الحكمة والمناسبة
في اقتران اسم الله (واسع عليم):
الآيات التي ورد
ذكر اسم الواسع والعليم فيها :
اقترن هذان الاسمان في سبعة مواضع من القرآن
الكريم، منها أربعة مواضع في أواخر الآيات من سورة البقرة، في الآيات الآتية:-
1- )وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ( .
2- )وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ
طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ
أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ
اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ
وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيم( .
3- )مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ
حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ( .
4-
)الشَّيْطَانُ
يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ
مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ( .
معنى الواسع والعليم:
واسع
: قال
الحليمي : معناه الكثير مقدوراته ومعلوماته، والمنبسط فضله ورحمته، وهذا
تنزيه له من النقص والعلة، واعتراف له بأنه لا يعجزه شيء ولا يخفى عليه شيء،
ورحمته وسعت كل شيء.
وقال الخطابي
: هو الغني الذي وسع غناه مفقر عباده، ووسع رزقه جميع خلقه، والسعة في كلام
العرب الغنى، ويقال : الله يعطي عن سعة، أي عن غنى.
عليم : قال أبو سليمان الخطابي: العليم هو العالم بالسرائر والخفيات، التي لا يدركها علم الخلق، كقوله تعالى ) إنه عليم بذات الصدور(، وجاء على بناء فعيل للمبالغة في وصفه بكمال العلم، ولذلك قال سبحانه )وفوق كل ذي علم عليم).
والآدميون وإذا كانوا يوصفون بالعلم فإن ذلك
ينصرف منهم إلى نوع من المعلومات ، دون نوع ، وقد يوجد ذلك منهم في حال دون حال،
وقد تعترض علمهم الآفات فيخلف علمهم الجهل، ويعقب ذكرهم النسيان..
المناسبة والحكمة من اقتران الاسمين (واسع عليم) :
قال ابن جرير
في معنى (واسع عليم) : يسع خلقه كلهم بالكفاية والإفضال والجود والتدبير.
وأما قوله: )عليم( فإنه يعني أنه
عليم بأفعالهم لا يغيب عنه منها شيء ولا يعزب عن علمه، بل هو بجميعها عليم.
وقال ابن
سعدي : واسع الفضل والصفات عظيمها، عليم بسرائركم ونياتكم. فمن سعته وعلمه
وسع لكم الامر، وقبل منكم المأمور، فله الحمد والشكر.
وقال أيضاً :
واسع الفضل، واسع الملك، جميع العالم العلوي والسفلي بعض ملكه. ومع سعته في ملكه
وفضله فهو محيط علمه بذلك كله، ومحيط علمه بالأمور الماضية والمستقبلة، ومحيط علمه
بما في التوجه إلى القبلة من الحكمة، ومحيط علمه بنية المستقبلين لكل جهة من
الجهات، إذا أخطأوا القبلة المعينة، من غير قصد ولا عمد.
وفي الآية الثانية، قال الطبري : وأما قوله:(والله واسع عليم( فإنه يعني بذلك: والله واسع بفضله، فينعم به على من أحب، ويريد به من يشاء )عليم( بمن هو أهل لملكه الذي يؤتيه، وفضله الذي يعطيه، فيعطيه ذلك لعلمه به، وبأنه لما أعطاه أهل إما للإصلاح به وإما لأن ينتفع هو به.
وقال ابن كثير : )والله واسع عليم(أي هو واسع الفضل يختص برحمته من يشاء عليم بمن يستحق الملك ممن لا يستحقه.
وفي الآية
الثالثة قال الطبري في تفسيره : القول في تأويل قوله تعالى: )والله
واسع عليم(. يعني تعالى ذكره بذلك: والله واسع أن يزيد من يشاء من خلقه
المنفقين في سبيله على أضعاف السبعمائة التي وعده أن يزيده، عليم من يستحق منهم
الزيادة.
وقال ابن كثير :
)والله
واسع عليم( أي فضله واسع كثير أكثر من خلقه عليم بمن يستحق ومن لا يستحق
سبحانه وبحمده.
وقال ابن
القيم : وقد ختم الآية باسمين من أسمائه الحسنى مطابقين لسياقها، وهما
الواسع والعليم، فلا يستبعد العبد هذه المضاعفة ولا يضيق عنها عَطَنه، فإن المضاعف
واسع العطاء، واسع الغنى، واسع الفضل، ومع ذلك فلا يظن أن سعة عطائه تقتضي حصولها
لكل منفق، فإنه عليم بمن تصلح له هذه المضاعفة وهو أهل لها، ومن لا يستحقها ولا هو
أهل لها، فإن كرمه وفضله تعالى لا يناقض حكمته، بل يضع فضله موضعه لسعته ورحمته،
ويمنعه من ليس من أهله بحكمته وعلمه.
وأما
الآية الرابعة فقد قال الطبري فيها :
القول في تأويل قوله تعالى: )والله واسع عليم(. يعني تعالى
ذكره: والله واسع الفضل الذي يعدكم أن يعطيكموه من فضله وسعة خزائنه، عليم
بنفقاتكم وصدقاتكم التي تنفقون وتصدقون بها، يحصيها لكم حتى يجازيكم بها عند
مقدمكم عليه في آخرتكم.
قال
القرطبي :
(واسع عليم) المراد هنا أنه سبحانه وتعالى يعطي من سعة ويعلم حيث يضع ذلك، ويعلم
الغيب والشهادة.
قال
ابن سعدي : (واسع عليم) أي واسع الصفات كثير
الهبات عليم بمن يستحق المضاعفة من العالمين وعليم بمن هو أهل فيوفقه لفعل الخيرات
وترك المنكرات.
الخلاصة
مما سبق
نستنتج أن هذين الاسمين (واسع عليم) اقترنا لبيان سعة عطاء الله سبحانه وتعالى،
وعلمه بمن يستحق هذا العطاء، والمواضع الأخرى من القرآن الكريم التي اقترن فيها
هذان الاسمان لا تخرج عن المعنى المذكور.
المصادر
والمراجع:
- كتاب المنهاج في شعب الإيمان ، تحقيق حلمي محمد
فوده.
- شأن الدعاء.
- تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام
المنان.
- القواعد الحسان لتفسير القرآن.
- الطبري، جامع البيان (دار الكتب
العلمية ، بيروت ) .
-ابن كثير : تفسير القرآن العظيم.
- ابن منظور، لسان العرب .
-
أسماء الله الحسنى .
- الجامع لأحكام القرآن .
بارك الله لكم ووفقكم وجزاكم الله عنا بألف ألف خير.
ReplyDeleteجزاكم الله تعالى خير الجزاء و نفع بكم
ReplyDelete