Monday, January 11, 2016

مبادئ الإدارة في السنة النبوية المطهرة



مبادئ الإدارة في السنة النبوية المطهرة :
السنة النبوية هي المصدر الثاني من مصادر التشريع في الإسلام ،حيث  جاءت مفصلة وموضحة لكثير من الأمور التي تحدث عنها القرآن الكريم بشكل عمومي.
والإدارة الإسلامية  لها نصيب عظيم في السنة المطهرة تفصيلا وتوضيحا ويكفي أن نعلم أن الإداري الأول والقائد الأول في الإسلام هو النبي محمد عليه الصلاة والسلام خير البشر وأفضلهم على الإطلاق الذي علمه ربه فأحسن تعليمه .
وجاءت السنة النبوية المطهرة بالكثير من المبادئ والأسس الادارية والأساليب القيادية التي تطمح لها الإدارة الحديثة وتسعى للوصول إليها ، ويمكن ان نتلمس منها المبادئ التالية :
1.الشعور بالمسؤولية وأهميتها :
حددت السنة النبوية مسؤولية القائد والمدير وبينت أهميه هذة المسؤولية وقيمتها الدنيوية والأخروية وبأنها مناط الحساب والسؤال من قبل الله عز وجل، وقال النبي محمد عليه الصلاة والسلام: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ".
لذا فان الرئيس ومما كان نوع رئاسته ،سواء رئيس الدولة او رئاسة الرجل لأهل بيته أو مسؤولية المرآة على أسرتها او مسؤولية العبد في مال سيده أو مسؤولية الخادم في بيت خادمه، كلها مسؤوليات توجب الشعور بأهميتها وإخلاص فيها .
2.الإخلاص في العمل وإتقانه :
من مبادئ الإدارة الحديثة :الدقة والإتقان والإخلاص في العمل من أجل تحقيق أفضل الأرباح  وأعظم الإنجازات بأقل التكاليف والخسائر ، وهذا المبدأ هو خلق إداري إسلامي أمر به الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم ، حيث قال النبي محمد عليه الصلاة والسلام :" من غش فليس منا " ،فالغش أمر من الأمور المرفوضة المكروهة المنبوذة في الإسلام لأنه يفسد العمل ويخرب العلاقات الانسانيه والانتاجيه معا.
و قال النبي محمد عليه الصلاة والسلام:" ان الله يحب اذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه" وقال:" ان الله يحب من العامل إذا عمل أن يحسن " رواه البيهقي ،ورواه ابو يعلى والعسكري.
والإخلاص أيضا في تولي مسؤوليه الأفراد أمر حضت عليه السنة المطهرة وحذرت من التفريط فيه ، قال النبي محمد عليه الصلاة والسلام:" أيما رجل استعمل على عشرة أنفس علم أن في العشرة أفضل ممن استعمل ،فقد غش الله وغش رسوله وغش جماعه المسلمين " رواة أبو داوود الترمذي والحاكم وأحمد بروايات مختلفة .
3.الامانة:
الأمانة خلق عظيم وتطبيقه في مجال الإدارة أعظم لأن الشخص الأمين الصادق هو عون للمؤسسة أو المنظمة وهو رافد من روافد العمل الإداري الناجح ، ويدخل في نفس الرئيس الطمأنينة من ناحية مرؤوسه الأمين ، وفي هذا الإطار يقول النبي محمد عليه الصلاة والسلام:" اعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فإنه يراك " رواه مسلم.
فمن علم أن الله يراقبه أصلح عمله وأتقنه .
4.الكفآة :
الكفآة من أهم مبادئ الإدارة الحديثة حيث تسعى النظم الادارية المعاصرة إلى البحث عن الرجل المناسب ليوضع في المكان المناسب من خلال توافر شروط معينه وصفات خاصة فيه تساعدة وتساعد إدارته على النجاح في العمل وتحقيق أفضل معدلات التفوق والتطور الإداري.
والإسلام لم يغفل عن مبدأ الكفاءة بل انه سبق الانظمة الادارية الحديث إليه حيث كان النبي محمد عليه الصلاة والسلام يستخدم ويستعمل القوي الأمين الشجاع الذي يخاف الله ويتقه ،العادل ،الصادق صاحب الاستقامة ، المتمتع بالخلق القويم وسعه العلم والجدارة والنزاهة ، ولم يكن يولي أحدا إلا بعد استيثاقه من توافر هذة الصفات فيه .
