Tuesday, February 4, 2014

دوام النعمة والحفاظ عليها


دوام النعمة والحفاظ عليها:
(وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) .
(وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ).
ودم وما أعطيتَ من نعمةٍ ** لا أسأل الله سوى أن تدومْ

من الأمور التي ينبغي على المسلم الاعتناء بها هي النعمة التي ينعم الله بها عليه.
وتتنوع النعم بتنوع الفوائد والعوائد المنقلبة للمسلم.
هناك أناس لا يهتمون للنعم التي أنعم الله عليهم، ولا يُلقون لها بالا فما تلبث هذه النعم إلا أن تخرج منهم مثل الماء من راحة اليد.
وقد دعانا الله بذكر نِعَمَهُ علينا بشكرها وحمد الله لما أعطانا من نعم وما والانا منها فقال(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ).
وقد أرشدنا الإسلام إلى الحفاظ على النعم ودوامها التي ينبغي على المسلم المحافظة عليها.
ولا تدوم النعمة إلا بثلاث أمور:
الأول: شكر الله عليها.
(ولئن شكرتم لأزيدنكم).
ويكون الشكر بالقول بأن تقول: الحمد لله وشكرا لله على نعمه أو نعمته هذه.
ويكون الشكر بالفعل، وذاك في وضعها فيما يُرضي الله تعالى.
وجاء: من نشر معروفاً فقد شكره، ومن ستره فقد كفره.
مثلا:
*شكر نعمة البصر أن لا تنظر إلى الحرام، وأن تتعلم وتقرأ القرآن وأي علم ينفع ويفيد.
 *شكر نعمة اليد أن تساعد المحتاج وكبير السن والعجائز والأطفال، وأن تساعد المظلوم، وألا تضرب ضعيفاً ولا تصافح من يحرم عليك مصافحته وغير ذلك ...
* وشكر نعمة الماء أن تحافظ عليها ولا تهدرها وأن تسقي عطشانا ولا تمنع الماء من المحتاج حتى لو كان عدوك.
وقل مثل ذلك في جميع النعم، كل نعمة لها شكرها الفعلي.
ومن الخطأ الاكتفاء بالحمد والشكر باللسان والقول، فهذا مطلوب ومطلوب معه أن تُتْبِع القول بالعمل، والادعاء بالدليل.
(وَاشْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ).
فإن ولغتْ في نعمةٍ بعد نكبة ** فقد تيبسَ الغدرانُ ثم تسألُ
وللشرّ أيامٌ تمرّ وتنقضي ** كما لمسرات النعيم زوالُ

الثاني: حسن الاستفادة منها:
باستغلال النعمة في أعمال تعود عليك وعلى أسرتك ومجتمعك بالنفع والخير.
وكل نعمة لها تصرفها بحسبها وحسب نوعها،ومن لا يفعل ذلك فهو كمن يُبَدِّل نعمة الله(وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) .
أما أن تصرف النعمة في غير مواضعها فهذا عدوان على النعمة وجحود لله تعالى.
كأن ينعم الله عليك بالمال فتصرفه على السينما أو شراء الأفلام المحرمة أو صرفها في حضور حفل غنائي ورقصي .
ومن جحود النعمة التي تمارسها الدول والحكومات التي أعطاها الله الثروات الوفيرة والمال الكثير أن يساعدوا اليهود والنصارى والملحدين والعلمانيين واللاديين بأموالهم وقنواتهم الفضائية وقوتهم السياسية ومخابراتهم يساعدوهم ويناصروهم ضد المسلمين أو من يسعى للإصلاح وتغير الفساد وتحسين المجتمع وإزالة الظلم ، فهذه الحكومات والدول بوقوفها مع الظالم والمستبد وعدو الإسلام والمسلمين تجحد نعمة الله عليها وتتمرد على ربها بهذه الأفعال وتتجاوز حدود الشريعة الإسلامية وتقع في نواهي الله تعالى، فهذه الدول والحكومات عاجلا أو آجلا ستقع تحت غضب الله عليها وقُبالة سخط الله عليها، وسيحيق بها الدمار فإما أن يأتي زلازل فتجعل ما بنته وأعمرته خرابا، وإما أن يأتيها إعصار يغرق ما بنته على البحر من جزر أو سفن وغير ذلك من الكوارث الطبيعية التي تحدث بأمر الله وبمشيئة الله.
وهذا الفعل المخالف لشكر الله في نعمه يعد تغييرا في الأنفس نحو الأمور السيئة التي لا يرضاها الله ، والله وعد من  ينعم الله عليه بنعم ثم لا يشكر الله حق شكره ولا يحمد حق حمده فنه سوف يسلبه النعم التي أعطاها الله إياه ، قال الله عز وجل(ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ)
 فيحصل معها ما حصل مع حضارة سبأ التي ذكرها الله في القرآن الكريم في سورة سبأ من تبدل حالهم الجيد وحضارتهم الفائقة الروعة ومساكنهم خلابة المظهر وما حولها من نعيم كبير من لذيذ المأكل والمشرب، فقد كفروا بهذه النعم جحدوا بها لما أعرضوا عن شرع الله ولم يقبلوا تحكيمه في حياتهم ورفضوا ذلك وتعاونوا مع أمثالهم في محاربة الشرع فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون وحاق بهم ما كانوا يمكرون وهذه عاقبة الظالمين، يقول الله عز وجل عنهم (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ (16) ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلاَّ الْكَفُورَ).
وفي هذا عبرة وعظة وفيه تهديد ووعيد للمنحرفين والجاحدين بأن ينتبهوا قد أن يندموا.
نسأل الله الهداية.  
وَرَامَ في المُلْكِ الذي رَامَهُ***بِغِشّهِ فيهِ، وإدْغَالِهِ
فأنْزَلَ الله بِهِ نَقْمَةً***غَيّرَتِ النّعمَةَ مِن حَالِهِ
وَسَاقَهُ البَغْيُ إلى صَرْعَةٍ***للحَينِ، لمْ تَخطُرْ على بالِهِ
دِينَ بِما دَانَ، وَعَادَتْ لَهُ***في نَفْسِهِ أسْوَأُ أعْمَالِهِ

