Monday, April 21, 2014

أحوال الإنسان في القرآن الكريم (خلق الإنسان)



أحوال الإنسان في القرآن الكريم (خلق الإنسان):
الناظر في آيات الله والمتمعن بها، يجد اعتناء الله بالإنسان، من خلال إرشاده وتوجيهه  للطريق القويم والصراط المستقيم.
من خلال تدبر آيات الله نلاحظ هذا الاهتمام البالغ بالإنسان مما يعطينا نظرة على أن الإسلام دين جوهري للإنسان ومهم له في حياته ومعيشته، في قوانينه ودساتيره، في معاملاته وعباداته، في تصرفاته وتطوراته.
والقرآن الكريم إذ يرصد لنا أحوال الإنسان المختلفة فإنه يبين لنا كيفية التعامل مع هذه الأحوال، ويظهر لنا طبيعة هذه الأحوال كي نعرف مكامن الداء ومواضع الخطأ لندوايه ونصلحه.
ويدأب الملحدون والعلمانيون على الانتقاص من القرآن الكريم ويصفونه بأوصاف سيئة تدل على ضعفهم العلمي وتشير إلى مبلغهم من العلم والمعرفة،إذ العالم هو الذي يُقدِّر ما أمامه كائنا ماكان، يدرسه بتمعن وهدوء وروية دون سابق موقف، ليصل إلى الحق والحقيقة، عكس ما يفعله الملحدون والعلمانيون من سوق كلام وعبارات نابية بحق الإسلام وبحق رسول الله وبحق القرآن، وذاك جهالة منهم وربما أغلبهم يعرفون أن موقفهم خاطئ لن يصرون عليه من أجل كسب منصب وجاه وشهرة مثلهم مثل علماء السلاطين وطلاب علم يبيعون الحق بالباطل ويقفون مع الظالم ضد المظلوم.
ولما كان القرآن الكريم كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل ولا يطرقه خلل ولا يكون فيه تحريف، فن حديثه عن الإنسان يلفت النظر لمعرفة الإنسان لنفسه إذ إن هذه المعرفة مقدمة لمعرفته بما حوله ومعرفته بالله تعالى.
تحدث القرآن عن الإنسان وذكر مراحل خلقه  وأحواله المختلفة وأخلاقه النفسية وما فيه من صفات وما به من غايات يسعى لها ويبغي تحقيقها.
حديث القرآن عن مراحل خلق الإنسان :
و حديث القرآن عن مراحل خلق الإنسان حديث عجيب، يزيد في المؤمن إيمانا، ويزيد في المسلم تمسكه بإسلامه وافتخاره به، كما أنه يجعل غير المسلمين يذعنون لهذا الكتاب ويعترفون به بما توصلوا له من علم قد طابق ما ذكره القرآن عن مراحل خلق الإنسان.
وفي هذا رد على الملحدين الحمقى الذين يقولون أن العلم يكذب الدين الإسلامي وأن الدين الإسلامي يخالف للعلم، فوا آسفا على عقولهم التي ما زالت تتخبط في غياهب تقليدها للغرب لأخذ أجرة منهم وللحصول على شهرة ومنصب وجاه.
جاء في القرآن آيات توضح مراحل خلق الإنسان وهذا سبق علمي أحرزه القرآن، ولو كان هناك انصاف لسجل باسم القرآن الكريم والدين الإسلامي ولكن الغرب وأتباعهم من الملاحدة أبعد شيء عنهم هو الإنصاف.
فقد قال الله تعالى مخبرا عن حال الإنسان قبل ولادته(أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى).
هذه النطفة التي أتت من (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ *خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ *يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ) . الطارق (7-5)
غير أن هذه النطفة تكونت وتشكلت في الإنسان الذي يتغذى لى الطعام والشراب، هذا الطعام والشراب الذي ينمو في الأرض ويأخذ مكوناته من التراب حيث تمتص الجذور ما يحتاجه النبات من غذاء، فالأصل الأول هو خلق الإنسان من التراب وهذا ما أكدته الآيات القرىنية وما أكده العلم من أن الإنسان على سبيل المثال يتركب جسمه من الماء ومعادن وأشباه معادن.
يشكل الماء في جسم الإنسان بحدود الثلثين! والثلث الباقي هو مواد جافة جميعها موجودة في التراب والماء أي الطين.
لقد تمَّ تحليل مكونات جسم الإنسان وعناصره الأساسية، والإنسان يتكون بشكل رئيسي من الماء فثلثي الإنسان هو ماء! وهنا نتذكر قول الحق عز وجل: (وجعلنا من الماء كل شيء حي) [الأنبياء: 30].
ولكن ماذا عن مكونات الإنسان غير الماء؟ إنها بالضبط العناصر الموجودة في التراب.
فمكونات الجسم البشري هي الكربون والكلور والكبريت والفوسفور والكالسـيوم والحديد.. وغيرها وجميع هذه المواد موجودة في تراب الأرض. وهذا دليل علمي على أن الإنسان مخلوق من التراب.
يقول الله عز وجل مخاطباً أولئك الملحدين الذين لا يؤمنون بالحياة بعد الموت: (يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب) [الحج:5].
ويقول تعالى أيضاً عن خلق البشر: (ومن آياته أن خلقكم من تراب) [الروم:20].
وعندما يجتمع الماء والتراب يشكلان الطين، وهذا هو أصل الإنسان.
يقول تعالى: (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين) [المؤمنون: 12]. ونتذكر قول الحق عز وجل هنا عن خلق البشر من الماء: (وهو الذي خلق من الماء بشراً) [الفرقان: 54].
إذن الإنسان مخلوق من الماء بنسبة الثلثين تقريباً، والتراب بنسبة الثلث تقريباً.
والآيات القرآنية تؤكد هذه الحقائق.

