قصيدة ابن
بهيج الإدريسي في فخر أم المؤمنين:
في حب السيدة
عائشة رضي الله عنها نذكر هذه القصيدة الجميلة والشيقة، إذ تذكر السيدة عائشة
ومناقبها وفضائلها، والعلاقة بين الصحابة وآل البيت عليهم السلام،كما تذكر فضل أبي
بكر الصديق ومزاياه:
ما شَانُ أُمِّ المُؤْمِنِينَ وَشَانِي * هُدِيَ المُحِبُّ لها وضَلَّ الشَّانِي
إِنِّي أَقُولُ مُبَيِّناً عَنْ فَضْلِهــا * ومُتَرْجِمــاً عَنْ قَوْلِها بِلِسَانِـي
يا مُبْغِضِي لا تَأْتِ قَبْرَ مُحَمَّدٍ * فالبَيْتُ بَيْتِي والمَكانُ مَكانِـي
إِنِّي خُصِصْتُ على نِساءِ مُحَمَّدٍ * بِصِفات بِرٍّ تَحْتَهُنَّ مَعانِـي
وَسَبَقْتُهُنَّ إلى الفَضَائِلِ كُلِّها * فالسَّبْقُ سَبْقِي والعِنَانُ عِنَانِي
مَرِضَ النَّبِيُّ وماتَ بينَ تَرَائِبِي * فالْيَوْمُ يَوْمِي والزَّمانُ زَمانِي
زَوْجِي رَسولُ اللهِ لَمْ أَرَ غَيْرَهُ * اللهُ زَوَّجَنِـي بِهِ وحَبَانِي
وَأَتَاهُ جِبْرِيلُ الأَمِينُ بِصُورَتِـي * فَأَحَبَّنِي المُخْتَارُ حِينَ رَآنِي
أنا بِكْرُهُ العَذْراءُ عِنْدِي سِرُّهُ * وضَجِيعُهُ في مَنْزِلِي قَمَرانِ
وتَكَلـَّمَ اللهُ العَظيمُ بِحُجَّتِي * وَبَرَاءَتِي في مُحْكَمِ القُرآنِ
واللهُ خَفـَّرَنِي وعَظَّمَ حُرْمَتِي * وعلى لِسَانِ نَبِيِّهِ بَرَّانِي
واللهُ في القُرْآنِ قَدْ لَعَنَ الذي * بَعْدَ البَرَاءَةِ بِالقَبِيحِ رَمَانِي
واللهُ وَبَّخَ مَنْ أَرادَ تَنَقُّصِي * إفْكاً وسَبَّحَ نَفْسَهُ في شَانِي
إنِّي لَمُحْصَنَةُ الإزارِ بَرِيئَةٌ * ودَلِيلُ حُسْنِ طَهَارَتِي إحْصَانِي
واللهُ أَحْصَنَنِي بخاتَمِ رُسْلِهِ * وأَذَلَّ أَهْلَ الإفْكِ والبُهتَانِ
وسَمِعْتُ وَحْيَ اللهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ * مِن جِبْرَئِيلَ ونُورُهُ يَغْشانِي
أَوْحَى إلَيْهِ وَكُنْـتُ تَحْتَ ثِيابِهِ * فَحَنا عليَّ بِثَوْبِهِ خَبَّانـي
مَنْ ذا يُفَاخِرُني وينْكِرُصُحْبَتِي * ومُحَمَّدٌ في حِجْرِهِ رَبَّاني؟
وأَخَذْتُ عن أَبَوَيَّ دِينَ مُحَمَّدٍ * وَهُما على الإسْلامِ مُصْطَحِبانِ
وأبي أَقامَ الدِّينَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ * فالنَّصْلُ نَصْلِي والسِّنانُ سِنانِي
والفَخْرُ فَخْرِي والخِلاَفَةُ في أبِي * حَسْبِي بِهَذا مَفْخَراً وكَفانِي
وأنا ابْنَةُ الصِّدِّيقِ صاحِبِ أَحْمَدٍ * وحَبِيبِهِ في السِّرِّ والإعلانِ
نَصـَرَ النَّبيَّ بمالِهِ وفَعالِهِ * وخُرُوجِهِ مَعَهُ مِن الأَوْطانِ
ثانِيـهِ في الغارِ الذي سَدَّ الكُوَى * بِرِدائِهِ أَكْرِمْ بِهِ مِنْ ثانِ
وَجَفـَا الغِنَى حتَّى تَخَلَّلَ بالعَبَا * زُهداً وأَذْعَنَ أيَّمَا إذْعانِ
وتَخَلَّلَتْ مَـعَهُ مَلاَئِكَةُ السَّمَا * وأَتَتْهُ بُشرَى اللهِ بالرِّضْوانِ
وَهُوَ الذي لَمْ يَخْشَ لَوْمَةَ لائِمٍ * في قَتْلِ أَهْلِ البَغْيِ والعُدْوَانِ
قَتَلَ الأُلى مَنَعوا الزَّكاةَ بِكُفْرِهِمْ * وأَذَلَّ أَهْلَ الكُفْرِ والطُّغيانِ
سَبَقَ الصَّحَابَةَ والقَرَابَةَ لِلْهُدَى * هو شَيْخُهُمْ في الفَضْلِ والإحْسَانِ
واللهِ مااسْتَبَقُوا لِنَيْلِ فَضِيلَةٍ * مِثْلَ اسْتِبَاقِ الخَيلِ يَومَ رِهَانِ
إلاَّ وطَارَ أَبي إلى عَلْيَائِها * فَمَكَانُهُ مِنها أَجَلُّ مَكَانِ
وَيْلٌ لِعَبْدٍ خانَ آلَ مُحَمَّدٍ * بِعَدَاوةِ الأَزْواجِ والأَخْتَانِ
طُوبى لِمَنْ والى جَمَاعَةَ صَحْبِهِ * وَيَكُونُ مِن أَحْبَابِهِ الحَسَنَانِ
بَيْنَ الصَّحـابَةِ والقَرابَةِ أُلْفَـةٌ * لا تَسْتَحِيلُ بِنَزْغَةِ الشَّيْطانِ
هُمْ كالأَصَابِعِ في اليَدَيْنِ تَوَاصُلاً * هل يَسْتَوِي كَفٌّ بِغَيرِ بَنانِ؟!
