Friday, November 21, 2014

دوافع تطبيق قواعد الاقتصاد الإسلامي و مقومات النظام الاقتصادي الإسلامي وبنياته في مجال التطبيق

دوافع تطبيق قواعد الاقتصاد الإسلامي و مقومات النظام الاقتصادي الإسلامي وبنياته في مجال التطبيق:

إن الاقتصاد الإسلامي هو مجموعة المبادئ والأصول الاقتصادية التي تحكم النشاط الاقتصادي للدولة الإسلامية التي وردت في نصوص القرآن والسنة النبوية، والتي يمكن تطبيقها بما يتلاءم مع ظروف الزمان والمكان

ويعالج الاقتصاد الإسلامي مشاكل المجتمع الاقتصادية وفق المنظور الإسلامي للحياة.
ومن هذا التعريف يتضح أن الأصول ومبادئ الاقتصاد الإسلامية التي وردت في القرآن والسنة، هي أصول لا تقبل التعديل لأنها صالحة لكل زمان ومكان بصرف النظر عن تغير الظروف مثل الزكاة.

وتقوم عقيدة الاقتصاد الإسلامي على مبدأين:
المال مال الله والإنسان مستخلَف فيه: وبذلك فالإنسان مسؤول عن هذا المال، كسباً وإنفاقاً، أمام الله في الآخرة، وأمام الناس في الدنيا. فلا يجوز أن يكتسب المال من معصية أو ينفقه في حرام، ولا فيما يضر الناس.
والمال أداة لقياس القيمة ووسيلة للتبادل التجاري.

كما يؤمن الاقتصاد الإسلامي بالسوق ودوره في الاقتصاد حيث أن ثاني مؤسسة قامت بعد المسجد في المدينة المنورة هي السوق ولم ينه النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم الصحابة عن التجارة لا بل أن العديد من الصحابة كانوا من الأغنياء مثل أبو بكر الصديق، وعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف،وغيرهم.

دوافع تطبيق قواعد الاقتصاد الإسلامي:-

يتضمن النظام الاقتصادي الإسلامي مجموعة من الضمانات والحوافز والدوافع والبواعث التي تكفل تطبيقه ويمكن تصنيفها إلى :
-الوازع الإيماني: المتمثل في الرقابة الذاتية واستشعار المحاسبة أمام الله .
-الوازع الاجتماعي: المتمثل في فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
-وازع السلطان: المتمثل في الأجهزة الحكومية المنوطة بتطبيق شرع الله .

مقومات النظام الاقتصادي الإسلامي في مجال التطبيق:-
يقوم النظام الاقتصادي الإسلامي على مجموعة من المقومات الأساسية هي:
-نظام زكاة المال بمؤسساته المختلفة وذلك إلى جانب النظم المالية الإسلامية مثل : الجزية والخراج والعشور والفئ واللقطة، ويجوز أن يطبق معه نظام الضرائب العادلة إذا لم تكف حصيلة الزكاة .
-نظام ضريبة التكافل الاجتماعي على غير المسلمين المقيمين بالدول الإسلامية.
-نظام الإرث والوقف والوصايا وما في حكمها مثل الهبات والتبرعات .
-المؤسسات التي تباشر الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية وكذلك الوحدات الحكومية التي تقوم بأعمال التوجيه الاقتصادي والرقابة عليه في ضوء أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية .
-نظام السوق الطاهرة النظيفة الخالية من الشوائب والتي تعمل في ظل الحرية الفردية المقيدة بضوابط شرعية .
-أي نظم فرعية مكملة يراها أولو أمر المسلمين لازمة ولا تتعارض مع الإسلام لأن الأصل في المعاملات هو الحِل، إلا ما اصطدم بنص صريح في القرآن والسنة .
-كما تقبل الشريعة الإسلامية أي مقومات أخرى معاصرة من وضع البشر متى كانت لا تتعارض مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، كما يجب أن تسخر الوسائل والأدوات التجريدية المختلفة لتفعيل تطبيق مفاهيم وأسس ومبادئ الاقتصاد الإسلامي، فالحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق الناس بها .
وتتفاعل هذه المقومات مع بعضها لتسيير النظام الاقتصادي حسب القواعد الكلية للشريعة الإسلامية المشار لها وطبقا للأساليب والإجراءات التي تتفق مع مقتضيات الزمان والمكان .

