Wednesday, March 30, 2016

منهجية الخليفة عمر بن الخطاب الفاروق في القيادة والإدارة



منهجية الخليفة  عمر بن الخطاب الفاروق في القيادة والإدارة:
لقد استطاع عمر بن الخطاب أن يسجل - وبأحرف من نور- اسمه في قائمة القادة الأعدل والأقوى والأجدر على القيام بأعباء القيادة وتبعاتها ،إنه فاروق الحق والباطل ،إنه الخليفة الذي ما عرفت البشرية أعدل ولا أجسر بالحق منه ،فحكم الناس بخير طريقة وبأفضل نهج وسار بهم الى ما أراد رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام وفتح البلاد وسير الجيوش إلى  الشام وإلى العراق وفتح بيت المقدس وصلَّى فيه ،وضرب أروع الامثلة في مجال احترام حقوق الإنسان وخاصة حقوق الأقليات غير المسلمة في دولة الإسلام .
لقد صنع عمر بن الخطاب منهجا متكاملا من مناهج الحكم يحوي كل الفنون والأساليب الادارية والقيادية الناجحة ويكفي فيه قول رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام:" قد كان في الأمم محدثون فان يكن في أمتي فعمر "وكذلك قال رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام بحقه:" والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا-طريقا- إلا سلك فجا غير فجك "،وقال أيضا :" لو كان نبي بعدي لكان عمر " .
إن مبادئ الإدارة التي طبقها الفاروق في إدارته للبلاد والعباد كثيرة يصعب علينا الاحاطة بها ولكن يمكننا أن نجمل بعضها بما يلي:
1 . الوضوح والدقة:
الإدارة ليست سلطة يتولاها شخص يصبح بموجبها الآمر الناهي، وليست وسيلة بناء مجد شخصي وتحقيق غرض ذاتي، إنما هي مسؤولية ينوء بحملها من لهم قوة وعزم... هكذا يفهمها عمر رضي الله عنه، حيث يقول في أول خطبة "أيها الناس، إني قد وليت عليكم، ولولا رجاء أن أكون خيركم لكم وأقواكم عليكم ما توليت ذلك منكم، ولكفى عمرَ انتظار موافقة الحساب..  ولن يغيّر الذي وليت من خلافتكم من خُلقي شيئا إن شاء الله، إنما العظمة له وليس للعباد منها شيء، فلا يقولن أحد منكم: إن عمر تغير منذ ولي، أعقل الحق من نفسي وأتقدم". ويقول: "أنا مسؤول عن أمانتي، لا أكِلُه إلى أحد إلا الأمناء وأهل النصح منكم، ولست أجعل أمانتي إلى أحد سواهم إن شاء الله".
إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خطابه الأول للأمة يعتبر أن الحكم مسؤولية كبرى لا يقوى على حملها إلا من تمتع بالكفاءة والقدرة والقوة ، و تعهد أمام الناس بالحفاظ على هذه الأمانة العظيمة والقيام بها حق القيام ، ويبين لهم أن الرجل المناسب سيوضع في المكان المناسب وسيتم توزيع الصلاحيات والواجبات وتقسيم العمل والتخصص فيه ، ولن يتم التهاون مع المقصر والمتخاذل في أداء واجباته ، وإن الرئاسة هي تكليف لا تشريف وأنها لن تغير منه أبدا ، وهذا ما كان.
 إن هذه الكلمات شكلت شعارا تعامل به عمر بن الخطاب في رئاسته للأمة فصنع بهم دولة قوية يسودها منطق العدل والحق والقوة ، هذه المبادئ الإدارية لم يطلقها عمر شعارا بل كانت واقعا حيا التزم بها في كافة جوانب سنوات خلافته الراشدة.
2. تحديد الأهداف والتزامه بتحقيقها:
لقد أدرك الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن تحديد الأهداف عامل مهم في تحقيقها بأقل التكاليف وبأقصر الأوقات حيث حدد أهدافه منذ اللحظة الأولى لتوليه المسؤولية حيث قال للناس: "ولكم عليَّ أيها الناس خصال أذكرها لكم فخذوني بها، لكم عليَّ ألا أجتبي شيئا من خراجكم ولا مما أفاء الله عليكم إلا من وجهه، ولكم عليَّ إذا وقع في يدي ألا يخرج مني إلا في حقه، ولكم عليَّ أن أزيد عطاياكم وأرزاقكم إن شاء الله وأسد ثغوركم، ولكم عليَّ ألا ألقيكم في المهالك ولا أجمدكم في ثغوركم، وإذا غبتم في البعوث فأنا أبو العيال حتى ترجعوا إليهم؛ فاتقوا الله عباد الله وأعينوني على أنفسكم بكفها عني، وأعينوني على نفسي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإحضاري النصيحة فيما ولاني الله من أمركم".
