Monday, January 1, 2018

العفو والصفح



العفو والصفح :
     من السلوكيات الإجتماعية التى ينبغى أن يبنها الأباء والمربون فى نفوس تلاميذهم وأبنائهم .
     وقال إبن منظور فى لسان العرب : العفو : هو التجاوز عن الذنب وترك العقاب عليه وأصله المحو والطمس , أما الصفح : فهو الإعراض عن الذنب.
     قال تعالى : " خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ", هذه الآية تدل على عظمة هذا السلوك القويم وأهميتة فى التربية الإجتماعية , فالتعبير القرآنى يشير بالاخذ.
 والعرف يقول أنه كلما كان الإنسان عظيماً وقال خذ , فهذا يدل على أن المأخوذ عظيم فى نفسه , فما بالك إذا كان المعطى هو الله جل وعلا والأخذ هو أحب خلق الله إلى الله , فكيف يكون الشئ المأخوذ , فلابد أنه أعظم القدر .
 والعفو هو مفتاح السعادة ؛ وهو سر النجاح فى معاشرة الخلق ؛ فمن تأمل حال الخلق وحدهم غير معصومين من الخطأ , ولو وقف المرء أمام كل خطأ ليقتص لنفسه ما عاش أحد , وإذا تتبعت أحوال الناجحين فى الحياة الإجتماعية , لوجدت من أهم سماتهم الإجتماعية هو العفو , فهو يرقى بالإنسان فالإنتقام وعدم العفو والوقوف على الأخطاء صغيرها وكبيرها , سمة من سمات الحيوان , ويكفى أن العفو من صفات الله تبارك وتعالى , كما أن الإنتقام أيضاً من صفاته ولكن مع من أصر على العصيان وأثر العناد .
     من هنا كان العفو من أهم مقومات ودعائم الأخوة , فهو يزيل العداوة والكره ويذهب بالبغضاء والشحناء , لذا تجد العفو محبوب إجتماعياً , ليس له أعداء , لذلك أمر الله تبارك وتعالى به فى كثير من الآيات , وحث عليه بأسمى الأُمنيات , قال تعالى : " وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآَتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ", وقال تعالى : " وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ", وقال تعالى : " الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ", وقال تعالى : " وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ", وغيرها من الآيات التى تبين فضله وأثره .
     وإذا كنا نريد لأبنائنا وتلاميذنا , تربية نفسية صافية من كل ما يعكر النفس ويشوبها , وإذا كنا نريد لهم تربية إجتماعية قوامها الأخوة والمحبة , والأمان والسيادة , وكسب العلاقات الإجتماعية الفعالة , فعلينا بإكسبهم سلوك العفو , فنتمثل ونتشبع به , ونقص عليهم ما يؤثر من المواقف الجليلة , والقصص الرائعة فى العفو , وأن نكافئ ونثيب عليه .
     ولا تنس ؛ أيها الأب أن تعلمهم أن العفو لابد أن يقابل بالفضل , كما علمنا الله تبارك وتعالى , قال : " وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ".

No comments :

Post a Comment