إن القرآن عندما يتحدث عن خلق الإنسان وتركيبه إنما يعطينا التفاصيل الدقيقة.
هذه التفاصيل التي اكتشفت في هذا القرن والذي قبله حينما تطور العلم وتطورت التقنية والتكنولوجيا، وفي هذا رد على الملحدين وإسكاتا لهم، لكن البعض منهم يصر ويستكبر ويظل يحارب القرآن والإسلام حتى إذا جاءه الموت ندم وقال تبت الآن. لكن لا ينفع الندم ولا التوبة في ذلك الوقت.
وتفصيلا لمسألة خلق الإنسان من التراب نقول:
قال تعالى : (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ) (الروم:20).
قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً) (الفرقان:54) .

يحدثنا الدكتور زغلول النجار عن ذاك فيقول:

في الآية الأولى إشارة على خلق الإنسان من تراب وفي الثانية من الماء، ثم في آية ثالثة : ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ) المؤمنون :12 .
وما الطين سوى مزيج من التراب والماء .
و هكذا ففي الآيات السابقة إشارة إلى أن أصل الإنسان ومعدنه الأساسي هو من طينة هذه الأرض ومن معدنها، وبشكل أدق : خلاصةٌ من هذه الأرض ( سلالة من طين ) .. فماذا يقول لنا المخبر  التحليلي عن ذلك ؟

 يقول التحليل المخبري :
إنه لو أرجعنا الإنسان إلى عناصره الأولية، لوجدناه أشبه بمنجم صغير، يشترك في تركيبه حوالي ( 21) عصراً، تتوزع بشكل رئيسي على :
1
- أكسجين (O) ـ هيدروجين ( H) على شكل ماء بنسبة 65% ـ 70% من وزن الجسم
2
- كربون ©، وهيدروجين ( H) وأكسجين (O) وتشكل أساس المركبات العضوية من سكريات ودسم ،و بروتينات وفيتامينات، وهرمونات أو خمائر .
3
- مواد جافة يمكن تقسيمها إلى:
أ- ست مواد هي : الكلور ( CL)، الكبريت (S)، الفسفور (P)، والمنغنزيوم (MG) والبوتسيوم (K)، والصوديوم (Na)، وهي تشكل 60 ـ 80 % من المواد الجافة .
ب- ست مواد بنسبة أقل هي : الحديد (Fe)، والنحاس (Cu) واليود (I) والمنغنزيوم (MN) والكوبالت ( Co)، والتوتياء ( Zn) والمولبيديوم (Mo ) .
ج- ستة عناصر بشكل زهيد هي : الفلور ( F)، والألمنيوم (AL )، والبور (B)، والسيلينيوم ( Se)، الكادميوم ( Cd) والكروم ( Cr) .
أ
ولاً: تتركب أساساً من الماء ، وبنسبة عالية ، حتى إن الإنسان لا يستطيع أن يستمر حياً أكثر من أربعة أيام بدون ماء، رغم ما يمتلكه من إمكانيات التأقلم مع الجفاف ،و ينطبق ذلك على جميع الكائنات الحية فتبارك الله إذ يقول (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ) الأنبياء 30

ثانياً : كل هذه العناصر موجودة في تراب الأرض، ولا يشترط أن تكون كل مكونات
التراب داخلة في تركيب جسم الإنسان، فهناك أكثر من مئة عنصر في الأرض بينما لم يكتشف سوى (22) عنصراً في تركيب جسم الإنسان.
 وقد أشار لذلك القرآن حيث قال: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) المؤمنون 12، وفي ذلك إعجاز علمي بليغ.

إذن :
يحتوي جسم الإنسان على عناصر عدة مثل الكربون ، والهيدروجين ، والأكسجين ، كما يحتوي على النيتروجين والفوسفور والبوتاسيوم ، والكالسيوم والكبريت والمغنسيوم ، وبعض العناصر الأخرى بنسبة ضئيلة ، مثل الحديد والصوديوم ..
وجميع هذه العناصر ضمن مكونات القشرة الأرضية (التراب).

قال الله تعالى ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ ) . (الروم: 20).

وزيادة في التفصيل سنذكر في التدوينة اللاحقة  عن خلق الإنسان من التراب ومراحله في هذه الفترة حسب ما ورد في القرآن الكريم، وذلك لأهمية هذا الموضوع إذ أن البعض مِن الناس يقول إن القرآن فيه تناقض فمرة يقول الإنسان خلق من نطفة، ومرة أخرى يقول خلق من تراب، ومرة ثالثة يقول خلق من طين.
لم يعرف مَن يقول هذا الكلام أن ذلك ليس بتناقض إنما إخبار عن مراحل خلق الإنسان من اللاشيء إلى الوجود بقول الله (كن فيكون) ثم مرَّ الإنسان بمراحل مختلفة حتى وصل لما قال الله عنه (ثم أنشأناه خلقاً آخر. فتبارك الله أحسن الخالقين) [المؤمنون/14].

والله أعلم.

المراجع:
-مع الطب في القرآن الكريم تأليف الدكتور عبد الحميد دياب الدكتور أحمد قرقوز مؤسسة علوم القرآن).
-الإعجاز العلمي في القرآن للدكتور عبد الدائم الكحيل.
-موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم.

No comments :

Post a Comment