Tuesday, January 5, 2016

نظرة الإسلام والأسس التي اعتمدها لبناء الإنسان(أسس بناء الصحة النفسية للإنسان المسلم)




نظرة الإسلام والأسس التي اعتمدها لبناء الإنسان(أسس بناء الصحة النفسية للإنسان المسلم): 
إن الإنسان في الإسلام هو أساس الكون ومحور الاهتمام لأنه هو المكلف بعمارة الكون وخلافة الله في الأرض؛ لذا فإن ما يجب ان يتحلى به الإنسان من أخلاقيات وصفات وخصائص يجب أن تختلف عما يتمتع به غيره من المخلوقات ؛وذلك لأنه مميز بالعقل والإدراك والفهم ، لذا فإن الإسلام اعتمد أسس عظيمة ومهمة في بناء هذا الإنسان ليكون قادرا على القيام بأعباء المسؤوليات المناطة به ؛حيث اهتم به منذ أن يكون جنينا في بطن أمه إلى آخر لحظة في حياته، وذلك وفق أسس محددة ومعالم مرسومة بينها القرآن الكريم والسنة المطهرة يسترشد بها من أراد الفلاح والنجاح ويتنكبها الضال الجاهل .

أسس بناء الصحة النفسية للإنسان المسلم :
  إن الصحة النفسية هي شرط هام وعامل من عوامل تكامل شخصية الإنسان السليم ، وذلك لأن سلامة النفسية تعني سلامة بقية الجسد وإن علة النفس تؤدي إلى اختلال الموازين واضطرابها وتغير أنماط السلوك وانهيارها.
 وللمزيد من التوضيح يجدر بنا أن نعرف الصحة النفسية والتي تعني :"قدرة الفرد على التوافق مع نفسه ومع المجتمع الذي يعيش فيه وهذا التوافق هو الذي يؤدي الى التمتع بحياة خاليه من الاضطرابات ، حيث يتسم الفرد بالرضا عن نفسه وعن مجتمعه حيث لا يبدو عليه ما يدل على سخطه على مجتمعه كما انه لا يسلك سلوكا اجتماعيا شاذا بل تكون كل سلوكياته معقولة تدل على الاتزان العاطفي والانفعالي والعقلي في مختلف
المجالات وتحت تأثير جميع الظروف " ، وهو وفقا لما ذكر أعلاه يكون صحيح النفس سوي الشخصية سليم التصرف ويكون ذا صحة نفسيه سليمة.
ومنهجيه الإسلام في تقويم نفسيه الإنسان هي منهجيه متطورة وعصريه تصلح لكل زمان ومكان ،لذا فلا حق لجاحد أو منكر أو ملحد أو علماني أو حاقد أن يقول إنها أساليب وطرائق عفا عليها الزمن وباتت قديمة وبالية،بل إنها الحلول الناجعة لما تعانيه البشرية اليوم من ازدحام عياداتها ومستشفياتها –وخاصة في الغرب المتقدم- من كثرة المرضى الذين يعانون من صنوف الأمراض والعلل النفسية والإصابات الروحية كالتوتر والذهان والقلق والكسل والاكتئاب والخوف والفصام والهلوسة والأرق والعصبية وغيرها الكثير مما نتج عنه أمراضا جسديه كارتفاع الضغط والسكري وألم المفاصل ... مما يستنزف الأموال الطائلة لعلاجها ولكن دون فائدة.
 ولكن الإسلام العظيم لديه الحل ،وذلك وفق منهجيه أثبتت جدارتها وقدرتها على  شفاء علل النفس وبقاء الإنسان سليم الروح والنفس والضمير والجسد .
لذا تجد الإنسان الممتلئ قلبه بالإيمان والمتعلق بخالقه يتمتع بالصحة النفسية التامة ويشعر بالسعادة الغامرة في كل وقت وحين ؛وهذا ما أثبتته دراسات الغرب الكثيرة في مسيرة بحثها عن علاج أمراض الروح والنفس.
أما منهجيه الإسلام في بناء النفسية فتتلخص فيما يلي :
1. تعلق القلب بالخالق عز وجل وتوجهه إليه سبحانه ،لأن في ذلك الطمائنينة والراحة ، حيث يقول تعالى :" ألا بذكر الله تطمئن القلوب " ، إن في ذكر الله والتعلق به راحة للنفس وطمأنينة للضمير ؛لأن الإنسان عندها يدرك أن مصيره ورزقه وأجله بيد خالقه وليس لأحد من البشر مهما كانت قوته وجبروته أن يضره او ينفعه بشيء إلا بإرادة الله عز وجل ،حيث يقول سيدنا محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام في الحديث مخاطبا عبد الله بن عباس :" واعلم أنه لو اجتمع أهل السماوات والأرض على أن يضروك بشيء ما ضروك إلا بشيء قد قدَّره الله عليك " .
ومن مظاهر التعلق بالله عز وجل هو المداومة على قراءة القران لأن في ذلك شفاء للصدور وتخلص من القلق والاضطراب ،حيث يقول تعالى :" وننزل من القران ما هو شفاء ورحمه للمؤمنين " الإسراء 82 .
