Tuesday, January 12, 2016

المبادئ العامة في التنظيم الإداري الإسلامي



المبادئ العامة في التنظيم الإداري الإسلامي:
ان الاجتهاد رحمة للأمة وبيان لقيمتها وأهميتها كأمة متجددة متطورة؛ تجاري تطور الزمان واختلاف العصور والأيام ،إن الاجتهاد هو مصدر الأحكام التي لم يرد فيها نص في كتاب أو سنة، وهو المنقذ للأمة مما قد يشكل عليها من مسائل وقضايا مستجدة وحديثة لم تكن في زمن الإسلام الأول .
والإسلام هو دين الإدارة والسياسة والحكم والاقتصاد والاجتماع والفلسفة فهو دين شامل ليس فيه نقص أو قصور ولكنه يحتاج إلى براعة التحليل والتصدي من قبل علماء الأمة ومفكريها للبحث والدراسة واستخلاص عظمة الإسلام من خلال النصوص الكريمة التي احتوت على كلِّ المفاهيم والمعاني المتطورة للنظم الإدارية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية وغيرها .
 إن خلفاء وحكام المسلمين قد طبقوا في ولاياتهم وأحكامهم ما وسعهم من المبادئ والأساليب الادارية التي كانت تفرضها الظروف ومستجدات الأيام وتغير المواقف والأزمان .
المبادئ العامة في التنظيم الإداري الإسلامي:
1.المساواة :
لقد أقر الإسلام هذا المبدأ ومنع التمييز بين الناس على أساس العرق أو الجنس أو اللون ،إنما جعل مقياس المفاضلة بينهم هو التقوى ،قال الله الوهاب :" ان أكرمكم عند الله أتقاكم " الحجرات 13.
ويكفي أن نعلم ان رسول الله قد قال في حق سلمان الفارسي :" سلمان منا ال البيت " لندلل على أن الإسلام ليس فيه أسود ولا أبيض ولا عربي ولا أعجمي؛ فالناس فيه سواسية، وهذا المبدأ يجعل الأفراد في الدولة مرتاحوا البال مطمئنين على أن حقوقهم محفوظة وأن الجزاء والعطاء بمقدار البذل والعمل ،عندها تسير الأمور الادارية وفق منهجية سليمة يثاب فيها المحسن ويعاقب فيها المسيء .
2.العدل :
إن المدرسة الادارية في الإسلام قامت على أساس من العدالة والإنصاف، وقد تم تطبيق ذلك نظريا وعمليا ، والشواهد على ذلك لا تعد ولا تحصى ، وذلك تطبيقا لأمر الله ورسوله، حيث قال الله المبدئ :" وإذا حمكتم بين الناس ان تحكموا بالعدل " النساء 58،وقال نبيه الكريم:" ان المقسطين عند الله  على منابر من نور والذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا " .
بل إن مخالفه هذا المبدأ في الإسلام يترتب عليها الجزاء والعذاب من الله حيث يقول الله المعيد :" وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون " الشعراء 227.
هذا وقد أدركت المدارس الحديثة في الادارة  أهمية العدل وبدأت تعتبره جزء من مبادئها كما هو الحال في مدرسه (فاويل ) العلمية في الإدارة ، وكذلك السلوكيون الذين اهتموا به وطبقوه على العاملين في الإداره لأهميتها.
3.الشورى :
لا يستطيع أحد أن ينكر دور الشورى وأهميتها في استخلاص الرأي الامثل والأفضل والاصوب من بين الآراء الكثيرة والمختلفة ، وهي بلا شك سبب رئيسي من أسباب نجاح القادة والمدراء.
وقد أدركت الأجهزة الحديثة أهمية الشورى والاستشارة فوضعت وصممت أجهزة مختصة ودوائر مستقلة مهمتها فقط تقديم المشورة والرأي .
وقد سبقت الإدارة الاسلامية الإدارة الحديثة في هذا أمر بالقول والعمل،حيث أمر الله سبحانه وتعالى بالشورى حيث قال:" وشاورهم في الأمر "آل عمران 159،وطلب أن يكون أمر الناس شورى بينهم فقال:" وأمرهم شورى بينهم " ،وقال النبي محمد عليه الصلاة والسلام:" ما خاب من استخار ولا ندم من استشار ولا عال من اقتصد " .
وهذا يدلنا على أهميه التشارك في الرأي لأنه لا ينتج إلا خيرا.
وأما من الناحية العملية فقد شاور النبي محمد عليه الصلاة والسلام أصحابه في أموره وغزواته، والمطلع على سيرة النبي محمد عليه الصلاة والسلام يعرف ذلك.
