Monday, April 25, 2016

التنمية الاقتصادية من منظور إسلامي: الوسطية فى الانفاق



التنمية الاقتصادية من منظور إسلامي: الوسطية فى الانفاق :

الانفاق هو : " صرف المال فى السلع والخدمات الاستهلاكية أو الاستثمارية ".

ولقد نهى الاسلام عن صرف المال بغير حق . أو صرفه في ترف أو سفه . ووصف المترفين بالمجرمين بقوله تعالى (وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ ). فالترف والبذخ تصرف بالمال في غير محله، فهو يثير الحقد والبغضاء بين الناس وقد ربط الإسلام بين الترف والفساد فقال تعالى (وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً).

ولكن هذا لا يعني أن الإسلام يريد من الفرد المسلم أن يعيش عيشة المشقة . (ياأيها الناس كلوا مما فى الارض حلالً طيباً.. ) ( ياأيها الذين آمنوا كلوا من طيبات مارزقناكم ) .

والانفاق شرعا هو : " بذل المال ونحوه في وجه من وجوه الخير ".
فشرط الانفاق فى الاسلام أن يكون في وجوه الخير أما إذا كان الانفاق في غيره ، فهو إسراف . سوء كان انفاق الأشخاص أو الدولة . لأن الأصل في الانفاق يكون لجلب مصالح الناس والأمة المعتبرة شرعاً .

والانفاق يكون إما انفاق استهلاكي أو انفاق استثماري . سواء كان من قبل الفرد أو الدولة بمخرجاته الدنيوية والاخروية . والانفاق يعتبر من المقومات الأساسية لعملية التنمية الاقتصادية .

ولقد حث الاسلام على  الانفاق التطوعي لدوره فى اعادة توزيع الدخول  قال تعالى: (وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) .

جاء في تفسير القرطبي: قيل، إن معنى الآية لا تمسكوا أموالكم فيرثها منكم غيركم فتهلكوا بحرمان منفعة أموالكم . ومعنى آخر ولا تمسكوا فيذهب عنكم الخلف في الدنيا والثواب في الآخرة . ويقال لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة يعني لا تنفقوا من حرام فيرد عليكم فتهلكوا. فمدلول هذه الآية أن الانفاق في سبيل الله سبب لنجاة الأمة من الهلاك .

والانفاق إنماء للثروة ودفع لعجلة النمو الاقتصادي ومضاعفته.قال تعالى: (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).

 جاء في تفسير القرطبي قيل المراد بالآية : الحث على الصدقة وانفاق الأموال على الفقراء والمحتاجين والتوسعة عليهم في سبيل الله بنصرة الدين . كما أن هذا الثواب ليس قاصر على ثواب الآخرة وإنما يتحقق النماء بصورة مادية في الحياة الدنيا في صورة ارتفاع الدخل القومي باضعاف مضاعفة .. ويتحقق ذلك عندما يباركها الله تعالى كما ورد فى الآية : (يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ).

ومن ضوابط الانفاق فى الاسلام:
- أن يتم وفق الأسس والأصول المعتبرة شرعاً كمصارف الزكاة والصدفات والنفاقات والكفارات الموجهة نحو الفقراء والمساكين . وإدارة مصارف الاوقاف وموارد الدولة الضريبية وغير الضريبية .

-كما يتم تخطيط الانفاق على المصالح حسب أولوياتها سواء الانفاق الاستثماري أو الاستهلاكي .

-ومن هنا يجب على الدولة أن تقدم المشاريع الاستثمارية والبنى التحتية بحسب الأولويات في سد الحاجات .

فالمعيار الرئيسي لكافة مخصصات الانفاق يجب أن يتبع قاعدة (التصرف على الرعية منوط بالمصلحة).

ومن هنا فلا يجوز للدولة الانفاق على البنى التحتية الكمالية والتحسينية قبل سد حاجة الناس الضرورية أو استثمار الأموال في إنتاج الكماليات وترك الضروريات . وإزالة المشقة والضرر أولى من جلب المنفعة والراحة .

والمقصود بالتوسط فى الانفاق الترشيد . فالترشيد يكون عن طريق الاعتدال والتوسط في عملية الانفاق قال تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً).