وهل  هناك أعظم من هذة الأهداف  ،والتي احتوت على كل ما يبغيه الفرد في حياته اليومية من اطمئنان على ماله وعياله وتحسين مستوى معيشته ، والحفاظ على المال العام وحماية الأوطان والذود عنها ،ورعاية أسرته في حال غيابه ،ويكون عمر بذلك قد أقر مبادئ إدارية هامة تطمح لتحقيقها الإدارة المعاصرة أولها الرعاية الاجتماعية والأسرية والضمان الاجتماعي ورفع مستوى المعيشة ....و غيرها من المبادئ الادراية العظيمة .وقد طبق عمر ما وعد وكان خير من التزم بتحقيق هذه الأهداف على الوجه الأكمل.
3 .أسس نجاح العمل:
روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: "القوة في العمل ألا تؤخر عمل اليوم لغد، والأمانة ألا تخالف سريرة علانية، واتقوا الله عز وجل...".
هذه القواعد الثلاثة الهامة التي أقرها عمر رضي الله عنه التزمها في كافة أعماله الإدارية، فما أَجَّلَ عملا إلى غير وقته، وحزم كل أمره حتى اعتقد البعض مركزية القيادة في منهج عمر.
والأمانة كانت العنصر الأساسي في مراحل إدارته للدولة، فكانت خشية الله نصب عينيه، فالتزم التقوى في رعيته.
ومن منهجيه عمر في الحكم وسياسة الناس قوله :" لا تتكلم فيما لا يعنيك واعرف عدوك واحذر صديقك إلا الأمين ولا أمين إلا من يخشى الله، ولا تمشي مع الفاجر فيعلمك من فجوره، ولا تطلعه على سرك، ولا تشاور في أمرك إلا الذين يخشون الله عز وجل ". 
4 . معرفه المرؤوسين وإسناد الواجبات  :
من العوامل المساعدة على اتخاذ القرار المناسب فهم خصائص الأفراد والجماعات الذين يشملهم القرار، وفي ممارسة الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه لهذا الأساس في إدارته اعتماد معيارين للتمييز بين الأفراد:
أ - الأسبقية في اعتناق الإسلام وممارسة شعائره.
ب - السمات الخاصة بالإنسان.
وقد ورد عنه في ذلك قوله: "لي رأي في هذا المال: لا أجعل من قاتلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم كمن قاتلَ معه".
وقد فضَّل في العطاء بني هاشم والذين حضروا بدرا.. وقد فضَّل أسامة بن زيد في العطاء على ولده عبد الله لحب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأسامة وأبيه.
ولم يكن هذا التفضيل في مجال المال فحسب بل كان في مجال الشورى والرأي ومجال الاستقبالات وقضاء الحاجات.
وقد ذكر عمر رضي الله عنه في قيادته للعرب قوله: "إنما مثل العرب مثل جمل أَنِف اتبع قائده فلينظر قائده حيث يقوده، فأما أنا فورب الكعبة لأحملنهم على الطريق".
وقد التزم عمر هذا المنهج أولا مع ولاته فحملهم على الحق، فكان لا يتردد في التحقيق معهم ومعاقبة المسيء منهم .
ولم يكن الفاروق متساهلاً في الحق حتى في المواقف البسيطة، لأن الخطأ البسيط يولد خطأ كبيرا، والتاريخ حافل بالروايات حول بأس عمر وشدته في سبيل إقرار الحق.
ولعل منها حادثة جبلة بن الأيهم، وهي دليل صادق على ذلك.
 كما كان يميز بين الأفراد في مواقفهم الخاصة وتاريخهم الفردي ، ومن دلائل معرفته بالرجال قوله لأبي بكر يوم الردة:بعد ان قبل رأسه :" انا فداؤك ولولاك لهلكنا " .
وقال في خالد بن الوليد :" عجزت النساء ان يلدن مثل خالد ،رحم الله أبا بكر فلقد كان أعلم مني بالرجال " .