حَصِرَتْ صُدورُ الكافِرِينَ بِوَالِدِي * وقُلُوبُهُمْ مُلِئَتْ مِنَ الأَضْغانِ
حُبُّ البَتُولِ وَبَعْلِها لم يَخْتَـلِفْ * مِن مِلَّةِ الإسْلامِ فيهِ اثْنَانِ
أَكْرِمْ بِـأَرْبَعَةٍ أَئِـمَّةِ شَرْعِنَا * فَهُمُ لِبَيْتِ الدِّينِ كَالأرْكَانِ
نُسِجَتْ مَوَدَّتُهُمْ سَدىً في لُحْمَةٍ * فَبِنَاؤُها مِن أَثْبَتِ البُنْيَانِ
اللهُ أَلَّفَ بَيـْنَ وُدِّ قُلُوبِهِمْ * لِيَغـِيظَ كُلَّ مُنَافِقٍ طَعَّانِ
رُحَمَاءُ بَيْنَهـُمُ صَفـَتْ أَخْلاقُهُمْ * وَخَلَتْ قُلُوبُهُـمُ مِنَ الشَّنَآنِ
فَدُخُولُهُمْ بَيْنَ الأَحِبَّةِ كُلْفَـة ٌ*** وسِبَابُهُمْ سَبَبٌ إلى الحِرْمَانِ
جَمَعَ الإلهُ المُسْلِمِينَ على أبي * واسْتُبْدِلُوا مِنْ خَوْفِهِمْ بِأَمَانِ
وإذا أَرَادَ اللهُ نُصْرَةَ عَبْـدِهِ * مَنْ ذا يُطِيقُ لَهُ على خِذْلانِ؟!
مَنْ حَبَّنِي فَلْيَجْتَنِبْ مَنْ َسَبَّنِي * إنْ كَانَ صَانَ مَحَبَّتِي وَرَعَانِي
وإذا مُحِبِّي قَدْ أَلَظَّ بِمـُبْغِضِي * فَكِلاهُمَا في البُغْضِ مُسْتَوِيَانِ
إنِّي لَطَيِّبـَةٌ خُلِقْـتُ لِطَيـِّبٍ * ونِسَاءُ أَحْمَدَ أَطْيَبُ النِّسْوَانِ
إنِّي لأُمُّ المُؤْمِنِينَ فَمـَنْ أَبَى * حُبِّي فَسَوْفَ يَبُوءُ بالخُسْرَانِ
اللهُ حَبَّبـَنِي لِقلبِ نَبـِيِّهِ * وإلى الصِّرَاطِ المُسْتَقِيمِ هَدَانِي
واللهُ يُكْرِمُ مَنْ أَرَادَ كَرَامَتِي * ويُهِينُ رَبِّي مَنْ أَرَادَ هَوَانِـي
واللهَ أَسْأَلُهُ زِيَادَةَ فَضْلِهِ * وحَمِدْتُهُ شُكْراً لِمَا أَوْلاَنِي
يامَنْ يلوذ بأَهل بَيـْتِ مُحَمَّدٍ * يَرْجُو بِذلِكَ رَحْمَةَ الرَّحْمانِ
صِلْ أُمَّهَـاتِ المُؤْمِنِينَ ولا تَحِدْ * عَنّا فَتُسْلَبَ حُلَّةَ الإيمانِ
إنِّي لَصَادِقَةُ المَقَالِ كَرِيمَةٌ * إي والـذي ذَلَّـتْ لَهُ الثَّقَلانِ
خُذْها إليكَ فإنَّمَا هيَ رَوْضَةٌ * مَحْفُوفَةٌ بالرَّوْحِ والرَّيْحَـانِ
صَلَّى الإلـهُ على النَّبيِّ وآلِـهِ * فَبِهِمْ تُشَمُّ أَزَاهِرُ البُسْتَانِ
No comments :
Post a Comment