Saturday, August 30, 2014

مجيء (ذا النون) في آية وفي أخرى(صاحب الحوت)



مجيء (ذا النون) في آية وفي أخرى(صاحب الحوت):

القرآن الكريم كتاب هداية وتعليم وإرشاد وبشارة وإنذار،يوجه المسلم لخير الأعمال والأفعال، ويأخذ بيده إلى معالي الأمور، ويحثه على فعل أفضل الأعمال ليبلغ المرتبة الأولى في كل شيء.
وفي القرآن الكريم لفتات بلاغية جميلة وإشارات تنبه المسلم لوضع الكلمة في موضعها و أن يقول حُسنا.
والمتدبر في القرآن الكريم يجد أن كل كلمة في محلها لها أثرها وبلاغتها كما لها رونقها وعذوبتها.

في سورة الأنبياء قال الله تعالى اسمه:(وذا النون إذ ذهب مغاضبا..)
وفي سورة القلم قال الله تبارك ملكه (..ولا تكن كصاحب الحوت)
في سورة الأنبياء قال: وذا النون، أي صاحب الحوت، والمراد سيدنا يونس عليه الصلاة والسلام.

أما في آية القلم فأتى بـ(صاحب الحوت) .
ذا النون . والنون : الحوت ( وذا ) بمعنى صاحب .
فقوله ( وذَا النُّونِ ) معناه صاحب الحوت .
كما صرح الله بذلك في ( القلم ) في قوله ( وَلاَ تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ ).
 وإنما أضافه إلى الحوت لأنه النقمة كما قال تعالى : ( فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ ).
إن المعنى واحد، لكن الإضافة بكلمة (ذي) أشرف من الإضافة ب(صاحب).

والسبب في ذلك :
إن لفظ (ذو النون) أعظم من لفظ (صاحب الحوت) فإِنه بمعنى من له شأن النون وقصته وكذا ذو المال بمعنى من له المال .
 بخلاف صاحب الحوت وصاحب المال إِنه أفاد صحبة وهى دون ذلك المعنى .
 ولو أريد به ذلك المعنى.
 لأَن لفظ الصحبة ليس صريحاً فى ذلك .

 وتفسير (ذو) بصاحب تسامح واختصار ، كما قال ابن حجر :
 إِن ( ذو ) تفيد تعظيم الموصوف بها ، ففي مدح يونس قال الله عز وجل : وذا النون ، وفى النهي عن فعل ما فعله من الاستعجال قال (ولا تكن كصاحب الحوت ).
 وكذا لفظ النون أفضل إِذ جُعل اسما لهذه السورة من لفظ الحوت .

باختصار:
لما ذكر الله تعالى يونس فى معرض الثناء قال (وذا النون) وقال في الآية الأخرى (ولا تكن كصاحب الحوت) والمعنى واحد، ولكن بين اللفظين تفاوت كثير في حسن الإشارة إلى الحالتين وتنزيل الكلام في الموضعين.
إن الإضافة بــ[ذي] أشرف من الإضافة بـ[صاحب] :
لأن قولك [ذو] يضاف بها إلى التابع و قولك [صاحب] يضاف بها إلى المتبوع. والتابع أشرف من المتبوع.

والله أعلم.

قال أحدهم:
هذا القرانُ به تحيى خواطرُنا
يحرِّك القلبَ ترغيبًا وترهيبا
ويملأُ النفسَ إحساسًا بواجبها
فلا تَسَلْ عن سرورٍ آضَ تثريبا
وعن فؤادٍ وَعَى فاجتثَّ آفتَهُ
وكادَ يبخعُ تلك النفسَ تأنيبا

المصدر:

-نتائج الفكر للسهيلي.
-البرهان : 1/162- 4/ 63
-أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، الشنقيطي،2/240
-روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني ،الألوسي21/199
- التحرير والتنوير ـ الطبعة التونسية،الشيخ محمد الطاهر بن عاشور 30/75
- الجواهر الحسان في تفسير القرآن، الثعالبي 3/62

No comments :

Post a Comment