إنها من ضرورات القيادة الناجحة والإدارة الحكيمة معرفه الرجال وإنزالهم منازلهم التي يستحقونها .
5 – القدوة الحسنة والنموذج الأمثل :
من أبرز مشاكل الإدارة المعاصرة غياب النموذج أو القدوة.. وقد كان اهتمام الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه  بتطبيق القدوة الصالحة والنموذج الأمثل يقول: "الرعية مؤدية إلى الإمام ما أدى الإمام إلى الله فإن رتع الإمام رتعوا".
لقد كان الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه النموذج والقدوة الحقة ، وفضائله كثيرة ومزاياه عديدة ، إذ هو الذي وافقه القرآن في سبعه عشر موضوعا، و هاجر جهارا نهارا ، وهو أول من دعي بأمير المؤمنين ، و أول من كتب التاريخ للمسلمين ، وأول من جمع الناس على صلاة التراويح  ، وأول من وضع الخراج ومصر الأمصار واستقضى القضاة ودوَّن الدواوين وفرض الأعطيات ، وهو صاحب الفتوح وهو من سالت بين يديه الأموال أنهارا وبطنه يقرقر من الجوع ، الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي أشبع كل الجياع وما شبع ،و هو الذي كسا العراة وثوبه مرقع، و هو من هز العروش وزلزل الممالك فهابته الدنيا كلها ،فكان خير الرجال وخير القادة وهو قدوة ما بعدها قدوة .
و حدد علاقته بخزينة الدولة وهي أكثر الجوانب حساسية في العمل الإداري فقال: "إني أنزلت نفسي من مال الله منزلتها من مال اليتيم؛ إن استغنيت استعففت؛ وإن افتقرت أكلت بالمعروف".
وقد التزم ذلك بدقة متناهية فلا ينال من بيت مال المسلمين زيادة عن راتبه إلا إقراضا، وقد ساعده ذلك على إلزام ولاته بهذا المنهج القويم.
وقد كان زاهدا لدرجه أن ثوبه كان به اثنتا عشر رقعه ،فقالت له ابنته حفصة: يا أمير المؤمنين هلا اكتسيت ثوبا هو ألين من ثوبك وأكلت طعاما هو أطيب من طعامك فقد وسع الله من الرزق وأكثر من الخير،فقال :"اني سأخاصمك إلى نفسك ،أما تذكرين ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقى من شدة العيش وكذلك أبو بكر ،فما زال يذكرها حتى أبكاها ،فقال لها :أما والله لأشاركنهما في مثل عيشهما الشديد لعلي أدرك عيشهما الرغيد ".
وقد عرفه الرجال والقادة والسادة وقالوا بحقه ما يجب أن يقال بحق رجل كعمر ، قال فيه أبو بكر :" ما على ظهر الأرض رجل أحب إلى من عمر ".
وقال فيه عثمان بن عفان :" لن تلقى مثل عمر ،ولن تلقى مثل عمر ،ولن تلقى مثل عمر".
 وفيه يقول بن عباس :" كان والله حليف الإسلام ، ومأوى الأيتام،ومحل الأيمان ،ومنتهى الإحسان ، ونادي الضعفاء ومعقل الخلفاء "   .
ولم يكن يمارس هذا المنهج في المال فحسب بل في كافة شؤون الحياة، وقد القاعدة الذهبية "من استعمل رجلا لمودة أو قرابة لا يستعمله إلا لذلك فقد خان الله ورسوله والمؤمنين".
 يكفي أن نعلم أن عمر الشديد القوي الذي كان الشيطان يخافه ،كان يقبل النقد من الآخرين ويتحمل نصحهم وإرشادهم له بل إنه كان يطلب منهم ذلك ، فيروى أن رجلا قال له :"اتق الله ،فنهرة رجل من المسلمين،فقال عمر: دعه ،لا خير فيكم إذا لم تقولوها، ولا خير فينا إذا لم نقبلها " ،  ويروى عنه أيضا انه قال:" أحب الناس إليَّ من رفع إليَّ عيوبي " .
6.نشر الوعي بين الجمهور حول الأهداف والصلاحيات:
لكي يحدث التفاعل في العملية الإدارية لا بد أن تحقق درجة من الوعي لدى الجمهور.. ويتحقق ذلك الوعي بالمعرفة الواضحة بأهداف المؤسسة والتحديد الدقيق لصلاحيات ومسؤوليات أعضاء الهيئة الإدارية؛ تحسبا لاستغلال عدم وضوح رؤية الجمهور بالاستغلال السيئ للصلاحيات والمسؤوليات.
