Monday, January 13, 2014

رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وحسن الخلق


رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وحسن الخلق:
لقد اصطفى الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم، وبعثه رحمة للعالمين بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، فدعا إلى الله وإلى دين الإسلام، وبلغ الناس البلاغ المبين الواضح الخالي عن الشوائب والمبهمات، وكان بلاغه ودعوته للناس بالحكمة والموعظة الحسنة، والمجادلة بالأحسن والأفضل من القول والحوار الراقي الهادف بالرحمة والرقة واللطف والحنان، من غير غلظة أو جفاء أو قسوة، كما علَّمَه الله ورباه وأمره وهداه.
وقد أرشد الله عز وجل نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم إلى الصراط المستقيم، وأرسله متمماً لمكارم الأخلاق، وأدبه فأحسن تأديبه في كل مجال وكل مقال وكل فعال وكل تصرف وكل فعل وعمل، وأرشد الله عز وجل نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم إلى التحلي بأفضل الأخلاق وأجمل الصفات وأحسن التصرفات،ورباه على أرقى وأنبل الخِصال، فقال سبحانه وتعالى: ( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)، كما وصفه بأعظم الخُلُق، فقال: ( وإنك لعلى خلق عظيم) وقد وُصِف الرسول  محمد صلى الله عليه وسلم بأحسن الخُلُق لما جاء فيه : ( كان أحسن الناس خُلُقَاً) كما كان أحسنهم خَلْقَاً.
ذلك لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قد استمد من القرآن الكريم الصفات الحميدة والأخلاق الشريفة فطبقها ونفذها، فقد سُئِلَت السيدة عائشة رضي الله عنها وعليها السلام عن أخلاق رسول الله فأجابت : [ كان خُلُقُهُ القرآنَ] وهذا معناه : أن كل الصفات الحميدة التي دعا إليها القرآن قد اتصفَ بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكل الأخلاق الذميمة التي نهى القرآن عنها تركها النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وهذه دعوة للمسلمين بأن يكون مقتَدِينَ بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في أخلاقه وصفاته ومعاملاته حتى يصلوا للمكان الأرفع والمنزلة الأعلى في الجنات، إذ أن الخلق الحسن يرفع منزلة صاحبه في الدنيا ويرجح كفته في الآخرة ويُثقِل كفته في ميزان الأعمال يوم القيامة، لنسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : [ ما مِن شيءٍ أثقل في ميزان العبد المؤمن يوم القيامة من حُسْنِ الخُلُقُ، وإن الله يٌبغِضُ الفاحش البذي].
فلنظر في أخلاقنا أهي حسنة أم سيئة، ولنراقب ألفاظنا أهي حسنة أم فاحشة وبذيئة.
ولقد كان سيد الرسل والأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم المَثَلَ الأعلى في حُسن الخلق وكريم الفضائل وجميل الخِلال، وبأخلاقه المثلى مَلَكَ القلوب والعقل واستحق ثناء الله عز وجل بقوله :  (وإنك لعلى خلق عظيم) يقول الحافظ ابن كثير: معنى هذه الآية أن  رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم صار امتثال القرآن أمراً ونهياً سجيةً له وخُلُقَاً وتطبعاً، فمهما أمره القرآن فعله، ومهما نهاه عنه تركه، هذا مع ما جبله الله عليه من الخُلُق العظيم من الحياء والكرم والشجاعة والصفح والحلم وكل خُلُق عظيم.اهـ.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤكد أهمية الخلق الحسن للصحابة الكرام، ويحضهم على التجمل به، ويحببه إلى نفوسهم بأساليب شتى من فعله وتصرفه وقوله، إدراكاً منه لأثره الكبير في تهذيب الطباع وتزكية النفوس وتجميل الصورة.