بنيات الاقتصاد الإسلامي في مجال التطبيق:-

يتكون النظام الإسلامي من مجموعة من المؤسسات الاقتصادية والحكومية والتعاونية وكذلك المؤسسات الأهلية الخيرية غير الهادفة للربح يحكمها مجموعة من الأسس والقواعد وتعمل طبقا لسلسلة من الإجراءات تتميز عن نظيراتها في النظم الاقتصادية الأخرى من حيث منهج وضوابط العمل ، من أهمها ما يلي :

– المؤسسات الاقتصادية : وتتمثل في الوحدات الاقتصادية الهادفة للربح سواء أكانت في شكل وحدات فردية أم شركات أو تعاونيات وسواء أكانت قطاع خاص أم حكومي، ويجب تشجيع القطاع الخاص وتحفيز الأفراد على العمل والإنتاج والتملك في ضوء ضوابط حماية حقوق الآخرين وحقوق المجتمع .

- المؤسسات المالية : وتتمثل في المصارف ومؤسسات التأمين ومؤسسات الاستثمار وشركات توظيف الأموال ، ونحو ذلك ونرى ضرورة أن تتعامل هذه المؤسسات على أساس ونظم الاستثمار والتمويل الإسلامية وليس على أساس الربا وأن تجعل تعاملها في الطيبات وتتجنب الخبائث وطبقا للأولويات الإسلامية.

وفي هذا الصدد يجب ابتكار أدوات مالية إسلامية تعتبر أساس المعاملات والاستثمار وتباد ل الخبرات ونواه لإنشاء السوق المالية الإسلامية بدلا من سوق الأوراق المالية التي تقوم على النظام الربوي وذلك لجذب مدخرات الأفراد وتدعيم المصارف الإسلامية القائمة وتحريرها من القيود الوضعية وذلك إلي جانب تنمية وتطوير تجربة الفروع الإسلامية باعتبارها مرحلة للانتقال إلي النظام المصرفي الشامل، كما ينادي بإصدار التشريعات التي تمكن من ذلك .

كما يجب دعم وتطوير وترشيد شركات استثمار الأموال الإسلامية لتحقيق التنمية الاقتصادية كذلك يجب تدعيم صندوق القرض الحسن وتعميمه في كافة المؤسسات والوحدات الحكومية وتمويله من الخزانة العامة ومن الأفراد الموسرين كبديل للقروض والسلفيات بفوائد ربوية، والاهتمام بلجان صندوق الزكاة لدورها الهام في التنمية الاجتماعية والاقتصادية .

– السلطات الاقتصادية : تتمثل في الوحدات الاقتصادية الحكومية التي تحفظ وتراقب شئون المجتمع الاقتصادية مثل: أجهزة التوجيه الاقتصادي، وأجهزة الرقابة على المال والنقد والأسواق، وبيت المال، والصرف المركزي والغرف التجارية، وغير ذلك، ويجب ضرورة تطهير هذه السلطات الاقتصادية من القيود والضوابط الوضعية والتي تتعارض مع الشريعة الإسلامية وتنمية جوانب الخير فيها ، كما يرى على وجه الخصوص البدء في إنشاء مؤسسات زكاة المال واستقلالها عن خزانة الدولة والاعتماد عليها في إدارة لجان الزكاة المنتشرة ووضع النظم واللوائح التي تنظمها كمرحة أساسية للانتقال من نظام الضرائب إلي نظام زكاة المال وكذلك البدء في إنشاء صندوق ضريبة التكافل الاجتماعي والخراج والتكافل الاجتماعي باعتبارهم من أساسيات المؤسسات المالية الإسلامية .

– السلطات التشريعية : وتتمثل في الوحدات الحكومية التي تتولى وضع القوانين والتشريعات التي تحكم النشاط الاقتصادي وتنظم الملكية والحقوق في الأموال وتتولى الحكم في المنازعات التجارية، ويجب تنقية القوانين التجارية والمالية وما في حكمها مما يتعارض مع مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية، ولاسيما المعاملات الربوية وكذلك التعامل في السلع والخدمات المحرمة شرعاً .

– المؤسسات التعليمية الاقتصادية : وتتمثل في المدارس والمعاهد والكليات التجارية والتي تهتم بتخريج العنصر البشري الذي يعمل في البنيات السابقة.
ونرى ضرورة إعادة النظر فيما يدرس في هذه المؤسسات التعليمية وتنقيته من الموضوعات التي تتعارض مع القيم الإيمانية والمثل والأخلاق الإسلامية التجارية والاهتمام موضوعات المال والتجارة والاقتصاد الإسلامية .

