Friday, October 17, 2014

(شرى) و(اشترى) فروق بديعة باتفاق واختلاف،بالمعنى وضده




(شرى) و(اشترى) فروق بديعة باتفاق واختلاف،بالمعنى وضده:
جمال القرآن الكريم يتبدى في ألفاظه ومعانيه، واختلاف الأساليب وتنوعها، مما يُضفِي على القرآن زينة خلابة ونورا يبهر العقول والأفكار.

والعلم والمعرفة تتحدان في القرآن الكريم وتتبدى آثارهما في آفاق اللسور القرآنية ومعالم آياته وظواهر ألفاظه ومعانيها.
والمنصف من يقرأ القرآن بتدبر وتأمل محايدا وخاليا عن التعصب والتبعية، فمن يفعل ذلك يلق أجوبة لكثير من الأسئلة، ويشفي غليله باطلاعه على الفكر القرآني وأسلوبه البليغ الهادف،ويروي ظمأه وعطشه إلى العلم والمعرفة والثقافة والفكر بقراءة القرآن وتدبره وتلاوته ومعرفة معانيه وأهدافه وإرشاده.
وهذا الفيلسوف الفرنسي الملحد جوزيف آرنست يعترف بذلك إذ يقول:
تضم مكتبتي آلاف الكتب السياسية والاجتماعية والأدبية وغيرها ، والتي لم أقرأها أكثر من مرة واحدة ، وما أكثر الكتب التي للزينة فقط ، ولكن هناك كتاب واحد تؤنسني قراءته دائماً هو كتاب المسلمين القرآن . فكلما أحسست بالإجهاد وأردت أن تنفتح لي أبواب المعاني والكمالات ، طالعت القرآن حيث أني لا أحس بالتعب أو الملل بمطالعته بكثرة .
ومن تلك الألفاظ والأساليب مجيء كلمتي (شرى واشترى):
شرى واشترى: كلمتان متقاربتان أصلهما واحد، لكن بينهما تضاد واختلاف في المعنى وفي الأسلوب القرآني.
شرى بمعنى باع:
شرى في القرآن الكريم جاءت بمعنى باع أي بذل السلعة ليأخذ مقابلها الثمن.
وقد وردت (شرى) أربع مرات في القرآن الكريم وكلها بمعنى باع
(وشروه بثمن بخس درهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين) أي :باعوه مقابل الثمن.
(ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله) أي: يبيع نفسه لله لنيل مرضاته.
(فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة) أي: لا يقاتل في سبيل الله حقا إلا الصادقون الذين يبيعون حياتهم الدنيا لله، لينالوا النعيم الخالد في الآخرة.
و « يَشْرون » يحتمل وجهين ،
أحدُهما : أن يكون بمعنى يشترون .
فإنْ قيل : قد قررت أن الباء إنما تدخُل على المتروك ، والظاهرُ هنا أنها دَخَلَتْ على المأخوذِ.
فالجوابُ : أنَّ المرادَ بالذين يشترون المنافقون المبطِّئُون عن الجهاد أمَروا بأَنْ يُغَيِّروا ما بهم من النفاق ، ويُخْلِصوا الإِيمانَ باللَّهِ ورسولِه ، ويجاهدوا في سبيلِ الله ، فلم تَدْخُلْ إلا على المتروك؛ لأنَّ المنافقين تاركون للآخرة آخذون للدنيا .
والثاني : أنَّ « يشرون » بمعنى يَبيعون ، ويكون المرادَ بالذين يَشْرُون : المؤمنون المتخلفون عن الجهاد المُؤْثِرون الآجلةَ على العاجلة ، ونظيرُ هذه الآية في كون « شرى » تحتمل الاشتراء والبيع باعتبارين.
ومنه قوله (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ):
والله سبحانه وتعالى حينما يستعمل كلمة « يشري » يجب أن نلاحظ أنها من الأفعال التي تستخدم في الشيء ومقابله ، فـ « شرى » يعني أيضا « باع » .
إذن ، كلمة « شرى » لها معنيان ، واقرأ إن شئت في سورة يوسف قوله تعالى : { وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ }.
أي باعوه بثمن رخيص .
