Wednesday, January 6, 2016

نظرة الإسلام والأسس التي اعتمدها لبناء الإنسان(أسس بناء الصحة الجسدية للإنسان المسلم)



نظرة الإسلام والأسس التي اعتمدها لبناء الإنسان(أسس بناء الصحة الجسدية للإنسان المسلم):
  إن اهتمام الإسلام بالمقاتل القوي الشديد يتطلب وبالدرجة الأولى بناء جسده بناءا سليما صحيحا خاليا من الأمراض والعلل والآفات لان المهام التي ستلقى على عاتقه تتطلب منه أن يكون سليم الجسد متين البنية ، وقد استخدم الإسلام لذلك أرقى وأفضل وأحسن الأساليب العلمية التي بدأت البشرية ورغم تقدمها العلمي والطبي بالعودة إليها وتطبيقها في المشافي ومراكز العلاج حتى في أرقى دول العالم المتقدمة علميا وطبيا.

ومن هذه الأسس والمبادئ ما يلي :
1.إن الإسلام قد فرض على الإنسان المسلم العبادات المختلفة التي تساعدة على بناء جسدة وتمنحه الصحة العضلية والبدنيه بشكل دائم ومستمر.
فها هي الصلاة عبادة روحانية يؤديها الإنسان بحركات معينة من جسده يستعمل خلال أدائها العضلات والمفاصل المختلفة من جسمه والتي تكاد تشمل الجسد كله،فتمنحه حركات مخصوصة تؤدي إلى تنشيط الدورة الدموية في شرايينه فتضخ الدم الصافي النقي إلى قلبه ومن قلبه إلى دماغه ثم إلى شرايين جسده كلها فتمنحه الحيوية والنشاط الدائمين.
 هذا وقد اثبت الطب الحديث فوائد وثمرات للصلاة وحركاتها لا تعد ولا تحصى تسهم في تغيير بنية الجسد وتجعله في حالة من الصحة والعافية النادرتين.
 ومن أسس صحة الجسد هو التخلص من الكسل والخمول والنعاس وليس أفضل من علاج لهذا كله من الصلاة التي يسبقها الوضوء الذي يؤدي إلى نشاط الجسد وتخليصه من كل ما علق به من الأوساخ والقاذورات والغبار.
وخاصة ما ثبت علميا وحديثا من فوائد للوضوء أبسطها أن الاستنشاق لوحده يحمي الإنسان من مرض الجيوب الأنفية وما يتصل بالجهاز التنفسي من مشاكل ،ناهيك عن نظافة اليدين والقدمين والوجه والفم .
أضف الى هذا كله ان الصلاة تمنح الإنسان الراحة النفسية والمعنوية فتمتزج راحة الجسد البدنية والحسية مع الراحة المعنوية ؛عندها يتشكل بداخل الإنسان جهاز مناعة قوي لا يسمح لأي مرض أو علة من الدخول إلى هذا الجسد المحصن.
ويضاف إلى ذلك كله أن الصلاة تعود الإنسان على الانضباط والاستقامة من خلال تسوية الصفوف المنتظمة المرتبة التي تدل على التنظيم الدقيق والانضباط العالي المستوى.
إضافه الى الحركات الموحدة من مجموع المصلين كالركوع والسجود والجلوس والتسليم.
إن تكرار هذه الأفعال خمس مرات في اليوم كفيل بأن يجعل الإنسان في حالة انتباه دائمة ويقظة مستمرة تدفعه إلى النشاط والانضباط والاستقامة.
 وكذلك الحال بالنسبة لبقية العبادات كالحج فهو كترويض للنفس والجسد معا،حيث إن مناسك الحج تفرض على المسلم أن يبذل الجهد الجسدي العضلي لإنجازها مما يجعله في حالة جسدية رياضية وبنية قوية تعطيه الصحة والعافية.
  اما الصيام فهو الوسيلة الاساسية والرئيسية للتخلص من فضلات الجسد وسبب في شفاء الكثير من العلل والأمراض التي تصيب الجهاز الهضمي.
 وقد أثبت الطب الحديث فوائد الصيام بل إن الكثير من المشافي في دول غير اسلامية اتخذت من طريق المسلمين في الصيام علاج للكثير من الأمراض.
