Friday, December 5, 2014

كفالة الإسلام للمرأة حق التفكير والاعتقاد والحقوق الاجتماعية و الاقتصادية والقانونية

كفالة الإسلام للمرأة حق التفكير والاعتقاد والحقوق الاجتماعية و الاقتصادية والقانونية:

- حق التفكير والاعتقاد:

الخطاب الشرعي لم يميز بين المرأة والرجل في  حق التفكير ،إذ وردت صيغة يا أيها الذين آمنوا 91 مرة في القرآن ، ووردت كذلك صيغة يا أيها الناس 18 مرة .
وفي القرآن الكريم والسنة النبوية أيضا دعوة لكل الناس للتأمل في الوجود والكائنات والاستدلال على وجود الخالق سبحانه قال تعالى: {قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ } سورة يونس ، الآية 101 .

والمرأة كالرجل كذلك في حرية الاعتقاد وليس لأحد إجبارها على اختيار دينها قال تعالى: { لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ .. } سورة البقرة ، من الآية 256 .

فلكمال الإسلام  وقبول الفطرة له لا يحتاج إلى الإكراه عليه ؛ لأن الإكراه إنما يقع على ما تنفر عنه القلوب ويتنافى مع الحقيقة والحق ، أو لما تخفى براهينه وآياته ، وإلا فمن جاءه هذا الدين و رده ولم يقبله فإنه لعناده فإنه قد تبين الرشد من الغي فلم يبق لأحد عذر ولا حجة إذا رده ولم يقبله.

وحرية الاعتقاد هذه في ظل توضيح البشارة بما للمؤمن عند ربه ، والنذارة بعاقبة الكفر ؛ فالله لا يرضى لعباده الكفر، وسيعاقب عليه ( وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً) (الكهف : 29).

فقد كانت المرأة في الجاهلية تسلم وربما بقيت كل أسرتها على الشرك كفاطمة بنت الخطاب التي أسلمت قبل أخيها عمر رضي الله عنهما بل كانت سببا في إسلامه, وأم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط التي أسلمت وبقي أهلها مشركين ، كما أباح الله تعالى للمسلم الزواج من الكتابية ولم يلزمها بتغيير دينها قال تعالى: { الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } سورة المائدة ، الآية 5.

ـ ضمان الإسلام للمرأة كابنة أو زوجة أو أم حقوقها الاجتماعية :  
لم يميز الإسلام بين الولد والبنت على مستوى الحقوق.

فكفل للفتاة نفس ما كفل للفتى وأوجب على الآباء النفقة على الأبناء والحرص على تربيتهم وتعليمهم العلم النافع وتأديبهم على محاسن الأخلاق.

بل جعل الإسلام للبنات على الأبناء الذكور مزيد فضل عندما وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من تولى رعايتهن بالجنة فقال صلى الله عليه وسلم: " من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن وأطعمهن وسقاهن وكساهن من جدته كن له حجابا من النار يوم القيامة " .

كما كرم الإسلام المرأة عندما خيرها في قبول الزوج أو رفضه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" الأيم أحق بنفسها من وليها . والبكر تستأذن في نفسها . وإذنها صماتها ؟ قال : نعم ".
وكرمهن بأن فرض لهن من الحقوق مثل ما عليهن  {..وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ..} سورة البقرة ، من الآية 228 .

وأوجب للمرأة الحق في المهر والنفقة في حدود طاقة الزوج ويسره, ومعاشرتها بالمعروف, والصبر عليها إن ظهر منها ما يسوؤه قال تعالى: { .. وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً } سورة النساء ، الآية 19.
 وأيضا من مظاهر حقوقها : حقوقها عند زوجها ، فلقد قال صلى الله عليه وسلم في أحاديث منها : قوله صلى الله عليه وسلم:" استوصوا بالنساء خيراً ".
وقال صلى الله عليه وسلم:" اللهم إني أُحرج حق الضعيفين : اليتيم ، والمرأة " .
 وقال صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن حق المرأة على الزوج ؟ قال : "أن يطعمها إذا طعم ، ويكسوها إذا اكتسى ، ولا يضرب الوجه ، ولا يقبح ولا يهجر إلا في البيت ".
 وقال صلى الله عليه وسلم:" خياركم خياركم لنسائهم ".
 وقال صلى الله عليه وسلم:" لقد طاف بآل محمد نساء كثير كلهن تشكو زوجها من الضرب !! وأيم الله لا تجدون أولئك خياركم " .
 وقال صلى الله عليه وسلم:" من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل " .

