Friday, December 25, 2015

تنظيم القيادة في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم -7-هيئة الإمداد والتزويد



تنظيم القيادة في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم -7-( هيئة الإمداد والتزويد)
في الحقيقة إن الإسلام دين العلم والمعرفة، ودين الفطرة والإنسانية، وهو يشجع على كل ما يصلح للمجنمع والفرد، وينظم حياة الإنسان وينظم القيادة سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو عسكرية.
ومظاهر ذلك كثيرة، وعديدة مبثوثة في سيرة النبي محمد عليه الصلاة والسلام، وفي سنته المباركة وفي شريعة الله الخادلة: القرآن الكريم.
ومن ذلك  تنظيم القيادة في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم من خلال هيئة الإمداد والتزويد للجيوش.
وهذا ما سنتكلم عنه.
 
هيئة الإمداد والتزويد :
لا غنى للجيوش عن الإمداد والتزويد سواء كان الإمداد بالعتاد أو السلاح أو الطعام والشراب،فالعسكريون يعرفون أن الجيوش تزحف على بطونها ،فبغير الإمداد بالطعام والشراب تنهار القوى وتخر الأجسام وبالتالي تضعف المعنويات وتنهار وتتسبب بهزيمة فادحة.
 وكذلك فإن التزويد بالسلاح والعتاد والرجال يجب أن يستمر ويتتابع وخاصة أثناء المعركة،ويدخل في إطار التزويد بالخدمات هو إسعاف وإنقاذ الجرحى وإخلاء القتلى وتامين الرعاية لمن يحتاجها من الجنود.
 أما الأسلوب الذي طبقة النبي الرسول القائد محمد صلى الله عليه وسلم في جيشه فكان يعتمد على وجود الساقة (المؤخرة ) والتي كان هدفها تقديم الإسناد الإداري للتشكيلات المقاتلة . 
هذا وقد استخدم النبي الرسول القائد محمد صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة كقاعدة مركزيه للتموين والتي كانت تزود الساقة بما يحتاجه الجيش وبدورها تقوم الساقة بتزويد المقاتلين بما يحتاجون.

1- أما الوحدات الصغيرة فكانت تعتمد على المصادر المحلية في التزويد والتي كانت تقتصر على بعض الأطعمة والمياه وذلك لأن هذه الوحدات تحتاج الى مرونة وخفة حركة ، وقد كانت المواد التي يستولي عليها الجيش هي من مصادر التزويد الرئيسية له .

2- أما بالنسبة لخدمات الإنقاذ والإسعاف :
  فقد كانت تتم في ميدان المعركة وذلك من قبل المقاتلين أنفسهم.
 و كانت النساء تساعد في تقديم هذه الخدمة الجليلة للمقاتلين ، ويتم كل ذلك بالاستعانة بالنبي الرسول القائد محمد صلى الله عليه وسلم الذي كان يصف الدواء المناسب للجرحى ويشرف على متابعه حالتهم والسؤال عنهم.

3- أما بالنسبة للشهداء:
فقد كان يتم دفنهم في موقع المعركة نفسها وفي ذلك معنى معنوي يدفع بالاجيال القادمة الى الإقتداء بهم والسير على خطاهم .

4- أما الأسرى :
فقد عاملهم الإسلام معاملة رحيمة حسنه تتصف بالرفق واللين والإنسانية امتثالا لقوله تعالى :" ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ".
 وقد أوصى النبي الرسول القائد محمد صلى الله عليه وسلم بهم خيرا حين قال :" استوصوا بالأسارى خيرا "،لدرجه أنه كان يسقي الأسير من لبن ناقته الخاصة،وهذا شكَّل لهم حافزا قويا ودافعا للدخول في الإسلام لما شاهدوه من رحمته ورأفته،وبلغ احترام الإسلام للأسرى في أنه جعلهم معلمين ومدرسين لأبناء الإسلام،حيث أن النبي الرسول القائد محمد صلى الله عليه وسلم جعل فداء أسرى بدر تعليم عشرة من أبناء المسلمين القارة والكتابة،وقد شكَّل هذا الجيل اللبنة الأولى لكتَّاب الوحي وحفظة العلوم الإسلامية فيما بعد .
وبذلك يكون النبي الرسول القائد محمد صلى الله عليه وسلم قد سبق القانون الدولي الإنساني ومواثيق جنيف وغيرها في احترام إنسانية الإنسان وحمايته من الإهانة والاعتداء، بل إنه احترم قتلاهم مطبقا بذلك – بل سابقا – لكل قوانين الحرب الحديثة ،حيث دفنهم ولم يدعهم في ساحة المعركة احتراما لإنسانيتهم ، وهذا ما تم في معركة بدر حيث حفر المسلمين قليبا دفنوا فيه قتلى المشركين.

5- أما الغنائم :
  فقد كان النبي الرسول القائد محمد صلى الله عليه وسلم يقسمها الى خمسه أقسام ، وكان القسم الأول منها يوزع على اليتامى والمساكين وابن السبيل والمصالح العامة كشراء السلاح والمؤن والمعدات والملابس والذخيرة ،...الخ.
 وتوزع الأربع أسهم الأخرى على الغانمين الذين اشتركوا في المعركة.
 وأثناء التقسيم لم ينس النبي الرسول القائد محمد صلى الله عليه وسلم العاملين بالخلف لأنه يدرك أن النصر لا يحرزه المقاتلون فقط بل يتعاون على إحرازه المقاتلون في الخطوط الأمامية والعاملون في الخلف الذين يوفرون أسباب النصر للمقاتلين .  
إن هذا الاستعراض البسيط لتنظيم قيادة النبي الرسول القائد محمد صلى الله عليه وسلم يدلنا على أن النبي الرسول القائد محمد صلى الله عليه وسلم استخدم أساليب متطورة في الإدارة العسكرية والقيادة العالية المستوى والتي سعت وتسعى المدارس العسكرية  لتضمينها مناهجها المعاصرة في العلوم العسكرية ، بل إن كثيرا من الاستراتيجيات العسكرية المعاصرة استخدمت ما كان يستخدمه النبي الرسول القائد محمد صلى الله عليه وسلم أثناء قتاله في سبيل الله ، وذلك لأنها استراتيجيه تحتوي إضافة الى الأساليب العسكرية على قيم أخلاقية رفيعة المستوى ومبادئ سامية ترعى حق الإنسان وتصون كرامته سواء كان مقاتلا ام جريحا ام أسيرا ام مسالما ، فهي لم تتضمن منهج القتل والذبح والتخريب والتدمير والاكراه بل إنها كانت مليئة بقيم التسامح والأصالة.

المصادر والمراجع:
-أكرم الديري، الجيش وتاثيراته في سياسه الدولة الاسلامية ،دار الكتاب الثقافي ،اربد ، 2003
- احمد بن عثمان المزيد ، هدي محمد(صلى الله عليه وسلم ) ، مدار الوطن ، الرياض ، 2006.
- حامد صادق قنيبي، الكون والإنسان في التصور الإسلامي ، مكتبة الفلاح ، الكويت ،1980.
- اسحق احمد الفرحان ، التربية الإسلامية بين الأصالة والمعاصرة ،دار الفرقان ،1983.
- محمد جمال الدين محفوظ ، المدخل إلى العقيدة والاستراتيجية العسكريه الإسلامية ، الدار ألمصريه للكتاب ، القاهرة ، 1976.
- سعيد حوى ، الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، ط2، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 1971.
- توفيق سلطان اليوزبكي، دراسات في النظم العربية والإسلامية ،جامعه الموصل ،1988.

No comments :

Post a Comment