جاء في تفسير القرطبي:  أن من أنفق في غير طاعة الله فهو الإسراف ومن أمسك عن طاعة الله عز وجل فهو الاقتار . ومن انفق في طاعة الله تعالى فهو القوام .

وقال ابن عباس :من انفق ألف في حق فليس يسرف . ومن انفق درهماً في غير حقه فهو سرف .ومن منع من حق عليه فقد قتر.
فالترشيد يصين الأموال ولا يصرفها إلا في وجوهها المعتبرة شرعاً . قال تعالى: (وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً).

جاء في تفسير القرطبي: السفهاء هم الاولاد الصغار؛ لا تعطوهم اموالكم فيفسدوها وتبقوا بلا شيء . وقوله تعالى ولا تؤتوا السفهاء اموالكم يعني الجهال بالاحكام .

ومن اشكال الوسطية فى الاستهلاك الحض على الانفاق الاستهلاكي والاستثماري . على أساس أن الإنفاق هو في حقيقتة  الناتج الكلي .

وبدون إنفاق لا يتصور وجود أسواق وبالتالي لا يتولد إنتاج  .

فالحض على الإنفاق بمكوناته وضوابطه ، إذن حض علي الإنتاج والكسب أي دفع العجلة لإعمار الأرض .

وكذلك الوسطية تدعو لربط العلاقة بين الموارد والسكان و استخدام هذه العلاقة بالتخطيط لتوفير حد الكفاية للسكان كافة من الموارد المتاحة ومعرفة كيفية استخدام الوسائل العلمية والفنية الحديثة في الانتاج والاستهلاك . دون تبذير للموارد . والله تبارك وتعالى يذم اقواماً مبذرين فى قوله : (أتبنون بكل ريع آية تعبثون * وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون ).

قال الزمخشرى فى " الكشاف" : تبنون بكل ريع بروج الحمام والمصانع مآخذ الماء وقيل القصور المشيدة والحصون  لعلكم تخلدون في الدنيا . 

المصادر والمراجع:
-يوسف كمال محمد – المصارف الإسلامية والتنمية الاقتصادية.
-تفسير القرطبي ، دار الجيل – بيروت – 1992 – ط1.
- محمد شوقي الفنجري  - المذهب الاقتصادي في الإسلام – دار عقاض – 1981- الرياض. 
- فخري كامل – التنمية الاقتصادية – دار النهضة العربية – بيروت – 1986م  .ط.
-شوقي دنيا ، تمويل التنمية إلى الاقتصاد الإسلامي ، مؤسسة الرسالة – ط1- بيروت – 1984م
- رؤية الاسلام لحل المشكلة الاقتصادية ، حسن محمد ماشا مجلة كلية الاقتصاد والعلوم الادارية العدد الاول 2008م جامعة القرآن والعلوم الاسلامية الخرطوم السودان .
-   التنمية الاقتصادية من منظور إسلامى  د. حسن محمد باشا عربان.
- المعجم الوسيط .
-شابرا محمد عمر – الإسلام والتحدي الاقتصادي – المعهد العالمي للفكر الإسلامي والمعهد العربي للدراسات المالية والمصرفية – عمان – 1996م – ب ط نقلاً عن مجلة الأحكام العدلية .
- تفسير الكشاف للزمخشري.

1 comment :


  1. شركة تنظيف خزانات بالمدينة المنورة


    بادروا بالحصول علي افضل خدمات بالمدينة المنورة في تنظيف و عزل خزانات
    مع شركة فرسان الخليج افضل شركة تنظيف خزانات بالمديمة المنورة
    نقدم افضل مواد تنظيف المستخدمة بأحدث الطرق العلمية و افضل وسائل التعقيم
    مع افضل فنيين ذو خبرة كبيرة في تنظيف خزانات بالمدينة المنورة
    مع شركة فرسان الخليج شركة غسيل خزانات بالمدينة المنورة
    تجدوا افضل الخدمات و اقوي عروض الاسعار

    اتصلوا بنا
    0553061333

    شركة غسيل خزانات بالمدينة المنورة


    http://www.forsan-elkhaleg.com/19/Cleaning-tanks-company-in-Madinah

    ReplyDelete