Tuesday, May 13, 2014

(الأَمْن و الأَمَنَة) في القرآن فروق تشعل في القلب الإيمان



(الأَمْن و الأَمَنَة) في القرآن فروق تشعل في القلب الإيمان:
أعظم الأعمال التقرب لله تعالى، والتماس عفوه ورحمته، والذل بين يده عزٌّ، والوقوف على بابه رفعةٌ، و طلب المغفرة والرحمة من الله بتضرع وخشوع وذل وخضوع يزيد في إيمان المسلم، ويعظم في قلبه خوف الله وخشيته، فيبتعد المسلم عما يُغضِب الله من المعاصي والآثام، ويتقرب المسلم من الله بالأعمال التي يحبها والأفعال التي يرضاها، وأولها وأفضلها، تلاوة القرآن الكريم، والتدبر في معانيه، والتمعن في مراميه، والتبصر بهدايته، والتعرف على بلاغته وبيانه. وفي الحديث الذي في سنن الترمذي :[ ما تقرب العباد إلى الله بأفضل مما خرج منه ] يعني القرآن الكريم، تقربٌ بتلاوته وحفظه ودراسته وتعلمه وتعليمه ونشره، والعمل بما جاء فيه من أوامر ووصايا والبعد عمن جاء فيه من نواه ومحرمات .
فيا مَنْ يبتغي مجداً وفخراً ***دليلَ المجدِ قرآن مبينُ
ويا مَنْ يبتغي خلاً وفياً *** تيممْ شطره نِعْمَ القرينُ

وكثيراً ما ينسى المسلم أهمية قراءة القرآن الكريم وتدبره وتعلمه في خضم هذه الحياة ذات الإيقاع المتسارع والأحداث المتتالية فيغيب عنه تصفح القرآن وتلاوته ودراسته، فيفقد خيراً كثيرا هو أحوج إليه في الحياة الآخرة مما هو مشغول عنه في الحياة الدنيا.
فعفواً إن بدا منّا قصورٌ *** فحقك في قرائحنا مصونُ

والقارئ للقرآن يلفت انتباهه كلمتي: الأمن و الأَمَنَة، ووردهما في القرآن الكريم في مواضعهما يستدعي الانتباه والالتفات.

قد يعتبر بعضهم (الأَمْن و الأَمَنَة) بمعنى واحد وهذا أمر غير صحيح.
إذ كليهما لهما معنى مختلف دقيق.
الأمن: الطمأنينة مع زوال سبب الخوف:
لو دققنا في كلمة(الأمن) ووردها في السياق القرآني في مواضعها لرأينا أنها تقرر وصول الأمن والأمان للإنسان، فقد وردت خمس مرات.
من ذلك قوله جلَّت حكمتُه ( فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون*الين آمنوا ولم يَلْبِسُوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) [الأنعام/81-82].
جاءت هذه الآية تبين للذي هددوا وخوفوا سيدنا إبراهيم بالعذاب والنكال، أن الأمن يحصل للذين آمنوا ولم يخلطوا الإيمان بشرك وكفر، فقال (أولئك لهم الأمن) ومعناه : حصولهم على الأمن و تمتعهم به، وزوال الخوف أسبابه عنهم.

وقال الله علّت كلمتُه (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا).[ النور/55]
في هذه الآية تصريح واضح وبيان جلي، بتبديل الأمن بعد الخوف، وزوال اسبابه ومسبباته، ليكون المؤمنون في أمن كي يقوموا بمهمام الاستخلاف في الأرض من عمارة ونشر دين الله وبث الخير والسعادة .
حتى إن الأمر قد بلغ بالمهاجرين والأنصار أنهم لا يبيتون إلا بالسلاح ، ولا يصبحون إلا بالسلاح مخافةَ إنْ ينقضَّ عليهم أعداؤهم ، حتى إن أحد الصحابة يقول لإخوانه : أتروْنَ أنَّا نعيش حتى نأمن ونطمئن و لانبيت في السلاح ونصبح فيه ، ولا نخشى إلا الله؟ يعني : أهناك أمل في هذه الغاية؟
وآخر يذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يا رسول الله أبد الدهر نحن خائفون . ؟ ألاَ يأتينا يوم نضع فيه السلاح ونبيت آمنين؟
وهم الذين قالوا : نبيت في السلاح ، ونصبح في السلاح ، فيبدلهم الله بعد هذا الخوف آَمْناً ، فإذا ما حدث ذلك فعليهم أنْ يحافظوا على الخلافة هذه ، وأنْ يقوموا بحقها { يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذلك فأولئك هُمُ الفاسقون } [ النور : 55 ] .