فقد جعل وزيريه أبي بكر وعمر، وكان القائد في غزوة بدر وأحد حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، وقبل هجرته بعث مصعب بن عمير ليكون سفيره إلى المدينة وأطلعهم على الاسلام وأسلم الكثير من أهل المدينة، وفي غزوة الأحزاب جعل رئيس حرس الخندق علي بن أبي طالب، وكلذلك أعطاه الراية يو خيبر ، وغير ذلك من الأمور التي كان يوليها النبي محمد عليه الصلاة والسلام للأكفاء.
5. القيادة الشورية :
طبَّق النبي النبي محمد عليه الصلاة والسلام الأسلوب الاستشاري في قيادة الدولة ،حيث كان يشاور أصحابه من أهل الرأي والحكمة وأصحاب العقل والعلم ويأخذ برأيهم في كثير من الأمور ، فقد شاور النبي محمد عليه الصلاة والسلام أصحابه بأسرى بدر وأخذ برأي أبي بكر بافتداء الأسرى وكذلك استجاب لرأي الأكثرية من الصحابة في الخروج يوم أحد ، وأخذ النبي محمد عليه الصلاة والسلام برأي سعد بن معاذ وسعد بن عبادة عندما أشاروا عليه بعدم مصالحه رؤوسا غطفان،والأمثلة كثيرة من سيرته العطرة عليه أفضل الصلاة وأتم التسيلم.
وتشير الدراسات الادارية الحديثة الى  أن أفضل أنواع الإدارة والقيادة هو الإدارة الشورية التي كان يطبقها النبي محمد عليه الصلاة والسلام.
6.تقسيم العمل :
إن تقسيم العمل وتخصيص الواجبات وتحديد المسؤوليات هو عمل إداري ناضج متطور لأنه بغير ذلك تدب الفوضى في أوصال الجهاز الإداري فعندها لا يعود أحد يعرف واجبه ومسؤولياته مما ينعكس سلبا على الأداء والإنتاج ، ورسولنا الكريم النبي محمد عليه الصلاة والسلام كان يخصص الواجبات ويقسم العمل على أصحابه ليقوم كل واحد منهم بواجبه خير قيام.
 ومن أمثلة ذلك هو كُتَّاب الوحي الذين كان عددهم حوالي (42) كاتبا ، وكان كل واحد منهم له عمل مختلف عن الآخر يؤديه ويقوم به .  
7.العدالة بين المرؤوسين:
العدالة بين المرؤوسين من أسس الإسلام العظيمة ومن مبادئه القويمة وهو مبدأ هام من مبادئ الإدارة ،حيث ان العدالة بين المرؤوسين تحقق نتائج مذهلة في الأداء حيث ترتفع معنويات العاملين ويقبلون على العمل بمحبة وشغف ويشعرون أن حقوقهم محفوظة وبأن هناك من يرعاها ويصونها لهم، وبأن المجتهد سوف ينال نصيبه وإن حق لن يضيع ، قال النبي محمد عليه الصلاة والسلام:"من ولي من أمر المسلمين شيئا فأمَّر عليهم أحدا محاباة فعليه لعنه الله ، ولا يقبل منه صرفا ولا عدلا حتى يدخله جهنم " أخرجه الحاكم وصححه .
8.الاهتمام بالمرؤوسين : 
اهتم الرسول النبي محمد عليه الصلاة والسلام بحاجات عماله ومرؤوسيه وقادته الروحية والنفسية والجسدية والمادية ،وذلك لكي يعطي ويبذل أقصى ما عنده من طاقة ولتكون نفسه مرتاحة مطمئنة على أهله وماله وولده حيث يقول النبي محمد عليه الصلاة والسلام:"من ولي لنا عملا وليس له منزل فليتخذ منزلا أو ليس له زوجة فليتزوج أو ليس له دابة فليتخذ دابة" ومعنى الحديث: أن من ولي لنا عملا ولم يكن عنده منزل نعطيه منزلا، وإن لم يكن متزوجا نساعده على الزواج وتكاليفه، والذي ليس عنده دابة وهي وسيلة النقل آنذاك، فإنا نعطيه دابة ونساعده على شراء أحدها، وفي هذا اعتمام بالمرؤوسين وحاجاتهم ليكونوا مكتفين ذاتيا، حتى لا ينجرفوا بالانحراف عن أخلاقيات وواجبات عملهم.
