Wednesday, January 3, 2018

الكذب



الكذب :
     الكذب من كَذَبَ كِذْباً و كِذّاباً : أخبر عن الشئ بخلاف ما هو عليه فى الواقع، وهو سلاح من أقوى وأشد أسلحة إبليس فى إفساد بنى آدم , فهو البداية لكل معصية , فالكذوب يتعمد الكذب ليغطى ويمحو نقيصة قام بها أو ليجمل سيئة فعلها , أو ليبرر ما يقوم به من أعمال الشيطان , لذلك فهو كما وصفة الصادق الصدوق بأنه يؤدى إلى الفجور , لهذا فقد حاربه الاسلام وحرمه صيانه للفرد والمجتمع من أخطارة وقضائاً على أقوى أسلحه إبليس اللعين .
 وقد حرمه الله تعالى فقال : " وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ", وقال تعالى : " مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ", وقال تعالى : " فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ", وقال تعالى : " وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ " .
      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الصدق يهدى إلى البر , وإن البر يهدى إلى الجنه , وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً , وإن الكذب يهدى إلى الفجور , وإن الفجور يهدى إلى النار , وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً "  .
كما أنه خصله من خصال النفاق , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً , ومن كانت فيه خصله منهن كانت فيه خصله من نفاق حتى يدعها , إذا أؤتمن خان , وإذا حدث كذب , وإذا عاهد غدر , وإذا خاصم فجر "  .
     وقيل : رأس المأثم الكذب وعمود الكذب البهتان , أمران لا ينفكان من الكذب , كثرة المواعيد , وشدة الاعذار .
     وقال الفضيل : ما من مضغة أحب إلى الله تعالى من اللسان إذا كان صدوقاً ولا مضغة أبغض إلى الله تعالى من اللسان إذا كان كذوباً .
لا يكـذب المـرء إلا من مـهـانـته*** أو فـعـلـه السـؤ أو مـن قـلـه الادب
 لبـعـض جـيـفـة كلب خير رائحة***من كذبة المرء فى جد وفى لعب
 ما يجوز من الكذب :
     قال الامام النووى رحمه الله :
إعلم أن الكذب , وإن كان أصله محرماً , فيجوز فى بعض الاحوال بشروط , مختصر ذلك أن الكلام وسيله إلى المقاصد , فكل مقصود محمود يمكن تحصيله بغير الكذب يحرم الكذب فيه.
 وإن لم يمكن تحصيله إلا بالكذب جاز الكذب , ثم إن كان تحصيل ذلك المقصود مباحا كان الكذب مباحا ، وإن كان واجبا ، كان الكذب واجبا .
فإذا اختفى مسلم من ظالم يريد قتله ، أو أخذ ماله وأخفى ماله وسئل إنسان عنه ، وجب الكذب بإخفائه .
وكذا لو كان عنده وديعة ، وأراد ظالم أخذها ، وجب الكذب بإخفائها . والأحوط في هذا كله أن يوري .
ومعنى التورية : أن يقصد بعبارته مقصودا صحيحا ليس هو كاذبا بالنسبة إليه ، وإن كان كاذبا في ظاهر اللفظ ، وبالنسبة إلى ما يفهمه المخاطب ، ولو ترك التورية وأطلق عبارة الكذب ، فليس بحرام في هذا الحال .
     واستدل العلماء بجواز الكذب في هذا الحال بحديث أم كلثوم رضي الله عنها، أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، يقول : (( ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس ، فينمي خيرا أو يقول خيرا )) , زاد مسلم في رواية : قالت أم كلثوم : ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث، تعني : الحرب ، والإصلاح بين الناس ، وحديث الرجل امرأته ، وحديث المرأة زوجها.

1 comment :