Thursday, March 13, 2014

عناية الإسلام بالمرأة


عناية الإسلام بالمرأة:
الحديث عن المرأة وحقوقها ودفع الشبهات:
الحديث عن المرأة وحقوقها من المهمات العظيمة والمسئوليات الجسيمة التي يجب أن يضطلع بها جماعة من المسلمين، ويتفرغ لها بعض طلبة العلم النابهين؛ لأن تناول حقوق المرأة صار شعاراً للمبطلين، ومن يرومون الطعن في الدين، وعقدت باسم المرأة مؤتمرات، وصدرت توصيات، وضاع أمر الله تعالى بين جاهل به وعدو له ومحرف للكلم عن مواضعه "ودين الله وسط بين الغالي فيه والجافي عنه"كما قال الإمام علي رضي الله عنه.
 وصار المرء يسمع من كل منافق عليم اللسان حديثاً عن المرأة وحقوقها وواقعها.
 وربما يلجأ بعضهم إلى أن يفسر القرآن بهواه، أو ينسب ـ تحت ضغط الواقع ـ إلى السنة ما ليس منها.
 حتى قال بعضهم: إن شهادة المرأة كشهادة الرجل بل خير منه، وإن من حق المرأة أن تؤم الرجال في الصلاة المفروضة فضلاً عن المسنونة، وإن الواجب إعادة النظر في قسمة الميراث باعتبار أن المرأة ما عادت عالة على الرجل بل هي عاملة منتجة.
 وسمعنا من ينكر إلى غير ذلك من الترهات والأباطيل.
وقد علم هؤلاء أن الحديث بمثل هذا الكلام طريق قصير إلى نيل رضا المنظمات الدولية والنظام العالمي الجديد، وسرعان ما ينال بعضهم لقب المفكر الإسلامي، أو المجتهد أو المجدد
ألقاب مملكة في غير موضعها ***  كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسد
وكما قيل:
 ليس أضنى لفؤادي من عجوز يتصابى، وعليم يتغابى، وجهول يملأ الأرض سؤالاً وجوابا!!
إن الشبهات التي يطرحها غير المسلمين لا بد لها من جواب.
 والواقع المر الذي تعيشه المرأة المسلمة لا بد له من علاج، كما أن عرض رسالة الإسلام السمحة ونظمه العادلة على من جهلها مطلب شرعي ملح في زمان كثر فيه المتحدثون باسم الدين (ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة).
صور عناية الإسلام بالمرأة:
إن الإسلام قد عُني أتم عناية بإعداد المرأة الصالحة للمساهمة مع الرجل في بناء المجتمع على أساس من الدين والفضيلة والخلق القويم، وفي حدود الخصائص الطبيعية لكل من الجنسين، فرفع شأنها وكوَّن شخصيتها، وقرر حريتها، وفرض عليها كالرجل طلب العلم والمعرفة .
 ثم أقام بها من شؤون الحياة ما تهيئها لها طبيعة الأنوثة وما تحسنه.
 حتى إذا نهضت بأعبائها كانت زوجة صالحة، وأماً مربية، وربة منزل مدبرة، وكانت دعامة قوية في بناء الأسرة والمجتمع.
وكان من رعاية الإسلام لها حق الرعاية أن أحاط عزتها وكرامتها بسياج منيع من تعاليمه الحكيمة.
 وحمى أنوثتها الطاهرة من العبث والعدوان.
 وباعد بينها وبين مظانِّ الريْب وبواعث الافتتان.
فحرم على الرجل الأجنبي الخلوة بها والنظرة العارمة إليها.
 وحرم عليها أن تبدي زينتها إلا ما ظهر منها.
 وأن تخالط الرجال في مجامعهم دون حاجة أوضرورة.
وأن تتشبه بهم فيما هو من خواص شؤونهم.
 وأعفاها من وجوب صلاة الجمعة والعيدين مع ما عرف عن الشارع من شديد الحرص على اجتماع المسلمين وتواصلهم،فإذا أرادت أن تصليهما فلا بأس.
 وأعفاها في الحج من التجرد للإحرام.
 ومنعها الإسلام من الأذان العام، وإمامة الرجال للصلاة.
ومنع المرأة من ولاية الحروب وقيادة الجيوش، ولم يبح لها من معونة الجيش إلا ما يتفق وحرمة أنوثتها.
 كل ذلك لخيرها وصونها وسد ذرائع الفتنة عنها والافتنان بها حذراً من أن يحيق بالمجتمع ما يفضي إلى انحلاله وانهيار بنائه.
 والله أعلم بما للطبائع البشرية من سلطان ودوافع، وبما للنفوس من ميول ونوازع، والناس يعلمون والحوادث تصدق.
إكرامُ الإسلام للمرأة:
هذه هي منزلة المرأة في الإسلام؛ فأين النظم الأرضية من نظم الإسلام العادلة السماوية.
 النظم الأرضية لا ترعى للمرأة كرامتها، حيث يتبرأ الأب من ابنته حين تبلغ سن الثامنة عشرة أو أقل؛ لتخرج هائمة على وجهها تبحث عن مأوى يسترها، ولقمة تسد جوعتها، وربما كان ذلك على حساب الشرف، ونبيل الأخلاق.
وأين إكرامُ الإسلام للمرأة، وجَعْلُها إنساناً مكرماً من الأنظمة التي تعدها مصدر الخطيئة، وتسلبها حقها في الملكية والمسؤولية، وتجعلها تعيش في إذلال واحتقار، وتعدها مخلوقاً نجساً؟.
وأين إكرام الإسلام للمرأة ممن يجعلون المرأة سلعة يتاجرون بجسدها في الدعايات والإعلانات؟.
وأين إكرام الإسلام لها من الأنظمة التي تعد الزواج صفقة مبايعة تنتقل فيه الزوجة؛ لتكون إحدى ممتلكات الزوج؟ حتى إن بعض مجامعهم انعقدت؛ لتنظر في حقيقة المرأة وروحها أهي من البشر أو لا؟ !.
وهكذا نرى أن المرأة المسلمة تسعد في دنياها مع أسرتها وفي كنف والديها، ورعاية زوجها، وبر أبنائها سواء في حال طفولتها، أو شبابها، أو هرمها، وفي حال فقرها أو غناها، أو صحتها أو مرضها.