وتأتي أيضا بمعنى اشترى ، فالشاعر العربي القديم عنترة ابن شداد يقول :
فخاض غمارها وشرى وباعا ... .
إذن « شرى » لغة ، تُستعمل في معنيين : إما أن تكون بمعنى « باع » ، وإما أن تكون بمعنى « اشترى » ، والسياق والقرينة هما اللذان يحددان المعنى المقصود منهم.
فقول عنترة : « شرى وباع » نفهم أن المقصود من « شري » هنا هو « اشترى » ، لأنها مقابل « باع » .
 وقوله تعالى : { وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ } يوضحه سياق الآية بأنهم باعوه .
وهذا من عظمة اللغة العربية ، إنها لغة تريد أناساً يستقبلون اللفظ بعقل ، ويجعلون السياق يتحكم في فهمهم للمعاني .
 { وَمِنَ الناس مَن يَشْرِي نَفْسَهُ } نفهم « يشري » هنا بمعنى يبيع نفسه ، والذي يبيع نفسه هو الذي يفقدها بمقابل . والإنسان عندما يفقد نفسه فهو يضحي بها ، وعندما تكون التضحية ابتغاء مرضاة الله فهي الشهادة في سبيله عز وجل ، كأنه باع نفسه وأخذ مقابلها مرضاة الله . ومثل ذلك قوله تعالى : { إِنَّ الله اشترى مِنَ المؤمنين أَنفُسَهُمْ }.
إن الحق يعطيهم الجنة مقابل أنفسهم وأموالهم .
إذن فقوله : { وَمِنَ الناس مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابتغآء مَرْضَاتِ الله } يعني باع نفسه وأخذ الجنة مقابلاً لها ، هذا إذا كان معنى « يشري » هو باع .
وماذا يكون المعنى إذا كانت بمعنى اشترى؟ هنا نفهم أنه اشترى نفسه بمعنى أنه ضحى بكل شيء في سبيل أن تسلم نفسه الإيمانية .
ومن العجب أن هذه الآية قيل في سبب نزولها ما يؤكد أنها تحتمل المعنيين ، معنى « باع » ومعنى « اشترى » :
فها هو ذا أبو يحيى الذي هو صهيب بن سنان الرومي كان في مكة ، وقد كبر سنه ، وأسلم وأراد أن يهاجر ، فقال له الكفار : لقد جئت مكة فقيراً وآويناك إلى جوارنا وأنت الآن ذو مال كثير ، وتريد أن تهاجر بمالك .
فقال لهم : أإذا خليت بينكم وبين مالي أأنتم تاركوني؟
فقالوا : نعم .
قال : تضمنون لي راحلة ونفقة إلى أن أذهب إلى المدينة؟
قالوا : لك هذا .
إنه قد شرى نفسه بهذا السلوك واستبقاها إيمانياً بثروته ، فلما ذهب إلى المدينة لقيه أبو بكر وعمر فقالا له : ربح البيع يا أبا يحيى .
قال : وأربح الله كل تجارتكم .
وقال له سيدنا أبو بكر وسيدنا عمر : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن جبريل أخبره بقصتك ، ويروي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له : ربح البيع أبا يحيى .
إذن معنى الآية وفق هذه القصة : أنه اشترى نفسه بماله ، وسياق الآية يتفق مع المعنى نفسه . وهذه من فوائد الأداء القرآني حيث اللفظ الواحد يخدم معنيين متقابلين .