 ولا تقل أهميه الزكاة عن غيرها من الفرائض فهي معونة للفقراء من الأغنياء الذين قد يكونوا بأمس الحاج لها للعلاج أو الغذاء أو الكساء أو المسكن الذي يقيهم شر العلل والأمراض ويمنعهم عن السعي المضني الذي قد لا يستطيعونه من أجل لقمه العيش .
  إنها عبادات إلهية تحمل في طياتها رياضات دينية تعود بالصحة والعافية على الجسد بل إنها تعود بالجمال والنظارة والبشاشة للوجه والقلب معا نتيجتها جسد قوي وروحانية ليس لها مثيل .
2.من اهم مقومات بناء الجسم السليم هو النظافة ، حيث ركز الإسلام على موضوع النظافة الجسدية والشخصية؛ وكذلك النظافة العامة للأحياء والأفنية والبيوت؛ حيث يقول محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام:" ان الله جواد يحب الجود ، نظيف يحب النظافة فنظفوا بيوتكم وأفنيتكم ولا تشبهوا باليهود ".
وقال أيضا :" إماطة-إزالة- الأذى عن الطريق صدقة " .
وكذلك فقد اشترط الإسلام الوضوء لصحة الصلاة قال محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام:" لا تقبل صلاة من أحد حتى يتوضأ ".
 وكذلك الاغتسال من الجنابة والحيض والنفاس، قال (ص):"الطهور شطر الإيمان " وقال الله الرشيد :"وان كنتم جنبا فاطهروا ".
 و حض على كثير من مظاهر النظافة مثل: قص الأظافر ونتف الإبط وحلق العانة،والاستنجاء والمضمضة  والتطيب والتعطر، والتزين بأحسن الثياب والظهور بأحسن المظاهر من غير تبرج او مبالغة ،قال الله المحيط :"يا بني ادم خذوا زينتكم عند كل مسجد "الأعراف 31، وقال محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام:"أصلحوا رحالكم ولباسكم حتى تكونوا في الناس كأنكم شامة " أي علامة على النظافة والتزين والترتيب والجمال.
إن هذه الأمور تؤدي إلى بناء جسد سليم معافى خالي من الأمراض والعلل.
3.الاقتصاد في الطعام :
يدعوا الإسلام إلى الاعتدال والاقتصاد في كل شيء فهو دين الوسطية  - وليس المغالاة - حتى في الطعام ، قال الله التواب :" وكذلك جعلناكم أمه وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا " .
وقد وجه الإسلام أتباعه الى إتباع طرق صحية  - أثبت الطب الحديث نجاحها في معالجه أمراض وعلل كثيرة- في تناول الطعام ويمكن إيجازها ما يلي:
- عدم الإقبال على الطعام إلا في حاله الشعور الحقيقي بالجوع حيث قال محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام:" نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع ".
- عدم ملئ المعدة بالطعام ،بل يجب إبقاء مساحه فارغة للنفس (الهواء )والماء أي ان يقسم المعدة إلى ثلاثة أقسام : ثلث للطعام وثلث للشراب وللثلث للنفس وبذلك يتحقق التوازن المطلوب للمعدة والذي يمكنها من القيام بعملها على أفضل حال ، قال محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام :" ما ملأ ابن ادم وعاء شرا من بطنه ، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه ، فان كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه " .
-الابتعاد عن الطعام الذي يسبب تهيج المعدة كالطعام الحار جدا او البارد جادا ،وكذلك الاطعمه المليئة بالتوابل الحارة التي تسبب الالتهابات وخبث الأمعاء .
4.الابتعاد عن المأكولات والمشروبات الضارة والخبيثة :
حرم الإسلام بعض الأطعمة والأشربة الضارة والفاسدة والمهلكة للعقل أو البدن أو لكليهما معا ،وذلك حفاظا على صحة الإنسان ليبقى متيقظا منتبها مستعدا لكل ما قد يطلب منه لأن "المؤمن كيِّس فَطِنٌ " ، ومن هذه الأطعمة:
- لحم الخنزير : أثبت الطب الحديث أن لحم الخنزير يحتوي على مكونات ضارة لجسم الإنسان ، وقد حرمه الله سبحانه في كتابه الكريم بصريح الآيات التي لا تأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها ولا تحتمل التأويل أو التحريف .