و حفلت السنة الفعلية بما يثبت أن الرسول الله شاور أصحابه في عدة أمور وفي جملة المواقف ، ونجد الكثير من الأمثلة على ذلك في كتب التاريخ والتفسير والحديث وقد عبر عن ذلك أبو هريرة بقوله (( لم يكن أحد أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم )) فكان يستشيرهم في الحرب وفي السلم بل وفي خاصة أمره فقد روى عنه في حادثة الإفك قوله عليه السلام : (( أشيروا علي يا معشر المسلمين في قوم أبنوا أهلي ورموهم )) ..
وقد استشار الرسول عليه السلام أصحابه في ثلاثة مواقف بغزوة بدر : الأول قبل أن تبدأ المعركة والثاني أثناءها والثالث بعد انتهائها – فلم يصدر إليهم المر بالحرب دون مشاورتهم ولو فعل لوجد منهم الطاعة والإذعان التامين ولكنه استشارهم قبل الإقدام على القتال.
وقد استشار المهاجرين فقام أبو بكر الصديق فقال فأحسن ثم قام عمر فقال فأحسن ولم يفته استشارة الأنصار أيضاً ، لأنهم كانوا قد تعاهدوا معه على الدفاع عنه وحمايته في المدينة فحسب ولذلك حرص على ألا يورطهم في حرب قد لا يريدونها ولذلك فعندما طلب الرأي قال سعد بن معاذ سيد الأوس بل سيد الأنصار ( وكان فيهم كالصديق في المهاجرين ) : كأنك تريدنا والله يا رسول الله ثم أعلن تأييد الأنصار ومبايعتهم على القتال .
وعند المعركة وعلى أرضها برزت صورة أخرى للشورى إذ تقدم المنذر بن الحباب يعرض مشورته على الرسول عليه السلام فيما يتعلق باختيار المكان المناسب للنزول فيه وقد أقره الرسول على مشورته وعمل المسلمون برأيه .
وبعد انتصار المسلمين في بدر وحصولهم على الأنفال والأسرى من الكفار احتاجوا إلى المشورة مرة ثالثة : وقد استشار الرسول عليه السلام أبا بكر وعمر فأشار أبو بكر بقبول الفداء من الأسرى ووافق ذلك رأى الرسول عليه السلام أيضاً وخالفهما فيه عمر "، أما علي بن أبي طالب فلم يعلن رأيه في هذا الأمر مع أنه أحد الثلاثة المستشارين ولعله آثر التريث حين رأى هذا الخلاف . وقد نزل بعد ذلك الوحي بعدم أخذ الفداء .
4.الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
إن سيادة السلوكيات المستقيمة والصحيحة في المجتمع وانتفاء الأخلاقيات السيئة هو أساس قيام الدولة بواجبها خير قيام وهو من أهم أسس نجاح الإدارة ،لأنه يدفع بالجميع إلى المراقبة الذاتية والخوف من الله ، و إنجاز الأعمال والواجبات بأمانة ،وإخلاص وتكون نتيجته الوقاية من الانحراف لا بل اجتثاثه من جذوره .
وقد أمر الله سبحانه بتطبيق هذا المبدأ في كتابه العزيز ، حيث قال الله الودود :" كنتم خير أمه أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله "  آل عمران 110 ،وهو خطاب موجه للأمة  كلها لتقوم بواجبها في النصح والتناصح ومنع قيام المنكر وترسيخ المعروف وبنائه .
المصادر والمراجع:
-فوزي كمال ادهم ، الإدارة الاسلاميه ، دار النفائس ، 2001 .
-حزام بن ماطر المطيري ،الإدارة الاسلاميه المنهج والممارسة ،مكتبه الرشد ،الرياض ،2004.
-محمد سليم العوا ، في النظام السياسي للدولة الاسلاميه ، المكتب المصري الحديث ، ط3 ،1979.
-نزار عبد اللطيف الحديثي ، محاضرات في التاريخ العربي،بغداد 1979.
-المجلة الثقافية ،العدد 70،أيار 2007 ،الجامعة الاردنيه ،عمان .
-زهاء الدين عبيدات ،القيادة والإدارة التربوية في الإسلام ، دار البيارق ، عمان ، 2001.
-علي محمد منصور ، مبادئ الإدارة (الأسس والمفاهيم )، مجموعه النيل العربية ، القاهرة، 1999.
-أحمد عبد ربه بصبوص ، فن القيادة في الإسلام ، مكتبة المنار،  الزرقاء الأردن ، 1989 .
-محمد عبد الفتاح ياغي ، الأخلاقيات في الإدارة ، عمان ، 1995.
-توفيق سلطان اليوزبكي، دراسات في النظم العربية والإسلامية ،جامعه الموصل ،1988.

1 comment :