ولكن إذا كان المعنى أنه باعها فلذلك قصة أخرى ، ففي غزوة بدر ، وهي أول غزوة في الإسلام ، وكان صناديد قريش قد جمعوا أنفسهم لمحاربة المسلمين في هذه الغزوة ، وتمكن المسلمون من قتل بعض هؤلاء الصناديد ، وأسروا منهم كثيرين أيضا ، وكان مِمَّنْ قتلوا في هذه الغزوة واحد من صناديد قريش هو أبو عقبة الحارث بن عامر والذي قتله هو صحابي اسمه خبيب بن عدي الأنصاري الأوسي ، وهو من قبيل الأوس بالمدينة ، وبعد ذلك مكر بعض الكفار فأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : يا رسول الله ، إننا قد أسلمنا ، ونريد أن ترسل إلينا قوما ليعلمونا الإسلام . فأرسل لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة من أصحابه ليعلموهم القرآن ، فغدر الكافرون بهؤلاء العشرة فقتلوهم إلا خبيب بن عدي ، استطاع أن يفر بحياته ومعه صحابي آخر اسمه زيد بن الدَّثِنّة ، لكن خبيباً وقع في الأسر وعرف الذين أسروه أنه هو الذي قتل أبا عقبة الحارث في غزوة بدر ، فباعوه لابن أبي عقبة ليقتله مقابل أبيه ، فلم يشأ أن يقتله وإنما صلبه حياً ، فلما تركه مصلوباً على الخشبة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المدينة : من ينزل خبيبا عن خشبته وله الجنة؟
قال الزبير : أنا يا رسول الله .
وقال المقداد : وأنا معه يا رسول الله .
فذهبا إلى مكة فوجدا خبيباً على الخشبة وقد مات وحوله أربعون من قريش يحرسونه ، فانتهزا منهم غفلتهم وذهبا إلى الخشبة وانتزعا خبيباً وأخذاه ، فلما أفاق القوم لم يجدوا خبيباً فقاموا يتتبعون الأثر ليلحقوا بمن خطفوه ، فرآهم الزبير ، فألقى خبيباً على الأرض ، ثم نظر إليه فإذا بالأرض تبتلعه فسمى بليع الأرض . وبعد ذلك التفت إليهم ونزع عمامته التي كان يتخفى وراءها وقال : أنا الزبير بن العوام ، أمي صفية بنت عبد المطلب ، وصاحبي المقداد ، فإن شئتم فاضلتكم يعني يفاخر كل منا بنفسه وإن شئتم نازلتكم يعني قاتلتكم وإن شئتم فانصرفوا ، فقالوا : ننصرف ، وانصرفوا ، فلما ذهب الزبير والمقداد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرهم بالجنة التي صار إليها خبيب .
إذن فقد باع خبيب نفسه بالجنة .
وعلى ذلك فإن ذهبت بسبب نزول الآية إلى أبي يحيى صهيب بن سنان الرومي تكون « شرى » بمعنى اشترى ، وإن ذهبت بسبب النزول إلى خبيب فتكون بمعنى : باع .
نلاحظ أن (الباء)- باء البدل أو باء المعاوضة- دخلت على المادة التي أخذوها من المعاوضة،وليست التي تركوها.
 أما اشترى فهي بمعنى أخذ:
فعل(اشترى) جاء بمعنى أخذ المادة المشتراة، ودفع الثمن الذي معه من أجلها.
وقد وردت اشتقاقات هذه المادة إحدى وعشرين مرة، وكلها وردت بهذا المعنى:
*منها:  ( وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه): أي الذي اشترى يوسف من الذين شروه (باعوه).
*ومنها ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يُقَاتِلون في سبيل الله فيَقْتُلُون ويُقْتَلُون): إن الله الكريم هو الذي اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم وأعطاهم الثمن وهو الجنة، وهذا تقريب لمعنى قبوله سبحانه وتعالى أعمالهم الصالحة ومَنْحِهِم مقابلَها الثوابَ والنعيم.
*ومنها( إن الذين اشتروا الكفرَ بالإيمان لن يضروا الله شيئا )
*ومنها(بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ):
عندما رفض اليهود الإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم وطردهم الله من رحمته . . بيّن لنا أنهم : { بِئْسَمَا اشتروا بِهِ أَنْفُسَهُمْ } . . وكلمة إشترى سبق الحديث عنها وقلنا إننا عادة ندفع الثمن ونأخذ السلعة التي نريدها . . ولكن الكافرين قلبوا هذا رأسا على عقب وجعلوا الثمن سلعة . . على أننا لابد أن نتحدث أولا عن الفرق بين شرى واشترى . . شَرَى بمعنى باع . . واقرأ قوله عز وجل : { وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزاهدين } [ يوسف : 20 ]
ومعنى الآية الكريمة أنهم باعوه بثمن قليل . . واشترى يعني ابتاع . . ولكن اشترى قد تأتي بمعنى شرى . . لأنك في بعض الأحيان تكون محتاجا إلى سلعة ومعك مال . . وتذهب وتشتري السلعة بمالك وهذا هو الوضع السليم . . ولكن لنفرض أنك احتجت لسلعة ضرورية كالدواء مثلا . . وليس عندك المال ولكن عندك سلعة أخرى كأن يكون عندك ساعة أو قلم فاخر . . فتذهب إلى الصيدلية وتعطي الرجل سلعة مقابل سلعة . . أصبح الثمن في هذه الحالة مشترى . . إذن فمرة يكون البيع مشتري ومرة يكون مبيعاً ..
