Friday, January 12, 2018

الـتـواضـع



الـتـواضـع :
     التواضع هو ذلك السلوك الفعال فى كسب القلوب وأسر العقول , لذلك لاتجد نبياً إلا متواضعاً , وقد بين الله تعالى لنبه صلى الله عليه وسلم وللمسلمين أن التواضع هو السر فى إمالة القلوب واستقطابها , وأن الغلظة والتعالى سبب البعد والنفور , قال تعالى :" فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ".
    التواضع هو السلوك الذى يمنح القدرة على التعبير عن النفس , وتدرك من خلاله السجايا , وتعرض من خلاله الحقائق بمرونة وبشكل سهل بسيط , يضفى على صاحبه هالة ووقار يدركه كل من يتعاملون معه , ويعطى انطباعاً إيجابياً  , وتوفر عليه البحث عن أساليب معقدة يفرض من خلالها نفسه ورغباته .
      وقد مدح الله تعالى المتواضعين وذم المستكبرين وتوعدهم بالعذاب الأليم , قال تعالى : " لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ", وقال تعالى : " وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ", وقال تعالى : " الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ", وقال تعالى : " وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (48) أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ ".
     أما الكبر وهو الترفع والتعالى وإعتقاده أنه فوق الناس , قال تعالى فيه : " تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ", وقال تعالى : " وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا  ", وقال تعالى على لسان لقمان : " وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ".
     فالتواضع ترسيخ وتدعيم للأخوة والمساواة التى وضعها الإسلام , أما الكبر فهو المرض العضال الذى ينال من الأخوة فيفضى عليها ويضع بدلاً منها الكره والحقد والحسد , فلا أحد يرضى أن يتعالى عليه أحد , لذلك حرمه الله بأشد الألفاظ وأبشع الأوصاف حتى ترتعد منه النفوس , وتتجنبه العقول .
     ومما يدل على أهميه فى تربية الأولاد أنه يدخل ضمن ما وصى به لقمان الحكيم ولده , فاحرص أيها المربى على التواضع وغرسه فى نفوس أولادك وحذرهم من الكبر , وبطش الله للمتكبرين , وجازهم زكافئهم على التواضع , وعليك بقصة " قارون وفرعون " فيهما من العظات ما يكفى .

1 comment :