وإنما قال : ( وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً ) ولم يقل : وليؤمننهم ، كما قال في سابقَيْه لأنهم ما كانوا يطمحون يومئذٍ إلا إلى الأمن ، كما ورد في حديث أبي العالية المتقدم آنفاً ، فكانوا في حالة هي ضد الأمن ولو أعطوا الأمن دون أن يكونوا في حالة خوف لكان الأمن منة واحدة . وإضافة الخوف إلى ضميرهم للإشارة إلى أنه خوف معروف مقرر .
وتنكير ( أمناً ) للتعظيم بقرينة كونه مبدّلاً من بعد خوفهم المعروف بالشدة . والمقصود : الأمن من أعدائهم المشركين والمنافقين . وفيه بشارة بأن الله مزيل الشرك والنفاق من الأمة .

(وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً) أي وليجعلنهم بعد الخوف من الكفار في حالة أمن وسلام ، وقد أنجز اللّه وعده لهم بما ذكر ، فكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم وأصحابه في مكة عشر سنين خائفين ، ثم هاجروا إلى المدينة ، وبقوا مستنفرين في السلاح صباح مساء ، حتى أنجز اللّه وعده ، فغلّبهم على العرب كلهم ، وفتح لهم بلاد الشرق والغرب. وفيه دليل على صحة النبوة بالإخبار عن الغيب على ما هو به ، وعلى صحة خلافة الراشدين.

هذا ما كان من شأن الأمن بمعناها الطمأنينة مع زوال سبب الخوف.
واللفظة الثانية هي (الأَمَنَة) .

الأَمَنَة: الطمأنينة مع وجود سبب الخوف:
كلمة (أمَنَة) وردت مرتين في الفرآن الكريم، وفي هاتين المرتين كانت في سياق واحد، متحدثة عن موضوع واحد.
إذ أن كلمة (أمَنَة) تتحدث عن: تثبيت الله للمسلمين في معاركهم مع الكفار، وإنزالِه سبحانه وتعال الجنودَ الربانيين ليكونوا معهم، مثل الملائكة والمطر والنُّعاس.
قال الله سَمَت آياتُه في غزوة بدر :( إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ) [الأنفال/11]
والنعاس عبارة عن السِّنة الأولى التي تأخذ الإنسان عندما يحب أن ينام ، ويسميها العامة في مصر « تعسيلة » ويقولون : « فلان معسل » أي أخذته سِنَة النوم ، وهي ليست نوماً بل فتور في الأعصاب يعقبه النوم ، وهذا من آيات الله تعالى في أن يهب الإنسان راحة مؤقتة.
وهنا أنزل الله عليهم النعاس بمثابة مقدمة للنوم ليستريحوا قليلاً . ونعلم أن النوم آية من آيات الله عز وجل في كونه؛ لأن الجسم حين يعبر عن نفسه بالحركة والطاقة ويأكل الغذاء ويشرب الماء ويتنفس الهواء ، كل ذلك يتحول إلى طاقة ثم إلى وقود للحركة .
وقد يتبادر إلى الأذهان سؤال هو :
وهل هناك نعاس غير أمنة؟ والجواب نعم؛ لأنه مجرد الراحة من تعب لتنشط بعدها ، هذا لنفهم أن « أمنة » جاءت لمهمة هي تهدئة أعماق المؤمنين في المهيجات المحيطة ، فهذا عدو كثير العدد ، وهو بلا عتاد؛ لذلك شاء الحق تبارك وتعالى ألا يضيع منهم الطاقة اللازمة للمواجهة ، ولا تتبدد هذه الطاقة في الفكر؛ لذلك جعل نعاسهم مخصوصاً يغلبهم وهو « نعاس أمنة » ، وجعل المولى عز وجل من هذا النعاس آية ، حيث جاءهم كلهم جميعا ، وهذه بمفردها آية من آياته سبحانه وتعالى ولو غلبهم النوم العميق لمال عليهم الأعداء مَيْلًة واحدة ، ولكنهم أخذوا شيئاً من الراحة التي فيها شيء من اليقظة .
{ إِذْ يُغَشِّيكُمُ النعاس أَمَنَةً } .
وهنا النعاس مفعول به ، وهو أمنة من الله ، وسبحانه يقول في آية أخرى : { ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّن بَعْدِ الغم أَمَنَةً نُّعَاساً } [ آل عمران : 154 ] .
هنا في آية الأنفال نعاس وأمنة ، وهناك في آية آل عمران أمنة ونعاس؛ لأن الحالتين مختلفتان - 
فتوضح آية آل عمران أن النعاس قد غشى طائفة واحدة من المقاتلين في غزوة أحد بعد أن أصابهم الغم في هذه الغزوة ، وهؤلاء هم المؤمنون الصادقون الملتفون حول رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
 أما في سورة الأنفال فتبين الآية أن النعاس قد غشى الجيش كله حيث كان الجميع على قلب رجل واحد والإيمان يملأ قلوبهم جميعا ولا يوجد بينهم منافق أو مرتاب فغشيتهم جميعا هذه الأمنة بالنعاس؛ لأنه يزيل الخوف ، ومن دلائل الأمن والطمأنينة والثقة بنصر الله .


