بيانه *** ولطف معانيه كما شرح الصدرا
والله أعلم.
المصادر والمراجع:
-المفردات في ألفاظ القرآن للراغب
الأصفهاني.
-من لطائف القرآن لصلاح الخالدي.
- الملحمة القرآنية الشعريـة،أبو أسامة.
No comments :
Post a Comment