Sunday, December 16, 2018

الثائر الرسالي والثورة

الثائر الرسالي والثورة:
في غفلة من الكثيرين انطلقت الثورة... انطلقت من رحم المعاناة والذل والخوف والتهميش والظلم...
ولم نكد نستوعب الظرف الجديد حتى أغرقنا النظام ببحار من دماء الأحرار وبجرائم وأساليب غاية في السوداوية والبشاعة... والهدف إفقاد الثوار لتركيزهم وإضعاف روايتهم للحدث..فمن يصدق أن نظاما يقتل شعبه وجيشه ومن ثم يتهم هؤلاء بقتل هؤلاء... ومن يصدق أن نظاما يهدد دبلوماسييه بأسرهم كي لا ينشقوا.. ومن يصدق أن نظاما يعذب الأطفال ويسرق الأعضاء وينهب البيوت...في هذه الحبكة السوداء لا يمكن لوم الضحايا مهما كان ردة فعلهم... لكن المهمة الأصعب تكون بعقلنة رد الفعل وتوجيهها في الخط الذي يوقف الظالم لا الخط الذي رسمه الظالم لها...
إن من أصعب الأمور هو الحديث بلغة المنطق حين تكون لغة الحماس هي الطاغية... الحماس والحمية تنتشران في النفوس بسهولة أما المنطق فما أسهل أن يخوَن...
من هنا أرى أن يحدد كل منا أولويته في هذه المرحلة... هل المطلوب أن ننتصر مهما كانت الوسيلة ومهما كان الثمن... أم المطلوب أن نوصل رسالة الحرية والعدالة ومن ثم ننتصر... 
هل المطلوب أن نكون براغماتيين أم رساليين؟...
أي الطريقين يتماشى أكثر مع خلق التضحية والذي يشكل الأساس الحقيقي للوصول للنصر..
إن السير في الطريق الأول الذي تنازل مبدئيا عن بعض الأسس الأخلاقية سيفضي فيما بعد إلى تيار تعوزه الكثير من القيم ومن غير المستغرب أن يتفشى فيه الفساد ويبتعد رويدا رويدا عن خط العدالة والحرية ناهيك عن تنازله أساسا عن خلق الصبر و التضحية...
أما الطريق الثاني فقد اختار أتباعه الخيار الأصعب ولكنهم محافظون على أسسهم الأخلاقية وبالتالي فلديهم ذخيرة روحية تبعث فيهم الصبر والحكمة والقدرة على البذل والتضحية وكل تصرفاتهم محكومة بالعدالة والنزاهة...
في الطريق الأول ستتعب بسرعة وستفقد الأمل بسرعة وسترضى بأنصاف الحلول ...
ولكن الطريق الثاني لا نهائي فهو جزء متماه في حياة الإنسان الحر ولم يكن وليد اليوم ولن ينتهي بانتهاء الثورة لذا فلا تعب ولا يأس ولا قنوط لأنه طريق وحيد الاتجاه والسير فيه بحد ذاته هو المطلوب والنتائج تأتي تباعا...
سأتحدث قليلا عن الطريق الثاني...عن أن تكون ثائرا رساليا...
الثائر الرسالي مملوء بقيم الحب والخير... وشخصيته بحد ذاتها جاذبة للآخرين إلى خطه
الثائر الرسالي يبحث عن الجانب الطيب في الآخر ولا يمل من البحث عن أصغر بقعة ضوء... ويجيد مخاطبة هذا الجانب...
الثائر الرسالي لا يعول إلا على العوامل الذاتية في ثورته ... قيم الثورة من عدالة وحرية وتضحية وحب كافية بحد ذاتها على هزيمة أمكر المخططات... 
الثائر الرسالي يجيد الصبر ولا ييأس من النصر مهما تأخر... 
الثائر الرسالي لا يغير أخلاقه ولكنه يجدد خططه دوما فعقله وقف لثورته دوما..
الثائر الرسالي يشارك في المظاهرات ولا يجبن ولكنه في الوقت نفسه لا يكل من محاولة نشر رسالته
الثائر الرسالي شعلة من نشاط ينشر الأمل والتفاؤل حين ييأس الجميع ويتعبون
الثائر الرسالي لا يستعلي على أي كان مؤيدا أو معارضا مسلحا أو سلميا صامتا أو ناشطا ... وبنفس الوقت لا يشعر بالنقص تجاه أحد
الثائر الرسالي يأبى أن يسحبه النظام إلى ملعبه الذي تفوح منه رائحة الكراهية والانتقام والحقد
الثائر الرسالي يعلم أن الانتصار الأخلاقي يمهد لكل الانتصارات
الثائر الرسالي لا يعرف الضعف ولا المذلة ... هو ثائر قبل الثورة وسيبقى ثائرا بعدها
مواقف الثائر الرسالي الأخلاقية والشجاعة هي التي تجعل الناس يدخلون في الثورة أفواجا
إن أشد ما يخشاه النظام هم الثوار الرساليون الذين يكشفون الغطاء تماما عن سوءة هذا النظام... وقد فعلوا ولا يزالون يفعلون.... نعم ليس كل الثوار رساليون ولكنني موقن بأن النصر الحقيقي مرتبط بهم... ثلة من الثوار الرساليين يكفون لهد أعتى الديكتاتوريات...

No comments :

Post a Comment