Tuesday, December 11, 2018

التجويد،حكم النون الساكنة والتنوين،الإدغام


الإدغام : لغة: الادخال والستر.
وفي اصطلاح القراء: إدخال حرف ساكن في حرف متحرك بحيث يصيران حرفا واحدا مشددا وهو الحرف الثاني.
وحروف الإدغام المقصودة هناستة مجموعة في قولهم: (يرملون) (ي، ر، م، ل، و، ن) فإذا وقع أحد هذه الحروف بعد النون الساكنة أو التنوين وجب إدغام الأول في الثاني وتسمى النون الساكنة أو التنوين مدغما ويسمى الحرف الآخر مدغما فيه.
ينقسم الإدغام إلى قسمين:
أ. إدغام بغنة وهو قسمان خالص وحروفه: "من" وناقص وحروفه: "يو".
ب. إدغام بغير غنة وهو الإدغام الكامل وحروفه: "رل".
أما الإدغام بغنة فحروفه: أربعة مجموعة في كلمة (ينمو) (ي، ن، م، و)[1].
فإذا وقع أحد هذه الحروف بعد النون الساكنة أو التنوين بشرط ان يكونا من كلمتين وجب الإدغام بغنة، وهذا محل إجماع بين القراء السبعة، إلا أن خلفا عن حمزة أدغم النون الساكنة والتنوين بلا غنة في الواو والياء، وفي ذلك يقول الشاطبي في حرز الأمان:
وكلٌّ ينمو أدغموا مع غنة ***وفي الواو والياء خلفٌ تلا([2]).
قال الداني في التيسير: أجمعوا على إدغام النون والتنوين في اللام والراء بلا غنة؛ وفي النون والميم بغنة؛ واختلفوا عند الواو والياء، وأجمعوا أيضا على إظهارهما عند حروف الحلق، وقلبهما للباء، وإخفاؤهما عند باقي حروف المعجم.
والإخفاء حال بين الإظهار والإدغام عارٍ من التشديد([3]).
مثاله مع الياء: ومن يطع الرسول، وجوه يومئذ. ومثاله مع النون: لن ندخلها أبدا، ملكا نقاتل. و مثاله مع الميم: من ماء دافق، صراطا مستقيما.ومثاله مع الواو: من واق، إيمانا وهم.
ملاحظة: يجب إظهار النون من (يس والقرآن) و (ن~ والقلم) ([4]) بلا غنة على خلاف القاعدة هذا لحفص وقالون ومن وافقهما من القراء؛ أما ورش وشعبة ومن وافقهما من القراء فيدغمان نون (يس)ونون (ن~ والقلم) على خلاف على ورش في نون (ن~ والقلم) وشعبة في نون(يس) مع بقاء الغنة ([5]).
أما ورش فيدغم نون (يس) بلا خلاف وروى عنه الأزرق والأصبهاني إظهار (ن) والقلم والله أعلم([6]).
القسم الثاني من الإدغام: وهو الإدغام بغير غنة وهو الإدغام الخالص، فإذا وقع بعد النون الساكنة أو التنوين (لام) أو (راء) (رل) ويشترط كذلك أن يكونا من كلمتين حصل الإدغام الكامل فمع اللام: نحو أن لن تقول، أندادا ليضلوا، ومع الراء نحو: من رسول، بشرا رسولا.
وفي ذلك يقول الشاطبي:
وكلهمُ التنوين والنون أدغموا *** بلا غنة في اللام و الرا ليَجْمُلا [7].
وهذا الكلام فيه إجمال، وبيانه أن الإدغام مع النون والتنوين ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
أ- إدغام خالص مع الغنة في حرفي (نم) وهو المعروف بإدغام الحرف ذاتا وصفة ومن أمثلته(لن ندخلها-من ماء- ملكاً نقاتل- صراطاً مستقيما) 
ب- إدغام ناقص مع غنة في حرفي (يو) ومن أمثلته (من وال، من يوم، وجوه يومئذ).
ج- إدغام خالص بلا غنة وهو كذلك إدغام الحرف صفة وذاتا في حرفي (رل) ومن أمثلته: (من ربكم، غفور رحيم،وأن لو استقاموا، أن لن نجمع، ويل لكل همزة لمزة، واعلم أنه يشترط في الإدغام في الصور الثلاثة أن يكون من كلمتين كما بينا وكما هو واضح من الأمثلة، والله أعلم.
والحاصل: أن الإدغام من حيث هو أسبابه ثلاثة:
1- التماثل فى المخرج والصفة   كالنون في النون نحو أن نقول والباء فى الباء نحو اضرب بعصاك والدال فى الدال نحوقد دخلوا.
2- التجانس: فى المخرج دون الصفة نحو قد تبين، همت طائفة ،اذظلموا، يلهلث ذالك ،اركب معنا.
3- التقارب وهو تقارب الحرفان مخرجا وصفة كالذال والزاي نحواذ زين ،أو مخرجا لاصفة كالدال والسين نحوقد سمع، اوصفة لامخرجا كالذال والجيم ،نحو اذجاءكم ؛ وبعض اهل التجويد يقسم هذه المراتب الى صغرى  وكبرى وعندى ان ذالك لايترتب عليه كبير فائدة  والى هذه المراتب يشير صاحب التحفة بقوله                                                                                    
إِنْ فى الصفـات والمخـارج اتفـقْ
حـرفان فـالمــثلان فيهما أحـقْ
وإِنْ يـكـونا مـخــرجــــاً تقاربـــا
وفـي الصـفـات اخــتلفا يلقبا
متقـاربيـن أو يكـونا اتـفـقـا
فـي مـخرجٍ دون الصفـات حُقِقَا
بالـمتجانسيـن ثـم إِنْ سـكـنْ
اولُّ  كـلٍّ فـالصغيـرَ  سَـمَّيَـْن
اوحُـرِّكَ الحرفان في كـلٍّ فــقل
كلٌّ كبيـرٌ وافْـهَمَنْـهُ  بالـمُثُل[8].
وقد كررت الحديث عن الإظهار والإدغام عن قصد، وخاصة مع النون والتنوين لكثرة اللحن فيه وقلة من يجيد النطق به و يتقن ذلك.
ملاحظة: توجد أربع كلمات في القرآن تظهر إظهارا مطلقا ويسمى أيضا إظهارا شاذا أي تظهر فيها النون الساكنة قبل الواو والياء خشية الالتباس لأنها ليست حلقية ولا شفوية وهي: (الدنيا، بنيان، صنوان، قنوان) وإليك شاهد هذا الدرس من التحفة:
والثَّـانِ إِدْغَــامٌ بِسِـتَّـةٍ أَتَــتْ
فِي يَرْمَلُـونَ عِنْدَهُـمْ قَـدْ ثَبَتَتْ
لَكِنَّهَـا قِسْمَـانِ قِـسْـمٌ يُدْغَـمَـا
فِـيـهِ بِغُـنَّـةٍ بِيَنْـمُـو عُـلِـمَـا
إِلاَّ إِذَا كَــانَ بِـكِلْـمَـةٍ فَـــلاَ
تُدْغَـمْ كَـدُنْيَـا ثُـمَّ صِنْـوَانٍ تَـلاَ
وَالثَّـانِ إِدْغَـامٌ بِـغَـيْـرِ غُـنَّـهْ
فـي الـلاَّمِ وَالـرَّا ثـمَّ كَـرِّرَنـهْ[9]                       
وقد بين العلماء رحمهم الله أن فائدة الادغام التخفيف لأ ن الحرفين ينطقان حرفا واحدا مشددا.