الثالث:دوام العناية بها:
بمدوامة شكر الله، وإخراج حق الله من زكاة وصدقة وأعمال بر وخير، وإعطاء حقوق الآخرين كَرَدِّ الدَّين أو إدانة المحتاج  وغير ذلك من وجوه التعاون والتكافل.
فنعمة العلم تقتضي من طالب العلم والعالم أن يحمد الله على هذه النعمة ويشكره عليها ويعتني بها ولك بنشر العلم والمعرفة وتبين سبيل المهتدين ودعوة المنحرفين والضالين بالحكمة والموعظة الحسنى ةببالغ الرحمة واللطف مع كامل الرقة والحنان، وأن يستخدم العلم في سبيل الإسلام وخدمة المجتمع والوقوف مع المظلوم ضد الظالم، وعدم نفاق الحاكم الظالم أو الملك المستبد  بأن يسكت عن الظلم والتعذيب والاعتقال ونشر القوانين المخالفة أو لا يسكت عن ذلك ولا عن التعاون مع أعداء الإسلام والمسلمين ومساعدتهم وفتح البلاد لهم ولمخابراتهم، فمن يفعل ذلك من العلماء أو طلاب العلم أو متابعيهم ويرضى بذلك فقد خان الله وخان رسوله وخان الأمانة التي أعطاه الله وجحد بنعمة الله،
وكل هذا مقدمة في خراب الدولة وتفتيت المجتمع، وهذا وعد من الله تعالى(ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) ولا يكون كفر النعمة وجحودها بالقول والكلام، فإن الكثيرين يحمدون الله ويشكرونه لكن أفعالهم مخالفة لما أمر الله وما نهى عنه وما وصى به وما شرَّعه وما دعا إليه وحضَّ عليه وحثَّ على عمله وأرشد إلى فعله.
ولنا في هلاك مدينة سبأ ولك أن تسميها دولة سبأ ولك أن تقول حضارة سبأ ، عبرة وعظة لكل جاحد النعم ،يخربنا الله عنهم فيقول:
(لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ (16) ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلاَّ الْكَفُورَ).
(فاعتبروا يا أولي الأبصار).

نسأل الله أن يجعلنا ممن يُقَدِّرُون النعمة وممن يحافظون عليها.

هَل تَرَى النّعْمَة َ دَامَتْ**لصغيرِ أوْ كبيرِ ؟
أوْ تَرَى أمْرَيْنِ جَاءَا**أوّلاً مِثْلَ أخِيرِ
إنما تجري التصاريـ**ــفُ بتقليبِ الدهورِ
ففقيرٌ منْ غنيٍّ ؛** وَغَنيّ مِنْ فَقِيرِ!

وَما النّعمَةُ البيضَاءُ في شِرْكةِ الغنى *** بَلِ النّعمَةُ البَيضَاءُ في شرْكةِ الحمدِ
والله أعلم.

No comments :

Post a Comment