Tuesday, March 11, 2014

نظرة مختصرة على مكانة المرأة في الإسلام وفي غيره


نظرة مختصرة على مكانة المرأة في الإسلام وفي غيره:
 قضية المرأة قضية مهمة في المجتمع ومعرفة مكانتها في المجتمع والأسرة أمر ضروري ذلك نظرا لمكانة المرأة العملية ومنزلتها الفعلية في تحقيق التقدم والتطور من خلال تربية الجيل وتعليم الأبناء و تثقيف المجتمع بكلامها وحديثها وتصرفها.
 والمرأة هي الأم والزوجة والبنت والأخ والفتاة والجدة ، فهي شريحة كبيرة في المجتمع.
وإغفال حقوقها وواجباتها أمر سيء يعود بالضرر والأذى على المجتمع ككل.
 وقد وقع الكثير في أخطاء معرفية وعلمية ومنهجية في نظرتهم للمرأة في الإسلام سواء كانوا من المسلمين أو من غير المسلمين.
 اما المسلمون فقد انحرفوا عن معاملة المرأة كما يجب فشددوا وضيقوا بدعاوي باهتة وخاطئة، وآخرون سيبوا الأمر ولينوا .
أما غير المسلمين فقد انحرفوا بنظرتهم لمكانة المرأة في الإسلام إما جهلا بتعاليم الإسلام أو رغبة منهم في تشويه الإسلام وبث الشبهات ونشر الإشاعات غير الصحيحة.
 فهؤلاء وأولئك أخطؤوا نهج السبيل وجادة الصواب.
 وفي هذا البحث المختصر نظرة مختصرة على مكانة المرأة في الإسلام وفي غيره.
فلنبدأ بعون الله وتوفيقه:
العناصر
1-  المرأة في الجاهلية العربية والرومانية.
2-  المرأة عند أهل الكتاب وأتباعهم .
3-تحرر المسلمين من آصار وجهالات الأمم السابقة.
4- فضل الإسلام والرسول صلى الله عليه وسلم على المرأة.
1 - المرأة في الجاهلية العربية والرومانية
بالنطر إلى ما كانت عليه المرأة في الجاهلية العربية والرومانية فإن قياسان اثنان كافيان لبيان ما أعطاه الإسلام للمرأة من مكانة وحقوق.
كانت متاعا يورث فجعل لها ذمة مالية وكمال أهلية في باقي التصرفات.
فحتى سنة 1882م كانت المرأة الإنجليزية ما زالت محرومة من حقها في ملكية عقار وليس لها حق المقاضاة
وربنا تبارك وتعالى يقول:
" فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ... " [سورة آل عمران: 195 ]
" وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ " [سورة البقرة : 228]
   كانت عارا أو عبئا يدفن عند بعض العرب فجعلها إنسانا مرعي الحقوق ينال العقاب من يناله بمكروه. " وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ " [سورة التكوير: 8 , 9 ].
    ولم تكن في البلاد الأخرى بأسعد حالا منها في بلاد العرب:
   فقد كانت مستعبدة في بلاد الرومان حسب شريعتهم بل إن العرب الجاهليين كان لديهم الإماء والحرائر أما الرومان فكان جنس النساء عندهم كله إماء.
2- المرأة عند أهل الكتاب وأتباعهم
•  أما كتاب أهل الكتاب فاعتبر المرأة سببا لغواية آدم وسببا للشقاء البشري " فَقَالَ آدَمُ: "الْمَرْأَةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَكَلْتُ" [التكوين: اَلأَصْحَاحُ الثَّالِثُ:12 ] " ولذلك اعتبرها الكتاب المقدس نجاسة يتنزه عنها ليس فقط من يخالطها من أب وأخ بل حتى المكان
في الكتاب المقدس تعتبر المرأة نجسة بولادة الولد مدة ثلاثة وثلاثين يوما أما إذا ولدت أنثى تضاعف لها مدة النجاسة إلى ستة وستين يوما " إِذَا حَبِلَتِ امْرَأَةٌ وَوَلَدَتْ ذَكَراً تَكُونُ نَجِسَةً سَبْعَةَ أَيَّامٍ. كَمَا فِي أَيَّامِ طَمْثِ عِلَّتِهَا تَكُونُ نَجِسَةً.  وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ يُخْتَنُ لَحْمُ غُرْلَتِهِ.  ثُمَّ تُقِيمُ ثَلاَثَةً وَثَلاَثِينَ يَوْماً فِي دَمِ تَطْهِيرِهَا. كُلَّ شَيْءٍ مُقَدَّسٍ لاَ تَمَسَّ وَإِلَى الْمَقْدِسِ لاَ تَجِئْ حَتَّى تَكْمُلَ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا.  وَإِنْ وَلَدَتْ أُنْثَى تَكُون ُ نَجِسَةً أُسْبُوعَيْنِ كَمَا فِي طَمْثِهَا. ثُمَّ تُقِيمُ سِتَّةً وَسِتِّينَ يَوْماً فِي دَمِ تَطْهِيرِهَا. "  
" وَكُلُّ الأَمْتِعَةِ الَّتِي تَجْلِسُ عَلَيْهَا تَكُونُ نَجِسَةً كَنَجَاسَةِ طَمْثِهَا.  وَكُلُّ مَنْ مَسَّهُنَّ يَكُونُ نَجِساً فَيَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ وَيَكُونُ نَجِساً إِلَى الْمَسَاءِ. "
[الكتاب المقدس سفر اللاويين الإصحاح 15 عدد 26 و27 ].