وإن كان هناك من تقصير في حق المرأة في بعض بلاد المسلمين أو من بعض المنتسبين إلى الإسلام-فإنما هو بسبب القصور والجهل، والبُعد عن تطبيق شرائع الدين، والوزر في ذلك على من أخطأ والدين براء من تبعة تلك النقائص.
وعلاج ذلك الخطأ إنما يكون بالرجوع إلى هداية الإسلام وتعاليمه؛ لعلاج الخطأ.

هذه هي منزلة المرأة في الإسلام على سبيل الإجمال: عفة، وصيانة، ومودة، ورحمة، ورعاية، ورعاية ومحبة إلى غير ذلك من المعاني الجميلة السامية.
أما الحضارة المعاصرة فلا تكاد تعرف شيئاً من تلك المعاني، وإنما تنظر للمرأة نظرة مادية بحتة، فترى أن حجابها وعفتها تخلف ورجعية، وأنها لابد أن تكون دمية يعبث بها كل ساقط؛ فذلك سر السعادة عندهم.
وما علموا أن تبرج المرأة وتهتكها هو سبب شقائها وعذابها.
وإلا فما علاقة التطور والتعليم بالتبرج والاختلاط وإظهار المفاتن، وإبداء الزينة، وكشف الصدور، والأفخاذ، وما هو أشد؟ !.
وهل من وسائل التعليم والثقافة ارتداء الملابس الضيقة والشفافة والقصيرة؟ !.
ثم أي كرامة حين توضع صور الحسناوات في الإعلانات والدعايات؟ !
ولماذا لا تروج عندهم إلا الحسناء الجميلة، فإذا استنفذت السنوات جمالها وزينتها أهملت ورميت كأي آلة انتهت مدة صلاحيتها؟ !.
وما نصيب قليلة الجمال من هذه الحضارة؟ وما نصيب الأم المسنة، والجدة، والعجوز؟.
إن نصيبها في أحسن الأحوال يكون في الملاجىء، ودور العجزة والمسنين؛ حيث لا تُزار ولا يُسأل عنها.
وقد يكون لها نصيب من راتب تقاعد، أو نحوه، فتأكل منه حتى تموت؛ فلا رحم هناك، ولا صلة، ولا ولي حميم.
أما المرأة في الإسلام فكلما تقدم السن بها زاد احترامها، وعظم حقها، وتنافس أولادها وأقاربها على برها-كما سبق-لأنها أدَّت ما عليها، وبقي الذي لها عند أبنائها، وأحفادها، وأهلها، ومجتمعها.
أما الزعم بأن العفاف والستر تخلف ورجعية-فزعم باطل، بل إن التبرج والسفور هو الشقاء والعذاب، والتخلف بعينه، وإذا أردت الدليل على أن التبرج هو التخلف فانظر إلى انحطاط خصائص الجنس البشري في الهمج العراة الذين يعيشون في المتاهات والأدغال على حال تقرب من البهيمية؛ فإنهم لا يأخذون طريقهم في مدارج الحضارة إلا بعد أن يكتسوا.
ويستطيع المراقب لحالهم في تطورهم أن يلاحظ أنهم كلما تقدموا في الحضارة زادت نسبة المساحة الكاسية من أجسادهم، كما يلاحظ أن الحضارة الغربية في انتكاسها تعود في هذا الطريق القهقرى درجة درجة حتى تنتهي إلى العري الكامل في مدن العراة التي أخذت في الانتشار بعد الحرب العالمية الأولى، ثم استفحل داؤها في السنوات الأخيرة.
وهكذا تبين لنا عظم منزلة المرأة في الإسلام، ومدى ضياعها وتشردها إذا هي ابتعدت عن الإسلام.
والله أعلم

No comments :

Post a Comment