أما الأم المسلمة فهي ريحانة البيت وسيدته التي جعل الله تعالى الجنة تحت قدميها وألزم الأبناء ببرها والإحسان إليها وطاعتها والدعاء لها والنفقة عليها عند الحاجة. قال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً ..} سورة الأحقاف ، من الآية 15، وعن أبي هريرة قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال : (أمك ) . قال : ثم من ؟ قال : ( ثم أمك ) . قال : ثم من ؟ قال : ( ثم أمك ) . قال : ثم من ؟ قال : ( ثم أبوك )..

ـ اهتم الإسلام كذلك بضمان حقوق المرأة الاقتصادية والقانونية:
 فجعل لها ذمة مالية مستقلة فأباح لها اكتساب المال بالطرق المشروعة وحرية التصرف فيه كهبة أو في أمور البيع والشراء ، ومباشرة عقود البيع والشراء والرهن والإجارة والوقف وغيرها ، ولم يلزمها بالنفقة على نفسها أو أبنائها. قال تعالى: {.. لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ .. } سورة النساء ، من الآية 32.

وجعل للمرأة الأهلية الكاملة فلها الحق في إقامة الدعاوى القانونية ويقبل القاضي شهادتها في المنازعات القانونية لقول الله تعالى: {...وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ ... } سورة البقرة ، من الآية 282 .

وكذلك لها الحق في الميراث بما قسم الله:{ لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً }سورة النساء ، الآية 7، وقال تعالى : { يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ ..} سورة النساء ، من الآية 11 ؛ ذلك لأن الرجل مطلوب منه النفقة وتحمل الأعباء والقيام بالتكاليف وهذا سر قوامته ، ولها حق في نصف مهرها إذا طلقت بعد العقد وقبل الدخول ، ولها حق المهر كاملاً حال الزواج . { وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً } سورة النساء ، من الآية 4.

 ومن مظاهر حقوق المرأة في الإسلام: تحريم قتلهن في الحروب و الأطفال والشيوخ .

ومن الرحمة بها مؤاكلتها ومعاشرتها حال حيضها ونفاسها ، لا كما عليه الشأن عند أقوام في الجاهلية وعند اليهود وغيرهم .  
قالت عائشة رضي الله عنها : كنت أشرب من الإناء وأنا حائض ، ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع فيًّ !! . وكان يتكئ في حجرها وهي حائض رضي الله عنها ويقرأ القرآن.

أما حقها في الجهاد والهجرة والإجارة .. فلقد هاجر الصحابيات كما هاجر الصحابة رضي الله عنهم جميعاً . {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا ...} سورة الممتحنة ، من الآية 10.

أما الجهاد : فلهن صور يعز على بعض الرجال الإتيان ببعضها .
مثل أم عطية الأنصارية رضي الله عنها غزت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات تكون في خيمهم وتصنع طعامهم وتداوي جرحاهم .
 وكذا أم سليم بنت ملحان كانت حاملاً يوم حنين ومعها خنجر بيدها فيقول لها النبي صلى الله عليه وسلم :"أم سليم ؟ "وتجيب : بنعم بأبي أنت وأمي يا رسول الله أقتل الذين ينهزمون عنك !! فإنهم لذلك أهل ! ويسألها زوجها أبو طلحة عن الخنجر الذي معها فتقول : اتخذته إن دنا مني أحد من المشركين بقرت بطنه .
وقل مثل ذلك في حق صفية بنت عبد المطلب يوم الأحزاب وأم عمارة وكعيبة الأسلمية وخولة بنت الأزور ونسيبة المازنية !!

ولقد أجارت نسوة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فقبل إجارتها وأمانها.
وهذا من الحقوق السياسة التي تمتعت بها المرأة المسلمة.

ومن تكريم الإسلام للمرأة : أن أنزل سورة في القرآن باسمها ، وجعل الجنة تحت قدميها إن كانت أماً وأوصى بها إحساناً ثلاثاً والأب مرة واحدة ، وبين أن موتها في نفاسها شهادة ، ولها الحق في طرح الرأي والمشورة .
 فقد استشار الحبيب صلى الله عليه وسلم خديجة فأشارت عليه :" والله لا يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق " .
 وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بمشورة أم سلمة في صلح الحديبية فكان رأيها البركة والنور .

والله أعلم
المصادر:
- تكريم المرأة في الإسلام ،  عبدالله بن علي الغامدي.
-حقوق المرأة في الإسلام ، مريم أماوي.
- عمل المرأة في الميزان ، محمد البار.
- دائرة المعارف ، فريد وجدي  .
- درس من التاريخ للإنسان المعاصر،مارك توينبي.
-سير أعلام النبلاء للذهبي.
- المرأة تعليمها وعملها في الشريعة الإسلامية، علي الأنصاري.
- الإسلام وقضايا المرأة المعاصرة، البهي الخولي.

No comments :

Post a Comment