Saturday, December 30, 2017

مفهوم الحرية عند الغرب



مفهوم الحرية عند الغرب: 
استخدم مصطلح الحرية في العالم الغربي للدلالة على رفــض الأنظمـــة العبودية والإقطاعية في العصور الوسطى، وترسخ بعد انتصار الثورات التي ألغت الإقطاع وأقامت الأنظمة الجمهورية، واستمر حتى صار يحمل دلالة تعادل (صيغة تقرير المصير الفردي والجماعي، وفي درجة الاستقلال الذاتي الذي تشجع عليه وتبيحه (الديمقراطية)، وفي طبيعة العملية الديمقراطية وفي مجال أوسع للحريات الأخرى الأكثر خصوصية والتي هي من صلب طبيعة العملية الديمقراطية، أو انها من المتطلبات الضرورية لوجودها).
فعرّفها الغرب بأنها الانطلاق بلا قيد ، والتحرر من كل ضابط ، والتخلص من كل رقابة ، حتى ولو كانت تلك الرقابة نابعة من ذاته هو ، من ضميره ، فلتحطم وليحطم معها الضمير إن احتاج الأمر ، حتى لا يقف شيء في وجه استمتاعه بالحياة ، وحتى لا تفسد عليه نشوة اللذة ، ومعنى هذا ترك الإنسان وشأنه يفعل ما يشاء ويترك ما يشاء ، وهكذا بدون قيود ولا ضوابط ، ولا رقابة ، وعلى المجتمع أن يسّلم بذلك الحق ، وعلى الحكومة أن تحافظ على تلك الحرية وتحميها،   فلا دين يحكم النفوس ، ويكبح جماحها ، ولا أخلاق تهذب طباعها ، وتوقظ مشاعرها ، وتثير فيها روح النخوة والغيرة والإباء ، ولا مثل ، ولا فضائل ، تقاس على أساسها الأعمال خيرها وشرها ، ولا حياء يمنع ارتكاب الشطط ، والمجاهرة بالمنكر
فالحرية عندهم تعنى أن تفعل ما تشاء و تأكل ما تشاء وتلبس ما تشاء وتعتقد ما تشاء وتنام مع من تشاء فإذا كان هذا هو الحال فما هي النتيجة ؟ الجواب مسموع ومشاهد و معلوم للقاصي و الداني أن أعلى معدلات الجريمة و القتل والسرقة و الاختطاف و الاغتصاب و الشذوذ والخيانة والسكر و الانحلال الخلقي الغير مسبوق هذا كله و أكثر موطنه البلاد الراعية والداعية إلى الحرية !
- فالأمريكان يزعمون أنهم أصحاب حقوق الإنسان وأن الفرنسيين ليسوا سوى مقلدين لهم، وحجتهم أن وثيقة (إعلان الاستقلال) تحمل تاريخ 1776 فهي أسبق من الثورة الفرنسية وقد جاء في مقدمة الوثيقة التي وضعها ممثلو الولايات المتحدة الأمريكية: (إننا نعد الحقائق التالية من البديهيات: خلق الناس جميعا متساوين، وقد منحهم الخالق حقوقا خاصة لا تنزع منهم: (الحياة ،الحرية ، السعي وراء السعادة).

- ويزعم البريطانيون أنهم الأسبق في ميثاق الشرف الأعظم "الماجنا كارتا" لقد تمت صياغة هذا الميثاق في 12 حزيران 1215 ، وهو نص عام مكون من ثلاث وستون مادة وجهه الملك إلى العامة والخاصة في البلاد  تنص المادة الأولى على أن الحرية ممارسة كل الحقوق والحريات ،وحرية الانتخاب لكنيسة إنكلترا وكذلك منح حقوقا عديدة لكل الأشخاص الأحرار المقيمين في المملكة ،وهي تقيد حق التصرف الملكي بالأموال العامة ،ويعطي الميثاق في المادة 13 كل الحريات والتقاليد الحرة القديمة في البر والبحر لكل المدن والقرى في البلاد ، كما أعطت الوثيقة ضمانات للمحاكمة والإدانة وحظرت الاعتقال والسجن ونزع الملكية والنفي، أو إعلان شخص حر خارجا عن القانون خارج محاكمة عادلة.
- ويرى بعض المفكرين أن العرب سبقوا الغرب في إقرار حقوق الإنسان وذلك في حلف الفضول ،ذلك أن مكة المكرمة أضحت في الفترة التي سبقت الإسلام مركزا تجاريا هاما، وازدهرت إثر هزيمة الحبشة برئاسة أبرهة، واحتدام الصراع بين الإمبراطوريتين الساسانية والبيزنطية ،وأثرى أهل مكة وتشابكت المصالح فنشأت معها أحلاف عديدة منها حلف الفضول.
ويقول ابن الأثير( أصل الحلف المعاقدة والمعاهدة على التعاضد والتساعد والاتفاق ) ويعود أصل حلف الفضول إلى نهاية القرن السادس الميلادي ،حيث يروى أن يمنيا من زبيد أعطى بضاعته لرجل من بني سهم في مكة، فتخلف الأخير عن دفع ثمن البضاعة، فصعد اليمني جبل أبي قيس واستغاث بفضلاء مكة، فسمعوا قصته واقتنعوا بحقه وذهبوا إلى التاجر المكي لإجباره على دفع ثمن البضاعة، وقد رأى المبادرون لهذا التضامن مع المظلوم أن لا تتوقف مبادرتهم عند حدث معزول قائم على احترام قواعد البيع والشراء، فقرروا التحالف على أن لا يقروا ببطن مكة ظالما (لا ينبغي إلا ذلك لما عظم الله من حقها ) فتم الاتفاق في دار عبد الله بن جدعان لشرفه وكبر سنه بحضور بني هاشم وبني المطلب وبني أسد بن عبد الله العزى وزهرة بن كلاب وتيم بن مرة فتحالفوا وتعاهدوا على ( أن لا يجدوا في مكة مظلوما من أهلها أو من غيرهم من سائر الناس إلا قاموا معه وكانوا على ظالمه حتى ترد مظلمته) فسمت قريش هذا الحلف حلف الفضول وشهده رسول الإسلام محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وقال فيما يروى عنه (لقد شهدت مع عمومتي حلفا في دار عبد الله بن جدعان لو دعيت به في الإسلام لأجبت)، وعلى هذا يرى البعض أن هذه هي نواة أول جمعية لحقوق الإنسان في العالم.

المصادر والمراجع:
-رو برت دال – ترجمة نمير عباس مظفر، ص 517.
-شعبان،عبد الحسين ( 2001م ): ثقافة حقوق الإنسان ، ط1 ، رابطة كأوا للثقافة الكردية، بيروت.
-قطب ، محمد ( د : ت ): المسلمون والعولمة
-الرقب ، صالح ( 1423 هـ ) العولمة ، الجامعة الإسلامية .

No comments :

Post a Comment