- الميتة : لأن النفس تعافها ولاحتوائها على كميات كبيرة من الجراثيم والميكروبات الضارة والتي قد تسبب للإنسان المرض والخبث أو حتى الموت وقد حرمها الله في صريح الآيات الكريمة .
- الخمور :إنها سبب فساد العقل وذهاب الفكر وضياع الجسد وانحلال الخلق ومدعاة للفجور والانحراف والانجراف الى متاهات الضياع والتشرد وأوحال الجريمة .
والناظر في حال المجتمعات التي فشا فيها داء الخمر يجد الجواب واضحا صريحا ،إنها تئن تحت وطأة الجريمة كالقتل والاغتصاب والسرقة وانتهاك الحرمات حتى بين أقرب الناس ،وتسعى المجتمعات – المتمدنة- اليوم للتخلص من هذة الآفة بشتى الطرق والوسائل لأنها تستنزف منها أموالها وطاقاتها وجهدها ووقتها.
 وقد حرمها الله سبحانه في كتابه الكريم ،حيث قال تعالى :"يا أيها الذين امنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون " (المائدة 90).
- المخدرات : كل مسكر حرام ،هذه هي قاعدة الإسلام ،حيث "نهى محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام عن كل مسكر ومفتر "لأنه يُذهِب العقل الذي هو ميزه الإنسان عن باقي المخلوقات والذي به ارتفع وتقدس فاستحق أن يكون خليفة الله في الأرض .
- التدخين :إنه آفة العصر التي ليس لها نتيجة إلا هلاك الجسم ودماره، ناهيك عن التدمير المادي والنفسي والمعنوي للمدخن.
لقد اثبت الطب الحديث أن التدخين سبب رئيسي للكثير من الأمراض والآفات وخاصة أمراض الجهاز التنفسي وأمراض القلب والرئة والاوعيه الدموية وإتلاف أنسجه اللثة واللسان والشفة وسقف الحلق بالإضافة الى أنه سبب رئيسي لمرض السرطان وخاصة اذا ترافق مع شرب المسكرات ،لذا فهو قتل للنفس وتدمير للصحة والجسم الذي هو أمانة في عنق صاحبه والذي أمره الله سبحانه  ورسوله الكريم بالحفاظ عليه .
إن المدقق في  توجيهات  الإسلام  فيما  يتعلق بغذاء الإنسان وطعامه يجدها توجيهات حضارية راقيه تسعى  الأمم الحديثة المتقدمة طبيا الى  تطبيقها وتنفيذها بحذافيرها لما فيها من فائدة عظيمة على صحة الإنسان وقوته البدنيه والعقلية  معا .
5.تجنب السلوكيات المحرمة:
 لقد حرم الإسلام اقتراف المحرمات وتجنب السلوكيات الشاذة حفاظا على الصحة وتجنبا للأمراض التي قد تسببها مثل هذة السلوكيات الخاطئه ،ومن أشد ما حرم الإسلام هو :الزنى الذي اعتبره الإسلام فاحشه وساء سبيلا ،حيث يقول جل وعلا:" ولا تقربوا الزنى انه كان فاحشه وساء سبيلا " (الإسراء 32).
وكذلك فقد حرم الإسلام اللواط وهو عمل قوم لوط الذين خسف بهم الله الأرض عندما قارفوه وارتكبوه وذلك لأنه مخالفه للفطرة السليمة وشذوذ عن السلوك السوي القويم الذي شرعه الله للإنسان لقضاء وطره وشهوته وهو الزواج الصحيح الحلال ، قال محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام:" ملعون من عمل عمل قوم لوط" .