كيفية التطبيق المعاصر للاقتصاد الإسلامي:-

لقد نجحت الجهود المبذولة من العلماء والفقهاء والدعاة في التطبيق المعاصر لمفاهيم وأسس وقواعد الاقتصاد الإسلامي، ومن نماذج ذلك على سبيل المثال ما يلي :

-المصارف والبنوك الإسلامية ، ولقد بلغت حتى سنة 2003 م حوالي 230 مصرفا في معظم أنحاء العالم منذ أن كانت واحدة في سنة 1975 م .
-الفروع الإسلامية للبنوك التقليدية ، بعد أن وجدت تلك البنوك المنافسة الشديدة من البنوك الإسلامية .
-شركات ومؤسسات التأمين الإسلامي والتي تقوم على مبدأ التعاون والتكافل الاجتماعي .
-صناديق التأمين والتكافل الخاصة لتحقيق الرعاية الاجتماعية للتجمعات الفئوية .
-صناديق الاستثمار الإسلامي بكافة أنواعها وصيغها والتي تساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية .
-بيوت التمويل الإسلامية والتي تمارس صيغ التمويل الإسلامية .
-مؤسسات وصناديق الزكاة المنتشرة في معظم البلاد الإسلامية سواء كانت حكومية أو مستقلة أو تحت إشراف الحكومة .
-الوحدات الاقتصادية مثل الشركات والتي تلتزم في كافة معاملاتها بأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية .
-الوحدات غير الهادفة للربح مثل : الوقف الخيري أو الوصايا وممارستها لمجموعة من الأنشطة الاقتصادية والتي تحول عوائدها إلي أعمال الخير والبر .
-أسواق المال الإسلامية والتي يتم فيها تداول مجموعة من الأوراق والصكوك الإسلامية .
-هيئات المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية .
إن تطبيق القواعد الكلية للاقتصاد الإسلامي، وإنشاء بنيانه لتحقيق مقاصده يحتاج إلي خطة وبرنامج عمل ومقومات بشرية ومادية، وهذا ما سوف نتعرض له بإيجاز في الصفحات التالية .
وعندما تطبق أسس ومقومات وبنيات الاقتصاد الإسلامي في مجتمع إسلامي سوف تتحقق الحياة الرغدة الكريمة للناس، وتكون مسئولية الدولة هي توفير حد الكفاية لكل فرد بصرف النظر عن دينه .

مراجع عن الاقتصاد الإسلامي:-
– أبو الأعلى المودودى، " أسس الاقتصاد بين الإسلام والنظم المعاصرة"، مطبعة الأمان ، بيروت، 1971.
– د/إبراهيم أباظة، "الاقتصاد الإسلامي : مقومات ومنهاجه" الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية .
– د/ أحمد العسال،" النظام الاقتصادي الإسلامي"، كتبة وهبة القاهرة1997م
– د/حسين حسين شحاته، "مشكلتا الجوع والخوف وكيف عالجهما الإسلام" دار الوفاء 1410
– د/حسين حسين شحاته، "محاسبة زكاة المال"، دار النشر والتوزيع الإسلامية 1407هـ / 1987م .
– د/حسين حسين شحاته، " المنهج الإسلامي للأمن والتنمية"، دار الوفاء بالمنصورة 1410هـ / 1990م .
– حمزة الجميعى، "عوامل الإنتاج في الاقتصاد الإسلامي"، دار التوزيع والنشر الإسلامية 1985م .
– طاهر عبد المحسن، "نظرة الإسلام إلي المشكلة الاقتصادية", مكتبة وهبة1976م .
– د/ عبد الستار فتح الله السعيد، " المعاملات في الإسلام" دار التوزيع والنشر الإسلامية 1408هـ / 1986م .
د. عبد الحميد الغزالي ، "حول المنهج الإسلامي في التنمية الاقتصادية" دار الوفاء للطباعة والنشر ، 1408هـ / 1988م .
– عبد السميع المصري، "نظرات في الاقتصاد الإسلامي"، دار الطباعة والنشر الإسلامية 1986م .
– عبد الحق الشكيري، " التنمية الاقتصادية في المنهج الإسلامي" , كتاب الأمة، المحاكم الشرعية والشئون الدينية قطر، 1988 .
-عز العرب فؤاد، "الربا بين الاقتصاد والدين"، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 1987.
– محمد المبارك، "النظام الإسلامي الاقتصادي"، دار الفكر، بيروت 1972
– د/محمود أبو السعود، "خطوط رئيسية في الاقتصاد الإسلامي"، مكتبة المنار الإسلامية الكويت، 1986 .
– د/منذر القحف، "الاقتصاد الإسلامي"، دار القلم, الكويت, 1979م .
– د/يوسف القرضاوي، مشكلة الفقر وكيف عالجها الإسلام"، مكتبة وهبة، القاهرة، 1977م .
– د/يوسف القرضاوي، "استراتيجية وتكتيك التنمية الاقتصادية في الإسلام" من مطبوعات الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية، القاهرة، 1981م .
– يوسف كمال، "الإسلام والمذاهب الاقتصادية المعاصرة"، دار الوفاء بالمنصورة 1985م .
– يوسف كمال، "فقه الاقتصاد الإسلامي"، دار القلم، الكويت، 1408هـ / 1988م .

No comments :

Post a Comment