ولقد أدرك الفاروق الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عنه أهمية هذا الأساس.. ورغم محدودية وسائل الإعلام في عهده ،فإن العزيمة والصدق والأمانة ساهمت في نشر الوعي المطلوب.
فقال: "أيها الناس إني ما أرسل إليكم عمالا ليضربوكم ولا ليأخذوا أموالكم، وإنما أرسلهم إليكم ليعلموكم دينكم وسنتكم، فمن فُعل به شيء سوى ذلك فليرفعه إليَّ فوالذي نفس عمر بيده لأقصنّه منه...".
ثم خاطب الولاة قائلا: "ألا لا تضربوا المسلمين فتذلوهم، ولا تحمدوهم فتفتنوهم، ولا تمنعوهم حقوقهم فتكفروهم، ولا تنزلوهم الغياض فتضيعوهم".
كما قال أيضا: "أيما عامل لي ظلم أحدا فبلغني مظلمته فلم أغيرها فأنا ظلمته".
و الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو صاحب المقولة المشهورة :" متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا "، وكذلك توضيحه للجمهور أسباب عزله لخالد بن الوليد عن قيادة الجيش تجنبا للفتنة كان يصب في ذات المنهج القويم.
يوضح الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه للأمة أسباب عزل خالد بن الوليد عن الجيش فيقول :" إني لم أعزل خالدا عن سخطة ولا خيانة ولكن الناس فتنوا فخفت أن يوكلوا إليه ويبتلوا به ،فأحببت أن يعلموا أن الله هو الصانع وألا يكونوا بعرض الفتنة ، وقال له يوما إذا عاتبه :" يا خالد والله إنك عليَّ لكريم وإنك لي لحبيب ولن تعاتبني بعد اليوم أبدا".
ولم تقتصر هذه التوعية على مجال دون آخر بل توعية لكافة المجالات المالية والعسكرية والاجتماعية.
7 .الإدارة الشاملة (الرفاهية ،الخدمة ،الضمان الاجتماعي، الأمن...):
لقد كانت الإدارة الاسلامية في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه إدارة تقوم على خدمه الناس والسعي لرفاهيتهم والعناية بكل فئات المجتمع.
فقد كان المولود ومنذ ولادته يحظى بالعناية والرعاية حيث خصص عمر بن الخطاب لكل طفل يولد نصيب من المال يؤدى إليه حيث يوجد ،وقد كان شعار القائد الإداري الناجح :" لو أن دابة بصحراء الشام كبت لسئل عمر لماذا لم تصلح لها الطريق ".
ويقول بحقه الرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام :"أرحم أمتي بأمتي أبو بكر وأشدهم في دين الله عمر ".
 ويقول أحد الباحثين عن إدارة عمر بن الخطاب :" لقد أدرك عمر بن الخطاب رضي الله عنه بسليقته كلَّ معاني الإدارة العامة الحديثة بل و وصل الأمر إلى أبعد مما توصلت إليه كثير من الدول الحديثة التي تفاخر بنظمها الاداريه،والفرق بين ما أخذ به عمر بن الخطاب وما تأخذ به الدول الحديثة يكمن في الصياغة لا في الجوهر .." .
إن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي يقض مضجعه بكاء الطفل الصغير يريد أن يرضع من أمه ، فتقول لعمر إنه مفطوم قبل أوانه لأنها لم تنال الأعطية المخصصة له ، فيبكي عمر لأنه اعتبر نفسه هو من أذى أطفال المسلمين فيأمر بتخصيص اعطيات لأطفال المسلمين منذ لحظة ولادتهم.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل إن عمر بن الخطاب أعطى حق الضمان الاجتماعي لغير المسلمين في الدولة الاسلامية والدليل على ذلك ،ما ورد عن عمر بن الخطاب انه رأى شيخ كبير يسأل ،فقال له:"من أي أهل الكتاب أنت ؟ ،فقال الرجل :يهودي ،فقال له:ما الذي دفعك لذلك ؟ ،فقال الرجل :اسأل الجزية والحاجة والسن ،فأخذ  عمر بيده وذهب به إلى منزله فاعطاة شيء من المنزل؛ثم أرسل إلى خازن بيت المال فقال له :" انظر هذا وحاجته ، فوالله ما انصفناه إن أكلنا شيبته ثم نخذله عند الهرم ،"إنما الصدقات للفقراء والمساكين "، والفقراء هم المسلمون وهذا من المساكين من أهل الكتاب ووضع عنه الجزية وعن ضربائه".