والحق تبارك وتعالى يقول : { بِئْسَمَا اشتروا بِهِ أَنْفُسَهُمْ } . . وكأنما يعيرهم بأنهم يدعون الذكاء والفطنة . . ويؤمنون بالمادية وأساسها البيع والشراء . . لو كانوا حقيقة يتقنون هذا لعرفوا أنهم قد أتموا صفقة خاسرة . . الصفقة الرابحة كانت أن يشتروا أنفسهم مقابل التصديق بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم . . ولكنهم باعوا أنفسهم واشتروا الكفر فخسروا الصفقة لأنهم أخذوا الخزي في الدنيا والعذاب في الآخرة . .
والله سبحانه وتعالى يجعل بعض العذاب في الدنيا ليستقيم ميزان الأمور حتى عند من لم يؤمن بالآخرة . . فعندما يرى ذلك من لا يؤمن بالآخرة عذابا دنيويا يقع على ظالم . . يخاف من الظلم ويبتعد عنه حتى لا يصيبه عذاب الدنيا ويعرف أن في الدنيا مقاييس في الثواب والعقاب . . وحتى لا ينتشر في الأرض فساد من لا يؤمن بالله ولا بالآخرة . . وضع الحق تبارك وتعالى قصاصا في الدنيا . . واقرأ قوله جل جلاله : { وَلَكُمْ فِي القصاص حَيَاةٌ ياأولي الألباب لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [ البقرة : 179 ]
مما سبق نلحظ باء المعاوضة بين شرى واشترى:
إذا كانت باء المعاوضة في فعل(شرى) فإنها تدخل على المادة المشتراة المأخوذة.
أما لو كانت باء المعاوضة في فعل(اشترى) فإنها تدخل على المادة المباعة.
قال الله سمَتْ حكمتٌه عن تجارة المنافقين الخاسرة: ( أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتُهم)
وقال عن تجارة اليهود: ( أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار)
إذن:
(شرى) في القرآن بمعنى (باع) وتدخل (باء المعاوضة) على المادة المشتراة.
و(اشترى) في القرآن بمعنى (اشترى) وتدخل (باء المعاوضة) على المادة الـمُباعة المدفوعة.
ففي (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ):
قوله تعالى : { وَشَرَوْهُ } :
شرى بمعنى اشترى ، ومنه قول الشاعر :
ولو أنَّ هذا الموتَ يَقْبَلُ فِدْيَةً ... شَرَيْتُ أبا زيدٍ بما مَلَكَتْ يَدي
وبمعنى باع ومنه قولُ الشاعر :
وشَرَيْتُ بُرْداً ليتني ... مِنْ بعدِ بُرْدٍ كنتُ هامَهْ
فإن جَعَلْنا الضمير في « شَرَوْه » عائداً على إخوة يوسف كان « شرى » بمعنى باع ، وإن جَعَلْناه عائداً على السيارة كانت بمعنى اشتروا .
يقول الراغب الأصفهاني في المفردات في غريب القرآن في الصلة بين (شرى) و(اشترى):
"الشراء والبيع يتلازمان، فالمشتري دافعُ الثمن وآخِذ الـمُثْمَن ، والبائع دافعُ الـمُثْمَن وآخذُ الثمن.
أما إذا كانت المبايعة سلعة بسلعة، صحَّ  أن يُتَصَوَّر كل واحد منهما مشتريا وبائعا.