وقال أيضا :" من كان لنا عاملا ولم يكن له مسكن فليتخذ مسكنا " رواه أبو داوود .
وهذا ما تسعى إليه النظم الادارية الحديثة من حيث توفير المسكن المناسب للموظفين وإعطاء الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي والرعاية الاسرية والاجتماعية لهم ولعائلاتهم .
ونرى ان الإسلام قد سبق هذه النظم بمئات السنين في تحقيق وتطبيق أغلى أمنيات الفرد في مجال الإدارة والأعمال.
9.طاعة الرئيس واحترامه :
لأن فيها دوام للعمل  واستمرار للعطاء والإنتاج ،فالإسلام لم ينظر إلى الصور والأشكال بل نظر إلى العقل والفكر والقلب ومحتواهما ،وأمر بطاعة الأمير والمدير والرئيس والقائد مهما كان لونه أو شكله ما دام يطيع الله ويخافه،قال النبي محمد عليه الصلاة والسلام:" اسمعوا وأطيعوا ولو أُمِّر عليكم عبد حبشي رأسه كزبيبه" . وهذه الطاعة تنتهي عندما يأمرك رئيسك بأمر فيه معصية الله فلا يجوز طاعته، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، كالغش وتقبل الرشوة والتلاعب بالرواتب والميزانية والصادرات والواردات، و غيير ذلك.
إن ما سبق ذكره من مبادئ الإدارة في القرآن الكريم والسنة المطهرة هو فيض من غيض وقليل من كثير يصعب على المرء الاحاطه به لأنها كلمات الله التي وسعت كل شيء وكلمات رسوله الكريم التي جاءت مفصلة لكل نواحي الحياة الانسانية.
إن الإدارة الاسلامية هي إدارة عصرية متطورة ذات نظرة مستقبلية ثاقبة،لأن الإدارة الحديثة تسعى جاهدة لتطبيق ما نجحت بتطبيقه الإدارة  الاسلامية على يد القائد الإداري الأول النبي محمد عليه الصلاة والسلام الذي كان يتلقى التوجيهات من لدن رب العالمين الذي أحاط بكل شيء علما ،فكيف يعتريها النقص أو التقصير.
ان مبادئ الإدارة الاسلامية هي عبارة عن دساتير ونظم إدارية دائمة متجددة لا غنى للإدارة العصرية عن الاسترشاد  والاهتداء بها  مهما تطورت وتحدثت.

 المصادر والمراجع:
-فوزي كمال ادهم ، الإدارة الاسلاميه ، دار النفائس ، 2001 .
-حزام بن ماطر المطيري ،الإدارة الاسلاميه المنهج والممارسة ،مكتبه الرشد ،الرياض ،2004.
-محمد سليم العوا ، في النظام السياسي للدولة الاسلاميه ، المكتب المصري الحديث ، ط3 ،1979.
-نزار عبد اللطيف الحديثي ، محاضرات في التاريخ العربي،بغداد 1979.
-المجلة الثقافية ،العدد 70،أيار 2007 ،الجامعة الاردنيه ،عمان .
-زهاء الدين عبيدات ،القيادة والإدارة التربوية في الإسلام ، دار البيارق ، عمان ، 2001.
-علي محمد منصور ، مبادئ الإدارة (الأسس والمفاهيم )، مجموعه النيل العربية ، القاهرة، 1999.
-أحمد عبد ربه بصبوص ، فن القيادة في الإسلام ، مكتبة المنار،  الزرقاء الأردن ، 1989 .
-محمد عبد الفتاح ياغي ، الأخلاقيات في الإدارة ، عمان ، 1995.
-توفيق سلطان اليوزبكي، دراسات في النظم العربية والإسلامية ،جامعه الموصل ،1988.

1 comment :