وفي معركة أحد ،أنزل الله على المؤمنين النعاس،ليزول غمهم ويشعروا بالأمَنَة فقال الله تبارك مُلْكُه(ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ) [آل عمران/154].
لقد جعل الله النعاسَ يغشى المؤمنين المقاتلين في بدر وأحد ليزيلَ عنهم الشعور بالخوف والغمّ الذي أصابهم ليكونوا على استعداد للقتال ومنازلة الأعداء.

كلمة { أَنزَلَ } تدل على أن هذا عطاء عُلوي ليس له شأن بالأسباب المادية ولا بالقوانين البشرية؛ لأن النوم عرض من الأعراض التي تطرأ على الأحياء ، هذا العرض تستوجبه عمليات كيماوية في نفسك ، وهذه العمليات الكيماوية حتى الآن لا يعرفون ما هي ، وأقصى ما فُهم منه أنه ردع ذاتي لجسم الإنسان . فكأن الجهاز المتحرك المكون من مخ يعمل ، وعين ترى ، وأذن تسمع ، وحواس وحركة هذا الجهاز له طاقة ، ساعة تنتهي منه الطاقة ، لا يقول لك : أنت الذي تترك العمل . لا ، بل يقول لك : أنا لم أعد صالحا للعمل . إنه ردع ذاتي ، مثلما يريدون أن يصلوا إليه الآن في مجال الآلآت بمجرد فصل تيار الكهرباء آليا عن تلك الآلآت فهي تتوقف .
فالردع الذاتي هو في النوم ويأتيك النعاس . وتبين بالبحث العلمي أن هناك أشياء في الجسم لا تخرج كفضلات . بل تحتاج إلى التعادل والتوازن الكيميائي . ونحن نعلم أن هناك بقايا كنتيجة للحركة ، وهناك احتراق للطاقة ، وكل حركة فيها احتراق ، وبقايا هذا الاحتراق تخرج مرة على هيئة بول ومرة يخرج غائطا ومرة يخرج مخاطاً ، وهكذا ، إذن كثير من هذه الفضلات هي نتيجة عمليات الاحتراق ، لكن هناك أشياء لا نريد لها أن تخرج ولكن نريدها أن تتعادل ، فعندما تنام لا يوجد لك حركة وتبتدئ الكيماويات داخل الجسم في التعادل ، وهذا هو ما يفعله لك النوم الذي تستوجبه أسبابك المادية .
وصاحب الهم والغم لا ينام أبدا؛ فهو يسهو عن نفسه ويرهق جسمه أكثر وتكون المصيبة كبيرة عليه ، وهنا ينزل الحق فضله عليكم بالنوم لأن أسبابكم لا تساعد أيا منكم على أن ينام .
وإن الحق قد أنزل عليهم نعاسا ليؤمنهم فلم ينشأ النوم هنا من حركة الاختيار ، ولكن الله أنزله ، ومعنى « أنزله »؛ أنه بعث رحمة جديدة من السماء ليُخرج القوم الذين أصابهم الغم على ما فعلوا مما هم فيه . ولذلك قال أبو طلحة : غشينا النعاس ونحن في مصافنا يوم أحد فكان السيف يسقط من أحدنا فيأخذه ثم يسقط فيأخذه .
إذن فهي عملية قسرية . والنعاس حينما ينزل من الحق سبحانه وتعالى يكون عملية إنقاذ من حركة فاتت فرصتها على النفس البشرية فعوضها الله.
و نجد أن الإمام عليًّا - رضوان الله عنه وكرم الله وجهه - حينما سُئل عن أشد جنود الله؟ بسط يديه وقال : أشد جنود الله عشرة : الجبال الرواسي ، والحديد يقطع الجبال ، إذن فالحديد أشد من الجبال ، والنار تذيب الحديد ، والماء يطفئ النار ، والسحاب المسخر بين السماء والأرض يحمل الماء ، والريح يقطع السحاب ، وابن آدم يغلب الريح يستتر بالثوب أو الشيء ويمضي لحاجته ، والسُكر يغلب ابن آدم ، والنوم يغلب السُكر ، والهم يغلب النوم ، فأشد جنود الله « الهم » .
إنه من المعروف أن الخائف لا ينام، ولا يأتيه النوم ولو استجلَبَه كما أن المغموم لا ينام ولا يطيب له النوم وهو في فكر مستمر بغمه مشغول بهمه،يحسب ويضرب أخماس بأسداس.
لكنَّ الله تباركت نِعَمُهُ جعل الصحابة الخائفين في بدر ينعسون كي يزيل عنهم مشاعر الخوف، و جعل الصحابة المغمومين في أحد ينعسون ليزيل عنهم شعور الغمّ.
لكن هل زالت عنهم في غزوة بدر وأحد أسباب الخوف؟
إن أسباب الخوف ما زالت موجودة لأنهم في الميدان على أرض المعركة وهي ما زالت مستمرة مع الأعداء.