ومن هذا الوجه صار لفظ البيع والشراء  يُستعمل كل واحد واحد مهما في موضع الآخر،وشريتُ بمعنى بعتُ أكثر، وابتعتُ بمعنى اشتريتُ أكثر".
ومادة : « شرى » ومادة « اشترى » كلها تدل على التبادل والتقايض ، فأنت تقول : أنا اشتريت هذا الثوب بدرهم؛ أي أنك أخذت الثوب ودفعت الدرهم.

إن تلاوة القرآن وتدبره لها من الفوائد الشيء الكثير، ومنذ انصرف قادة وعلماء ومفكروا العرب والمسلمين عن القرآن الكريم ولم يهتموا به ولم يدرسوه ويطبقوه تخلفوا وأصبحوا عالة على الأمم وأصبحوا ضعافا جبناء في هامش التاريخ والأحداث.

والله يقول:
قال بشر بن السري : إنما الآية مثل التمرة ، كلما مضغتها استخرجت حلاوتها.
فحُدث بذلك أبو سليمان فقال : صدق إنما يؤتى أحدكم من أنه إذا ابتدأ السورة أراد آخرها .
ويقول: المستشرق الألماني د . شومبس ـ
ربما تعجبون من اعتراف رجل أوروبي مثلي بهذه الطريقة :
فقد درست القرآن فوجدت فيه تلك المعاني العالية والأنظمة المحكمة والبلاغة الرائعة التي لم أجد مثلها قط في حياتي ، جملة واحدة منه تغني عن مؤلفات ، هذا ولا شك أكبر معجزة أتى بها محمد عن ربه .
قال الشاعر:
فَاْلْحِفْظُ يُنْجِيْ حَاْفِظًا مِنْ حَــــــرِّهَـاْ ***  يَأْتِيْ شَفِيْعًا مِنْ لَظَىْ اْلْنِّيـــْـــــــــرَاْنِ
وَيُقَاْلُ فَاْقْرَأْ وَاْرْقَ رَتِّلْ إِنِّمــَــــــــــا    ***    لَكَ مَنْزِلٌ فَاْصْعَدْ وَكُنْ بَأَمــــَـــــــاْنِ
كَمْ حَاْفِظٍ لِلْذِكْرِ يَعْلُوْ ذكـــْــــــــــــرُهُ  ***   قَدْ كَرَّمَ اْلْرَّحْمَنُ منْ إِحْســـَـــــــــــاْنِ
فَلَهُ اْلْوَقَاْرُ وَأَن يَؤُمَّ مُقَدَّمــــــًــــــــــا ***  وَهُوَ اْلْمُفَضَّلُ حَاْمِلُ اْلْقـُـــــــــــــرْآنِ
فَهْوَ اْلَّذِيْ مِنْ أَهْلِ رَبِّيْ إِنَّمـــَـــــــــاْ *** قَدْ خَصَّهُ اْلْرَّحْمَنُ بِاْلْتِّبْيــــَــــــــــــاْنِ
فَاْلْحَرْفُ مِنْهُ مُضَاْعَفٌ حَسَنَاْتـــُــــهُ ***  عَشْرًا يُضَاْعَفْ مِنْ لَدُنْ رَحْمـَــــــنْ
فَإِذَاْ قَرَأْتَ تَغَنَّ فِيْهِ مُرَتـــِّـــــــــــــلاً ***   مُتَوَضِّئًا فَاْلْطُّهْرُ فِيْهِ مَعَاْنـــــــــــــيْ
يَاْ رَبِّ صَلِّ عَلَىْ اْلْنَّبِيْ اْلْمُصْطَفَــىْ  ***  وَاْخْتِمْ لَنَاْ فِيْ جَنَّةِ اْلرِّضْــــــــــــوَاْنِ

والله أعلم.
المصادر:
-المفردات في ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني.
- الصحاح في اللغة،الجوهري.
- لطائف قرآنية، صلاح عبد الله الخالدي
-الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي
- تفسير الشعراوي.
- معجم مقاييس اللغة أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا.
- بالقرآن أسلم هؤلاء لعبد العزيز الغزاوي.
- البرهان في علوم القرآن للزركشي.

3 comments :