Monday, January 1, 2018

المحبة والولاء والإيثار



المحبة والولاء :  
     الولاء يعنى حب الله ورسوله والمؤمنين الموحدين ونصرتهم , فكل مسلم يجب عليه حب المؤمنين وموالاتهم ونصرتهم , ومن لم يفعل ذلك ووالى الكفار بالحب أو التقليد أو المحاكاه , فقد نقص إيمانه , قال تعالى : " تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ ".
     فلا يمكن أن تتحقق الأخوة إلا إذا أحب المسلم أخاه المسلم محبة صادقة تصدر من القلب , قال تعالى : " وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " .
 ولأهمية الحب فى قيام المجتمع المسلم , جعله الله تعالى شرط من شروط الإيمان , قال تعالى : " وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ " .
 كما جعله النبى صلى الله عليه وسلم أوثق عرى الإيمان , فقال صلى الله عليه وسلم : " أوثق عرى الإيمان الموالاة فى الله والمعاداة فى الله والحب فى الله والبغض فى الله ", وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم : " لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ", هكذا قرن النبى صلى الله عليه وسلم المحبة بين المسلمين بمحبتهم أنفسهم .
 كما أنها سبب لتذوق حلاوة الإيمان وهذا من أكمل دواعى الحب , قال : " ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لايحبه إلا لله وأن يكره أن يعود فى الكفر كما يكره أن يقذف فى النار " , والأحاديث في هذا كثيرة .
     وطالما توافر هذا المبدأ فى مجتمع ما فماذا تجد منهم ؟ فمثلهم سيعملون على إرضاء بعضهم البعض , وبالتالى فلن تجد هناك شقاق أو خلاف , وإنما سيتفرغوا لنصرة دينهم وأوطانهم , كما فعل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقد سادو العالم فى فترة لاتكاد تذكر .
     إذاً فلا سبيل إلى استقرار وتنمية فى العلاقات الإجتماعية إلا بنشر المحبة بين صفوف المجتمع , الكل يعمل للكل , والكل يكمل الكل , محبة صادرة من الضمير , نابعة من القلب , لأنه يرجوا بها إبتغاء مرضاة الله عز وجل , لذك لن يشوبها المراء والمداهنة , بل هى صافية نقية خالصة ومن هنا كان لزاماً علينا أن نكون خير قدوة لأبنائنا , وأن نلقنهم القصص والمواقف التى تشير إلى تلك المحبة وفضلها , وأن نجنبهم المنافسات التى تثير الشحناء والبغضاء فيما بينهم .
الإيثار :
     وهو أن يؤثر غيره بالشئ مع حاجته إليه , وضده الأثرة : وهى إستئثاره عن أخيه بما هو محتاج إليه .
وعرفه الجرحانى فى التعريفات : أن يقدم غيره على نفسه فى النفع له والدفغ عنه , وهو النهاية فى الاخوة .
     والإيثار من الفضائل التى إمتاز بها الإسلام دون غيره من الشرائع , فهو أرفع درجات السخاء , وأقوى دعائم ومقومات الأخوة الإيمانية , فهو مؤشر بقوة المحبة والإخوة , وعمق العلاقات الإجتماعية , وقوة التماسك الإجتماعى , فالإيثار ضد الأنانية , وحب الذات , والتى بدورها معول من معاول هدم العلاقات الإجتماعية وتفريقها , والتى تسربت وإنتشرت داخل مجتمعنا الإسلامى , مهددة له بالتفكك والتمزق , زرعها الغرب وترك رعايتها للرأسماليين والعالمانيين , لذلك يأتى دور الإيثار حتى تعود الأخوة الإيمانية والترابط والتماسك الإجتماعى داخل الحضر , الذى أصبح التفكك سمة من سماته , فلنربى أبنائنا على الإيثار , كما تربى الجيل الاول عليه .
     فقد مدح الله تبارك وتعالى الأنصار الذين أثرو المهاجرين على أنفسهم برغم ما كان بهم من فقر وحاجة , فقد أثروهم بالأموال والأولاد والدور , لذلك بشرهم الله تعالى بأسمى بشارة يبشر بها إنسان , وهو الفلاح , وهذا الفلاح ليسقاصراً على الدنيا فقط بل يتعداه ليشمل الآخرة ايضاً, قال تعالى : " وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ".
 وليس الفلاح خاص بهم مقصوراً عليهم , بل يمتد ليشمل كل من إقتفى أثرهم وسار على دربهم وإتبع نهجهم , قال تعالى فى الآية التالية : " وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ",  وقال تعالى : " وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ".
     والمربي الكفء من صفاته أن يحول أولاده من المنافسة على الإمتلاك إلى المنافسة على الإيثار , ولك فى رسول الله صلى الله عليه وسلم الاسوة الحسنة والقدوة الصالحة , هو وصحابته , ومن افضل الوسائل التى يكتسب بها الطفل الإيثار ويصبح ضمن قيمة وإتجاهاته , هو إسلوب القصة المشوقة والحكاية المؤثرة والمواقف الخالدة المنتقاه من تاريخ هذه الأمة الناصع , ومنها ما فعله الأنصار مع إخوانهم المهاجرين , وينبغى على الأبوين داخل الاسرة أن تلتزموا بهذا السلوك , فهى أول قدوة فى حياة الإنسان .
     ومن الجدير بالذكر , إن المؤاثرة لاتكون إلا فى طاعة الله , كأن تترك مثلاً صلاة الجماعة فى المسجد حتى لاتزعج ضيفك فهذه المؤاثرة مرفوضة , كأن يترك الفرد مساعدة أمه حتى يترك المجال لأخيه , فهذه أيضاً ليست مؤاثرة , فلابد أن ينتبه المربى لمثل هذه الأمور , كما ينبغى للمربي أن يكون يقظاً لماحاً , فإذا لاحظ الإيثار من أحد تلاميذه , فينبغى أن يبادر بالثناء عليه ومدحه ومكافأته , فالله تعالى يقدر ويكافئ على قدر العمل .

No comments :

Post a Comment