لقد وضع عمر نظام العسس(الحرس الليلي)وكان هو نفسه كان يتجول بين الأحياء والبيوت ويتفقد أحوال المسلمين ويراقب الدور والبيوت والأحياء ،مما ساهم بشعور الناس بالأمان. وتكفل بتحقيق الأمن الغذائي للناس حيث انشأ دارا للدقيق لتزود الناس المحاجين بما يريدون من الطعام .
وبنى دور الاستراحة على طرق القوافل للمسافرين والحجاج .
وغيرها من الأعمال التي تنشر الأمن والأمان وتؤمن الناس على حياتهم وأموالهم وأعراضهم وممتلكاتهم.
وبذلك حفظ الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه الاستقرار الاجتماعي في الدولة وغرس في نفوس الناس الشعور بالمسؤولية الاجتماعية .
8.بناء الأجهزة والمؤسسات :
إن من أهم أسس بناء الإدارة الصحيحة هو قيامها على المؤسسات والأجهزة الادارية المختلفة المتينة الأركان والجوانب.
وقد أدرك الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ،وقد فرضت عليه ظروف اتساع الدولة الاسلاميه أيضا ذلك.
 فقام بتأسيس الأجهزة الرسمية (الدواوين)والتي هي بمثابة الوزارات والدوائر الرسمية التي توثق وتحفظ القيود والسجلات والمعلومات الخاصة بكل جوانب حياة الدولة ومن فيها من الأفراد.
حيث أنشأ الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ديوان الجند وديوان الخراج وبيت المال ورتب الأرزاق للمسلمين على أساس منازلهم وأسبقيتهم في الدخول الى الإسلام وبذلك يكون عمر بن الخطاب هو اول من وضع الأسس الادارية وطبقها من خلال بناء الأجهزة والمؤسسات المختلفة .
هذه هي أهم الأسس التي قامت عليها إدارة الفاروق عمر رضي الله عنه فنفذها وأداها وقام بها حق القيام، فهي لم تكن شعارات نظرية جوفاء؛ بل كانت وقائع وأحداث حقيقية سجلها التاريخ بحروف من نور.
 ويكون بذلك عمر بن الخطاب قد غرس المفاهيم الأولى للإدارة الحقة القائمة على الأمانة والصدق والعدل والحق  والمسؤولية والتقوى والقوة.
وحيث إن الإدارة عمل متواصل يبدأ بتحديد الهدف وينتهي بتحقيقه؛ فقد كان الفاروق خير من مارس الإدارة.
يقول العقاد عن الخليفتين الراشدين أبو بكر الصديق وعمر الفاروق عليهما رضوان الله :" لقد كان أبو بكر نموذج القوة في الرجل الرقيق ، وكان عمر نموذج القوة في الرجل الجسيم ..."

المصادر والمراجع:
- علي الفقير ،الفاروق عمر بن الخطاب ،مجله الاقصى ،العدد736تاريخ 23ك/2 ،1985 .
- فوزي كمال ادهم ، الإدارة الاسلاميه ، دار النفائس ، 2001.
- محمد سليم العوا ، في النظام السياسي للدولة الاسلاميه ، المكتب المصري الحديث ، ط3 ،1979.
- نزار النعيمي ، الجيش وتأثيراته في سياسة الدولة الإسلامية ، دار الكتاب الثقافي ،اربد ،2003.
-فوزي كمال ادهم.
- توفيق سلطان اليوزبكي، دراسات في النظم العربية والإسلامية ،جامعه الموصل ،1988.
- عباس محمود العقاد ، عبقرية الصديق ، ط14، دار المعارف ، القاهرة.
مهدي الحسيني ، مسؤوليات القيادة الاسلاميه ، دار المشرق العربي الكبير ، لبنان ، 1978
- أساسيات في القيادة والإدارة النموذج الإسلامي في القيادة والإدارة هايل عبد المولى طشطوش،دار الكندي،الطبعة الأولى 2008.

No comments :

Post a Comment