هذا وقد ظهر في العصر الحديث ابتلاء من الله للأمم والشعوب التي خالفت الفطرة واستخدمت الشذوذ الجنسي كوسيلة لقضاء الشهوات وجعلته متاحا مباحا وهو مرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز ) الذي يحصد سنويا ملايين القتلى ويفتك بمئات الملايين ،انه عقوبة الله لأولئك القوم الذين عصوا الله واستحلوا محارمه وجاهروا بالمعصية،إنه مرض يستنزف من الأمم الأموال الطائلة والجهود الطبية المضنية ويدمر اقتصاديات كثير من الدول دون طائل أو نتيجة ،وعانت البشرية حتى اكتشفت  ان الحل هو بالتزام الأخلاقيات الفاضلة والتزام السلوكيات المستقيمة والتي دعا إليها الإسلام وحض عليها .
وكذلك حرم الإسلام إتيان المرأه أثناء الحيض والنفاس لما في ذلك من أذى ،مصداقا لقوله تعالى :" يسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض .."(البقرة 222).
وقد اثبت الطب الحديث بأن دم الحيض يمتلئ بالميكروبات الضارة التي تلحق الأذى بالرجل وتتسبب بالالتهابات والأمراض .
6.العلاج والتداوي من الأمراض والعلل:
   " تداووا عباد الله فما انزل الله من داء إلا وانزل له الدواء " ،هذا حديث من أحاديث محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام ،وهي قاعدة الإسلام الاهتمام بالجسم والعناية به إن أصابه المرض أو حل به الضعف وذلك لكي يبقى قويا مستعدا لكل ما يطلب منه ،لأن الإسلام أراد لأتباعه أن يبقوا أقوياء أصحاء جسديا ونفسيا وعقليا لان القاعدة في الإسلام هي أن "المؤمن كيّس فطن " فالفطانه والذكاء واليقظة لا تكون بالجسم المريض الممتلئ بالعلل والأسقام بل هي في الجسم الصحيح النشيط القوي.
وقد بين الإسلام للناس أساليب الحفاظ على البيئة السليمة الخالية من الإمراض كعامل وقاية قبيل الأصابه بالمرض حيث نهى محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام عن تلويث الماء –الراكد- وذلك بالتبول فيه  لأنه سيكون بيئة خصبه لانتقال الأمراض والاوبئه للآخرين قال محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام:" لا يبولن أحدكم في الماء الدائم –الراكد- ثم يغتسل فيه " رواه البخاري.
وكذلك فإن الإسلام استخدم أحدث طرق الوقاية من الأمراض  وذلك باستخدام أسلوب (الحجر الصحي )  وذلك حماية للناس من انتشار المرض و شر العدوى حيث قال محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام:" إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها وإذا نزل وأنتم بأرض فلا تخرجوا منها " أخرجه الترمذي .
نلحظ ومن خلال ما سبق بأن الإسلام قد عُنِيَ واعتنى عناية فائقة وتامة بأتباعه حفاظا على أجسادهم وعقولهم ونفسياتهم لأن الإسلام يريد الإنسان السليم الذكي القوي النشيط لأن مسؤوليته عظيمة وحمله ثقيل وهو بناء الأرض وعمارتها والقيام بأعباء دينه ورسالته السمحة لينشرها في كافه بقاع الأرض وأطراف المعمورة .
والناظر في هذه الأساليب يجد دقتها وبلاغتها وعناية الإسلام من خلال بأدق تفاصيل وجزئيات حياة الإنسان ،وان المتتبع لها والعامل بها والمطبق لها لن يجد إلا السرور والسعادة وراحة الجسد والنفس معا .

المصادر والمراجع:
- مهدي الحسيني ، مسؤوليات القيادة الاسلامية ، دار المشرق العربي الكبير ، لبنان ، 1978 .
-احمد عبد ربه بصبوص ، فن القيادة في الإسلام ، مكتبة المنار،  الزرقاء الأردن ، 1989
- محمود شويات ، اثر العقيدة الاسلاميه في شجاعة المقاتلين وتضحيتهم ، مجله الأقصى ، العدد 773، تاريخ 1/كانون أول 1986.
- أساسيات في القيادة والإدارة النموذج الإسلامي في القيادة والإدارة هايل عبد المولى طشطوش،دار الكندي،الطبعة الأولى 2008.

No comments :

Post a Comment