Thursday, December 24, 2015

تنظيم القيادة في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم -6-هيئه الأمن والاستطلاع



تنظيم القيادة في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم -6-( هيئه الأمن والاستطلاع):

لا شيء أجمل-بعد التدبر في آيات الله- من قراءة سيرة النبي محمد عليه الصلاة والسلام واستنباط الفوائد الدنيوية والاقتداء به في هذه الحياة، فهو رحمة للعالمين ، وكان مولد النبي الرسول محمد صلى الله عليه وسلم نعمة من الله لنا، وجاءت سيرته النبوية وأحاديثه الشريفة منارة نهتدي به في الحياة، ولما اهتدينا به واقتدينا كنا أعظم حضارة، وحينما استبدلنا بالنبي محمد عليه الصلاة والسلام غيرها أصبحنا مهانين، ولما تركنا شريعته لقوانين وضعية في أكثرها مخالفة للشريعة الاسلامية أصبحنا ضعفاء مقلدين للآخرين.
وعلينا أن نرجع للشريعة الإسلامية ونقننن قوانينا في موافقتها والمضي قدما في الاهتداء بالرسول العظيم محمد عليه الصلاة والسلام.
وقد شكل النبي محمد صلى الله عليه وسلم ونظيم القيادة بكافة جوانبها ومنها: هيئة الأمن والاستطلاع.

هيئه الأمن والاستطلاع:
  لاشك ان الأمن عنصر هام من عناصر الاستراتيجية العسكرية الحربية لأي جيش في العالم، وتحرص الجيوش على ايلاء هذه الناحية أهميه خاصة . فتؤسس الإدارات الفرعية الخاصة بجمع المعلومات وتمحيصها وتحليلها والاستفادة منها .
 وقد حرص النبي محمد صلى الله عليه وسلم على تضمين قيادته هيئة أمنية كان لها الدور الفاعل والنشط في جمع المعلومات عن العدو قبل العمليات وبعدها مما ساهم في إفقاد العدو عنصر المفاجأة ووضعه في حوزة المسلمين . 
و سبق ذلك قيام النبي محمد صلى الله عليه وسلم بتربيه الجيل المسلم تربية أمنية أخلاقية ساهمت في خلق جيل واع يعرف كيف يحافظ على أسراره وكيف ينتزع المعلومة من عدوة انتزاعا ، ومن الأساليب التربوية التي قام بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم في هذا المجال :

-عدم إفشاء الأسرار مهما كانت الظروف والمواقف :
وأحاديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم في هذا المجال كثيرة حيث يقول:" طوبى لمن أمسك الفضل من لسانه وأنفق الفضل من ماله " ، وقال:" امسك عليك لسانك "، ويقول في حديث آخر:" من كف لسانه ستر الله عورته " ، وقال أيضا :" من سره أن يسلم فليلزم الصمت " .

 وقد تربى الجيل المسلم على هذه الفضائل والحكم والمواعظ العظيمة فكانوا خير مطبق لها ، حيث تعلموها وعلموها أبنائهم.
 فها هو العباس بن عبد المطلب يوصي ابنه فيقول له  :" إني أرى هذا الرجل (يعني عمر بن الخطاب) يقدمك على الأشياخ (كبار الصحابة ) فأحفظ عني خمس :" لا تفشين سرا ، ولا تغتابن عنده احد ، ولا يجربن عليك كذبا ، ولا تعصين له أمرا ، ولا يطلعن منك على خيانة ".
 والكتمان مبدأ هام أراد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم لأصحابه ان يتقنوه ويتعلموه لأن فيه حماية لهم من عدوهم ومن الحاقدين لهم حيث دعاهم الى يستعينوا على  قضاء حوائجهم بالكتمان.

- الوعي والفطنة والحذر :
وهو في ذلك يتنسم قوله تعالى :" يا أيها الذين امنوا خذوا حذركم " وفي هذه الآية الكريمة دعوة ألى المؤمنين لكي يأخذوا حذرهم وينتبهوا لكل شيء حولهم ويكونوا في يقظة دائمة ، وقد وجه الرسول عليه الصلاة والسلام أصحابه ألى هذا فقال :" إذا حدث الرجل الحديث ثم التفت فهو أمانه ".

- عدم الثرثرة وكثرة الحديث في المجالس :
قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم:" إنما يتجالس المتجالسان بالأمانة ولا يحل لأحدهما أن يفشي على صاحبه ما يكره " .
وقال:" كفى بالمرء إثما ان يحدث بمكل ما سمع ".
 وقال:" من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه".
فلا يجوز التشدق بالكلام أمام الآخرين فرب كلمه تهوي بصاحبها الى مهاوي الردى وهو لا يلقي لها بال ، فالحرص في الكلام والحذر أثناء الحديث هو أخلاق الإسلام التي ربى النبي محمد عليه الصلاة والسلام أصحابه عليها.

- أمانه نقل الحديث:
   إن الكلمة أمانة في عنق صاحبها عليه ان يحافظ عليها وينقلها بأمانة وصدق فلا يزيد عليها ولا ينقص منها ، وكذلك عليه التأني في نقلها والتلفظ بها ، وإذا قلَّلَ من نقلها فهو أحسن له .
 وفي ذلك توجيه نبوي كريم حيث يقول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم:" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا او ليصمت " .
وإذا تعود الإنسان نقل الكلام والإكثار منه فانه حينها لا يؤتمن على أسرارا بلاده ووطنه وأمته ، لأنه لا يكب الناس على وجوههم يوم القيامة إلا حصائد ألسنتهم ، كما بين ذلك الرسول محمد صلى الله عليه وسلم،وليراقب الإنسان ربه حيث ان الله قد وضع عليه ملكان يسجلان حركاته وسكناته ، حيث يقول الله عز وجل:" ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد " .

المصادر والمراجع:
- احمد بن عثمان المزيد ، هدي محمد(صلى الله عليه وسلم ) ، مدار الوطن ، الرياض ، 2006.
- حامد صادق قنيبي، الكون والإنسان في التصور الإسلامي ، مكتبة الفلاح ، الكويت ،1980.
- اسحق احمد الفرحان ، التربية الإسلامية بين الأصالة والمعاصرة ،دار الفرقان ،1983.
- محمد جمال الدين محفوظ ، المدخل إلى العقيدة والاستراتيجية ألعسكريه الإسلامية ، الدار ألمصريه للكتاب ، القاهرة ، 1976.
- سعيد حوى ، الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، ط2، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 1971.
- توفيق سلطان اليوزبكي، دراسات في النظم العربية والإسلامية ،جامعه الموصل ،1988.

No comments :

Post a Comment