Friday, April 21, 2017

الحكمة في اقتران اسم الله العزيز بالحكيم


الحكمة في اقتران اسم الله العزيز بالحكيم:


أسماء الله الحسنى واقتران كل اسم بآخر في كتاب الله القرآن العظيم فيها دلالات بالغة ومعاني عظيمة، تلمس القلب وتطهر النفس وتنمي الفكر والعقل،وتزيد في إيمان المتدبر بها.


وكل اسم من أسماء الله هو الأعظم في موضعه بظهور أثره في العباد وحكمة الله في ترتيب المصالح المقصودة والغايات الحميدة، والله عز وجل من حكمته أيضا أنه يقرن بين أسمائه في كثير من المواضع لتظهر دلالتها على أوصافه فتعطي كمالا فوق الكمال وجلال فوق الجلال بحيث تتجلى عظمة رب العزة والجلال في أسمائه وصفاته وأفعاله كما قال سبحانه: } تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ }.


اقتران العزيز بالحكيم:

كل منهما دال على الكمال الخاص الذي يقتضيه، وهو العزة المطلقة في العزيز والحكمة المطلقة في الحكيم.


 والجمع بينهما دال على كمال آخر وهو أن عزته تعالى مقرونة بالحكمة؛ إذ أن عزته لا تقتضي ظلما وجورا كما يفعل العزيز مع من كان مقهورا، فإن العزيز منهم قد تأخذه العزة بالإثم فيظلم غيره ولا يحكم فعله.

 وسمع بعض الأعراب قارئا يقرأ قوله تعالى: } وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ فقرأها والله غفور رحيم، فقال: ليس هذا كلام الله، فقال: أتكذب بالقرآن؟ فقال: لا ولكن لا يحسن هذا، فرجع القارئ إلى خطئه، فقال: صدقت.وقال له الأعرابي: عزّ فحكم فقضى فقطع.
 
ونحن إذا تأملنا ختام الآيات بما ورد فيها من الأسماء والصفات وجدنا كلام الله مختتما بذكر الصفة التي يقتضيها ذلك المقام، والاسم الأعظم الذي يناسب هذه الأحكام حتى كأن الأسماء والأوصاف ذكرت دليلا عليها وعلة لذكرها، كقوله تعالى:

 } إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ }:

 أي إن مغفرتك لهم صادرة عن عزة وكمال قدرة لا عن عجز أو جهل أو فقر أو ضعف .
وقوله: } تَنْزِيلُ الكِتَابِ مِنَ اللهِ العَزِيزِ الحَكِيمِ }:

 فذكرَ العزة المتضمنة لكمال القدرة والتصرف، والحكمة المتضمنة لكمال الحمد والعلم.


ولهذا كثيراً ما يقرن الله سبحانه وتعالى بين هذين الاسمين في آيات التشريع والجزاء ليدل عباده على أن مصدر ذلك كله عن حكمة بالغة وعزة قاهرة.

 ففهم الموفقون عن الله مراده وحكمته، وانتهوا إلى ما وقفوا عليه، ووصلت إليه أفهامهم وعلومهم، وردوا علم ما غاب عنهم إلى أحكم الحاكمين ومن هو بكل شيء عليم، وتحققوا بما عملوه من حكمته التي بهرت عقولهم، وأن لله في كل ما خلق وأمر وأثاب وعاقب من الحكم البوالغ ما تقتصر عقولهم عن إدراكه، وأنه تعالى هو الغنى الحميد العليم الحكيم، فمصدر خلقه وأمره وثوابه وعقابه غناه وحمده وعلمه وحكمته، ليس مصدره مشيئة مجردة، وقدرة خالية من الحكمة والرحمة والمصلحة والغايات المحمودة المطلوبة له خلقاً وأمراً، وأنه سبحانه لا يسأل عما يفعل لكمال عزته وحكمته .

المصادر والمراجع:
- مفتاح دار السعادة 1/287 بتصرف .
- شفاء العليل ص200.
- جلاء الأفهام ص 318 .

No comments :

Post a Comment