Sunday, April 23, 2017

الحكمة والمناسبة في اقتران اسم الله (رؤوف رحيم)



الحكمة والمناسبة في اقتران اسم الله (رؤوف رحيم):
الآية :
       اقترن هذان الاسمان في أواخر الآيات من سورة البقرة مرة واحدة في قوله تعالى :
(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيم).
معنى اسم الله (رؤوف رحيم):
رؤوف : الرأفة : الرحمة، وقيل أشد الرحمة، وقيل أخص من الرحمة وأرق. قال البيهقي: الرؤوف المساهل عباده فلم يحملهم يعني من العبادات ما لا يطيقون، يعني بزمانة أو علة أو ضعف، بل حملهم أقل مما يطيقونه بدرجات كثيرة، ومع ذلك غلظ فرائضه في حال شدة القوة، وخففها في حال الضعف ونقصان القوة، وأخذ المقيم بما لم يأخذ به المسافر، وأخذ الصحيح بما لم يأخذ به المريض وهذا كله رأفة ورحمة.  
وجاء في مختصر تفسير المنار : والتحقيق أن معنى الرأفة أو متعلقها: الرفق بالضعيف، كالطفل واليتيم والمبتلى، والعناية بهم. وأما متعلق الرحمة فهو أعم، يشمل الإحسان العام والخاص.
رحيم : على وزن فعيل بمعنى فاعل، أي راحم، وبناء فعيل للمبالغة عالم وعليم، وقادر وقدير. والمعنى أنه المثيب على العمل فلا يضيع لعاملٍ عملاً، ولا يهدر لساع سعياً، وينيله بفضل رحمته من الثواب أضعاف عمله.
المناسبة في اقتران اسم الله (رؤوف رحيم):
     قال محمد رشيد رضا في قوله (إن الله بالناس لرؤوف رحيم) : الجملة استئنافية لبيان علة النفي فيما قبلها.
      وقال ابن كثير : قال الحسن البصري :(وما كان الله ليضيع إيمانكم) أي ما كان الله ليضيع محمداً (صلى الله عليه وسلم) وانصرافكم معه حيث انصرف (إن الله بالناس لرؤف رحيم).
      قال أبو السعود : (إن الله بالناس لرؤوف رحيم) تحقيق وتقرير للحكم، وتعليل له، فإن اتصافه عز وجل بهما يقتضي لا محالة أن لا يضيع أجورهم، ولا يدع ما فيه صلاحهم.
       ولما كانت هذه الآية فيها طمأنة للمسلمين على إيمانهم وعلى صلاتهم، وأنهم ليسوا على ضلال، وأن صلاتهم لم تضع، ناسب ختامها باجتماع هذين الاسمين (رؤوف رحيم) فإن ذلك كله من رأفة الله سبحانه وتعالى بعباده ورحمته بهم. ولما كان هذا في حال المؤمنين الأوائل مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لم يقتصر على ذكر الرحمة فحسب بل أكد ذلك بالرأفة وهي أشد الرحمة.
       وإذا تأملنا المواضع الأخرى من القرآن الكريم التي اقترن فيها هذان الاسمان (الرؤوف الرحيم) وجدنا أنها لا تخرج عن امتنان الله سبحانه على عباده بأمر ديني أو دنيوي. فكل ما وهبه الله سبحانه وتعالى لعباده من خير، أو ما دفعه عنهم من سوء، فهو من رأفته ورحمته بهم.
المصادر والمراجع:
-  لسان العرب، ابن منظور. 
-  البيهقي، كتاب الأسماء والصفات. 
 -  تفسير المنار . 
- تفسير القرآن العظيم لابن كثير. 
- إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم لأبي السعود .

No comments :

Post a Comment