[1] - على الخلاف الذي ذكرناه في تعريف الادغام الكامل والناقص، والمقصود بذلك ،انظر  ص.... من هذا الكتاب.
وإلى هذا الإشارة بقول ابن بري :
وإدغـاموا في لم يروا لكنـه
أبقـوا لـدى هجاء يـوم غنه
وقلبوهـما لحـرف البـاء
ميمـا وقـالوا بعدُ بـالإخفاء
([2]) – تقريب المعاني شرح الشاطبية ص201.
[3] – التيسير للداني ص 173.
[4] - الطريق المأمون: 40، الطبعة الأولى.
غير أنه ثبت لحفص وجه بإدغام النون في الواو في الموضعين من طريق طيبة النشر كرواية شعبة عن عاصم على المشهور.
[5] – النشر 2/114-115. الوافي على الشاطبي ص 136.
[6]- انظر إرشاد القارئ على الدرر اللوامع ص 75 ط 1 . انظر النشر 2 /15.النجوم ص 83.
[7] – السراج على الشاطبية ص119.
[8]  تقريب المنال شرح تحفة الأطفال للشيخ حسن دمشقية ص 31 مصدر سابق.
[9] – النشر 2/114-115. والوافي على الشاطبي ص 136. علماً بأن الذين يدغمون النون هنا ويبقون الغنة كما في (ينمو).

No comments :

Post a Comment