2. وجه الإسلام الإنسان المسلم ان يتعامل مع إخوانه جميعا بالرفق واللين والاحترام والتسامح ، لأن هذا الأسلوب هو الطريق نحو بناء جسور المودة والتراحم والتآلف  بين الناس؛عندها تسود العلاقات الانسانية حالةً من الهدوء والاتزان والطمأنينة ،وينعدم منها العنف والتطرف والاضطراب ،وهذا ما تعاني منه البشرية اليوم وسببه لاشك هو انعدام التعامل بالرفق واللين واحترام الآخر والتسامح فيما بين الناس ، قال تعالى :" ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك "، وقال تعالى :" والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين " آل عمران 134..
3. يدعوا الإسلام المسلم للتفاؤل والاستبشار بالخير  ونبذ اليأس والقنوط،حيث يوجهنا لذلك رب العزة فيقول :" ولا تيأسوا من رَوْحِ الله انه لا ييأس من رَوْحِ الله إلا القوم الكافرون " يوسف 87.
 وكذلك فإن من يتفائل بالخير يجده ، والتفاؤل والاستبشار يؤديان بالإنسان إلى راحة البال وهدوء الأعصاب والنفسية وطمأنينة الضمير.
4.يدعوا الإسلام الإنسان المسلم إلى البشاشة وطلاقة الوجه لدرجة أنه اعتبر تبسم الإنسان المسلم في وجه أخيه المسلم صدقة، وهذا السلوك يجعل الإنسان يعتاد ألابتسامه واللطافة في التعامل مع الآخرين فيحترمونه ويقدرونه ويبادلونه نفس الشعور مما يخلق أجواء مريحة سواء في البيت أو الشارع أو العمل ، و في كل مكان .
5.قناعة الإنسان  بما قسم الله له ، عندها تطئمن نفسه ويرتاح باله ويعرف أن هذا هو نصيبه في هذه الحياة ؛حتى وإن كان ما أوتي قليل ويسير لأنه من عند مقسم الأرزاق وهو الله القادر ،حيث إن رضا الإنسان بما قسم الله له يجعله أغنى الناس ،قول الله الخبير:" (وعسى ان تكرهوا سيئا وهو خير لكم وعسى انم تحبوا شيئا وهو شر لكم ...)  وقاال النبي محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام: (وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس ) وفي تراثنا العربي الإسلامي "القناعة كنز لا يفنى " .
6.الصبر والشكر نعمتان من نعم الله على الإنسان المسلم يجعلانه يشعر بالطمأنينة وراحة النفس فهما السلاح الحقيقي لمواجهة الاضطراب والقلق على ما فات أو نقص.
قال الله الكبير :" لئن شكرتم لأزيدنكم " إبراهيم 7.
 لأن الخير كله في الصبر والشكر؛ وهذا ما نبئنا به نبي الهدى والرحمة محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام حين قال :" عجبا لأمر المؤمن ان أمره كله خير ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ،إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له "،رواة مسلم، وقال الله الرحيم :" والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا ..) البقرة 177.
7.إن النظر الى ما عند الآخرين وتمني زوال النعمة وتحولها عنهم هو مصدر القلق والاضطراب ، لذا فان الإسلام أراح الإنسان من هذا العناء وأمره بالقناعة ، حيث طلب منه ان لا ينظر للناس بعين الحسد والطمع بما يملكون ، قال الله القدوس :" ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا "طه 131 ،وقال الله الوهاب:" ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض"،عندها ترتاح نفسه ويهدأ باله .
هذه بعضا من أسس المنهجية الاسلاميه في بناء نفسيه الإنسان السليم الصحيح النفس والروح ، لأن الإسلام يدرك أن الإنسان القوي نفسيا هو ذاته القوي بدنيا وعقليا لأن الروح والجسد هما مكونات الإنسان الكامل الصحيح الذي يصلح أن يكون عندها مقاتلا وجنديا قويا شديدا متماسكا في أصعب اللحظات وأعسرها فيؤدي دور على أكمل وجه ويقوم بواجبة أتم القيام .
المصادر والمراجع:
-عبد الله بن عبد العزيز العيدان ، طريقك الى الصحة النفسية ، الرياض ، 1418هـ.
- مهدي الحسيني ، مسؤوليات القيادة الاسلامية ، دار المشرق العربي الكبير ، لبنان ، 1978 .
-احمد عبد ربه بصبوص ، فن القيادة في الإسلام ، مكتبة المنار،  الزرقاء الأردن ، 1989
- محمد جمال الدين محفوظ ، المدخل إلى العقيدة والاستراتيجية العسكريه الإسلامية ، الدار المصريه للكتاب ، القاهرة ، 1976.
- فهمي القدومي ، تنظيم القيادة في عهد الرسول ، مجله الاقصى ، العدد 773، تاريخ 1/12/1986.
- محمود شويات ، اثر العقيدة الاسلاميه في شجاعة المقاتلين وتضحيتهم ، مجله الأقصى ، العدد 773، تاريخ 1/كانون أول 1986.
- أساسيات في القيادة والإدارة النموذج الإسلامي في القيادة والإدارة هايل عبد المولى طشطوش،دار الكندي،الطبعة الأولى 2008.

No comments :

Post a Comment