Monday, December 14, 2015

مبادئ الاستراتيجيه العسكرية الاسلامية(1)(التصميم على الهدف والحفاظ عليه)



مبادئ الاستراتيجيه العسكرية الاسلامية (1) (التصميم على الهدف والحفاظ عليه):

يخطئ الكثيرون عندما يقولون أن الإسلام لا علاقة له إلا بالعبادة والمسجد.
ويتكنف العديد الصواب لما ينشرون أن الإسلام لا علاقة له بالسياسة أو الحكم او المجال العسكري أو الاقتصادي.
هؤلاء إما أنهم جهلة لم يطلعوا على الاسلام من القرآن الكريم أو السنة النبوية أو الشريعة الإسلامية أو التاريخ الإسلامي بشقيه السيرة النبوية والصحابة وما بعدهم.
أو أنهم يعلمون ذلك ويكابرون على الحقيقة ويريدون تغطيتها وإخفاءها.
إن الحقيقة ظاهرة بادبة لكل دارس ومطلع ومنصف، ولا ينكرها إلا متعصب متطرف حقود على الإسلام وعلى نبيه وعلى أهله، وهذا بدأ من علماء الغرب ثم امتد لتلاميذهم من المسلمين الذين انبهروا بما لا قيمة له، ودافعوا عن أقوال ونظريات باهتة تافهة.
و الاستراتيجيه العسكرية الاسلامية خير مثال على شمول الإسلام لكل مناحي الحياة ومختلف أشكال التعامل الاقتصادي والمالي والسياسي والحكومي والإداري والعسكري وغيرها، ولا يقتصر فقط على أداء العبادة.
وفي هذا الموضوع سنتكلم عن مبادئ الاستراتيجيه العسكرية الاسلامية تباعا في حلقات، لنرد على المتشككين والمنبهرين بنظريات أعداء الإسلام والمتمسكين بنواجذهم بأقوال الغرب المعادي للإسلام، ذلك الغرب الذي يدعي أمورا هو كاذب فيها.

فمن مبادئ الاستراتيجيه العسكرية الاسلامية:

1- التصميم على الهدف والحفاظ عليه:
إن الاستراتيجية فن حديث النشأة أكاديميا ولكنه كأسلوب تفكير وتدبير وتصرف فإنها فن قديم من الناحية التطبيقية والعملية ، حيث مارسته كل الأمم والشعوب التي كان لها هدف ورسالة وغاية تطمح إلى تحقيقها.
 وأما القيادات العسكرية  والسياسية  تحديدا - فقد أدركت أهميه وقيمه وفحوى الاستراتيجية وعرفت معناها وبنت مخططاتها وقراراتها وسلوكياتها وتصرفاتها وفق أسس وخطط استراتيجيه مدروسة ومحكمه ومتقنه غاية الإتقان.

 وفي الإسلام فإن التخطيط  الاستراتيجي كان له الدور الأكبر والحاسم في تحقيق الأهداف والغايات التي جاء من اجلها الإسلام.

 فالخطط المحكمة التي وضعها قادة الإسلام- ابتدءا من الرسول القائد – هي كلها كانت أساليب تطبيقيه تدل على عمق التفكير وبعد النظر الاستراتيجي لهؤلاء القادة الأميين الذين فهموا ألاستراتيجيه بالفطرة والسليقة. 

انطلقت ألاستراتيجيه الاسلامية من ثوابت العقيدة العسكرية الإسلامية والتي كان أهمها القرآن والسنة ، فهما الموجهان المرشدان لمنفذي هذه الاستراتيجية والتي هي عبارة عن الأساليب والوسائل الموصلة إلى الهدف.

 وبما أنها كذلك فقد اتسمت بالثبات والاستقرار والاتزان .
وان ما يميز مبادئ استراتيجيه العسكرية الاسلامية ويزيدها ثباتا ، هو اعتراف القادة والخبراء العسكريين الحديثين والمعاصرين بها  كمبادئ عسكريه حضارية متطورة ،اتخذت كمناهج تدرس في المدارس العسكرية  المعاصرة .
   لذا فقد كانت مبادئ الاستراتيجية الاسلاميه هي (مدرسة ) بحق وإضافة نوعية إلى العلوم والفنون العسكرية تنتهجها المدارس العسكرية وتطبقها القوات على مدار الزمن لتبقى خالدة خلود الإسلام وتبقى ما بقي هذا الدين.
ومن هذه المبادئ ما يلي:

1. التصميم على الهدف والحفاظ عليه:
لقد أوضحنا عند حديثنا عن العقيدة العسكرية الاسلامية أن الهدف من هذه العقيدة هو نشر الدين وحماية الدعوة ورد الظالمين ، وليس الاعتداء على الآخرين أو ترويعهم .
 لذا فقد جعل المسلمون هذا الهدف نصب أعينهم أينما ذهبوا وحيثما حلوا ، مما ساهم وبشكل كبير على الاندفاع والاستمرار في الفتوحات  رغم كل الظروف الصعبة التي مرت بها الأمة سواء على الصعيد الداخلي أو الصعيد الخارجي.
 والقدوة في هذا المقام هو النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) الذي كان شديد التمسك بالهدف والغاية ، حيث استمر بنفس الاندفاع والحماس نحو تحقيق هدفه وغايته وهو نشر الدعوة وإبلاغها للناس، رغم الأذى والعذاب النفسي والبدني الذي تعرض له هو وأصحابه خلال مسيرة دعوتهم في مكة والطائف ، والصدود الذي لاقاه حتى من أقرب الناس إليه وهم قبيلته وعشيرته الاقربين .

وتابع الصحابة حفاظهم وحماسهم نحو الأهداف والغايات النبيلة .
فها هو أبو بكر الصديق يمضي بقتال أهل الردة الذين منعوا الزكاة وقال قولته المشهورة:(والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه لرسول الله صلى الله عليه وسلم لجاهدتهم عليه ) .

واستمر الصحابة على ذات النهج ونفس الطريق وهو الحفاظ على الهدف والغاية .

وها هو خالد بن الوليد يؤنب أهل الحيرة ويقرعهم على اختيارهم للجزية فيقول لهم :(تبا لكم ،  إن الكفر فلاة مضلة فأحمق العرب من سلكها )،وذلك لأنه أراد لهم الإسلام ولم يرد لهم الجزية ،ولم يرغمهم على الإسلام.
 واستمر جيش الإسلام يمضي نحو أهدافه وغاياته حتى اكتمل الفتح الإسلامي وخضع معظم العالم المعروف آنذاك إلى الإسلام وانضم تحت لوائه؛ فمن الشام إلى العرق ثم إلى المغرب والأندلس ومن ثم إلى أوروبا وبلاط الشهداء ، وإلى أقصى الشرق حيث الصين وتخومها .

نعم رغم كل الظروف إلا أن المحافظة على الهدف كانت أعظم مبادئ الاستراتيجية الاسلامية الناجحة المظفرة .

المصادر والمراجع:
-عبد الرحمن محمد العيسوي، علم النفس العسكري ، دار الراتب الجامعيه ،بيروت ،1999.
-ماهر محمد صالح حسن ، القيادة ، أساسيات ونظريات ومفاهيم ، دار الكندي ، اربد ، الأردن ،2004.
-احمد عبد ربه بصبوص ، فن القيادة في الإسلام ، مكتبة المنار،  الزرقاء الأردن ، 1989.
-محمد جمال الدين محفوظ ، المدخل إلى العقيدة والاستراتيجية ألعسكريه الإسلامية ، الدار ألمصريه للكتاب ، القاهرة ، 1976.

No comments :

Post a Comment