وهذا يوضح مدى حالة النفور والاشمئذاذ التي يجب أن يكون عليها الرجال من المرأة ديانة وتعبدا وعملا بالكتاب المقدس الذي ما زال مسيطرا على عقول مليارات من البشر.
ربما قال قائل إن الإسلام يعتبر المرأة نجسة أيضا في حالة حيضها ونفاسها فلماذا نعيب ذلك على أهل الكتاب؟
نقول إن النجاسة في مفهومنا غير النجاسة المعبر عنها في الكتاب المقدس
وذلك لأن النجاسة عندنا "حكمية" كما يسميها الفقهاء.
 ومعنى كونها حكمية أنها ليست بنجاسة حقيقية ولكنها فقط تتعلق بأحكام مخصوصة يشترك فيها الرجل والمرأة على السواء تحت عنوان كبير هو "الحدث الأكبر" وهو حالة الجنابة بالنسبة للمرأة أو الرجل.
 وكلمة جنابة مشتقة من تجنب المسجد أو العبادة حال كون الرجل أو المرأة متلبث بحكم الجنابة.
 والنبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم كتاب الحيض باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله وطهارة سؤرها والاتكاء في حديث عن أبي هريرة ، قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ، فقال " يا عائشة : ناوليني الثوب " فقالت : إني حائض ، فقال : " إن حيضتك ليست في يدك " فناولته
أما الكتاب المقدس جعل حيضة المرأة ينجس بها كل ما تلمسه
  في اعتقادات ديانات أخرى , يحدث تحريج شديد على المرأة وحياتها وتعاملاتها وأشد في حين أن الرسول صلى الله عليه وسلم حرَّرَنا من تلك المفاهيم دون أن نعرفها أو أن نقف عليها ففي صحيح البخاري عشر روايات وستة في صحيح مسلم لحديث أمنا ميمونة وعائشة رضي الله عنهن " عن عائشة ، قالت : " كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد ، تختلف أيدينا فيه "
ومع أن المرأة جنبا كما في باقي الروايات إلا أن مباشرتها للماء الطهور لا تنقله إلى النجاسة بل ولا حتى إنزاله من درجة الطهور : الطاهر في نفسه المطهر لغيره إلى درجة طاهر الطاهر في نفسه غير المطهر لغيره فيجوز استعماله في العادات ولا يجوز استعماله في العبادات فهي مساوية للرجل تماما.
ويكفي أعداء الإسلام عاراً أن في سنة 1790 بيعت امرأة بشلنين في اسواق انجلترا بعدما ضاقت بنفقاتها الكنيسة.
فضل الإسلام والرسول صلى الله عليه وسلم على المرأة :
أعطى الإسلام المرأة من الحقوق كفاء (مثل) ما فرض عليها
قال تعالى: " وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ بِالْمَعْرُوفِ "
ولم يفضل الرجل عليها إلا بما كلفه من واجب كفالتها وإقامة أودها والسهر عليها.
كان العرب في الجاهلية يمارسون الطلاق، ولم يكن للطلاق عندهم عدد محدّد، فكان الرجل يطلق امرأته ثم يراجعها، ثم يطلقها ثم يراجعها هكذا أبداً، وبقي هذا الأمر معمولاً به في صدر الاسلام  الى أن أنزل الله تبارك وتعالى قوله: {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَنْ يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ} (سورة البقرة، الآية:229).