إذ أن الأخلاق الحسنة تنير في العقول طريقاً للتصرف بأجمل الأفعال في الأعضاء، وتحرك الجسم والجسد للسير على أفضل الطباع وأحلى الصفات، وتُسير الفكر نحو رياض الأفعال المرضية والتصرفات الجميلة، فتؤثر على الآخرين ، فتهدي ضالاً و تُرشِد تائهاً وتُدخِل في الإسلام مشركاً وكافراً.
لأن للأخلاق الحسنة والصفات الحميدة الأثر الكبير في انتشار الإسلام في بقاع الأرض وانتشار نوره في نفوس الناس وانتشار ضيائه قي العقول والأفكار.
وقد روى لنا التاريخ أن كثيراً من الشعوب دخلوا الإسلام لاحتكاكهم بالمسلمين وتعرفهم على أخلاقهم الفاضلة، ومعاملاتهم الحسنة التي كانوا يتعاملون بها معهم، من الصدق في القول، وأداء الأمانة، والوفاء بالوعد، والمحافظة على العهد، وطيب الكلام، ومساعدة الكبير ولو كان غير مسلما، ومساندة المظلوم، والشجاعة في خوض الصعاب، والدعوة والإرشاد برفق ولطف وحنان، وأداء الحقوق لأهلها، والبعد عن الاستغلال والاستهتار ، واحترام المرأة والوقوف معها في المحن لأنها مخلوق ضعيف وكذا مع الطفل الصغير والعجوز الكبير، والمساهمة في أعمال البر والخير، بوجه بشوش وابتسامات صادقة.
بمثل هذه الأخلاق والصفات عامَل المسلمون غيرهم من شعوب العالم، فأثروا فيهم فدخلت في الإسلام من غير حرب أو قتال، لأن الفِطَر السليمة في الناس تنجذب لحسن الأخلاق فتتقرب منه ويدخل قلبها وعقلها فما يلبث إلا أن يُسلِم.
وهذا هو المطلوب من المسلم سواء كان داخل بلد مسلم أو خارج بلد مسلم، والمسلم في أوروبا وروسيا والأمريكتين وأستراليا والشرق الأقصى كالصين واليابان وغيرهما، مطالب بأن يكون حسن الأخلاق جميل الصفات راق ومهذب في تصرفه وقوله، بعيد عن كل ما يسوء للإسلام وللقرآن وللنبي محمد صلى الله عليه وسلم، حتى يتأثر به الآخرون، فيدخلون في الإسلام، وهذا فعلٌ عظيمٌ وعملٌ جليلٌ، وله ثوابٌ كبيرٌ وكبيرٌ جداً،فمَن فعلَ هذا يكون قد اقتدى برسول الله صلى الله عليه وسلم ومشى على دربه وسار على خُطاه، فيكون له المنزلة العليا في الدنيا والآخرة والتي مِن أهمها مرافقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومَن منا يرفض ذلك، ومَن منا يكره ذلك؟!!
  قال ابن حزم: " من أراد خير الآخرة، وحكمة الدنيا، وعدل السيرة، والاحتواء على محاسن الأخلاق كلها، واستحقاق الفضائل بأسرها؛ فليَقْتَدِ بمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليَسْتَعمِلْ أخلاقه وسيرته ما أمكنه...".
والواجب علينا نحن المسلمين أن نبذلَ قصارى جهدنا في نشر السيرة النبوية والسنة الشريفة والقرآن العظيم، بكل وسيلة شرعية متاحة، كل واحد في مكانه وفي الموضع الذي يعمل به ويعيش فيه، وذاك إظهاراً لحبنا لرسول الله وتطبيقا لأوامره ومشياً على نهجه وسيراً على متابعته، وهذا من الأمور التي نُظهِر توقيرنا للنبي صلى الله عليه وسلم وتعزيزه ونصرته والدفاع عنه.
المصادر:
- تهذيب الأخلاق لمسكويه ص 1.
- صحيح البخاري ومسلم وسنن الترمذي.
- تفسير القرآن العظيم لابن كثير 8/ 189.
- الأخلاق والسير لابن حزم ص 67.
من معالم الرحمة في اخلاق نبي الرحمة ص17أبحاث مؤتمر نبي الرحمة 

مجلد1

No comments :

Post a Comment