Tuesday, March 11, 2014

سماحة وعدل الإسلام


سماحة وعدل الإسلام
إن من نعم الله التي أنعم الله بها على عباده أن شرع لهم هذا الدين العظيم الذي جعله الله خاتم الأديان وأفضلها والذي لا يقبل الله ديناً سواه بعد بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، فأرسله الله بهذه الشريعة السمحة لتكون صالحة لجميع البشرية يتعاملون بها فيما بينهم في دينهم ودنياهم .
 فهذه الشريعة صالحة في كل زمان ومكان ، جاءت برفع الإصر والأغلال التي كانت على من كان قبلنا فهي شريعة سمحة وشريعة عدل من عند الله العزيز الحكيم ، وإن من عدل هذه الشريعة الإسلامية أنها جعلت كل شيء في نصابه الصحيح المناسب له فالرجل جُعل له ما يناسبه من الأحكام .
 وكذلك المرأة جُعل لها ما يناسبها ، وإن من حرص الإسلام على المرأة أن كرمها وأكرمها بما لم يحدث في دين سواه ، فلقد بلغت المرأة في الإسلام مكانة عالية , لم تبلغها في ملة ماضية .
 إذ إن تكريم الإسلام للإنسان تشترك فيه المرأة و الرجل على حد سواء , فهم أمام أحكام الله في هذه الدنيا سواء .
 كما أنهم أمام ثوابه وجزائه في الدار الآخرة سواء ، قال تعالى : (( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا )).
 وقال عز وجل : (( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا )).
وقال سبحانه : (( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ  وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )).
وقال تعالى : (( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا  وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا  )).
وقال عز وجل : (( فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ )).

قال الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله : 

" وذكر أن الذكر والأنثى متساويان عند الله تعالى في الجزاء متى تساويا في العمل حتى لا يغتر الرجل بقوته ، ورياسته على المرأة ، فيظن أنه أقرب إلى الله منها ، ولا تسيء المرأة الظن بنفسها فتتوهم أن جعل الرجل رئيسا عليها يقتضي أن يكون أرفع منزلة عند الله  تعالى  منها . 

وقد بين الله  تعالى علة هذه المساواة بقوله : "بعضكم من بعض" فالرجل مولود من المرأة ، والمرأة مولودة من الرجل ، فلا فرق في البشرية ، ولا تفاضل بينهما إلا بالأعمال ، أي وما تترتب عليه الأعمال ، ويترتب هو عليها من العلوم والأخلاق .

أقول : وفيه وجه آخر ، وهو أن كلاً منهما صنو وزوج وشقيق للآخر ، وفي معنى ذلك حديث " النساء شقائق الرجال " قالوا : أي مثلهم في الطباع ، والأخلاق كأنهن مشتقات منهم ، أو لأنهن معهم من أصل واحد . 
ووجه ثالث : أنه بمعنى حديث " سلمان منا " وحديث " ليس منا من دعا إلى عصبية " فمعنى " منا " على طريقتنا ، وما نحن عليه لا فرق بيننا وبينه.

 وهذه الآية ترفع قدر النساء المسلمات في أنفسهن ، وعند الرجال المسلمين ، ومن علم أن جميع الأمم كانت تهضم حق المرأة قبل الإسلام ، وتعدها كالبهيمة المسخرة لمصلحة الرجل وشهوته ، وعلم أن بعض الأديان فضلت الرجل على المرأة بمجرد كونه ذكراً وكونها أنثى .

 وبعض الناس عد المرأة غير أهل للتكاليف الدينية ، وزعموا أنها ليس لها روح خالدة  من علم هذا قَدَّر هذا الإصلاح الإسلامي لعقائد الأمم ، ومعاملاتها حق قدره ، وتبين له أن ما تدعيه الإفرنج من السبق إلى الاعترافات بكرامة المرأة ، ومساواتها للرجل باطل ، بل الإسلام السابق ، وأن شرائعهم وتقاليدهم الدينية والمدنية لا تزال تميز الرجل على المرأة .

 نعم ، إن لهم أن يحتجوا على المسلمين بالتقصير في تعليم النساء ، وتربيتهن ، وجعلهن عارفات بما لهن ، وما عليهن ، ونحن نعترف بأننا مقصرون تاركون لهداية ديننا ، صرنا حجة عليه عند الأجانب ، وفتنة لهم.

 وأما ما يفضل به الرجال النساء في الجملة من العلم ، والعقل ، وما يقومون به من الأعمال الدنيوية الذي ربما كان سببه ما جرى عليه الناس من أحوال الاجتماع ، وكذا جعل حظ الرجل في الإرث مثل حظ الأنثيين ، لأنه يتحمل نفقتها ، ويكلف ما لا تكلفه ، فلا دخل لشيء من ذلك في التفاضل عند الله  تعالى  في الثواب والعقاب ، والكرامة وضدها ، بل سوى الله  تعالى  بين الزوجين حتى في الحقوق الاجتماعية إلا مسألة القيام والرياسة ، فجعل للرجال عليهن درجة كما تقدم ".
والله أعلم.

المصادر:
القر آن الكريم.
تفسير المنار  4/250 – 251 . 
منة الرحمن في بيان مكانة المرأة في الإسلام

No comments :

Post a Comment