إن(الأَمَنَة) هي شعور المجاهد بالأمان والطمأنينة أثناء خوضه المعركة، فهي أمر معنوي نفسيّ شعوريّ داخليّ، لكن أسباب الخوف والخطر ما زالت موجودة حول هذا المجاهد الذي يقاتل الأعداء في الخارج.
فهو يقاتلهم بوجود أسباب الخوف إلا أنه يشعر بالأمان والطمأنينة لزوال شعوره بالخوف.

إذن : الفرق بين الأمْن والأمَنَة :
الأمن: هو شعور المؤمن بالأمن والأمان مع زوال أسباب الخوف والخطر مِن حوله في الخارج.
أما الأَمَنَة: فهي شعور المؤمن بالأمن والأمان مع بقاء أسباب الخوف والخطر مِن حوله في الخارج، لأن الأَمَنَة لم تُستَعمَل في القرآن إلا في سياق خوضِ المعارك.
فما أعظم هذا القرآن الكريم الذي يوضح للمسلم سبيل الهداية ويوصله لبر الأمن والأمان ويجعله في دائرة الأمَنَة مؤيدا بالله منصورا.

والله أعلم.
قال أحدهم:
كتابُ اللهِ شَعّ هُنا ضِياهُ *** وأورثهُ الإلهُ مَنِ اصطفاهُ
له تنقاد قافيتي ونثري ***وأمْنِيتي لأمّتِنا اقتفاهُ
هو الهادي الأمينُ لكلِّ خيرٍ *** فلن نَرضى بديلاً عن هُداهُ
هو الحقّ المبينُ فليس شرعٌ *** يَروق لِمن تَعلّمه سِواهُ
فَهَاؤُمْ فاقرؤوهُ فإنّ فيهِ*** سعادةَ سامعيهِ ومَن تلاهُ
ففي الدنيا يَنالُ به المعالي*** وفي الأخرى يَنالُ به مُناهُ
وما في الكون أرقى منه نظماً*** ولا في الكونِ أزكى مِن شذاهُ
سيُضحك مَن يحاكيه الثكالى*** ويهلك كلّ من يغشى حِماهُ

المصادر:
- القرآن الكريم.
-تفسير الشعراوي.
- لطائف قرآنية لصلاح الخالدي.
- تفسير التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور.
- التفسير  المنير لوهبة الزحيلي.

1 comment :

  1. بارك الله فيكم و جزاكم الله خيرا، تحليل جميل جدا و مداخلة رائعة فيي ظلال الآيات القرآنية لمعرفة معاني الأمن والأمان، وإن كان معروفا في هذه الأيام أن الأمن المراد منه هو الجانب القانوني التطبيقي الذي نراه في حياتنا عندما تطبق الشرطة الأحكام والقوانين فهذا هو الأمن. بينما الأمان هو الجاني الحسي للمواطن بشكل عام أن الدولة فيها أمان و راحة بال ال\ي يعطي الشعور بالطمأنينة

    ReplyDelete