فحفظ الإسلام للمرأة حقها وجعلها شيئا يصان ولا يعبث به؛فَقَيَّدَ الاسلام عدد الطلقات، وأعطى للزوج فرصة لتدراك أمره، ومراجعة زوجته مرتين، فإن طلقّ الثالثة فقد انقطعت عروة النكاح، ولا تحل له إلا بعد زوج آخر، ففي الكتاب الكريم: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (سورة البقرة، الآية:230).
والرسول صلى الله عليه وسلم بين أمورا أجملها القرآن الكريم فجعل خيار المسلمين وأكملهم إيمانا هم خيارهم لنسائهم , وذلك تكميلا لكمال قدر المرأة وكمال حقها وسدا للإنتقاص المتوارث للمرأة في عقول الرجال؛ فروت عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وألطفهم بأهله " [المستدرك على الصحيحين للحاكم كتاب الإيمان حديث:‏ ‏ وقال الحاكم : رواة هذا الحديث عن آخرهم ثقات على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه بهذا اللفظ ].
و عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا ، وخيركم خيركم لنسائهم " [سنن الترمذي ما جاء في حق المرأة على زوجها حديث:‏1118‏ قال أبو عيسى :وفي الباب عن عائشة ، وابن عباس :حديث أبي هريرة هذا حديث حسن صحيح ].
وأمر بمداراة  ضعفها ونقصها فعن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على طريقة ، فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج ، وإن ذهبت تقيمها ، كسرتها وكسرها طلاقها " [صحيح مسلم كتاب الرضاع باب الوصية بالنساء حديث:‏2748‏].
وأوجب على الرجل إذا خطب امرأة أن يظهرها على عيبه إن كان له عيب فعن عائشة ، رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا خطب أحدكم امرأة ، وقد خضب بالسواد فليخبرها ، ولا يغرها "
[السنن الكبرى للبيهقي كتاب الصداق جماع أبواب الوليمة باب ما يستحب من إظهار النكاح حديث:‏13745‏وناسخ الحديث ومنسوخه لابن شاهين كتاب جامع باب في الخضاب حديث:‏615‏].
معاملة الرسول صلى الله عليه وسلم لزوجاته:
أما بالنسبة لمعاملة الرسول صلى الله عليه لزوجاته فقد منعه الله تعالى من التزوج بغيرهن أو استبدالهن وأجازله التسري واتخاذ الإماء وفي مقابل هذا المنع من التزوج رفع عنه وجوب التسوية في القسمة التي تجب على لرجال المعددين للزوجات بين سائر نسائهم وجاء النص على ذلك في قوله تعالى
" تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آَتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا " [سورة الإحزاب : 51].
ومع أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يوجب عليه ربه التسوية في القسمة إلا أنه كان يقسم بينهن بالسوية حتى أنه في مرض وفاته صلى الله عليه وسلم اشتد به المرض فاستأذنهن أن يمرض في بيت عائشة.
ففي صحيح البخاري " عن عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسأل في مرضه الذي مات فيه : " أين أنا غدا ؟ أين أنا غدا ؟ " يريد يوم عائشة ، فأذن له أزواجه يكون حيث شاء ، فكان في بيت عائشة حتى مات عندها ، قالت عائشة : فمات في اليوم الذي كان يدور علي فيه في بيتي ، فقبضه الله وإن رأسه لبين نحري وسحري ، وخالط ريقه ريقي"
وكان صلى الله عليه وسلم لا يكتفي بالعدل بينهن بل يزورهن جميعا كل صباح ويتفقد أحوالهن ,
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم يشفق عليهن أن يرينه غير باسم
عن عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصارية ، قالت : سألت عائشة كيف كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خلا في بيته ، قالت : كان ألين الناس وأكرم الناس وكان رجلا من رجالكم إلا أنه كان ضحاكا بساما " [الطبقات الكبرى لابن سعد - ذكر صفة أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث:‏711‏‏].
والمعاملة الطيبة في الزمن الطويل خلق نادر لكنه تمثل في الحبيب صلى الله عليه وسلم
والله أعلم.
المصادر:
-القرآن الكريم.
-السنن الكبرى للبيهقي .
‏-ناسخ الحديث ومنسوخه لابن شاهين.
-الطبقات الكبرى لابن سعد .
-صحيح مسلم.
-سنن الترمذي.
-المستدرك على الصحيحين للحاكم.
-الكتاب المقدس سفر اللاويين.
-كلمة للشيخ إسماعيل محمد رفعت عضو هيئة العلماء والدعاة في ألمانيا.

No comments :

Post a Comment