Tuesday, December 22, 2015

تنظيم القيادة في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم -4- إدارة الشورى



تنظيم القيادة في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم -4-(إدارة الشورى):

الحديث عن الإسلام باعتدال وبعيدا عن التعصب  والحقد والكراهية والنظرة المسبقة أمر ضروري لكل باحث يبحث عن الحق والحقيقة.
وهذا الأمر يقود إلى نظرة موضوعية شاملة لمجال البحث العلمي ومنهجه القويم.

ومن هذا المنطلق وبوجود أدلة كبيرة وكثيرة يخلص الناظر للشريعة الإسلامية ولتعاليمها العظيمة إلى أن الإسلام دين العدل والاعتدال، دين الرحمة والسلام، دين المحبة والفطرة الإنسانية، وأن الإسلام شامل لجواني الحياة، وأهمها القيادة سواء كانت العسرية والحربية أو السياسية والاجتماعيىة.

ويظهر ذلك جليا فيما طبقه الرسول محمد عليه الصلاة والسلام في حياته ليكون منهاجا لنا وقدوة نقتدي بها على اعتبار مراعاة العصر و المكان.
ومن ذلك إدارة الشورى التي تعتبر من أهم ضروريات القيادة في أي مجال.

إدارة الشورى في تنظيم القيادة في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم :
  
 ان من ضروريات القيادة العسكرية الناجحة هو وجود هيئة ركن مستشارة مؤتمنة ، واجبها تقديم النصيحة للقائد ووضعه بصورة  الموقف باستمرار ، وبيان أفضل الطرق واتباع أحسن وأحدث الخطط التي تؤمن تحقيق الأهداف بأقل التكاليف وبأقصر الأوقات. والشورى في الإسلام هي أمر الهي يجب أتباعه لأن فيه النفع والخير لمن سار عليه ، فالشورى حسنة في كل الأمور، لأن تطارح الأفكار وتداول الآراء وتدارس الخيارات المطروحة  والمجادلة الفكرية كلها تؤدي إلى الوصول إلى نتيجة حسنة وقرار سليم.

قال الله الخبير :" وأمرهم شورى بينهم " ،وقال: " وشاورهم في الأمر ".
وقد ضرب رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام أروع الأمثلة في تطبيق هذا الأمر الإلهي حيث كان كثير المشاورة لأصحابه ، وكان يقول لهم :" استعينوا على أموركم بالمشاورة " ،وقال أيضا:" ما تشاور قوم قط إلا هدوا لأرشد أمرهم ".
 وكان يطلب من أصحابه أن يشيروا عليه بآرائهم ، فكان يقول لهم :" أشيروا عليَّ الناس".
وقال عنه أبو هريرة :" ما رأيت أحدا قط أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام"سنن البيهقي .

وفي الاستشارة الخير وعدم الندم على اتخاذ القرارات الفردية المتسرعة ، حيث يقول رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام:" ما خاب من استخار ولا ندم من استشار ولا عال-افتقر- من اقتصد " الطبراني ، المعجم الصغير .   

لقد شاور رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام أصحابه ذوي الخبرة العسكرية  في أمور الحرب وقتال العدو واختيار الزمان والمكان المناسبين .
 فقد شاروهم في بدر ونزل عند رأي الحباب بن منذر في لنزول عند آبار بدر.
 وفي معركة أحد أخذ رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام برأي الشباب في الخروج خارج المدينة.

 وهذا يدلنا على أن رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام قد ربى المجتمع المسلم كله على الشورى ليكون مجتمعا شوريا وليس فرديا متسلطا وهذا ما سار عليه صحابته من بعده .

 أما فوائد الشورى في المجتمع المسلم:
1.    تولد الشعور لدى أفراد ألامه بأنهم يتحملون مسؤولية اتخاذ القرارات وخاصة في الظروف الصعبة كظروف الحرب والقتال .
2.    تؤدي الى استخراج واستنباط الرأي الأصوب والأحسن والأصلح للامه .
3.    تساهم في توحيد كلمه الأمة واتحاد صفها ورأيها وبأنها صاحبه موقف ورأي واحد .
4.    تمنع الاستبداد بالرأي والتعنت في اتخاذ القرارات .
5.    هي تعبير عن الاهتمام بالناس واحترام رأيهم وكلمتهم .
6.    تؤدي الى وضوح الرؤيا وجلب الخير والمنفعة ، ودفع الضرر والشر عن الأمة.
وقد سار الخلفاء الراشدون من بعد رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام على ذات النهج:
 - وما اجتماع المسلمين في سقيفة بني ساعدة بعد وفاة النبي إلا خير دليل على أن الشورى أصبحت منهج حياة في المجتمع المسلم .
 - وقد طبق ابو بكر الشورى في أمور الإدارة والحكم ، حيث خطب الناس بعد مبايعته كخليفة للمسلمين حيث قال لهم:" أيها الناس قد وليت عليكم ولست بخيركم فان  أحسنت فأعينوني وان أسأت فقوموني " وهذا يدل على أنه يطلب من الناس أن يشيروا عليه بآرائهم ويعينوه على أداء المهمة وحمل الرسالة .
- وهذا هو عمر بن الخطاب يشاور المسلمين في أمر الدواوين حيث انعقد رأي الناس بعد المداولات على إنشاء الدواوين التي هي عصب الحياة الادارية في الدولة وهي تمثل ما يعرف اليوم بالوزارات .

المصادر والمراجع:

- محمد سميران واخرون ، تنظيم الاسرة والمجتمع ، دار المسار ، المفرق ، 2006.
- محمد رفعت عبد الوهاب ، الأنظمة السياسية ، منشورات الحلبي الثقافية ، بيروت ، 2004.
- محمد سليم العوا ، في النظام السياسي للدولة الاسلاميه ، المكتب المصري الحديث ، ط3 ،1979.
- عباس محمود العقاد ، عبقرية الصديق ، ط14، دار المعارف ، القاهرة ،ب ت .
- فوزي كمال ادهم ، الإدارة الاسلاميه ، دار النفائس ، 2001 .

No comments :

Post a Comment